فشل وكالة المخابرات الأمريكية المركزية القبض على العولقي أو قتله. إشارة إلي أخفاق إضافي لمزاعم أمريكا. وحشد الدول الأعضاء في الأممالمتحدة لوضع اليمني الحامل للجنسية الأميركية في قائمتها السوداء للإرهاب، بصفته عضوا في تنظيم القاعدة يفسر مسار انحسار تشنج النظام الأمريكي كصياد جشع؛ غير محترف، يتخبط في الغابة الافتراضية؛ يخسر الرصاصات ويكتفي بأحداث جلبه. مجددا عاد العولقي إلي واجهت الحدث، مع انه لم يختفي تماما عن الأخبار طيلة شهرين؛ لنفترض ذلك جدلا. الأممالمتحدة بأعضائها الأقوياء والضعفاء هذه المرة. تمنح الخبر بعداً دوليا وأمميا يشبه إلي حد ما تمرسها التصويت ضد المفاعلات النووية الإيرانية أو ضد كوريا الشمالية لنشاطها الدءوب في العمل النووي الخطير كما تروج أمريكا. لتستمر المسرحية الهزلية أخذة أشكالا أخرى بأبطال جدد للأمم المتحدة العجيبة، من تًعد أعداء أمريكا أعدائها بالضرورة، لذا تلعب الأممالمتحدة دور كاسحة الألغام دوما لأمريكا " خطوة ضم العولقي إلى قائمة الإرهاب الأممية وتجميد جميع أمواله، وحظر سفره إلى أي من دول العالم "هو ما حققته جلبت الأممالمتحدة الآن بصحبة الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد الشيخ المتدين؛ مصدر الخطر القادم من الشرق. إذ صار الرجل الأخطر بحسب تقارير استخباراتية وتقارير صحافية، تتقاطع من حيث المعلومات في المصداقية والتدليس، وفي كل محطة عالمية وعربية يزج باسم العولقي وسط الحدث.
لكأنه يرتب رماحة خلف نافذة مطلة على الكرة الأرضية وعلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بوجه الخصوص، من فينة إلي أخرى يوجه شروره ويصوب أهدافه من حيث تعلم أمريكا ومن حيث لا تعلم. الم يرشد العولقي الطبيب في الجيش الأمريكي نظال حسن ليقتل 13 ويجرح 31 من زملاءه في قاعدة فورت هود بولاية تكساس في نوفمبر 2009، وهو مصدر الإلهام لفكرة محاولة تفجير طائرة الرحلة 253التابعة لشركة " نورث وست إيرلاينز" صبيحة عيد الميلاد التي أقلت الشاب المتطرف عمر الفاروق عبد المطلب23عاما. في هذه القصص وغيرها يبدو انو العولقي في السيناريو على غرار حكاية أسطورة شر الإسلام ؛ أسامة بن لادن.
في مطلع العقد الحالي؛ اعتمدت الولاياتالمتحدةالأمريكية بن لادن عدوها الأول وظل العالم منذ الوهلة الأولى لأحداث11سبتمبر يصحو وينام على اسم بن لادن؛ ويتنقل الملايين من سكان هذا العالم بين قاراته مع شاشة التلفزة في وعورة جبال تورا بورا وقندهار مرورا بأحراش وادي سوات في باكستان وصحاري الشرق الأوسط في المملكة العربية السعودية و اليمن والسودان والمغرب العربي وكثيرا من بلدان العالم التي تردد اسمها في احتضان أسامة بن لادن؛ العقل المدبر لهجمات سبتمبر2001. ومدشن عهدا جديدا من تبادل الكراهية بين الغرب والشرق. حكاية الرجل لم تنتهي، كما يصعب التكهن بسقوط أبطال أمريكا الكونيين، تصنعهم وحدها في الداخل على أنهم أعداء الأرض والسماء وتحشد العالم لقنصهم بما يستطيع في ما بعد، وما تلبث أن تفرز - بحسب زعمها- على انه نجاحا لها فتقدر سقوط أعداد من ضحاياها الأبرياء تحت طائلة ملاحقة أعداء أمريكا؛ بالنسبة لنا في اليمن تعودنا كغيرنا من بلدان العالم منها الإسلامية؛ أن يكسب طرف من صفقات القتل ويقيم طرف ثاني سرادق للعزاء يتقبل التعازي على أرواح ضحاياه؛ وضحايا الجيران، و يبتسم طرف ثالث لمسرحية عالمية تجري وقائعها على أرضنا، وفقا لحالة العرض والطلب بأرواح اليمنيين وأمنهم.
