اتهم الكاتب الصحفي مصطفى راجح النخب السياسية والحزبية بالاستعجال في إعلان وثيقة لم توقع عليها جميع الأطراف ، مشيرا إلى أن ذلك مناقض لمرجعية المرحلة الانتقالية ، وهروب من الفشل والمأزق الذي قادونا إليه. وقال راجح في تصريح خاص ل «الخبر» إن «الحديث عن بقاء اليمن كيانا مستقرا موحدا يغدو نكتة سمجة في ظل الهرولة نحو الفيدرالية بصيغتها «العمرية» في ظل دولة رخوة ؛وفي ظل وضع داخلي هش تتناوشه الحروب والانفلاتات». واستطرد : «والأهم من ذلك كله أن العامل الإقليمي – السعودية تحديدا- وحالة الاستقطاب المدمرة بين الرياض وطهران كبعد إضافي المؤثر الأساسي الذي تطبق الفيدرالية العمرية برعايته عامل حاسم في ترجيح المضمون التفكيكي والاحترابي للفيدرالية لأن مصالحه الاستراتيجية تقتضي ذلك». وأشار إلى أن الفيدرالية في ظل ضعف الدولة والتمترسات المذهبية والعرقية المؤسسة على الكراهية والانقسام الوطني تؤدّي إلى استبداد مضاعف وبصبغة طائفية وصراعية تؤجّج الطائفية والصراع المذهبي، وتفتح أبواب جهنم أمام البلد الذي ينهار ويتفتّت ويدمّر نسيجه الاجتماعي على مرأى ومسمع من العرب والعالم أجمع. وأكد أن الفيدرالية في ظل الدولة الضعيفة وانتشار الميليشيات وعدم إنجاز خارطة الطريق لاستعادة هيبة الدولة وفرض نفوذها على كل التراب الوطني تعتبر تمزيقاً، وتفتح الباب لنشوء الدويلات الشطرية والطائفية والمناطقية. وقال راجح إن «نخبنا السياسية في مؤتمر الحوار يريدون أن يرقعوا أي وثيقة ويلملموا أي مخرجات ليدعوا بها نجاحهم ويبرروا الدخول في مرحلة انتقالية جديدة وغامضة، منوها بأن النخب السياسية الحزبية حصروا النقاش في القشور ؛ الإقليمين أم الستة ! ونسوا أو تعمدوا النقاش حول ضرورة وجود الدولة أولا ، مؤكدا أن التهيئة عبر خارطة طريق تهيء البلد للانتقال إلى الوضع الجديد». واعتبر استبعادهم النقاش حول المضمون والتفاصيل التي تتضمنها صيغة الإقليمين أو الستة أو العشرة أنه مؤشرا إلى أن هناك متواطئين يعلمون منذ صفارة البداية لنوع الوثيقة المخبأة في شنطة المبعوث الأممي ؛ ويتنافسون على تعظيم مكاسبهم كنخب محاصصة حزبية تتطلع لتوسيع المحاصصة من الوزارات والوظيفة العامة الى الأقاليم ؛ ضمن سياق المسار الذي تحدده ؛ والذي يظهر على شاكلة خلافات في ليلة ذبح اليمن في دار الرئاسة. وأضاف : «إن المبررات التي تطرح حول ضرورة التمسك بالإقليمين لتجنب قيام دولة حضرموت تقول لنا أن الحل لتجنب ذلك هو اقليم جنوبي موحد للحفاظ على حضرموت ضمن كيان جنوبي يضع نفسه في طريق الدولة المستقلة كهدف متاح ، أي دولة جنوبية باعتبارها إنقاذا لإمكانية قيام الجنوب كدولة وأخف الانفصالين على اليمن ككل» ، معتبرا بأن كلا الاحتمالين يعتبر تفكيكا لليمن في ظل المعطيات الواقعية الراهنة. واستطرد راجح في حديثه ل «الخبر» : «إقليمين تساوي دولتين شطريتين شمالا وجنوبا ، و 5 أقاليم تساوي دولة حضرموت كثمرة ناضجة ومطلوبة من السعودية لتصدير نفطها من بحر العرب». وشدد على ضرورة استعادة رشدنا وأن ندرك أن هاذين الخيارين ليسا حتمية تاريخية وإمكانية وحيدة للواقع ، بل أنه الممكن والأفضل أن كلاهما يقررا وجود إمكانيات أخرى للتوافق حولها تجنب اليمن وشعبها كل شعبها ويلات التفكك. وأشار إلى أن تعدد الاقاليم في ظل دولة ضعيفة ومكشوفة أمام التأثير الخارجي ؛ تصبح حتى الأقاليم البسيطة مشاريع محتملة لكانتونات شطرية ومناطقية ومذهبية. وأوضح أن الخلل الأساس هو أن مؤتمر الحوار الوطني اختزل إلى النقاش حول الفيدرالية والأقاليم كحلٍّ سحري يروّج له كبديهيّة مُسلّمْ بها. واختتم راجح حديثه مستشهدا بما حصل في العراق بأنهم قالوا لهم نفس «الموال» وبأن الدولة الموحّدة البسيطة لا مجال فيها إلا للاستبداد، وإن الفيدرالية هي الحل لتجاوز الديكتاتورية وتغوّل مراكز القوى، وإقامة النظام الديمقراطي والعدالة والمشاركة الشعبية.