عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    دولة الأونلاين    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار.. أكثر من مجرد إتيكيت
نشر في المصدر يوم 24 - 09 - 2010

برغم كل التباينات والتشكيكات، هل بإمكان المتحاورين إنجاز شيء ما يزيل الغمة ويقشع غيوم الأزمات المتفاقمة التي تمر بها اليمن؟ سؤال مازال يلح بشكل قوي على المتابعين لمجريات وخلفيات الحوار القائم حالياً بين السلطة والمعارضة في ظل ما تسمى ب "لجنة التهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل"، القائمة على أساس تحقيق أهداف ومبادئ اتفاق فبراير 2009..
فجأة، وعلى خلفية غير طبيعية، في وقت وصل فيه الحوار ليستقر في زاوية معقدة من الخلافات، اجتمع قادة الحزب الحاكم مع قادة أحزاب اللقاء المشترك المعارض، في 17 يوليو الماضي لتوقيع محضر اتفاق ملحق تمهيداً للسير في مواصلة تنفيذ اتفاق فبراير.
في الظاهر، سارت الأمور بشكل طبيعي، وكأن حرارة عظيمة عملت على إذابة الجليد المتراكم على مدى سنة ونصف من توقيع فبراير. توالت اللقاءات، وشكلت اللجان الواحدة تلو الأخرى (لجنة المأتين، لجنة الثلاثين، ولجنة ال16)..
وفي الباطن، يحمل كل طرف في جعبته من كرات الثلج ما يجعل من الشتاء القادم أكثر زمهريرية وقساوة..
وفي هذه التناولة، سنستعرض جملة التباينات والخلافات الهامة التي برزت بوضوح في اللقاءات الحوارية التي أجرتها قناة العربية مع أهم قيادات الصف الأول للحوار، بشكل مفرد، وبثتها خلال الأيام الماضية تزامناً مع عيد الفطر المبارك..
كان كل من الدكتور عبد الكريم الإرياني (نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، ونائب رئيس لجنة الإعداد والتهيئة للحوار الوطني) والدكتور أبوبكر القربي (وزير الخارجية) الشخصين اللذين وقع عليهما الاختيار من القناة لتمثيل الحزب الحاكم. بينما اختير عن اللقاء المشترك المعارض كل من: عبد الوهاب الآنسي (أمين عام حزب الإصلاح، ونائب رئيس لجنة الإعداد والتهيئة للحوار الوطني)، والدكتور ياسين سعيد نعمان (أمين عام الحزب الاشتراكي، وعضو لجنة الإعداد والتهيئة للحوار)، وحسن زيد (أمين عام حزب الحق، وعضو لجنة الإعداد والتهيئة للحوار)..
بالنسبة للدكتور أبوبكر القربي، وحسن زيد، تركز الحوار معهما حول تفاصيل كانت معظمها بعيدة عن موضوع الحوار الوطني الشامل. فالأول ذهب معظم الحديث معه حول مؤتمر نيويورك القادم الخاص باليمن، أما الثاني فكانت الغالبية العظمى من الحوار تخوض في مشكلة الحوثيين..
وعليه نجد أنه من الطبيعي أن نقصر تركيزنا هنا على ما تضمنته تصريحات بقية القادة الثلاثة الآخرين: الإرياني، الآنسي، ياسين..

طبيعة الأزمة
يختلف المتحاورون حول طبيعة وجذر الأزمة التي تنسحب عليها كافة أزمات البلاد الأربع: الجنوب، الحوثيون، القاعدة، والأزمة الاقتصادية.. إذ وبحسب ما جاء في تصريحاته لقناة العربية، يرى الدكتور الإرياني أن جذر الأزمات جميعاً هو الاقتصاد (الفقر، والبطالة..). وما لم نتعاطى مع هذه الأزمة أولاً، فإننا لن نستطيع فهم الأزمات الثلاث (الجنوب، الحوثي، القاعدة).

لكن الآخرين: عبد الوهاب الآنسي، والدكتور ياسين سعيد نعمان، لديهما منظار آخر يريان من خلاله أن جذرها الأساس هو سياسي بحت. وبالتالي كل هذه المشاكل (مشكلة الجنوب، مشكلة صعدة، مشكلة الوضع الاقتصادي، ومشكلة القاعدة) هي نتاج السياسات التي تدار بها البلد. وكما يؤكد الآنسي فإن "الخلل البنيوي موجود في السلطة التي تدير البلد‎.‎".. وأنه في ظل السياسات التي تدار بها البلاد فإن المشاكل تزداد كل يوم تفاقما وخطورة‎.

على أن الدكتور ياسين – من جهة ثانية – يرى أن الأزمة مركبة، وعليه يذهب أولاً بضرورة تشخيص الأزمة والاعتراف بها: "أولاً نشخص طبيعة الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد بمظاهرها المختلفة مظاهرها الوطنية بمظاهرها السياسية بمظاهرها الاقتصادية.."

مشكلة الحراك
تمثل الاضطرابات القائمة في الجنوب إحدى مشاكل البلاد المعقدة، والتي يمكن التأكيد على أن السلطة بمفردها عجزت عن إيجاد الحل المناسب لها. وباتت هذه المشكلة اليوم إحدى أهم القضايا التي تكفل الحوار الوطني الشامل - بين السلطة والمعارضة – بمناقشتها بغرض التوصل إلى حلها في إطار ما يسمى بتهيئة الأجواء..

