حين يشتد سواد الديجور ويرخي الليل سدوله وتغشى وتبتليه هموما لا حصر لها؛ تكون حينها الحاجة للقمر قد بلغت مداها ليبدد تلك العتمة المدلهمة من الوجود. فإن كان بوسع القمر ان يعمل ذلك فبمقدور القلم أن يقوم بالعمل ذاته مع الإختلاف المكاني فالأول يعمل عمله ليبعث البهجة والإشراق على الأرض وفي محيط الإنسان والآخر يبعث النور ويموضعه في العقول وبين القلوب والحنايا. هكذا يسكنني الاعتقاد في ان يكون قلم الماوري من هذا النوع فهو القلم الأعز مفقود عند أصحاب العقول النيرة التي لطالما أنار لها طرق مظلمة وان لم يكن ذلك النور بالطاقة النووية (البهرانية)؛ والأذل موجود عند أصحاب العقول الصدئة والكروش المنتفخة والأوداج المتهدلة.
نعم يا صديقي فلنا حقٌ عليك أن نعرف مالذي أقصاك عنا؛ أهي شوكة الميزان المنحرفة عن قصد عن مكانها الطبيعي واهتزت تحت ضربات مطرقة قاضي السلطان؟ أم قد آثرت أن تعوذ بالصمت وتلوذ بالانكفاء؛ ودب فيك اليأس من أن لا حياة لهؤلاء القوم وانك قد أحسست بأنك تصرخ في قفر لا صدى فيه ولا رجع ولا أحد يصيح لصوتك المبحوح وانت تكشف عورات الفاسدين وتسقط أوراق التوت عنهم لتنبعث بعد ذلك روائح النتانة من بين أوراق النهب والنصب.
ولتكشف أن للجنوب وللجنوبيين قضية عادلة بحجم الوطن المنهوب (...) تحت جنازير دبابات وتدار محركاتها بوقود اسمه : "هزمناكم هزماكم..؟". عُد يا صديقي عُد ولا تجعل للقهقرى مكانا لديك؛ فحبر قلمك لا بد أن يظل "طبيبا يداوي رأس من يشكو الصداعا".