يشن إعلاميون وشخصيات عامة من أنصار نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك منذ بضعة أيام هجوما حادا على محمد البرادعي، نائب الرئيس المصري بالانقلاب للعلاقات الخارجية، يستخدم بعضهم فيها ألفاظا خارجة أحيانا ويوجه البعض الآخر في أحيان أخرى اتهامات إليه ب"العمالة" للولايات المتحدة، وهو ما اعتبره مفكر سياسي "تصفية حسابات" من "فلول" نظام مبارك مع البرادعي الذي ساهم في إسقاط هذا النظام، حيث وجدوا في تعيينه نائبا لرئيس الانقلاب فرصة سانحة للهجوم عليه. ويعد البرادعي أول من دعا لسحب الثقة من نظام مبارك بشكل صريح من خلال حملة المليون توقيع التي أطلقها في يناير 2010، أي قبل عام من ثورة كانون الثاني 2011 التي أطاحت بمبارك، ولاقت الحملة في حينه قبولا واسعا بين الأوساط والتيارات السياسية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين التي جمعت له ما يقرب من 700 الف توقيع، بحسب تصريحات لقياداتها. وبعد أيام من تعيينه في ال14 من الشهر الماضي، نائبا لعدلي منصور للشؤون الخارجية، بدأ البرادعي يتعرض لاتنتقادات حادة من شخصيات إعلامية وسياسية وعامة سرعان ما تزايدت حدتها في الأيام القليلة الماضية. ولم تعلن هذه الشخصيات أسبابا واضحة وبشكل مباشر لهذه الانتقادات التي بلغت حد التجريح الشخصي، إلا أن محللون يلفتون إلى أن تصاعد الحملة على البرادعي جائت عقب إبدائه تحفظه على إعطاء الأولوية لفض اعتصام المؤيدي للرئيس محمد مرسي، في ميداني النهضة ورابعة العدوية في القاهرة، بالقوة الأمنية. ورفض البرادعي، خلال مؤتمر صحفي له مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، الثلاثاء، استعمال العنف مع المتظاهرين، قائلاً: "آمل ألا يكون هناك استعمال للعنف وأن يتم التعامل في إطار القانون، فأنا رجل قانون لا أقبل باستخدام العنف بعيدًا عن القانون، ونحن نحاول بناء دولة جديدة بعد ثورة 25 يناير". وفي إطار هذا الهجوم الإعلامي المتصاعد، هاجم الإعلامي عمور أديب، في برنامجه على إحدى القنوات الفضائية، البرادعي، واصفا أسلوبه ب"المائع وغير الحازم" في التعامل مع الأزمات السياسية الراهنة ومنها استمرار اعتصام مؤيدي مرسي، داعيًا إياه أن يغادر القاهرة ويعود إلى أوروبا التي كان يعيش فيها. من جانبه، أرجع الكاتب الصحفي مصطفى بكري دعوة البرادعي إلى عدم فض اعتصام مؤيدي مرسي بالقوة إلى "دور يقوم به مع جماعة الإخوان المسلمين، وأنه أمر غريب يدعو لطرح علامات استفهام"، دون أن يوضح طبيعة هذا الدور، بحسب قوله في أحد البرامج التليفزيونية. كما هاجمه المحامي المصري الشهير مرتضى منصور ، قائلا له على إحدى الفضائيات: "أنهيت على العراق وأتيت لتنهي على مصر، هل تعتقد أن تفعل بمصر مثلما فعلت بالعراق، شيعة وأكراد وسنة؟"، في إشارة إلى ما نسبته تقارير إعلامية للبرادعي من أنه انحاز بشكل غير مباشر حين كان يشغل منصب ميدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية للموقف الامريكي الذي كان يتهم نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بحيازة أسلحة دمار شامل، ما مهد للغزو الامريكي للعراق في 2003. واستنكر منصور دعوة البرادعي لآشتون لزيارة مصر، داعيًا إياه – مثلما فعل عمرو أديب – إلى مغادرة البلاد. أما الإعلامي، توفيق عكاشة، فقد وصفه على قناته الفضائية الخاصة (الفراعين) بأنه "مندوب الولاياتالمتحدةالأمريكية والماسونية العالمية بمقر رئاسة الجمهورية الأستاذ الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية المصري للشؤون الخارجية".،وأضاف أن "الذي دمّر العراق عندما كان مندوباً لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية هو الدكتور محمد البرادعي". وفي تصريحات له على إحدى القنوات الفضائية، قال الناشط السياسي ممدوح حمزة إن "البرادعي قد هدد بالاستقالة من منصبه كنائب للرئيس إذا تم فض الاعتصام بالقوة"، مشيرًا إلى أن هناك حاليا في مصر ما يدعى ب "الطابور الخامس" والذي يسعى لتحقيق المصالح الأمريكية، في إشارة ضمنية إلى نائب الرئيس. وعلي الرغم من هجوم بعض مؤيدي الرئيس محمد مرسي على البرادعي، إلا أن المهندس حاتم عزام نائب رئيس حزب "الوسط"، الرافض للانقلاب، استنكر الحملة التي يتعرض لها البرادعي من الإعلاميين من أنصار النظام السابق، واصفا إياها على حسابة الشخصي على تويتر ب"المشينة و الغير إنسانية"، على الرغم من اختلافه معه. وبالتوازي مع الحملة الكبرى التي يشنها على البرادعي حاليا التيار المحسوب على نظام مبارك، والتي تتركز بشكل رئيسي على شاشات الفضائيات، شن مجموعة من النشطاء المحسوبين علي التيار المدني وأخرون علي التيار الاسلامي، هجوما علي الدكتور البرادعي وطالبوه بالاستقالة إثر سقوط عشرات القتلى من معتصمي رابعة العدوية فجر السبت الماضي، كما يقومون بإعادة نشر تغريدات قديمة له على تويتر كان يطالب فيها الرئيس مرسي بالاستقالة إثر سقوط قتلى فيما عرف بأحداث قصر "الاتحادية" الرئاسي في كانون الأول الماضي، ويطالبون بأن يفعل ما يقوله ويستقيل بعد قتل معتصمي رابعة. من جانبه، يرى سامح فوزي، المفكر السياسي والنائب السابق بمجلس الشوري (غرفة البرلمان الثانية) أن "حملة الهجوم علي البرادعي يشنها في الأساس "الفلول" أو رجال النظام الأسبق". ويوضح فوزي أن "رجال النظام السابق وجدوا الفرصة سانحة بعد تعيين البرادعي في منصب نائب الرئيس، لشن هجوم حاد وجارح على الرجل، فهم يريدون أن يصفوا حساباتهم مع رجل ساهم في هز عرش مبارك حتي سقط بالفعل". ويلفت فوزي إلى أن مصدر الهجوم الأساسي على البرادعي هذه الأيام هم "الفلول" إلا أن هذا لم يمنع من تعرضه لهجوم شديد في الوقت ذاته من التيار الاسلامي نعلى خلفية تأييده لعزل الرئيس مرسي. كما يتعرض البرادعي – بحسب فوزي – إلي هجوم من بعض انصاره مما يعرف ب"التيار المدني" الذين يريدونه أن يكون "أكثر تحيزا لهم علي حساب التيارات الأخرى". "واللافت – يضيف فوزي- أن البرادعي لا يعقب على كل هذه الحملات والهجمات ويسعى للتصرف كرجل دولة".