ومع أن النظام- وحتى اليوم – يتضح أنه يؤمن بأن ما يحدث في الجنوب لا يمثل قضية حقيقية، أو لم تصل لتشكل أزمة حقيقية عليه، كما هو الأمر بالنسبة للحوثيين( يعتقد الإرياني أن مشكلة الحوثيين باتت في طريقها للحل النهائي بعد اتفاق الدوحة الأخير)، إلا أن المعارضة حققت نجاحاً – أو ما يمكن أن يحسب لها على أنه نجاح قياساً لنظرة النظام المتساهلة مع القضية – ذلك حينما استطاعت أن تجعل الحوار شاملاً ولا يستثني أحداً. وقد بدا ذلك واضحاً في سياق التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الدكتور الإرياني للعربية، حينما أكد أن حزبه لا توجد لديه خطوط حمراء بشأن التحاور مع قادة الحراك في الخارج بضمنهم علي سالم البيض نفسه، ولكن "في إطار أمن وسلامة واستقرار ووحدة اليمن..".

وفيما يبدو أن الاتفاق في هذا الجانب بات منسجماً مع قادة المعارضة، بعد أن كان يمثل خلافاً سابقاً قبل التوقيع الأخير (يوليو)، إلا أن الحديث عن إمكانية طرح مطالب متجاوزة للخطوط الحمراء، كفك الارتباط مثلاً، يبدو أنه حديث متباين إلى حد ما. فالدكتور الإرياني يرى أن مسألة المطالبة بالقول ممكنة، ولا يمكن منعها – كقول فقط - في إطار لجنة الحوار التي سيتجاوز عددها المأتي شخص (بعد دعوة بقية الأطراف التي ترغب في الحوار)، لكنه ألمح إلى أن مناقشة مثل هذه المسألة سيكون أمراً مرفوضاً من الجميع، وليس مكانه طاولة الحوار، وفي هذا السياق قال: "أنا متأكد مائة في المائة أن الحاضرين سيقولون له ليس هذا على طاولة الحوار".

لكن الآنسي يقول إن لجنة ال 16 المشكلة مؤخراً لدعوة بقية الأطراف للانضمام للحوار تسعى للحصول على موافقتهم فقط، "أما ما يمكن أن تطرحه هذه الجهات هذا يعود إليها"‎.‎ وفي سياق مماثل تقريباً يؤكد الدكتور ياسين على المعنى ذاته. فهو يرى بأن المعالجات والرؤى من شأنها أن تختلف وتتباين للجهة التي تصدر منها. وفي هذا الجانب يقول "هناك من يطرح فك الارتباط وهناك من يطرح الانفصال..هناك من يرى أن الجنوب ليس له علاقة باليمن وأنه جنوب عربي..وهويته مختلفة عن الهوية اليمنية..وهناك من يرى أن الجنوب يجب أن تحل مشكلته في إطار المعادلة الوطنية كطرف في المعادلة الوطنية.."، ولذلك يرى أن هذه الرؤى المختلفة تحتاج إلى أن تتحاور فيما بينها البين.." وفي هذا الجانب يخلص إلى القول "ولذلك دعونا بالحوار الوطني بما فيه الحوار مع القوى السياسية في الجنوب لتحقيق مثل هذا الهدف"‎.

على أنه من المهم التأكيد – هنا – بأن الخلافات والتباينات الحاصلة بخصوص المشكلة الجنوبية تستمد جذورها من التباين المسبق لتأصيل أسبابها وتجلياتها بداية..

وفيما يعتقد الإرياني، بأن مشكلة الحراك بدأت مطلبية، ثم تحولت إلى سياسية، ثم تطورت بفعل استغلال آخرين لتلك المطالب، وتحويلها إلى ما يتجاوز حدود ما يمكن التفاوض عليه: "وهناك ناس استغلوا القضايا الفردية وحولوها إلى مطالب جماعية تتجاوز حدود ما يمكن التفاوض عليه وبالذات المطالبة بفك الارتباط..". لافتاً إلى أن السلطة سعت للقيام بجهدها وقطعت أشواطاً كبيرة في سبيل تجاوز المطالب الفردية..

نجد أن الآنسي يتفق معه حول مسألة استغلال البعض لتلك المطالب وتعبئة الشارع، مع تأكيده أيضاً على رفض القبول بفكرة الانفصال، إلا أنه اختلف معه بخصوص المتسبب في تطور تلك المطالب ووصولها إلى هذا الحد، فهو هنا يتهم السلطة التي قصرت في الاستجابة لتقديم الحلول المناسبة. ويعتقد بأن الجانب السياسي في الموضوع برز في الأخير، لأن السلطة لم تعالج هذه القضايا الحقوقية والقانونية. الأمر الذي أدى – من وجهة نظره - إلى ظهور مزاج سخط في المحافظات الجنوبية، ثم جاء من يحاول استغلال هذا السخط ويتماشى ويتجارى معه ليتحول إلى تعبئة لمشاريع دخيلة، يؤكد الآنسي أن الكل ليسوا معها كمشروع الانفصال، الذي مهما كانت مبرراته إلا أنه لا يمثل حلا
‎.‎
لكن الدكتور ياسين سعيد نعمان – أمين عام الاشتراكي، له نظرة تأصيلية أخرى أكثر عمقاً لطبيعة المشكلة الجنوبية؛ أسبابها، وتجلياتها، وحلولها. هذه النظرة قد تكون نابعة من الخلفية التاريخية للحزب الاشتراكي في الجنوب، كما هي نابعة أيضاً من حضوره وتواجده، وبالتالي تأثير وتأثر قواعده في ومع مسار الأحداث هناك..أضف إلى ذلك - وهي قد تكون النقطة الأكثر تأصيلاً - تضرره من نتائج حرب صيف 94 وما نتج عنها من إقصاء للشركاء..

