كشف تنظيم القاعدة عن معلومات أمنية عسكرية جديدة حول منفذي العمليتين الانتحاريتين في حضرموتوصنعاء ضد السياح والمحققين الأمنيين الكوريين في مارس الماضي، مستهدفا سمعة الأجهزة الأمنية اليمنية وإفشال الحكومة اقتصاديا. وقال تنظيم القاعدة في شريط مصور جديد لمؤسسة الملاحم التابع للقاعدة في جزيرة العرب، وبثته على شبكة الإنترنت يوم السبت 27 يونيو، أن الأجهزة الأمنية قد داهمت منزلي عبد الرحمن بن مهدي في محافظة تعز، وخالد الضياني في حي السفارة الأمريكية بالعاصمة صنعاء، حيث كانا يقبعان تحت المراقبة الأمنية المشددة قبل انضمامها لصفوف تنظيم القاعدة.
وأفادت القاعدة في الشريط المرئي الذي يعرض وصية الشابين وجزء من تفاصيل تنفيذ العمليتين، أنه حينما علم عبد الرحمن بن مهدي البالغ من العمر 18 عاما بأن قوات الأمن داهمت بيته بمحافظة تعز في محاولة للإمساك به، توجه مسافرا إلى صنعاء وهناك أخذ يتنقل في شوارعها باحثا عن جماعة أبو بصير ناصر الوحيشي، وبعد شهور من البحث لم يعرف مكان معسكرات القاعدة؛ إلا أن جهاز الاستطلاع والتجنيد لتنظيم القاعدة هو من وجده والتقاه في شوارع صنعاء، حيث جنده بعد ذلك ضمن كتيبة الاستشهاديين حسب طلب بن مهدي. ويرجح رواية التجول الحر لأفراد القاعدة المطلوبين أمنيا في شوارع صنعاء، ما وثقه الصحفي والباحث في شؤون الإرهاب، عبد الإله حيدر شائع، حيث كتب في مقدمة المقابلة التي أجراها مؤخرا مع أمير تنظيم القاعدة ناصر الوحيشي، أنه التقى أولا بالمسؤول العسكري للتنظيم أبو هريرة قاسم الريمي في أحد شوارع صنعاء. وأضاف حيدر شائع قائلا :" فكان – أي المسؤول العسكري للقاعدة - أول من التقاني قبل لقائي بأبي بصير، وجلس معي في أحد أحياء العاصمة صنعاء جلسة طويلة يطلب مني أن أشرح له الأسئلة ومحاورها وأسلمه نسخة منها". وهي الأسئلة التي تم الاتفاق عليها مسبقا لإجراء المقابلة لاحقا مع أمير القاعدة في جزيرة العرب أبو بصير ناصر الوحيشي. وكان عبد الرحمن مهدي علي قاسم العجيري، الملقب بأبو عبيدة بن الجراح، هو من قام بتنفيذ الهجوم الانتحاري قرب مدينة شبام حضرموت الذي أدى إلى مقتل أربعة سياح من كوريا الجنوبية بالإضافة إلى المرشد السياحي اليمني المرافق للوفد وإصابة ستة آخرين في مارس الماضي، وذلك باستخدام إطار صورة حائطية – لمنظر طبيعي - مفخخ بالمتفجرات كان يحمله بين يديه حينما اقترب من الفوج السياحي – بحسب ما أظهره الشريط المصور. وأشار موقع وزارة الداخلية اليمنية إلى أن عبد الرحمن بن مهدي كان قد سافر بمعية والدته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1995 لمدة سنة واحدة، وقد تم تجنيده في أكتوبر 2008 من قبل شخص يسمى عمر حسن المحفلي 25عاما والذي درجت الأجهزة الأمنية أسمه ضمن 12 عنصرا من خلية إرهابية تتعقبهم وزارة الداخلية. الجدير ذكره أن أربعة أفراد من ال 12 عنصرا الذين تتعقبهم وزارة الداخلية قد ظهرت أسماؤهم الأصلية في العدد الأخير من مجلة صدى الملاحم، العدد التاسع، مباركين ومهنئين الهجومين اللذين نفذاهما عبد الرحمن بن مهدي وخالد الضياني. وتحدث في الشريط الجديد أيضا خالد الضياني، 19 عاما، والملقب ب شامل الصنعاني، وهو