غير أننا نختلف على أغلبية دول هذا العالم ممن هم في خصومة وصداقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية - خاصة في السنوات الأخيرة -أن صرنا مصدرين ومستقبلين لهذه البضائع اللانسانية الفتاكة. وأصبح العالم يدرك تماما بأن اليمن بلدا يصنع، يصدر ويستورد عناصر تنظيم القاعدة من والي أرضه. حيث المناخ الطافح بالغيرة على الإسلام. وابرز مشرعي ومهندسي الإرهاب العالمي فيه، مثل عبد المجيد الزنداني ومحمد المؤيد وأسامة بن لادن، ومؤخرا أنور العولقي؛ علامة يمنية خالصة.
إن استدعاء شخصيات بعينها هنا أو التحدث عن دول كإيران أو كوريا وأفغانستانوباكستان والسودان والعراق؛ بالنسبة لأمريكا إن لم يكونوا أصدقاء فهم أعداء محتملين. يجب التخلص منهم، ولم أفكر يوما في تبني خط دفاعي عن بن لادن والعولقي وغيرهم أو مساندة لطموحاتهم إن وجدت؛ بقدر ما يجب أن نلفت إليه العالم؛ إلي حقيقة ما يقوم به النظام الأمريكي من نسف للعلاقة ألإنسانية بين شعوب الشرق والغرب، يحاول غرس شظايا القنابل العنقودية والانشطارية في لحمنا؛ يعمل على تغذية الأنظمة الفاسدة ويتواطأ مع القتلة والجلادين.
حقيقة أمريكا المشوهة التي تحاول تجميلها. يجب أن تدور في أرجاء العالم بكامل تقرحاتها وتشوهاتها. . بكامل عطنها وعفنها.
في 14 مايو من هذا العام لم تخفي أمريكا غضبها؛ أصدرت الإدارة الأمريكية موافقة على قتل رجل الدين العولقي؛ اعتبره أن ما رأته وما قالته هي، وقتذاك هو بمثابة حكم نهائي لا يقبل النقاش ولا المراجعة من أي احد في العالم. ومن البديهي، قد يكون ما تقوله صحيحا وقد لا يكون. . عن علاقة انو العولقي بتنظيم القاعدة، وحتى لو أن الإدارة الأمريكية متأكدة تماما من صحة ما قالت، فالمنطق القانوني والسياسي والأخلاقي البسيط يؤكد بأن المتهم لا يمكن أن يدان ويصدر حكما بإدانته بناءا فقط على ادعاء الخصم.
لكن الإدارة الأمريكية تنصب نفسها خصما وحكما وقاضيا في نفس الوقت، توافق حينها على الحكم وتذهب نحو تنفيذه على ارض بلد مستقل. وكأنها لا تفكر إطلاقا بأخلاقية ما تفعله؛ لا تفكر أنها تكثف عدائية أمس واليوم؛ ليس لتغطي المستقبل من باب التصويب والتراجع عن كل ما خلفت من دمارا وحصدها ربما أحقادا من نصف سكان العالم، ولكن لتعدمه تماما.
