منذ انطلاق بطولة خليجي 20 في اليمن وقبل كل مباراة بساعات، يتأهب أيمن الجفري وهو مشجع يمني شاب لحضور ملعب المباراة ومعه آلة البابوزيلا التي يعبر بصوتها عن تشجيعه ومؤازرته للفرق التي يشجعها في كل مباراة. ويعتقد المشجع الجفري الذي يقطع مسافة تقدر ب60 كيلو مترا هي التي تفصل محافظته أبين عن محافظة عدن لمتابعة المباريات التي تجري على إستاد 22 مايو في مدينة عدن، أن مؤازرة فريقه الذي يشجعه مهم جدا بالنسبة له وآلاف المشجعين الذين يحضرون كل اللقاءات الكروية في البطولة. حيث كل يعتمد طريقة خاصة به للتشجيع والمؤازرة. ولا يخفي المشجع اليمني الشاب أنه متأثر بجمهور مونديال العالم الأخير الذي استضافته جنوب أفريقيا يونيو 2010. حيث كان يستمتع جداً وهو يستمع ويشاهد مع ذلك الجمهور الذي كان حاضراً في أجواء المونديال. ويقول: هذه الأبواق التي تحدث أصواتا مميزة تمنح المدرجات والملاعب نوعا من الضجيج وبالتالي تكون أجواء الملاعب أثناء اللقاءات الكروية مفعمة بالحيوية التي تزيد من حماسة جميع اللاعبين والمشجعين على السواء. ويقول محمود سلطان، وهو مشجع يمني آخر، إنه يشتري هذه الأبواق التي تشبه إلى حد ما البابوزيلا في شكلها وأصواتها، وذلك من محلات مخصصة لبيع اللعب في عدن. مشيراً إلى أن الكثير من أصدقائه وأقاربه اشتروا أيضاً من تلك الأبواق ليأخذوها معهم إلى مدرجات الملعب قبل كل مباراة من مباريات بطولة خليجي 20. وازدهرت آلة الفوفوزيلا بعد كأس العالم لكرة القدم الأخير. ويعد أصل هذه الآلة أفريقياً. ويعتقد بعضهم أنها مرتبطة بثقافة جنوب أفريقيا وغيرها من دول القارة السمراء وأن لها علاقة ربما وصلة بترهيب الحيوانات المفترسة التي تكثر في أدغال أفريقيا.
ويرى سلطان -25 عاماً- أن "الفوفزيلا" كما يسميها، أو الأبواق مثلها مثل أي الأشياء التي يقتنيها كل مشجعي مباريات كرة القدم، انتشرت بكثرة في خليجي 20 وظهر كما بدا لجميع المتابعين أن هناك نقلة كبيرة في التشجيع وأساليبه تضاهي ما يحدث في مدرجات ملاعب العالم راجت بعض أنواعها بكثرة في محافظة عدن قبل انطلاق البطولة. وفي منحى موازٍ، أكد وليد المقطري، وهو بائع للزهور والألعاب في محل صغير وسط مدينة عدن، أنه باع كميات كبيرة من تلك الأبواق التي يأتي المشجعون ويطلبونها باسم "البابوزيلا". ولم ينكر المقطري حقيقة أن عددا كبيرا من زملائه بائعي الزهور والتحف والهدايا وحتى أولئك الذين امتهنوا لفترة آنية، تزيين السيارات وبيع أعلام المنتخبات المعمولة بأشكال وقوالب مختلفة منها القماشية ومنها الورقية ومنها الطوابع التي تلصق على الوجوه أو تلك التي تتخذ أشكال البالونات أو تلك التي يحملها المشجعون بين أيديهم. وازدهر سوق تزيين السيارات وتلوينها بالأعلام المختلفة للدول المشاركة في بطولة خليجي20. ولوّن عدد كبير من الجمهور وجوههم بأعلام دول الخليج. وارتدى الأطفال والرجال والنساء أعلام المنتخبات وحملوا صور زعامات الدول الخليجية وغيرها المشاركة في البطولة.