الذي قام بالعملية الانتحارية ضد وفد المحققين الأمنيين لكوريا الجنوبية في العاصمة صنعاء بعد يومين فقط من الهجوم الأول الذي استهدف سياح كوريا الجنوبية في حضرموت. وبحسب تقرير لوكالة فرانس برس الفرنسية في مارس الماضي، فإن العملية الانتحارية جرى تنفيذها قرب مطار صنعاء أمام بوابة قاعدة الديلمي الجوية العسكرية في الوقت الذي كان فريق التحقيق الأمني الكوري المكون من أربعة مسؤولين أمنيين كوريين جنوبيين يتجه إلى مطار صنعاء الدولي مغادرا اليمن بعد أن جمع معلومات حول الهجمة الانتحارية على السياح بحضرموت، ولم يسفر الهجوم الانتحاري على فريق التحقيق عن أية خسائر أخرى في الأرواح. وقد أظهر الشريط المصور، لتنظيم القاعدة، خالد الضياني وهو يحمل بين يديه مسجلة إليكترونية - من النوع المتوسط في الحجم - معبأة بالمتفجرات والمسامير. وقالت القاعدة أنه بعد عملية شبام حضرموت والتي قتل فيها عبد الرحمن بن مهدي، ألح خالد الضياني في طلبه من قيادة التنظيم بسرعة تعجيل عملية عسكرية جديدة لكي يلحق برفيقه وصديقه عبد الرحمن بن مهدي، حيث كانا أصدقاء مقربين جدا من بعضهما البعض أثناء التدريب في معسكر كتيبة الاستشهاديين وكانا حافظين للقرآن الكريم. وقالت القاعدة أن الأوامر كانت قد صدرت بالفعل من قيادة التنظيم باستهداف فريق التحقيق الكوري بعد عملية رصد استخباراتية ناجحة لتحركات الفريق الأمني الكوري وحددت مكان وساعة الضربة وتم تكليف خالد الضياني بالمهمة. وأفاد تنظيم القاعدة بأن خالد الضياني كان يتنقل في طلب العلم الشرعي بعيدا عن أهله، وذات مره رجع إلى البيت لزيارة والدته وأهله فعلمت الأجهزة الأمنية بوجوده في البيت وتحركت لمحاصرة منزله، ولكنه نجح في الفرار من قبضة الأمن. ولم تذكر القاعدة سبب مطاردة الأجهزة الأمنية للضياني، إلا أنها قالت أن الضياني لم يكن حينها قد التقى بالقاعدة بعد. لكن أثناء ملاحقة الأجهزة الأمنية له، اكتشفه جهاز الاستطلاع والتجنيد التابع لتنظيم القاعدة حيث طلب الضياني إدراج اسمه فورا في كتيبة الاستشهاديين. ونقلت فرانس برس عن مسئولين أمنيين يمنيين أن الانتحاري،الذي لقي حتفه في الهجوم، كان منتظرا أمام بوابة قاعدة الديلمي الجوية العسكرية على طريق المطار. وفي هذا السياق، قال دبلوماسي أجنبي مقيم في صنعاء أنه :"إذا كان صحيحا ان الانتحاري كان ينتظر الموكب فهذا يعني انه تم إبلاغهم" في إشارة صريحة إلى تنظيم القاعدة. وتطرح هذه الإمكانية تساؤلات حول تواطؤ قد يكون استفاد منه مخططو ومنفذ العملية – بحسب فرانس برس. * تداعيات الهجمتين الانتحاريتين على السياح والمحققين الكوريين في أعقاب التفجيرين الانتحاريين، أصدرت وزارة خارجية كوريا الجنوبية تحذيرات وأوامر مباشرة لرعاياها بسرعة مغادرة الأراضي اليمنية، ورفعت لاحقا مستوى التحذيرات لرعاياها ناصحة إياهم بمغادرة دول منطقة الشرق الأوسط بأكمله إن أمكن. وبعد إعلان وزارة الخارجية والتجارة الكورية بحوالي شهرين، وتحديدا في ال 23 من شهر يونيو الجاري، نقلت وكالة رويتر عن مراسلها في العاصمة الكورية الجنوبية "سول" ان إتحاد الشركات النفطية الكورية الجنوبية قرر عرض بيع حصص في حقوله النفطية في اليمن والتي يقدر انها تضم 36 مليون برميل من الاحتياطيات النفطية في اليمن. ونقل موقع موني توداي على الانترنت عن مصادر لم يكشف عن هويتها قولها ان مؤسسة النفط الوطنية الكورية كيه.