فهو يرى أن ما يجري اليوم في الجنوب عبارة عن استجابة موضوعية بكل معنى الكلمة لنضالات الشعب التاريخية في الجنوب، تلك التي قامت منذ بداية هذا القرن لتحديد الهوية السياسية للجنوب، وقدمت في سبيلها التضحيات حتى تحققت الوحدة في 22مايو. لكنه يعتقد أن الوحدة الاندماجية التي واجهت الصعوبات منذ تحقيقها انتهت للأسف بحرب 94، لتطرح أمام الجنوبي سؤالاً، هذا السؤال ارتبط بالنتائج الكارثية التي ترتبت على الحرب ، مما أدى إلى الإجابة على هذا السؤال بنشوء الحراك السلمي الذي تشارك فيه كافة القوى السياسية والاجتماعية في الجنوب‎.‎

ولذلك يقول إن "الحزب الاشتراكي نظر إلى الحراك منذ اليوم الأول على أنه حركة جماهيرية مستجيبة لحاجة الناس في الجنوب..إلى إعادة التفكير في تسوية تاريخية تقوم على اعتبار الجنوب قطباً في المعادلة الوطنية.. ولذلك أستطيع أن أقول إن الحزب الاشتراكي منذ اليوم الأول وقف إلى جانب الحراك السلمي وأصبح جزءاً منه مع بقية الأحزاب والقوى السياسية".

لكن ومع تلك النظرة، لا يسع الدكتور ياسين إلا أن يتفق مع سابقيه حول الجزئية المتعلقة بوجود من يحاول أن يستغل الحراك، ويقف وراء تشكيل نزعة العنف التي تقتحمه عنوة..وكان الدكتور – في هذه الجزئية – يدافع عن سلمية الحراك، الذي يؤكد أنه مازال – وإلى اليوم - سلمياً بكل المقاييس، لكن "..في كثير من الأحيان التطرف ينتج تطرفاً، وأنا شخصيا أشعر أو أعرف أن العنف الذي يمارس بهذا القدر أو ذلك في بعض الأحيان هو دخيل على الحراك السلمي..من ورائه من يشكله..تقف وراءه ثقافة حقيقة تتبارى اليوم مع ثقافة الحوار السلمي الذي يدور على صعيد اليمن بشكل عام..ولذلك لا نستغرب عندما يوجد شيء من هذا القبيل يقتحم الحراك السلمي عنوة بأشكال مختلفة من العنف..‏ولكن تعتبر دخيلة على مثل هذه الحركة السلمية التي حقيقة يقف وراءها كل الناس في الجنوب".

وركز الدكتور ياسين في معرض إجاباته على الطبيعة التكوينية للحراك وقياداته من حيث أنه ليس حزباً سياسياً أو قوة سياسية موحدة تحت قيادة واحدة..بل هو "حالة جماهيرية موضوعية تشارك فيها كافة الأحزاب والقوى السياسية برؤى وبرامج مختلفة كلها حاملة لقضية الجنوب في إطارها الوطني.."، ولذلك يعتقد أنه من الطبيعي أن تتعدد وتختلف الآراء الصادرة منه "هذه طبيعة الحركة الجماهيرية الواسعة..الجامع الأكبر بين هذه القوى والأحزاب - في إطار الحراك - أن هناك قضية عادلة في الجنوب يجب في الأخير أن تعالج معالجة عادلة"..

