تهرب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدني جيفري فيلتمان أكثر من مره من الإجابة بشكل واضح على سؤال بشأن موقف بلاده من مضي المؤتمر الشعبي العام في إجراء انتخابات برلمانية بشكل منفرد. وكرر 3 صحافيون السؤال ذاته، بأساليب مختلف، على فيلتمان أثناء مؤتمر صحفي عقده مساء الثلاثاء في السفارة الأمريكية بصنعاء، لكنه أكد على أن بلاده مع إجراء انتخابات برلمانية في موعدها المحدد شرط أن تكون ذات مصداقية، ورفض في موضع آخر الإجابة على السؤال ذاته ووصفه ب"السؤال الافتراضي" الذي لم يحدث بعد ولا يستطيع التعليق عليه.
ولم تفلح محاولة ثالثة ل"المصدر أونلاين" انتزاع إجابة واضحة حول موقف الولاياتالمتحدة إزاء قرار الحزب الحاكم دخول الانتخابات منفرداً، رغم الإشارة إلى إن ذلك لم يعد "سؤالاً افتراضياً" بل واقعاً بعد إقرار الأغلبية في البرلمان لقانون الانتخابات ومصادقة الرئيس صالح عليه وبدء تشكيل لجنة انتخابات جديدة، وظل فيلتمان متمسكاً بدبلوماسيته: "أنا ليس لدي أي تعليق على نظام الانتخابات الذي تم الاتفاق عليه.. ليس لدي أي تعليق على هذا القانون، ولكن الانتخابات هي عبارة عن تقديم اختيار للناخبين، وفي أساس هذه الانتخابات تستدعي أن يمارس الناخبون هذا الاختيار".
وتدخل السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين ليجيب على السؤال ذاته، مضيفاً "هذه العملية بدأت فعلاً، لكنها لم تنتهي بعد، ونحن نشجع جميع الأطراف على الاستمرار في الحوار، وأن يتفق هؤلاء جميعاً (الحزب الحاكم، والمعارضة) حول كيفية إجراء الانتخابات، على أمل أن يتفقوا قبل إجراء الانتخابات ذاتها".
ونفى فايرستاين أن تكون الولاياتالمتحدة تقوم بدور الوساطة بين الحزب الحاكم والمشترك، قائلاً "لم يطلب منا أياً من الأطراف التوسط وبالتالي ليس هناك أي وساطة أمريكية، ولكننا حتماً نلتقي مع القيادات السياسية في الحزب الحاكم والمعارضة، لإيصال ذات النقاط الذي تحدث عنها مساعد وزيرة الخارجية".
أما الدبلوماسي الأمريكي فيلتمان الذي يزور اليمن للمرة الثانية منذ توليه منصبه كمساعد لوزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدني في 18 أغسطس 2009، فتحدث أيضاً عن أن اليمن قادمة على انتخابات في إبريل من العام المقبل، وهو خطاب مغاير لما درجت علي ترديده الولاياتالمتحدة طيلة العامين الماضيين بشأن موقفها من الانتخابات في اليمن، إذ ظلت تؤكد على دعمها لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وبمشاركة جميع أطراف العمل السياسي، دون تؤكد على الموعد الذي يؤيده الحزب الحاكم، ويرفضه المشترك.
وقال فيلتمان "نعلم أن لديكم انتخابات برلمانية العام المقبل، وبالتالي أمام البرلمان دور هام يلعبه، ومن الأهمية بمكان أن تجرى الانتخابات على أساس ذات مصداقية، وينتج عنها برلمان ذات مصداقية بالنسبة للشعب اليمني".
وأضاف "من المهم أن تكون الانتخابات ذات مصداقية لسبب بسيط، وهو أن المؤسسات ذات المصداقية تكون أكثر قدرة على التعامل مع بعض التحديات الخطيرة التي تواجهها البلاد"، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة أن يستمر الحوار الوطني لإيجاد فهم أساسي عن كيفية إجراء الانتخابات المقبلة".
وأردف "أتوقع أن المنظومة قد لا تكون مثالية ولا ترضي جميع الأطراف، ولكن إذا تمكنت أن تكون مقنعة بالنسبة للطرفين فنحن حتما سندعمها".
