أقل من 50 شخصية في اليمن - يتقدمهم فخامة الرئيس والحوثي وعيال الأحمر وقادة الأحزاب السياسية ومشائخ الدين وثلة من قادة الحراك - جعثوا حياة اكثر من 23 مليون نسمة وأحالوها الى قرف حتى صرت تجد بأن الإنسان اليمني هوالوحيد في الدنيا الذي ينام وعروق رأسه ورقبته منتفخة وكأنه ليس نائماً بل مُتحمِل فوق رأسه «قلاب» حجار! قرفونا الله يقرفهم. الرئيس وعائلته كلهم - بالصلاة على النبي - عسكر، ولا واحد منهم غلط مثلاً ودخل كلية الآداب ليتخرج من بعدها وينشيء له حتى إن شاء الله جهاز بوليس آداب لارأسه ويبدأ يطلب الله. مش مشكلة، على الأقل سيكون لديه ذائقة أدبية تساهم في تلطيف هذا الخراب الذهني المخيف.
عيال الشيخ عبدالله الأحمر – الله يرحمه – هم الآخرين «مشحوطين» على الآخر ولا واحد منهم غلط وراح يهتم بتعليم ابناء قراهم المبندقين خلفهم. إنهم يريدونهم أن يبقوا – فقط- مجرد وفرة من «الأتباع» المقاتلين الذين يعتاشون على فتات غنائم الشيخ. لابد أن يتم إعادة انتاج تفكير الناس على نحو من الحب والجمال.
تخيلوا مثلاً لو أن لدى قصر الرئاسة إحساساً بالجمال، هل سيكون لدينا أقسام شرطة أكثر من الحدائق والمتنزهات؟ وأسلحة اكثر من لعب الأطفال، وأحزاب سياسية أكثر من الملاعب الرياضية، وقادة عسكريين أكثر مما لدينا من فنانين وتجار، ومشائخ قبليين ومشائخ دين أكثر من المصانع ومن فرص الإنتاج !؟ وقلك ليش اليمنيين مشحوطين وأبسط مشادة كلامية بينهم تتحول إلى طعن وقوارح وإلى خبر عاجل في الجزيرة !.
تخيلوا لو أن الحوثي يقاتل الدولة من أجل إفتقار صعدة إلى خدمات صحية وإلى حدائق للأطفال، وأن حراك المحافظات الجنوبية يدعو الرئيس لأن يقلص من تواجد أبنائه وأصهاره وأقاربه في المواقع المفصلية للدولة، ويطالب بالإنفصال عن رموزالنظام الذين نهبوا الأرض وعطلوا القوانين، وأن أحزاب اللقاء المشترك تعتصم في ساحة الحرية للمطالبة ببناء مدينة طبية بكامل جاهزيتها رحمةً بالمواطنين اليمنيين «المطعفرين» في مطارات القاهرة وعمان. هل سيكون حالنا على هذا النحو من القرف؟
وهل سيٌنتقص من شأن عيال الشيخ وبقية عيال المشائخ المبندقين شيئاً لو أن أحدهم مثلاً أنشأ فرقة موسيقية يكون مهتمتها حتى إن شاء الله ترقص للسعودية « برع »! الحياة مش كلها بنادق وهنجمة وزلط !
تخيلوا - مثلاً - لو أن الشيخ عبدالمجيد الزنداني يصعد إلى المنبرليخطب في الناس : إهتموا بنظافة مدنكم واهدوا الورد إلى من تحبون..إتقوا الله وانبذوا السلاح و العنف وتفجير السفارات، هل كان سينقص ذلك شيئاً من قداسته ؟ على العكس كل الذي كان سينقص هو - فقط - عدد المتزمتين الذين أحالوا الحياة إلى شعوذة وعنف!.
تخيلوا لو أن الأجهزة الأمنية تخلت لشهر واحد فقط عن مهامها الكسولة وألقت القبض على خاطفي التجار والسياح الأجانب بدلاً من ملاحقة واعتقال الصحفيين. هل كانت مشاكلنا ستكون على هذا النحو من «النخيط» ومن الأجهزة الناسفة؟.
تخيلوا لو أن البرلمان اليمني يصنف هكذا مرة ويكلف أعضاءه بأن يقوم كل نائب منهم بزراعة 100 شجرة في محيط دائرته الانتخابية، سيصير لدينا خلال سنة واحدة 30100 شجرة في 301 دائرة انتخابية، وإذا ضربنا عدد تلك الأشجار في أربع سنوات، سيستحق رئيس البرلمان العميد يحيى الراعي بالفعل ان يكون بطل فيلم «أبي فوق الشجرة».
تخيلوا لو أن كل اطراف اللعبة السياسية في البلد يحبون البلد على هذا النحو المثمر والجميل، هل سيغدو حالنا معصوداً وكئيباً ومقرفاً ومقلقاً إلى هذا الحد من العبث.
لو أن هناك نيةً حقيقية لبناء بلد حقيقي فإنه ينبغي أولاً أن يتم تقديم كل أولئك المشحوطين لمحاكمة عادلة لأن حياتنا بسبب هؤلاء العدميين غدت موّالاً يومياً من العنف والمآسي، وبكره لم يعد على الإطلاق موعداً للحب وللأمان وللهدوء.
ينشر بالاتفاق مع "حديث المدينة". خاص بالمصدر أونلاين.