وإذ يرى الدكتور ياسين – مثل الإرياني والآنسي - أن حل الانفصال غير مجدٍ، وإن بطريقة ضمنية في إطار حديثه عن رؤية الحزب الاشتراكي التي تقول"إن اليمن مر بمرحلتين بتجربتين تجربة التشطير وفشلت، يعني عشنا عقوداً بل قروناً طويلة مشطرين وفشل التشطير، لو كان نجح ماكناش نحتاج إلى وحدة..وتجربة الوحدة الاندماجية وانتهت بحرب 94م وفشلت.."، إلا أن رؤيته للحل – ربما - جاءت مختلفة عن سابقية من المتحاورين. فهو هنا اعتبر أن الفدرالية قد تكون هي التسوية المناسبة لحل – ليس مشكلة الجنوب فحسب – بل حتى مشكلة الشمال. وتأسيساً على ما بدأه من حديث حول فشل التجربتين، خلص للقول: "يبقى علي اليمنيين في هذه الحالة أن يبحثوا عن تسوية تاريخية جديدة هذه التسوية التاريخية - كما نراها - هي ربما دولة اتحادية فدرالية..سمها كما شئت لكنها تقوم على قاعدة حل هذه القضية العادلة بالنسبة للشمال وبالنسبة للجنوب..لا نتحدث فقط عن حل مشكلة الجنوب ولكن أيضاً مشكلة الشمال، وبالتالي على اليمنيين أن يفكروا في هذه التسوية التاريخية الجديدة، هذا الحوار سيقوم بهذه المهمة"
‎.‎‎
لكنه، ولاحقاً في الحوار ذاته، كان الدكتور ياسين أكثر تأكيداً على رفضه القاطع للصيغة التي تتحدث عن أن الحوار الذي يتم حالياً بين السلطة والمعارضة هو حوار بين الشمال والشمال. وقال ".. نحن نرى أن الوضع الطبيعي هو أن يتم الحوار الوطني الشامل برؤية تحقق أهداف الجميع..أما الحديث عن تجزئة القوى السياسية بين شمالي وجنوبي فهذا العمل مرفوض وهو حديث مأزوم للأسف وهدفه الرئيسي هو تقديم رسالة إلى السلطة بأن تعالوا تحاوروا معنا فقط نحن..لكن من أعطاه هذا الحق في أن يمثل الجنوب أو يمثل الشمال أو يمثل أي منطقة معينة"‎.‎

• ربط الحراك بالقاعدة
دأبت الأجهزة الأمنية، مؤخراً على ربط الحراك بالقاعدة، على خلفية الأحداث الأمنية الأخيرة في أبين، التي اتهمت فيها عناصر من القاعدة، بتعاون عناصر مسلحة في الحراك..

ومع أن الدكتور الإرياني أكد على عدم اطلاعه على "ارتباط كامل"، إلا أنه يعتقد بأن الحراك يسهل كثيراً – وإن بطريقة غير متعمدة – للقاعدة في الانتشار والتنفيذ، وذلك من خلال الأجواء التي خلقها في المحافظات الجنوبية. مشيراً في السياق إلى وجود تصريحات من أشخاص يتحدثون باسم الحراك، وينفون بأنهم على صلة بالقاعدة.. وزاد أكد "أنا لا أعرف مدى العلاقة، لكن الواضح للعيان ولا تحتاج أن تكون خبيرا، أن عدم الاستقرار الذي أوجده الحراك بالطريقة التي يعمل بها قد سهل للقاعدة مهاما كثيرة مع الأسف"
‎.‎
وإذ اكتفى الآنسي في إجابته بالقول إن غياب الشفافية تجعل من الحديث عن التفاصيل ليس له خلفية معلوماتية صحيحة، اعتبر الدكتور ياسين أن محاولة ربط القاعدة بالحراك "محاولة يائسة و فاشلة وليس لها أي معنى، كونه لا توجد أي علاقة لا سياسية ولا تنظيمية ولا فكرية بين الحراك وبين القاعدة"..لكنه استدرك مجدداً ليوضح فكرته السابقة حول إشكالية العنف الذي يقتحم الحراك:"‏ مثل هذا الحراك الواسع الذي تشترك فيه كل فعاليات المجتمع السياسية والاجتماعية بيئة مختلفة ومتباينة في كثير من الأحيان، ومن الطبيعي أن تنشأ هناك بعض الفجوات وبعض التدخلات وبعض الاقتحامات التي تقتحم من الخارج فكرة الحراك السلمي.."

وحيث عد حدوث مثل هذا الأمر طبيعياَ، وليس من المستثنى حدوثة في حراك الجنوب، إلا أنه دعا لضرورة البحث عن من يقف وراء إقحام بعض مظاهر العنف في الحراك السلمي، مفضلاً تجديد الإشارة لما سبق الحديث فيه من "إن هناك ثقافتين تتنافسان في الوقت الحاضر في اليمن: ثقافة الحوار والسلم، وثقافة العنف.."، ومؤكداً أن "ثقافة العنف في هذا البلد ثقافة عميقة وبعيدة الجذور ولا يمكن أن تستسلم بسهولة أمام حركة المد السلمي..ولابد أن توجد لها أشكال مختلفة وقوى أيضاً تتعامل معها وهي ثقافة..ولذلك حتى عندما نتحدث اليوم عن الحوار السياسي الحوار السلمي في اليمن نحن نواجه صعوبات حقيقية نواجه صعوبات ثقافة العنف التي تمتد جذورها في هذا البلد إلى عقود طويلة من الزمان ثقافة الإقصاء والإلغاء واستبعاد الآخر، ولذلك من الطبيعي جدا أن توجد مثل هذه المظاهر في هذا الحراك السلمي مقتحمة إياه بأشكال مختلفة"‎.‎

الحوار..خلاف الرؤى والأولويات
نظرياً، يعتقد الطرفان أن الحوار الوطني هو الوسيلة الأنسب لحل كافة تلك القضايا. وهو ما اتفق عليه كل من الدكتور الإرياني والآنسي في تصريحاتهما. ولذلك وقع الطرفان على المحضر الخاص بمواصلته، غير أن كليهما مازال يرمي على الآخر بمسئولية إنجاحه، على قاعدة: "إذا ما توفرت النية الجدية والصادقة لذلك، مع استحضار كافة القضايا والمشاكل التي تعيشها البلد" حسب الآنسي ونعمان..وبالمقابل – أيضاً - يعتقد الإرياني أن الحوار سيكون وصفه سحرية إذا حسنت النوايا، أما "إذا لم تحسن فالحوار مجرد مدخل يبدأ ولا ندري كيف ينجح".

