انتهت الإجازة الدراسية وفتحت المدارس أبوابها. منا من قد مل من وقتها الممطوط وسلم نفسه عن قناعة إلى ساحة العمل المنتظم، ومنا من يحتاج إلى إجازة إضافية. هناك من المعلمين والطلاب من يعلم أنها انتهت بعدما استثمروها بالخير والنفع وهناك من لم يستفد من الفراغ. على كل حال بدأ العام الدراسي وتوجه الجميع إلى المدارس، كلٌ يجري لمستقر له يبحث عن العلم والمجد وتحقيق الذات. ومن أجل إنجاح عام جديد علينا أن نتذكر دوماً أن بداية العام لا تقل أهمية عن نهايته، هناك العديد من الصعوبات والمشاكل التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق نسبة كبيرة من الخطط والبرامج التربوية الهادفة، وهذه الصعوبات يواجهها المعلم والطالب على حد سواء وتتكرر كل عام وتؤثر تأثيراً سلبياً في مستوى العملية التعليمية، والغريب ليس وجودها بل في تكرارها وعدم وضع الحلول لها رغم بساطتها توفير مطالبها. ومن خلال تجربتي الشخصية ومنذ ثمانية أعوام قضيتها في حقل التدريس سأذكر بعض ما نعانيه من مشاكل، وأخص بالذكر في تدريس مادة اللغة الإنجليزية، وعليها تقاس بقية المواد الدراسية لا لشيء، وإنما ليكون المعنيون من أصحاب القرار على علم بهذه المشاكل، وعسى أن نجد لها حلاً: • عدم اكتمال المنهج الدراسي في مختلف الفصول ممثلاً بكتابي القراءة (course) والتمارين (work)، إذ لا يمكن تدريس أو استيعاب المقرر إلا بتوفير كليهما، غير أنه في كل عام يصرف أحدهما ولينعدم الآخر، علاوة على ذلك اشتراك طالبين في المنهج، وتتضاعف المشكلة حينما يغيب الطالب الذي بحوزته الكتاب أو حين ينساه في المنزل.
• يعتمد المقرر الدراسي في مادة اللغة الإنجليزية على العديد من الوسائل المساعدة على الفهم والاستيعاب واكتساب اللغة، منها الوسائل السمعية والبصرية، أهمها أشرط الكاسيت المتعلقة بالكتاب المدرسي، فمنذ ثمانية أعوام لم أرَ أو أسمع أن وزارة التربية أو مكاتبها في المحافظات قد صرفت حتى شريط كاسيت أو تبهت على شيء من هذا القبيل.
• للعام الثامن على التوالي لم أجد كتاب دليل المعلم teachers book، رغم الأهمية البالغة لتوفيره، فمن الزملاء من قام بتصويره، ومنهم من لا يعلم بأن هناك كتاباً خاصاً بالمعلم، ويرجع لك لندرته وبيعه في السوق السوداء.
• يشكو أغلبية مدرسي الإنجليزي في المرحلة الثانوية من عدم اشتراكهم أو حضورهم لأي دورة تدريبية متخصصة يمكن خلالها تنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتمكينهم من معرفة الطرق الصحيحة في إعداد وشرح الدروس فالكل يحضر الدروس بطريقته ويشرح بأسلوبه، وهذا يعني غياب الأساليب التربوية المتطورة والاعتماد على الأسلوب التقليدي في تعليم اللغة.
• للعام الثامن على التوالي لم أشاهد موجهاً متخصصاً يقوم بزيارة المدرسة وإن حصل فهو أحد المنقطعين عن التدريس، وبقدرة قادر أو بعناية نافذ أو بسلطة حزب تم تعيينه موجهاً، إذ إن التوجيه في بلادنا مكتظ بالموجهين الذين تم تعيينهم وفق معايير غير تربوية والتوجيه يعني أن يكون الموجه ذا مؤهلات وقدرات تميزه عن المعلم وتمكنه من تحديد مواطن الضعف ثم تصويبها والتوجيه يعني التفرغ للبحث والتطوير في المناهج وغيرها، إلا أن الحاصل في بلادنا أن التوجيه يعني الانقطاع عن العمل، والتفرغ للأعمال الخاصة فالمسألة مجرد زيارة في النصف الأول وأخرى في النصف الثاني، مع التقدير للموجهين القلائل الذين تم تعيينهم وفقاً لقدراتهم وحسب المعايير التربوية.
• في أمانة العاصمة لا زالت العديد من المدارس تفتقر إلى وجود مدرس اللغة الإنجليزية، ويقوم مدرسون آخرون بتغطية العجز، وقس على ذلك حال بقية المدارس في المحافظات والمناطق الريفية، وفي المدرسة التي أعمل بها أستقبل كل عام طلاباً في الصف الأول الثانوي لا يستطيعون كتابة أو معرفة حروف الهجاء، والسبب عدم توفر المدرس ويتم ترحيلهم في الصفوف العليا عبر الغش، أي أن المسألة فتح مدارس ووجود إدارات بغض النظر عن الواقع والمضمون والمخرجات التعليمية.
• غياب التدريب والتأهيل وعدم تطوير المنهج بالوسائل الحديثة جعل معلمي مادة اللغة الإنجليزية يدرسونها بطريقة غير سليمة بالشرح باللغة العربية، فضلاً عن التركيز على القواعد grammer وإهمال جانبي السمع والمحادثة، أي اعتماد أسلوب تدريس اللغة كمادة وليس كلغة، يفترض على الطالب التحدث بها، فقد يحصل الطالب في الثانوية العامة على علامات كبيرة في الامتحان التحريري، بينما لا يستطيع التخاطب مع سائح أجنبي أو الرد على أبسط أسئلته.
كانت هذه بعض المشاكل التي واجهناها في الأعوام السابقة ولا زالت هي نفسها في هذا العام، وستظل هي هي في العام المقبل دون حلول، إلا أن الأمل باقٍ وندعو الجميع إلى المشاركة في صنع عام دراسي مليء بالطموح والتسامح والنجاح.