عندما تعنون صحيفة "الحياة" السعودية مهاجمة سلطنة عُمان عشية قمة دول مجلس التعاون الخليجي، فهذا مؤشر كاف على عمق الأزمة التي طفت على السطح. والمسألة أبعد من موقف عُمان الرافض للاتحاد الخليجي، بل هي الغضب على موقفها الراعي للمفاوضات السرية بين أميركا وإيران؛ تلك التي أفضت إلى اتفاق اعتبرته السعودية ضربة لها، واستثناء ليس لحليف تاريخي للولايات المتحدة، بل لدولة تتأثر وجوديا بالبرنامج النووي الإيراني. ومن هنا طالب تركي الفيصل، المدير الأسبق للاستخبارات السعودية، بأن يكون للخليج ممثل في مجموعة "5+1″. حسنا، هل الخلاف مع عُمان فقط على الملف الإيراني؟ أين هو الموقف الخليجي الموحد من القضايا الكبرى في المنطقة، من قبيل الصراع العربي-الإسرائيلي؟ لا توجد رؤية موحدة، وقطر التي تستضيف قيادة حركة حماس، غير دولة الإمارات التي تحاكم مواطنيها بتهمة تقديم دعم مالي للحركة. ولعل الانقسام الأوضح كان تجاه الربيع العربي. ففي الوقت الذي تبنت فيه قطر دعم دول الربيع اقتصاديا وسياسيا، كانت السعودية تستضيف زين العابدين بن علي، والإمارات تستضيف أحمد شفيق؛ كما تسابق البلدان في تقديم الدعم للانقلاب العسكري في مصر. ربما يختلف الموقف من الثورة السورية؛ إذ بدا وكأن ثمة موقفا خليجيا موحدا ضد نظام بشار الأسد. لكن في الواقع ظهر خلاف الداعمين في تركيبة الائتلاف الوطني وفي العمل العسكري على الأرض، والفصائل التي تدعم من جهة تُستثنى من أخرى. ليست الصورة سوداوية، وقد يكون مبالغة الطموح بسياسة خليجية خارجية واحدة أو متقاربة. لكن تستطيع دول الخليج تقديم نموذج في التعاون، وفي شقه الاقتصادي تحديدا. مثلا، تستضيف قطر تظاهرة كأس العالم في موعد مقارب لاستضافة دبي لتظاهرة عالمية أخرى هي "إكسبو2020″؛ فهل يمكن للبلدين التعاون في استضافة العالم إلى الخليج، وأن يمتد التعاون إلى دول الخليج بعامة؟ وفي الأثناء، لو نال الاقتصاد الأردني "أذن الجمل"، فإنه من الشاكرين! من الجميل أن نطمح إلى مواقف سياسية موحدة تدعم حق الفلسطيني في صراعه مع العدو، تماماً كما تدعم حق المواطن العربي في صراعه مع الفقر والاستبداد. لكن بما أن ذلك غير وارد، فمن المبكر نعي مجلس التعاون. وتظل أي مبادرة وحدوية؛ سواء ثنائية أم جماعية، خطوة في درب طويل نحو الاتحاد. عربيا، قد تكون الأولوية هي وقف الصراعات الأهلية في البلد الواحد. وتستطيع دول الخليج أن تلعب، إن شاءت، دورا تصالحيا؛ سواء في مصر أم تونس أم ليبيا، فالفرقاء تجمعهم دول الخليج. وللتذكير، فإنه في الأيام الأولى للانقلاب في مصر، بدأت خطوات مصالحة خجولة، عندما التقى وزيرا الخارجية القطريوالإماراتي بخيرت الشاطر في السجن. في اليمن النفوذ السعودي حاسم، والمملكة قادرة على لملمة الوضع اليمني. وفي ليبيا حضور قطري وإماراتي. ملفات كثيرة "ممكنة"، وحسمها سيساعد في مواجهة إيران في العراق ولبنان وسورية والجزر الإماراتيةالمحتلة والأحواز أيضاً، لكن لا يبدو ذلك ممكنا!