النية الجادة، والنوايا الحسنة، تلك هي الوصفة السحرية التي غابت عن طاولة الحوار على مدى السنوات الماضية (ولنكتف هنا بتحديد الفترة التي لحقت توقيع اتفاق 24 فبراير 2009)..وربما لدى الدكتور ياسين مخاوفه حين يرى أن الحوار الوطني ليس وصفة سحرية..وأنه علينا أن لا نتوقع أن ينتهي بحل أزمة اليمن..

الآنسي الذي اعتبر الحوار الوسيلة الأنجع لإنقاذ البلاد، لاسيما وقد ثبت أن السلطة عاجزة عن إيجاد الحلول المناسبة لتلك المشاكل بعد أن أتيح لها فرصة طويلة للقيام بذلك حسب وصفه، عاد وأكد بوضوح أن العقبة التي يمكن أن تقف في وجه الحوار هي السلطة ومدى جديتها فيه.. "بوضوح.. العقبة الوحيدة هي السلطة بمقدار ما تكون جادة بمقدار ما يمكن أن ينجح.." بل واعتبر‏ أن السلطة إذا لم تكن جادة "ستكون التكاليف على البلد بالدرجة الأولى كبيرة"‎.‎

قد ينبئ هذا أن السلطة والمعارضة – على السواء – يمتلك كل منهما رؤيته الخاصة لمسار الحوار وما يمكن أن يتحقق من خلاله..بل هذا ما تؤكده التباينات التي وردت في تصريحات قيادات الطرفان مع قناة العربية..

أما تفسير الدكتور ياسين لما ذهب إليه آنفاً – من أن الحوار ليس وصفه سحرية – فيوضحه استدراكه القائل: "نحن لن نبدأ الحوار بالحلول..لاحظ نحن سنبدأ الحوار أولاًَ بتشخيص طبيعة المشكلة هذه بداية إذا اتفقنا على أن هناك أزمة ننتقل بعدها للحديث ما هي مظاهر هذه الأزمة هذا سيسهل علينا الانتقال إلى الحلول..".

ويعتقد أن عدم الاعتراف بوجود أزمة، سيشكل عائقاً أمام مواصلة الحوار: "لكن إذا جاء طرف وقال ماعنديش أزمة أنا فقط عاوز انتخابات يبقى في هذه الحالة لك الله يا أخي إحنا مش معك في هذا الموضوع.."

وعليه يؤكد، أن أمام المتحاورين في اللحظة الراهنة في اليمن أولاً تشخيص طبيعة الأزمة المركبة التي تعيشها البلاد بمظاهرها المختلفة..بمظاهرها الوطنية، بمظاهرها السياسية، بمظاهرها الاقتصادية..وإذا تم التوصل إلى اتفاق بأن هناك أزمة، فإن الحل في هذه الحالة سيبقى سهلاً. ولذلك يؤكد أن البداية يجب أن تكون من هذه النقطة "سنبدأ من الحديث عن: هل هناك أزمة تعيشها البلد..؟ وما هي مظاهر هذه الأزمة؟ هناك سنعرف ما إذا كنا جادين للحوار أو غير جادين"‎.‎

ولقد بدا الاختلاف واضحاً بين السلطة والمعارضة حول الأولويات.. فالدكتور الإرياني يرى أن الحوار يجب أن يفضي إلى إجراء تعديلات دستورية مع إجراء الانتخابات في مسار واحد وغير منفصل، بحيث يتم إجراء الانتخابات (في موعدها المحدد أبريل 2011) في وقت واحد مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي هي بحاجة إلى استفتاء شعبي..

لكن الآنسي والدكتور ياسين يشددان كثيراً على مضمون اتفاق فبراير 2009، الذي يؤكد الآنسي أنه كان واضحاً ورتب الأمور ترتيبا منطقيا بدأ بتهيئة الأجواء التي تتيح أو تؤدي إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وآمنة في أجواء سياسية مناسبة تشارك فيها كل أطياف العمل السياسي.. وعليه يؤكد أولاً على ضرورة توفير متطلباتها..ومتطلباتها من وجهة نظرة هي: التعديل الدستوري الذي يتعلق بالنظام الانتخابي، وتعديل قانون الانتخابات الحالي، ثم يأتي في الأخير تشكيل اللجنة العليا بناءً على القانون الجديد الذي سيتم الاتفاق عليه..

ومثله يقدم شريكه - الدكتور ياسين - الرؤية ذاتها باستشهاده باتفاق فبراير. ويتساءل: متى طورنا النظام السياسي حتى ننتقل إلى موضوع الانتخابات؟ مؤكدا أن "‏النقطة الرئيسية المرتبطة بإجراء انتخابات نزيهة وحرة وتعيد الاعتبار للإرادة الشعبية هي أولاً تطوير النظام السياسي". وعليه يضيف: "تطوير النظام السياسي - وفق اتفاق فبراير - لم يتحقق حتى الآن..وعلينا أن نبدأ من هذه النقطة أولاً.."

