دعا رئيس جمعية الشعراء الشعبيين اليمنيين الشاعر أمين المشرقي،إلى ضرورة إنشاء محكمة خاصة بالسرقات الشعرية والأدبية في اليمن ، نتيجة تقاعس القضاء اليمني في الفصل في مثل هذه القضايا. وقال في حوار مثير وصريح للوكالة،إن حُمى السرقات الشعرية امتدت إليه وأقلقته في منامه ، مؤكداً العمل على الخروج بالشعر الشعبي من عنق الزجاجة. وانتقد الشاعر المشرقي الدور السلبي لوسائل الإعلام المحلية تجاه الشعراء الشعبيين ،مشيراً بأن الإعلام يفرض حصاراً على الشعراء. وأعترف رئيس جمعية الشعراء ،بأن جمعيته تقف عاجزة أمام متطلبات دعم الأعضاء، نظراً لشحه إمكانياتها المتواضعة ،لافتاً بأن الشاعرات الشعبيات مُهددات ب"الانقراض" والاختفاء ، نتيجة النظرة الدونية لهنَ من قبل بعض المجتمعات ، ونفى المشرقي وجود أية استقالات داخل الجمعية ، معتبراً إتحاد الشعراء الشعبيين اليمنيين "إتحاداً وهمياً " لا وجود له في الواقع ، نافياً نفياً قاطعاً أن تكون الجمعية قد قدمت أية "رشوة" مالية بهدف إيقاف وإجهاض ميلاد الإتحاد.
حاورة / محمد السيد كيف تجد واقع الشعر الشعبي على مستوى اليمن ؟ الشعر الشعبي في اليمن ، من جهة نجده زاخرا بالمبدعين وتراث عريق وموروث كبير، وكنز ثمين ، ورموزه ومبدعوه كُثر لا تستطيع أن تحصرهم على مستوى المحافظات اليمنية ، إلاَّ أنه من جانب آخر نجده يفتقر إلى الاهتمام والرعاية والدعم للخروج به من عنق الزجاجة .
هل تقصد الدعم الرسمي ؟ نعم، أقصد الدعم الرسمي وتحديداً وزارة الثقافة ، وأيضاً الدعم الإعلامي الرسمي ، على مستوى وسائل الإعلام الحكومية أو الخاصة ، حيث لاوجود للشعر الشعبي في هذه القنوات الإعلامية وإن تم الاهتمام ببعض رموزه إعلامياً ، إلاَّ أن هذا الاهتمام للأسف الشديد ليس اهتماماً أو تقديماً للشعر بذاته ، إنما يكون الاهتمام من أجل اعتبارات أخرى .
ماذا تعني أستاذ أمين ب" الاعتبارات الأخرى " ؟ مثلاً بعض المسابقات الشعرية في القنوات الفضائية ، تأتي بهدف تحقيق الشهرة كون القناة جديدة ، وتهدف لجذب أنظار المشاهدين ، وكسب الجمهور والمتابع ، ولا يهمها أن يكون اختيار الشاعر المتسابق صحيحا أو غير صحيح ، لجنة التحكيم تكون سليمة أو غير سليمة ، لديها كفاءة ومقدره أو لا !! أيضاً هناك العديد من الصحف تقوم بنشر قصائد بعض الشعراء ، لاعتبارات صداقة أو قرابة أو حتى واسطة ومجاملات خاصة في ظل وجود التنوع السياسي والحالة السياسية التي تعيشها البلاد !
هل أفهم من كلامك بأن الإعلام يفرض حصاراً على الشعراء؟ هذا صحيح ، خاصة من جانب أن هناك تقصير من قبل وسائل الإعلام الرسمية التي لا تهتم بالشعراء الشعبيين ، مع العلم بأن التقصير هو عام وشامل ليس على مستوى الإعلام الرسمي أو الإعلام الخاص ، بل إن التقصير قد يكون أيضاً من قبل الشعراء أنفسهم !
المشرقي يكرم وزير الثقافة كم عدد أعضاء الجمعية من الشعراء والشاعرات ؟ ليس لهم حصر ، لأنه عندنا في المركز الرئيسي في صنعاء، هناك أكثر من ( 1500 ) شاعر وشاعرة ، بالإضافة إلى وجود نحو 13 فرعا للجمعية في 13 محافظة ، يصل أعضاؤها ما بين ال ( 200 – 300 ) عضوا .
الجمعية أستاذ أمين .. تأسست عام 2001 م ، لكنها لم تُصدر سوى عشرة دواوين ، تعليقكم ؟
لعل أهم أسباب عدم وجود المطبوعات ، يعود إلى عدم وجود دعم كافٍ لعملية إصدار دواوين الشعراء الأعضاء ، إضافة إلى ذلك أن الجمعية قامت بإصدار مجلة " كنوز " لكن هذا الإصدار تعثر بسبب عدم وجود الدعم أيضاً ، وهذه مشكلة تواجهنا دائماً.
