في اليابان نسبة من يعرفون القراءة والكتابة 100 %؛ يعني أن الأمية فيها منعدمة «صفر» لقد صفّروا الأمية والفقر والظلم والمرض، ونحن ضربنا المثل في تصفير عدادات الظلم والاستبداد والفوضى والعودة مجدداً من أزمة إلى أزمة، ومن بلاء إلى آخر. الأمية عندنا تزيد عن النصف، والنصف الآخر لا يستفيد من القراءة، ولا أريد أن أقول: «مثل الحمار يحمل أسفارا..!!». في اليابان مؤخراً بدأوا يتسلّون بالاختراعات بعدما أتعبوا العالم باختراعاتهم؛ وحتى تسليتهم جاءت على شكل تنمية، ومما اخترعوه مؤخراًَ «مظلة» وفي جانبها ما يشبه خزان المياه يتدلّى من المظلة يحفظ المطر النازل على المظلة، بإمكانك أن تشرب منه في أي وقت لاعتقادهم أن مياه المطر أنقى، ولشعورهم بضرورة الاستفادة من كل خير ينزل عليهم ولو أنه عبارة عن مطر على مظلة شخصية. ذكّرني هذا بكمية الأمطار المهدرة في بلادي دون حتى مجرد التفكير بالاستفادة منها؛ مع أن المليارات المهدرة كافية لتجعل منا «بلد المليون سد وحاجز» بدلاً عن بلاد «المليون بلطجي وفاسد»..!!. تعز بالذات لو أن اليابانيين محلنا ما اشتكوا من العطش أبداً؛ ولاعتبروها فرصة خاصة مع الطبيعة الجبلية التي تسهّل تجميع الأمطار على هيئة سدود وحواجز تجعل من تعز مزروعة بالخضرة والخير العميم، أما مياه الشرب فيكفي سطوح المنازل للاستفادة من مياه المطر في «سقايات» كبيرة وكافية. لدى اليابانيين ثقافة حضارية؛ لأن الناس على حكّامهم وطريقة الحكم ثقافة بحد ذاتها للمجتمع والمسؤول، هذه اليابان خرجت بعد الحرب العالمية مهزومة، مضروبة بقنبلة نووية لم تمت؛ لكنها انتفضت نحو الحضارة والتصنيع؛ لأن الشعب الياباني لم يشتغل بالحكم و«المضاربة» على السلطة، فقد حلّوا مشكلة الحكم بديمقراطية وتبادل سلمي عبر انتخابات نزيهة، والحاكم الذي يفشل يستقيل لتبدأ الانتخابات دون محاولة من آخر لسرقتها. نحن الآن نغرق ونموت فوضى وعطشاً؛ ليس لأننا دون ثروة وفقراء؛ بل لأننا مشغولون بتخريب البلاد، وضرب الكهرباء والنفط وصناعة الفوضى كلما بدأنا نخرج من عنق الزجاجة؛ ضرب الكهرباء والنفط أصبح ورقة في طاولة الحوار عند البعض؛ كلما غضب أو خاف من نجاح الحوار؛ تحرّكت عملية ضرب الكهرباء؛ وعلى هذه قس..!!. لقد بدأت اليابان نهضتها بعد جمهورية مصر العربية؛ الآن اليابان «فين..؟!» بينما مصر تموت جوعاً وفوضى وتغرق بدماء أبنائها بفعل جيشها، والأناشيد شغّالة تحمّس الجيش والأمن؛ ليس للعمل أو ضد اسرائيل؛ وإنما «تسلم الأيادي» التي قتلت الناس وتقتل كل يوم «تسلم الأيادي» وتبوس الركب، ثم نريد كعرب أن نتقدّم أو نخرج من أزمتنا الحضارية؛ وكل طرف يعتبر الآخر عدوّاً مبيناً تجب تصفيته قبل تصفية «القمامة» ومن أجل ذلك نموت فقراً وقهراً وننحني لأطرف صعلوك يملك القوّة وإرادة قتل الناس..؟!.