وتأتي النقطة الثانية - في اتفاق فبراير – كما يضيف الدكتور ياسين، ب"إشراك كافة القوى السياسية على اعتبار أنه لا يمكن أن نستثني أحداً أو نلغي أحداً". وإذ أكد أن هذا الأمر تحقق الآن بتشكيل اللجنة المشتركة. قال "إذا على اللجنة المشتركة التي تشكلت الآن أن تبحث في موضوع الانتخابات أو أن تبحث في موضوع الحوار الوطني وتبحث في كل القضايا..وهذا ما سيقرره مؤتمر الحوار الوطني". ويواصل "إذن، علينا قبل أن نضع موضوع الانتخابات في صدارة الأمور، أن نسير نحو المؤتمر الوطني".. لافتاً إلى أن القوى السياسية التي ستتحاور "هي التي ستقرر المسار فيما بعد".

وإذا كان الدكتور الإرياني، فيما ذهب إليه آنفاً، يجعل من ضرورة استغلال الوقت المتبقي عاملاً مهماً للقيام بالتعديلات وإجراء الانتخابات، في آن، فإنه قد يسوغ وإن بشكل غير مباشر ما قامت وتقوم به اللجنة العليا للانتخابات حالياً من البدء بتنفيذ إجراءات القيام بالانتخابات ( بدأ ذلك بالتوازي مع انطلاق التوقيع على الاتفاق الأخير في 17 يوليو الماضي..!) وهو الأمر الذي ظلت المعارضة ترفضه بشدة، وتعتبر أن لجنة الانتخابات الحالية غير شرعية..! وتأسيساً على ما سبق أن أكده الآنسي بخصوص الترتيب المنطقي الذي جاء به اتفاق فبراير (من أن تشكيل اللجنة العليا يأتي في الأخير، بناءً على القانون الجديد الذي سيتم الاتفاق عليه)..يستدرك: "ومن هذه الزاوية نحن نقول إن هذه اللجنة بهذا الاتفاق تعتبر غير شرعية وفعلا نحن لا نتعامل معها.."

• تطمين غير مجدٍ
وتأتي أسباب الخلاف حول هذا الأمر لخشية المعارضة من أن الهدف الرئيسي للحزب الحاكم من الحوار ليس سوى الوصول إلى الانتخابات. وقد نوه الإرياني إلى تلك المخاوف بالقول "..المعارضة صراحة يقولون إن السلطة أو الحكومة أو الدولة همها الأول هو إجراء الانتخابات وإنها بعد الانتخابات ستقول وداعا للحوار..". وهو ما نفاه، واعتبرها دعوى غير صحيحة، مستنداً في ذلك على مبررات أجملها على النحو التالي: أن الحوار ينص على: أولاً إعداد تعديلات دستورية..يعني مواد جديدة في الدستور تؤدي إلى تطوير النظام السياسي، ومادة أو مادتين تنص على الانتخابات بالقائمة النسبية. والقائمة النسبية قضية لا يسمح الوقت للحديث فيها وهي مؤكدة ولا بد من الاتفاق على أحد الأنظمة فيها..

ولذلك يؤكد - بصفته في المؤتمر الشعبي العام - "إن الانتخابات والتعديلات الدستورية يجب أن تتم في آن واحد..حتى تثق المعارضة أننا لن نأخذ الانتخابات ثم ننقلب على تطوير النظام السياسي والأخذ بالقائمة النسبية". وبخصوص كفاية الوقت للقيام بذلك كله، يعتقد أنه من الممكن..مستدركاً "البعض يقول الوقت غير كافي، ولكنني على يقين إذا هناك جدية وهناك حسن نية فإن الاتفاق على إجراء الانتخابات في موعدها ليس عائقاً في سبيل الوصول إلى التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام الانتخابي وللنظام السياسي وللاتفاق على القائمة النسبية".

و‏ لاحقاً – في الحوار ذاته – يقدم الإرياني رأيه الشخصي تعزيزاً لما سبق قائلاً "أنا شخصياً - هذا رأي شخصي - على يقين انه إذا كان هناك حسن نية فيمكن الاتفاق على هذه الحزمة من النصوص الدستورية قبل الذهاب أو قبل إجراء الاقتراع وبالتالي يكون الاقتراع على التعديلات الدستورية..لأنه في الدستور هناك مواد لا يمكن أن تصبح نافذة حتى ولو أقرها مجلس النواب..ثلاثة أرباع مجلس النواب، لابد من العودة إلى الشعب للاستفتاء فيها ومنها المادة التي سيتفق عليها والخاصة بالقائمة النسبية.. لا يمكن أن تصبح نافذة إلا بعد الاستفتاء وبالتالي الاستفتاء والانتخابات.."

لكن المعارضة غالباً ما أكدت رفضها حدوث مثل هذا الأمر. كون إحداث التعديلات الخاصة بالقائمة النسبية والتصويت عليها مع الانتخابات القادمة، سيؤجل العمل بها في هذه الانتخابات إلى الانتخابات التي ستليها (أي بعد أربع سنوات)..وهي تؤكد وتشدد على أن يتم العمل بنظام القائمة النسبية بدءاً من الانتخابات القادمة..