هناك من يتهم جمعيتكم بالتقصير في واجبها تجاه الشعراء،ردك ؟ لا ننكر هذا التقصير ، ولكن كل ما نقدمه يأتي وفق إمكانياتنا المتواضعة والمحدودة ، فأنا أعلنها هنا وعبر الوكالة بصراحة ، بأنه ليس لدينا الدعم الكافي لإقامة أنشطة الجمعية ، فما بالك بدعم الشعراء والاهتمام بهم، فمثلاً أنشطة الجمعية عندما نرسم لإقامة برنامج ، فإننا قد لا نستطيع تحقيق البرنامج أو تنفيذه إلاَّ بجهود مضنية وتضحيات خاصة .
هل نفهم من ذلك ، بأنكم توجهون نداء عاجلا ورسالة استغاثة للمعنيين ؟ هي رسالة للجميع ، ليس لوزارة الثقافة وحدها ، فللإنصاف وزارة الثقافة تُعاملنا بشكل طيب ورائع ، ولكن قد يكون سبب التقصير ناتج عن ظروف تمر بها الوزارة لقلة ميزانيتها أو ما شابه ذلك كالروتين الذي تمارسه بعض الجهات ، كقولهم " أدعمني وأنا سوف أدعمك " وغير ذلك فإذا أردت أن تُقيم أي فعالية ، فإنك تبذل جهدا مضاعفا ومضنيا ، في عملية المتابعة والمعاملة للحصول على الدعم بسبب الروتين الممل !
نسأل عن مصير الشاعرات الشعبيات ؟ الشاعرات الشعبيات موجودات ، لكن تواجهنا الكثير من الصعوبات في بعض المناطق ، نتيجة النظرة القاصرة والدونية للمرأة الشاعرة فهي ممنوعة من الاندماج مع المجتمع أو التفاعل مع المشهد الشعري والثقافي في محيطها ، ولا يجب أن يُعرف اسمها ، ومع ذلك ظهرت بعض الأسماء الشعرية النسائية ، ونجدها معنا في بعض الأنشطة .
لكن هناك من يقول بأن الشاعرة الشعبية في اليمن أوشكت على" الانقراض" ؟
سبق وأن قلت بأن هناك الكثير من المناطق في اليمن، التي لا تفضل أي ظهور للمرأة الشاعرة وتنظر لها بنظرة دونية وقاصرة ، خاصة المرأة المبدعة سواءً كانت شاعرة أو غير ذلك ، فالمرأة لايتم قبولها كشاعرة أو مبدعة ، بل يُنظر إليها كربة بيت محاصرة في مجتمعها الضيق، ومع ذلك هناك شاعرات قبلنَّ التحدي فكافحنَّ حتى خرجنَّ من هذا الحصار ، وانتصرن على العادات والتقاليد الخاطئة .
ما حقيقة الاستقالات من الجمعية من قبل بعض الأعضاء ؟
لا يوجد أي استقالات ، ومن يقول هذا الكلام علية أن يؤكد ويُثبت كلامه !!
مع الشعراء المشهد الشعري في اليمن منقسم بين الجمعية واتحاد الشعراء الشعبيين ، فإلى متى ؟
- لا يوجد كيان اسمه " اتحاد الشعراء الشعبيين " فهذا عبارة عن وهم ، وقد فصلنا هذا الموضوع بمذكرات وتوجيهات رسمية من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ووزارة الشئون القانونية ووزارة الثقافة ومن رئاسة الوزراء ، وليس معنى هذا أنه عندنا أي مانع لإقامة اتحاد للشعراء الشعبيين ، فمن يُريد أن يُقيم الاتحاد فعلية أن يعمل في بناء البنية التحتية التي هي الجمعية وبعد ذلك نكون هذا الاتحاد .
المعذرة أستاذ أمين ..هناك من يتهمكم ،بدفع مبالغ مالية كرشوة للجهات المعنية لإجهاض ميلاد اتحاد الشعراء الشعبيين اليمنيين ، ردكم ؟
- على من يقول هذا الكلام ، الإثبات وتأكيد صحة كلامه ، ولا غرابة من صدور هذا الاتهام ، فقد تم اتهام الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وقالوا عنه " مجنون وشاعر " ووصفوه بصفات هو أبعد عن عين الشمس منها ، لكن نحن في الجمعية نحمل رسالة عظيمة ، ويشهد لنا كل من تعاملنا معه ومن يعرفنا !!
هل هدأت جبهة المواجهة مع اتحاد الشعراء الشعبيين ؟
- مثل ما ذكرت سابقاً، لا يوجد شيء اسمه اتحاد الشعراء الشعبيين اليمنيين ، وقد تواصلنا مع الأشخاص الذين يديرون هذا الكيان ، ووضحنا لهم بأننا جميعاً نحمل رسالة واحدة ولا فرق بيننا واتفقنا على عدم المزايدات والاتهامات والكلام الفاضي ، والابتعاد عن الحقد والمشاحنات ، والتعامل بشفافية ، ونحن في الجمعية نمد أيدينا لكل الشعراء والمبدعين خصوصاً وأننا كنا قد تفاهمنا مع رئيس الاتحاد الشاعر أحمد الحميقاني واتفقنا على اللقاء لكننا تفاجأنا بحدوث خلاف وصراعات داخل الاتحاد نفسه مما أدى إلى منعنا من الالتقاء والتواصل !