ان.او.سي وشركة هيونداي ايندستريز ومجموعة هانوها تعرض حصة 47.5 بالمئة من حصتها في الحقول اليمنية للبيع. واستثمرت هيونداي 31.1 مليار وون (24.10 مليون دولار) في حقول نفطية باليمن، في حين استثمرت هانوها 10.3 مليار وون كوري وذلك بعد توقيع اتفاقية تشغيل مشتركة مع الحكومة اليمنية في عام 2007. وذكرت وكالة رويتر إلى أن مصادر في السوق قدرت قيمة الحصص النفطية للشركات النفطية الكورية في اليمن بنحو 50 مليون دولار أمريكي. وقد قامت هذه الشركات الكورية والتي تمتلك شركة توتال الفرنسية أكبر حصة فيهم، ببناء مصنع للغاز الطبيعي المسال في محافظة شبوهجنوب البلاد. وكان من المقرر ان تتسلم كوريا الجنوبية الشحنة الاولى من الغاز المنتج في هذا المصنع في نهاية يونيو الجاري، إلا أنه لأسباب غير معلومة تم تأجيل موعد تسليم الشحنة الأولى من الغاز لكوريا الجنوبية حتى نهاية أغسطس المقبل. * تكتيك عسكري وتبريرات دينية للقاعدة ورجح مراقبون أن استهداف القاعدة للسياح والمسؤولين الأمنيين الكوريين في صنعاءوحضرموت، لم يكن من قبيل المصادفة. حيث صرح الصحفي منير الماروي لموقع نيوز يمن الإليكتروني في 24 مارس، بقوله:"درج تنظيم القاعدة على التخطيط لعمليات مزدوجة في أوقات متقاربة، وهذا أمر غير جديد فقد استهدفت القاعدة السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في وقت واحد، واستهدفت نيويورك وواشنطن في آن واحد، وليس غريبا أن تنفذ عمليتين صغيرتين في شبام وصنعاء في وقت متقارب على نمط هجومي الضبة وصافر الفاشلين". وقال كيم جين، صحفي كوري ومحرر الافتتاحية في صحيفة "جونجأنج ألبو" أن هذا الاستهداف الإرهابي هو الأول من نوعه ضد رعايا كوريا الجنوبية في اليمن. وتعد كوريا الجنوبية حليفة في الحرب على الإرهاب التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعلى الرغم أن حكومة "سول" أعلنت في 2006 أنها ستسحب 1800 جندي كوري من أجمالي 2800 جندي من اربيل بالعراق في 2007 بحسب تصريحات هيي تيك كيم / مدير عام شؤون الشرق الاوسط وافريقيا بوزارة الخارجية والتجارة بجمهورية كوريا الجنوبية لصحيفة دنيا الوطن الفلسطينية في ديسمبر 2006، إلا أن القاعدة في اليمن اعتبرت دخولهم في حلف "محاربة الإرهاب" مع الولاياتالمتحدة ومشاركة جنودها في الحرب على أفغانستان والعراق مبرر "شرعي وديني" لاستهداف وقتل رعايا جمهورية كوريا من سياح ومدنيين وعسكريين في اليمن بحسب الفتوى الذي أصدرها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ونشرها في العدد الأخير – العدد التاسع - من مجلة صدى الملاحم الناطقة باسم القاعدة. الجدير ذكره أن الشابين اللذين نفذا الهجومين الانتحاريين في حضرموتوصنعاء قد ركزا في وصيتيهما – في الشريط المرئي المصور - على التحريض والتوعد باستهداف المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية للحكومتين اليمنية والسعودية بالإضافة إلى المصالح الغربية في المنطقة.