تعد مكتبة أدمونت واحدة من أهم معالم الثقافة والحضارة، ومن أبرز كنوز الإنسانية في العهد الباروكي، وكذلك لدورها الكبير في ربط الثقافات بين القديم والحاضر عبر أكثر من 1000عام. ولهذا يعدونها الأعجوبة الثامنة في العالم. الدير تم تشييده من قبل مطران سالزبورغ عام 1074، ولكن المكتبة الرائعة تم الإنتهاء منها عام 1776. وقد تم تشييدها من قبل المهندس المعماري الغراتزي يوسف هويبر مستنداً في بنائها على أفكار توضيحية في التنوير. وطول المكتبة 70 متراً وعرضها 14 مترا وارتفاعها 12 متراً. ولهذا تعد أكبر مكتبة مطرانية في العالم. ومركز ثقلها العدل والمساواة. لحظة يُشرع باب الصالة الكبيرة للمكتبة يصاب الإنسان بعدم الاتزان والانبهار اللاّمحدود لرؤية إحدى تحف العالم الرائعة. ورؤية الصالة للوهلة الأولى أمر لا يصدق، ويعجز عنه الوصف. باب خشبي كبير ثم دخول إلى عالم كتب عمرها أكثر من 1000 عام، وحتى رفوف المكتبة فائق الجمال. 200 ألف كتاب فاتنة، جميلة، يضاف جمالها إلى جمال المكتبة، كي تكتمل الصورة هي الدليل في المكتبة، فزوار المكتبة سياح من دول بعيدة ومن النمسا أيضا على شكل أفواج كبيرة. ولكن لحسن حظي، ونتيجة هطول الأمطار بشدة في الصيف الساخن في النمسا، كان عدد الزوار قليلا. ولهذا حدثتني السيدة سيري هورن شيلد عن المكتبة قائلة: إن عدد كتب المكتبة يبلغ 200 ألف كتاب، وفي الصالة الكبرى يوجد 70 ألف كتاب، وقد جمعت كتب كثيرة من القرن 16 ولغاية اليوم، ما عدا المخطوطات التي مضى عليها أكثر من 1000عام. تقسم الصالة الكبيرة للمكتبة إلى ثلاث أقسام وفي وسط الصالة قسم للإنجيل فقط، والقسم الآخر كتب روحية وحول علم الأديان. وكذلك يوجد في الأرشيف الكتب المعاصرة والفلسفة والتاريخ والفلسفة الطبيعية والطب وأعمال الفلاسفة. إن بداية تأسيس «دير أدمونت» كان حين قدم 12 راهباً من سالزبورغ، وجلبوا معهم الكتب التي بدأت بالمخطوطات. ولحين الانتهاء من المكتبة عام 1776، وهي الأعوام التي تذكر النمساويين بموزارت وهايدن والموسيقى الخالدة. وقد تم تأسيس الصالة على أسلوب «الروكوكو»، وطبعت الكتب منتصف القرن الخامس عشر. وشهرة المكتبة لا يعود لكتبها فحسب، بل لحجمها وأسلوب بنائها وجمالها. سقف الصالة رسمه الرسام (ألتومونتي) عام 1776، وبالرغم من سنه الطاعن فقد بدأ برسم السقف وهو في الثمانينات، وهي تمثل الملائكة ورموز وآيات الحب والجمال والتسامح. وفي مركز الصالة يوجد تمثالان من الخشب، وهما للنحات يوسف شتاميل 1695 1765، الذي يعد من أهم النحاتين الباروكيين على الإطلاق، وقد أطلق في أعماله أربع أشياء أخيرة وهي: تصوير الحياة وكذلك الموت ويوم القيامة والجنة والنار. متحف طبيعي «مكتبة أدمونت» تضم 200 ألف كتاب مجلد و1400 مخطوطة يدوية، وكذلك توجد أولى الكتب المطبوعة، وهذه الكتب والمجلدات تعد كنزاً نادراً للإنسانية ولدولة النمسا. ويمكن قراءة المجلدات داخل المكتبة، أما المخطوطات فتحتاج لرخصة رسمية، وبخصوص الكتب يجب أن لا تغادر بناية المكتبة نظراً لأهميتها القصوى. الطابق الثاني من المتحف الكبير يضم جناحين، وهما المتحف الطبيعي ويحتوي على 252 ألف نموذج من الطيور والفراشات، وكذلك جناح للحيوانات المحنطة مثل الأسود والنمور والأفاعي، وهذا كله ضمن المتحف الطبيعي في الدير. والقسم الآخر من الطابق الثاني يضم لوحات عمالقة النمسا في متحف الفن الحديث. ولقد تم افتتاح المتحف عام 1997، ويضم أعمال أكثر من 100 فنان وفنانة من النمسا، ومنهم ماريا لاسينغ، شماليكس، ألفريد كلين وهانز شفارتز. أمام القصر فهو مكان لاستراحة الزوار، هوعبارة عن متنزه كبير وبحيرة رائعة يرقص البجع والزنابق على سطحها. وللعلم بأن المتحف والمكتبة تفتح أبوابها في بعض المناسبات مجانا، مثل عيد الأم، فبوسع الأمهات الدخول مجانا لزيارة هذه التحفة الخالدة.