وأكد مراقبون أنهم لأول مرة يشاهدون مثل هذه المظاهر التشجيعية في مدرجات ملاعب اليمن. ويعتقدون أن الجمهور هو أنجح ما في البطولة حتى أن عددا من أعضاء الوفود المشاركة من رياضيين وإداريين وإعلاميين وصفوا الجمهور بأنه جمهور ذواق وراقٍ ووفي لأنه مناصر ومؤازر بروح أكثر رياضية حيث إن أغلبهم تقاسموا تشجيع المنتخبات.
في سياق متصل، لا تزال مدينة عدن اليمنية التي تستضيف غالبية مباريات بطولة خليجي عشرين منذ 22 نوفمبر وتستمر حتى ال5 من ديسمبر، تعيش حراكاً اقتصادياً وتنموياً وسياحياً واجتماعياً غير مسبوق. ويأتي هذا الحراك الإيجابي الذي تشهده عاصمةً اليمن الاقتصادية مرافقاً للبطولة التي تستضيفها عدنوأبين اليمنيتان. وعلى مختلف المستويات والأصعدة. وبدأت زيارات عدد من الوفود المشاركة لأسواق مدينة عدن ما زاد الطلب على عدد من المواد الاستهلاكية التي تشتهر بإنتاجها اليمن.
ولاسيما العسل والبخور والعطر والتحف الأثرية. ويصف بعضهم مدينة عدن بأنها مدينة الفُل والعطر والبخور وذلك استناداً لتأريخها التجاري القديم حيث كانت تمثل ممراً تجارياً للبان والبخور وتربط بين قارات عدة. ويؤكد عبد الإله باعشن -بائع عسل- أن هناك إقبالاً كبيراً من قبل عدد من وفود المنتخبات المشاركة في بطولة خليجي 20 على العسل ونجح في تسويق ما قيمته 6000 دولار خلال الأيام القليلة الماضية، ولديه حجوزات لطلبات تقدر ب10000دولار. ويعتقد مراقبون أن الانتعاش سيزيد لاسيما وأن هناك أحاديث عن توافد المئات من المشجعين الخليجيين وبالأخص تلك التي ضمنت منتخباتها التأهل للدور الثاني من البطولة.
فعاليات ثقافية مرافقة لفعاليات خليجي 20
من جهة أخرى، بدأت بمديريات المنصورة والبريقة وخور مكسر والتواهي بمحافظة عدن مساء أمس الأول احتفالات فنية احتفاءً باحتضان عدن فعاليات كأس الخليج العربي في نسختها ال20، نظمها اتحاد شباب اليمن والجمعيات الشبابية وتستمر حتى 30 ديسمبر الجاري. قدمت خلالها الفرق الفنية والشعبية والمسرحية على مسارح مفتوحة باقات متنوعة من الوصلات الغنائية المجسدة للموروث الغنائي اليمني بألوانه المتعددة إضافة تقديم أغانٍ خليجية وعراقية ومشاهد مسرحية قصيرة، كما قدمت فرقة الرقص الشعبي بعدن عروضا تراثية عكست الفرحة بهذا الحدث الرياضي الكروي.
المشتركات الفنية بين اليمن والخليج
ولا تزال تتواصل بجامعة عدن الفعاليات الثقافية المرافقة لبطولة خليجي 20 التي ينظمها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة ومنظمة اليمن أولاً. وتضمنت الفعاليات التي دشنت في ال24 من نوفمبر بحضور وزير الثقافة د.محمد أبو بكر المفلحي محاضرة للباحث علوان الجيلاني بعنوان (المشتركات الفنية بين اليمن والخليج.
الأغنية في اليمن والبحرين نموذجاً) استعرض فيها نشأة وتطور الغناء في اليمن ودول الخليج والقواسم الفنية المشتركة في الغناء اليمني والخليجي. وتطرق إلى مراحل تطور الأغنية الحمينية اليمنية في القرن السابع الهجري، والغناء في منطقة نجد والبحرين والكويت، منوهاً بالمراحل التي مر بها الموشح الغنائي اليمني خلال 7 قرون ماضية، تنقل فيها بين زبيد وصنعاء وتعز وحضرموت وصولا إلى مكة، في وقت كان اليمن فعالا ومؤثرا في الإبداع في المنطقة من خلال موقعها الجغرافي في منطقة الجزيرة العربية، إضافة إلى تأثرها بالثقافات المختلفة خلال مراحل تاريخية طويلة مثلت روافد ثقافية متعددة.