وهذا ناتج على عدم قيام الاتحاد بصورة سليمة وقانونية ، بل جاء عبر العشوائية !! فكيف يوجد اتحاد ولديه أوراق وأختام غير قانونية و غير شرعية ، وهذا إذا حصل في أي دولة أخرى غير اليمن ، لكان تم إحالة القائمين عليه إلى التحقيق والسجن والغرامة !
ومثل هذه التصرفات تشجع على عدم احترام القانون وعلى العشوائية في البلد ، مما يعكس بأننا مجتمع غير واعٍ وغير متعلم ، ومع ذلك إذا كانوا يرغبون في بناء أو تأسيس اتحاد ، فليأتوا إلينا لنتعاون معاً ونبدأ صح ، خدمة للشعر والأدب والثقافة في اليمن .
حصلت الكثير من السرقات الشعرية والأدبية على مستوى الساحة الثقافية اليمنية وصل البعض منها إلى المحاكم ،أين الجمعية من ذلك؟
هذه ظاهرة كثيراً ما تزعجنا في الجمعية ، ونحن بدأنا في إنشاء مركز يتبع الجمعية ، يهدف إلى توثيق الشعر الشعبي للأعضاء،بهدف الحد من هذه الظاهرة ، وهذا يحتاج أيضاً إلى جهد رسمي داعم لنا في ذلك ، كما أن اليمن وقعت على الاتفاقية للحفاظ على الحقوق الفكرية ونسبها لأصحابها ، إلاَّ أنه للأسف الشديد هذه الاتفاقية لم تُفعل ولم يتم تطبيقها بشكل تام ، بحيث تكون هناك محكمة خاصة بالحقوق الفكرية ، وتبت في القضايا وهذا يحتاج إلى جهد ووقت طويل .
هل أفهم بأن الأستاذ أمين يدعو إلى إنشاء محكمة خاصة بالسرقات الشعرية ؟ نعم ، فنحن مع وجود هذه المحكمة لإحقاق الحق ، وإنصاف المظلومين ، والعمل على إنهاء الفوضى الحاصلة هذه الأيام ، حيث هناك الكثير من السرقات الشعرية لا نستطيع أن نتعامل معها أو نفصل فيها ، آخرها تسلمنا شكوى من قبل أحد الأشخاص يتهم فيها أحد المشاركين في برنامج شاعر المليون بالمشاركة بإحدى قصائده الشعرية !!
كيف تجد تعامل القضاء اليمني مع مثل هذه القضايا ؟ لقد طرحنا بعض حالات السرقات في مجال الشعر والأدب والقضايا الفكرية إلى القضاء اليمني ، إلاَّ أننا للأسف الشديد تفاجأنا بمن يقول لنا بالحرف الواحد " لم نستطع أن نحل قضايا سرقة الأراضي والعقارات ، وأنتم تطلبون منا البت في قضايا سرقة الأشعار والقصائد ، خزنوا القات واكتبوا عشر قصائد بدلاً عن الأشعار المسروقة " !!
هل اكتويتم أستاذ أمين شخصياً بهذه الظاهرة ؟ نعم ، لقد تم السطو على أكثر من قصيده لي في عز النهار وأمام الجميع ، وبعضها تم تلحينها في كاسيتات ، رغم أنها نزلت إلى السوق قبل عشر سنوات باسمي ، وبعضها سُرق بعض نصوصها أو أبياتها والناس يعلمون بأن هذه الأشعار لي ، والجميع عندما يعلم بذلك ، يبدى استغرابه واندهاشه ، كيف يتجرأ هؤلاء الأشخاص على سرقة قصائدي ، وهي متعارف عليها وتم غناؤها وتلحينها ونزلت إلى السوق وتم طباعتها في دواوين وكتب موجودة في السوق والمكتبات !
الكثير من الشعراء اليمنيون يطلون عبر برنامج " شاعر المليون " هل من رسالة للبرنامج وللقائمين عليه ؟ - إخواننا في الإمارات يقومون بجهد رائع في الاهتمام بالشعر الشعبي ، لتأصيل الثقافة الشعبية وتعزيز الهوية الوطنية بمثل هذه البرامج والمسابقات والفعاليات والأنشطة المختلفة ، وهذه الجهود رفعت كثيراً من مستوى المجتمعات الخليجية ، بعد أن كانت قد مرت في فترات تراجع ، إلاَّ أنهم استطاعوا أن يعيدوها ، وهذا يسجل لهم ، والدليل على نجاح البرنامج هو تلك المشاركة الواسعة من مختلف الدول العربية في البرنامج فلدولة الإمارات وللقائمين على هذا البرنامج في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث كل الشكر والتقدير .