الزائر لمدينة أربيل شمال العراق، اليوم، لا بد له من مشاهدة المئات من العائلات السورية، التي اتخذت من أرصفة الطرقات مسكناً جديداً لها، تفترش الأرض وتلتحف السماء، دون سقفٍ يقيها حر الصيف أو برد الشتاء. كل ذلك هرباً من حرب تطحن البشر والحجر، وبلغت نيرانها سوريا من أقصاها إلى أقصاها. فمقابل "ماجد مول"، أحد أكبر المراكز التجارية في شمال العراق، تسكن عائلة "محمد" مع أولاده الخمسة قارعة الطريق، يرقبون بعينين حائرتين جموع المتسوقين في المجمع، ويلحظون بعيونهم المرهفة السيارات الفارهة وهي تجيء وتذهب، فالأم "أميرة محمد" البالغة من العمر 40 عاماً اتخذت من حجارة الرصيف وسادة لأبنائها، وتخشى عليهم من خطر السيارات المسرعة. على غرار عائلة محمد يمكنك مشاهدة المئات من الأسر السورية اللاجئة في شمال العراق، ففي شارع الأربعين تجد العائلات المترامية على جانبي الطريق في منظر تنكسر له القلوب، دون أن تجد أيٍّ من المنظمات الدولية أو الإنسانية من يرأف بحال هؤلاء. "آزادين سليمان" البالغ من العمر 57 عاماً يقول "نريد من حكومة كردستان أن تؤمن لنا منزلاً نلجأ إليه، فنحن لا ندري ما سنفعله غداً عندما يأتي الشتاء". أما "حسان محمد" البالغ من العمر 42، فقد هرب من مدينة حلب إلى إقليم شمال العراق مروراً بعفرين، وهو أب لسبعة أولاد يقول: "لقد بقيت في مخيم "دوميز" بمدينة دهوك ثم جئت إلى مدينة أربيل، إن الأحوال المعيشية في المخيم لا تطاق، لا يوجد لنا وطن، الآن، ما نريده هو منزل بأجرة ضئيلة، وإذن بالعمل. من جهة تسعى حكومة شمال العراق إلى إقناع اللاجئين السورين بالبقاء في مراكز الإيواء المخصصة للسوريين، وهذا ما يلقى رفضاً من قبل الكثير من السوريين، الذين يفضلون البقاء في مدينة أربيل والعمل بها، أو البقاء بالقرب من الطريق لرمزيته، لعلّ أحداً ما يجد طريقاً لوقف نزيف الدماء في سوريا.