شكاوى كثيرة تصل إلينا عن ممارسات ابتزازية وأسعار خيالية يتعرض لها المواطنون في أماكن تسمي نفسها عيادات طبية، بينما تتبرأ منها كل الجهات ذات العلاقة بالطب والصحة. بل إن قانون مزاولة المهنة الطبية ينص في المادة 34 على معاقبة كل من يدعي أو يمارس مهنة الطب وهو لا ينتمي إليها بالحبس ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن 700.000. من يلق نظرة سريعة على اللوحات الإعلانية في شوارع العاصمة وكثير من المدن لا يصدق وجود مادة كهذه في القانون. ما يصرف في هذه العيادات عبارة عن خلطات معبأة في أكياس أو علب زجاجية أو بلاستيكية مجهولة الهوية؛ لا مكونات ولا تاريخ تعبئة أو انتهاء ولا بلد المنشأ. مع أن عدم احتواء أي معلب على هذه المعلومات أمر محرم في القانون المحلي والدولي. مكاتب الصحة في المديريات تلاحق البقالات والمجمعات الغذائية لضبط مثل هذه المخالفات لكن لم نسمع أن الملاحقة طالت واحدة من هذه العيادات أو أن طبيباً مزعوماً تعرض يوماً للمساءلة، على الأقل لتغذية ميزانية المجلس الطبي الفقير. أحد المرضى يحكي ل"المصدر أونلاين" معاناته في هذه العيادات: كنت أشكو من ألم في المعدة لفترة طويلة. وجدت برشور للطبيب (م. ض) يسرد فيه جميع الأمراض التي يعالجها ومن بينها المرض الذي أعاني منه. ذهبت إليه وشرحت له حالتي فصرف لي خمس علب فيها مسحوق بقيمة 15000 ريال. أخذت الوصفة كاملة ولم أجد الشفاء. سمعت أن هناك طبيب آخر أكثر تمكناً منه. ذهبت إلى عيادة الدكتور (ع. ض) دخلت العيادة أسأل عن الدكتور فقالت الموظفة إن الدكتور مسافر في سوريا ولكن يمكن أن تشرح له حالتك بالتلفون. أمسكتْ التلفون واتصلت بالدكتور إلى سوريا. ناولتني السماعة فشرحت له حالتي ثم أعدت السماعة لموظفة الاستقبال لتواصل الحديث مع الدكتور. انتهت المكالمة وأحضرت لي ثلاث علب تحتوي على سائل يدهن على البطن بحسب وصف الطبيب. المبلغ الذي دفعه المريض –بحسب الشكوى- مقابل هذه المعاينة وهذا العلاج 25000. كان الألم الذي يعانيه أكبر من هذا المبلغ وكان صوت الدكتور بالتلفون يبث عبر الأثير الكثير من الأمل. لم يفهم هذا المريض ما هو فيه حتى وقع في يده برشور لطبيب اسمه م. ض. عندها توجه إلى الصحيفة ولم يتوجه إلى العيادة.
وبخصوص هذا الموضوع اغتنمنا فرصة اللقاء بأمين عام نقابة الأطباء والصيادلة د. عبدالقوي الشميري وسألناه عن هذا الأمر. الدكتور تبرأ من هذا العمل واعتبره داخلاً في إطار العشوائية التي تعيشها الصحة، واعتبر أن معظم هؤلاء مشعوذين ودجالين.
وكجهة تنفيذية قمنا بسؤال الدكتور عاصم السماوي أمين عام المجلس الطبي عن هذا الأمر. لكنه -كأي شخص آخر غير مسؤول- بدا فقط غير راض وغير معني، وأفاد أن جميعهم يعملون بدون تراخيص لعدم وجود قانون بحقهم ولا يستطيع أحد التصرف في حقهم إلا بقانون. وبالنسبة للمهنة فقد اعتبرهم كأصحاب البقالات ولا يجوز أن نطلق في حق أحدهم كلمة طبيب ولا حتى مطبب التي يطلقها البعض.
وبخصوص الرقابة عليهم قال إن ذلك في الأساس من عمل وزارة الصحة والسلطة المحلية.
كما قال إن هناك على حد علمه مشروع قانون يعد بخصوص هذه المهنة وقد يكون موحداً لجميع دول مجلس التعاون، واليمن جزء منها في مجال الصحة.
إلى حين صدور ذلك القانون (ربما بعد سنوات) يظل هذا النوع من التطبيب سارياً دون أدنى رقابة في حين تقف أبسط العقبات في طريق الطبيب خريج كلية الطب لتعيقه عن العمل.