وأشار فيلتمان إلى أن زيارته لليمن جاءت لغرض اللقاء بالمسؤولين اليمنيين وبحث شراكة بلاده "طويلة المدى" مع اليمن، لافتاً إلى أن لدى الولاياتالمتحدة تركيز قوي جداً على عملية شراكتها مع اليمن في مجال بناء قدراتها الأمنية، إلا أنها تود مشاركتها أيضاً فيما يتعلق بالتنمية والاقتصاد.
وقال إنه التقى بعدد من القيادات اليمنية في الحكومة والمعارضة (أحزاب المشترك) لمقارنة "ملاحظاتنا عن السبل التي من خلالها يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دوراً هاماً لدعم هذه الشراكة المستقبلية". ورفض إعطاء أي تفاصيل إضافية عما دار في تلك اللقاءات.
وفي اتجاه آخر، تحدث الدبلوماسي الأمريكي عن تداعيات وثائق ويكيلكس، وقال "دعوني أكون صريحاً معكم، نحن نشعر بنوع من الإحراج، وهناك 185 دولة في العالم لابد أن نتواصل معهم ونعبر لهم عن اعتذارنا عما حدث، فالدبلوماسية تعتمد على الثقة ولابد لنا من المحافظة على هذه الخاصية".
لكنه قلل من تأثير وثائق ويكيلكس على التعاون اليمني الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب، قائلاً "بالرغم من صعوبة المرحلة وكراهيتها إلا أني على ثقة أننا سنتمكن من أن نتجاوزها مع الدول الصديقة بما فيها اليمن، فاليمن كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة كانت ضحية للإرهاب ومن صالحنا أن نعمل مع بعضنا البعض من التخلص من هذا الإرهاب".
وأكد عدم وجود أي تغيير جوهري سواء في علاقة بلاده مع اليمن أو مع أي دولة أخرى بسبب هذه الوثائق. وبشأن فضح وثائق ويكيلكس للسياسات الأمريكية، أوضح فيلتمان بأن سياسات بلاده يتم تصميمها في واشنطن وليس في السفارات، مضيفاً "سياساتنا مع اليمن ستستمر على أساس أننا نرغب في تأسيس شراكة مع الشعب اليمني والحكومة اليمنية، وهناك هدف مشترك بيننا وبين اليمنيين.
وشبه ما يقوم به الدبلوماسيون الأمريكيون في السفارات بما يقوم به الصحفيون في تغطياتهم للأحدث، وقال "نحن لا نعلق على أي شيء بهذا الموقع وتسريباته، ولكننا نتحدث بشكل عام عن كيفية قيام الدبلوماسيين بأعمالهم، عندما يتم تعيينا في إحدى السفارات في العالم نلتقي العديد من المسؤولين وبالتالي نرسل تقاريرنا إلى واشنطن بناء على ما دار في هذه اللقاءات".
وأضاف مخاطباً الصحفيين "الأمر يشبه ما تقومون به في عملكم اليومي.. أنتم تقدمون لقراءكم مقالات مقتضبة، وصوراً صغيرة عن بعض الأوضاع ولكنكم لا تقدمون أبداً الصورة كاملة على وضع بعينه، وبالتالي تقارير سفاراتنا يتم إرسالها إلى واشنطن لتثقف أولئك المسؤولون عن هذه السياسات ولكنها لا تمثل مصدراً لاتخاذ سياسات معينة".
وفي رده على سؤال بشأن إمكانية دفع الولاياتالمتحدة تعويضات للضحايا المدنيين جراء الغارات الجوية الأمريكية في اليمن، وخصوصاً في منطقة المعجلة بأبين، قال فيلتمان كل ما أستطع قوله إن ما نقوم به في الجانب الأمني يتم بالتنسيق مع اليمن، وبالاتفاق المسؤولين اليمنيين، وبالتالي كان الأحرى أن يوجه السؤال إلى اليمنيين أنفسهم".
وفي بداية حديثه، بارك فيلتمان لليمن نجاح بطولة خليجي20، وقال "كوننا أصدقاء لليمن، تابعنا الحدث عن بعد، على أساس أنه ممتع وناجح جداً بكل المقاييس".