ومن جهته لا يستبعد الدكتور ياسين أن يكون هدف الحزب الحاكم من الحوار الوطني هو فقط: الوصول إلى الانتخابات التشريعية المقبلة. فهو يعتقد أن الحزب الحاكم استمرأ مواصلة إنتاج نفسه قياساً بالانتخابات التي جرت خلال السنوات الماضية، التي يقول إنه "رتبها على هواه وبإمكانيات الدولة، وكانت كل انتخابات تأتي لتعيد إنتاجه من جديد..يعني تعيد إنتاج سلطته من جديد على قاعدة أوسع.."

واستشهد على ما ذهب إليه بقوله: "مثلا في انتخابات 93م كان الوضع مختلفاً.. كانت المعارضة لديها مقاعد أكثر في مجلس النواب، ثم جئنا في الانتخابات 97م سموها الأغلبية الساحقة ثم في انتخابات 2003م سموها الأغلبية الساحقة الماحقة..طيب ايش يشتوا في انتخابات 2011م.."؟

وقال: البلد تعيش أزمة وطنية حقيقية..‏أزمة تفكك، البلد تعيش أزمة سياسية خانقة، تعيش أزمة اجتماعية، أزمة عنف، ما لم نقف أمام مظاهر هذه الأزمة ونشخصها ونستطيع بعد ذلك أن ننتقل من تشخيص الأزمة الوطنية السياسية إلى الحديث عن إصلاح انتخابي.."

ولذلك يرى في تقديره أن إقحام الانتخابات ووضعها في صدارة المشكلة "هروب من استحقاق وطني حقيقي.." وهذا الاستحقاق الوطني – يعتقد - أنه"يقوم على قاعدة تشخيص الأزمة التي تعيشها البلد وعدم السماح بتفكيك هذا البلد إلى كومونات لا قدر الله..".

وإذ يوضح – في هذا المقام - أنهم كمعارضة ليسوا ضد الانتخابات، قائلاً: "نحن بالعكس المعارضة أي معارضة تفرض طريقها إلى الحياة السياسية بالانتخابات"، إلا أنه يقول "لكن عندما نجد أن الانتخابات تتحول إلى صفقة سياسية مع بقاء البلد معمراً بالمشكلات يبقى نحن ننزه أنفسنا من هذه الصفقات ولا نريدها"
‎.‎
ولذلك، يشدد الدكتور ياسين على أن عمل لجنة التهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل "ليس لها علاقة بالانتخابات لا من قريب ولا من بعيد.."، مشددا على طبيعة عملها: "هذه اللجنة علاقتها بدرجة رئيسية بالحوار الوطني.. الإعداد والتهيئة للحوار الوطني."


مشكلة الحوثي
مؤخراً، أبرمت السلطة اتفاقاً حديثاً مع الحوثيين برعاية وإشراف دولة قطر. ومع أن طبيعة وبنود وتفاصيل هذا الاتفاق لم تعلن بشفافية، واكتفى جانب الحوثي بالحديث عن آلية تنفيذية لاتفاق يونيو المكون من 22 نقطة لتنفيذ النقاط الحكومية الست، إلا أن الدكتور الإرياني أكد – في الحوار – بأن القضية باتت في طريقها للحل بشكل نهائي، لافتاً إلى أن "المناقشات الدائرة في الدوحة والتي تقوم على أساس محضر تفصيلي تم توقيعه و الآن يجري إعداد آليات تنفيذ هذا المحضر هي على وشك الانتهاء". وأضاف "وتفاؤلي هذا ينطلق من أن ما تم الاتفاق عليه في الدوحة هو أكثر تفصيلا ودقة وتزمينا من أي اتفاق آخر وهذا شيء يجعل الاتفاق مضموناً أكثر من غيره من الاتفاقات السابقة"، مؤمناً بأن "الضامن الأول هو : القناعة بين الطرفين..وما لم يكن الطرفان مقتنعين بأن كفى ما جرى فأي ضامن ثالث أي طرف ثالث يظل مرهون بحسن النوايا للطرفين..". وهو المعنى ذاته الذي يؤكده الآنسي (الذي كان تطرق إلى حوارهم مع الحوثيين وتوصلهم إلى توقيع اتفاق ثنائي على نبذ العنف، واللجوء إلى الحوار) معتبراً أن "حسم الأمر يتعلق بالطرفين"..

غير أن حسن زيد أعتبر أن الضامن الوحيد هو "جدية السلطة"‎.‎ أما الحوثيين فيؤكد جازماً " أنهم أكيد جادين لأنه لا نصر لهم في الحرب" .يأتي ذلك في الوقت الذي يشكك فيه بجدية السلطة – وإن بطريقة غير مباشرة – بحديثه عن سلطة "وعن ثقافة سلطوية ترى بأن استمرار الأزمة استمرار بقائها في الحكم"‎ حسب قوله ، معتبراً أن المخرج سيكون ب"تضافر الجهود الإقليمية وبالذات المملكة العربية السعودية مع قطر ودول الخليج الأخرى لإحلال السلام في صعدة "‏

ما الذي يخشاه الحاكم؟
مما سبق من تصريحات لأهم قيادات الحوار، يمكننا أن ندرك ما يريده ويسعى إليه كل طرف من الحوار. بل يمكننا الجزم أن هذا الحوار محكوم مسبقاً بالتوقف عند زمن ما، لم يتم الوصول إليه بعد..لكن من المحتم الوصول إليه عما قريب..!