في السابق راهنا على أن البلدان التي ذاقت مرارة تطرف أتباع الكنيسة والدول التي عذبتها العنصرية؛ ستكون أكثر رأفة. ستعمل على تطبيب جروحنا ولو كنا في أقاصي الكون.
فرحنا بصعود اوباما لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ الرجل الأسود فوق كرسي البيت الأبيض. تحدثنا طويلا على أن أمريكا منصفه؛ لن تمنح تفوقها نهاية المطاف بعدا لا إنسانيا محض. لكن الحقيقة تطفؤ يوما إثر أخر، أمريكا لا تحبنا وتعطف علينا كشعوب تسحق ببيادات أنظمة شاخت؛ أكثر من حبها لنا كبراميل نفط، أو مجرد شزرنا كشعوب همجية متطرفة يصعب ترويضها كما يستحيل الاستفادة منها ولو كمادة إنسانية لها مبرراتها السيكولوجية والطبجرافية وكل العلوم المتعلقة بإنسانية الإنسان.
من منا لا يتذكر الفيلم الأمريكي "قواعد الاشتباك" يحتج متظاهرين أمام مقر السفارة الأمريكية في اليمن، يؤدي الأمر إلى إرسال طائرات هليكوبتر وجنود البحرية الأمريكية إلى الموقع الذي ترددت فيه أصوات إطلاق النيران، ويتمكن العقيد تيري شيلدرز، الذي يقوم بدوره صمويل جاكسون، من إخراج السفير وزوجته وابنهما الصغير من مقر السفارة، لكنه يكتشف لدى عودته أن ثلاثة من جنوده قد قتلوا على أيدي المتظاهرين ويأمر العقيد شيلدرز رجاله بإطلاق النار على المتظاهرين- تمضي قصة الفيلم- فيسقط 38 منهم قتلى بين رجل وامرأة وطفل، لتنتهي القصة بتقدم العقيد للمحاكمة بتهمة انتهاك القواعد المتعلقة بقواعد الاشتباك وقتل مدنيين عزل.
كعادتها تحاول هوليوود تحسين وجه النظام الأمريكي القبيح. ليظهر ماهو أسوأ من ذلك في اعتذار سفيرة أمريكا في مؤتمر صحفي حينها في صنعاء بربرا بودين: إن فيلم قواعد الاشتباك الذي يعرض في دور العرض الأمريكية في الوقت الراهن غبي ومهين" كما تضيف إنها تعتقد أن الفيلم لا يستهدف اليمن بالتحديد وأن الأشخاص الذين أنتجوا الفيلم لا يعرفون أين تقع اليمن بالتحديد وأن الأمر لا يعدو أنهم التقطوا الاسم" مشيرة في نفس المؤتمر" أن فيلما كهذا دفع كثيرا من الأمريكيين إلى محاولة البحث لمعرفة المزيد عن اليمن وأهله" وفي تصوري الآن مايزال النظام الأمريكي عبر جيشه يحاول تعريف الشعب الأمريكي بالعراق وأبنائها، يكرس مجنزراته وطائراته بطيار وبدون طيار تزويد الشعب الأمريكي بمعلومات عن دولة اسمها أفغانستان وأخرى باكستان وفلسطين واليمن.
أننا في بعض الدول العربية نعيش فيلم قواعد الاشتباك الحقيقة. يسقط ضحايانا في كل وقت، ولا نرى ضحايا لأمريكا كما بحسب زعمها. أعود وأقول مجددا لا يمكن لأحدا أن يعتبر مثل هذه الكتابة دعوة مفتوحة لتكريس البغض ضد أمريكا كشعب وأمة بريئة. بقدر ماهو دمغ لنظام متعجرف، وإدانة قاتل؛ يفتقر إلي التعايش و لا يحاول أن يتخلى عن اقتراف الجريمة و إجتراح العدالة، وما يلبث أن يتحدث عن عملية السلام الشرعية، ليستدرك: يجب أن لا ينظر إليها على أنها بدون عقاب.