أحزاب المعارضة التي حققت نجاحاً كبيراً بتوقيع اتفاق فبراير 2009، وأجلت الاستحقاق الانتخابي لعامين، تحاول مواصلة نسق نجاحاتها من خلال هذا الحوار مستندة إلى تخوفات الحزب الحاكم – ليس من حرب صعدة واضطرابات الجنوب، واستفزازات القاعدة، وانهيار الاقتصاد– بل من الوصول إلى أبريل القادم دون إجراء الانتخابات. يدرك الطرفان أن عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد سيعني انتهاء ما تبقى من شرعية سلطة الحزب الحاكم، المؤجلة إلى أبريل بناء على التعديل الدستوري الأخير.

وليس من المهم معرفة أن هذا ما تسعى إليه المعارضة، بقدر معرفة هل سيمكنها ذلك، وكيف؟ مع إدراكها الكامل أن الحزب الحاكم لن يسمح بحدوثه على الإطلاق..! حتى وإن لجأ إلى إتخاذ القرار الذي سيؤثر على سمعته أمام العالم والمجتمع الدولي الداعم للديمقراطية في البلاد، بخوض الانتخابات منفرداً، وهو ما تؤكده كل المؤشرات حتى الآن..

حين سئل الدكتور الإرياني السؤال التالي: في حال حصلت إشكالية ما بين الحكومة والمعارضة هل ستمضون قدما في الانتخابات المؤجلة لسنتين؟ كانت إجابته واضحة بهذا الخصوص. قال "أولاً الانتخابات أجلت ولمرة واحدة..بعض الناس ينسى أن مجلس النواب عندما عدل المادة ‏65 من الدستور قال ولمرة واحدة. والدساتير ليست لعب التنج بونج تضرب من هنا وأنا أضرب من هنا. لا يجوز أن يتحول النظام الدستوري الديمقراطي الانتخابي إلى مزاد للأحزاب، للحزب الحاكم وللسلطة الحاكمة، أنا شخصيا أقول مدد لمجلس النواب مرة واحدة، يعني مرة واحدة..ولذلك فيجب أن تجري الانتخابات في موعدها 27 ابريل.."

بحسب الدكتور الإرياني، فإن التمديد لمجلس النواب اشترط أن يكون لمرة واحدة فقط. بما يعني أنه سيكون من غير المقبول إحداث تمديد آخر في نظر الإرياني. لكنه – بحسب البعض – لن يكون مستحيلاً إذا ما اتفقت لجنة الإعداد والتهيئة للحوار الوطني على إحداثه مرة أخرى للمصلحة العامة. وهذا ما تساءل عنه السفير البريطاني أثناء لقائه بقيادات المشترك أواخر الأسبوع الماضي. ولطالما ألمحت تصريحات قيادات المشترك إلى مثل هذا الأمر، فهي مع تشديدها على رفض فكرة إجراء الانتخابات قبل إحداث الإصلاحات السياسية والانتخابية بوقت مبكر، باتت اليوم تشدد أيضاً على أن ما سينتج عن لجنة الحوار الوطني هو ما سيتم العمل به..

ومع ذلك يمكن التأكيد أن لدى المعارضة خيارات أخرى مدروسة في حالة فشل الحوار ومضي الحاكم في طريقه منفرداً. لعل أهم تلك الخيارات تحريك لجنة الحوار الوطني بشكل مكثف مع تحريك الشارع. وهما خياران يمكنها من خلالهما إثارة مخاوف ليس الحاكم فقط بل الدول التي ترى تأثر مصالحها في البلاد والمحيط الإقليمي من انهيار الأوضاع السياسية في ظل أوضاع اقتصادية غير جيدة

هل هناك خيارات أخرى مناسبة يمكنها أن تحدث انسجاماً وتوافقاً يرضي كافة الأطراف؟ يقول البعض إن الأمر متفق عليه ولكن بين قيادات عليا محدودة من الطرفين، تدرك ما تقوم به اليوم وما ستصل إليه غداً، بينما يرى آخرون أن الأمر أكثر تعقيداً مما يمكن تصور حدوثه على نحو يمكنه أن يجعل من هذا الحوار مستمراً لفترة أبعد من الشهر القادم..

إن الخوض في تفاصيل مقتضيات الحوار – حتى بعيداً عن الخلاف الواضح اليوم بشأن الانتخابات والتعديلات الدستورية والانتخابية - يمكنه أن يكشف لنا عن وجود عوائق كبيرة من بينها إمكانية نجاحه بدون تدخل خارجي بشكل أكثر اهتماماً وحزماً، وكذا – ربما - بدون نقله إلى خارج اليمن لتأمين حضور معارضة الخارج الذين من الصعب قبولهم الحضور إلى اليمن لأسباب أمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.