تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    دولة الأونلاين    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    سالم العولقي والمهام الصعبة    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلسة برلمانية صارخة ومختلفة جداً
نشر في المصدر يوم 28 - 07 - 2009

تعمد وزير الداخلية أمس أن يحجب المعلومة الحقيقية عن عدد قتلى زنجبار الخميس الفائت. واكتفى اللواء الركن مطهر رشاد المصري، الذي جاء إلى البرلمان طالباً جلسة سرية، بالإشارة إلى الخسائر البشرية والمادية في صفوف الأمن. وقال إن المواجهة أسفرت عن "استشهاد 2 من رجال الأمن وإصابة 10"، بالإضافة إلى تدمير سيارتين للشرطة "بالكامل".
لم يأتِ وزير الداخلية بجديد، وإنما أقبل يزف إلى البرلمان معلومات وصفها عدد كبير من النواب بأنها "مغلوطة وغير مسؤولة".
لا يبدو أن مطهر المصري كان جاداً عندما طلب جلسة مغلقة لأول مرة منذ توليه حقيبة وزارة الداخلية قبل أكثر من سنة. فالتقرير الأمني (المهم) الذي قرأه من الورق لم يحتو على أي خبر جديد وإنما هي معلومات لم يستبعد أحد أعضاء المجلس أن تكون مستقاة من بعض الصحف.
قال وزير الداخلية للنواب إن طارق الفضلي "متمرد" وأن الكلمات التي ألقيت في مهرجان الخميس بزنجبار "تحرض على الانفصال وتسيء للوحدة" وأن المشاركين في المهرجان هم مجاميع خارجة عن القانون لا يتعدون ال200 "كانوا مدججين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بوازيك، رشاشات، وآليات، وآر بي جي وغيرها". وأضاف بأن المهرجان الذي دعا إليه طارق الفضلي كان متجهاً في مسيرة شعبية باتجاه سجن الأمن المركزي "للإفراج عن السجناء بالقوة". وسرد وزير الداخلية في تقريره الإجراءات التي اتخذها السلطة الأمنية لمحاصرة من أسماهم بالمخربين الذين تواجهوا لقطع طريق لودر وباتيس في يافع. وقال إن النية "كانت مبيتة" مشيراً إلى "المتاريس التي نصبت على أسطح الدكاكين".
وزير الداخلية أكد مقتل نائب مدير أمن زنجبار العقيد أحمد الذوبحي. قال إن الأجهزة الأمنية "لا تزال تتعقب طارق الفضلي والعناصر الخارجة عن القانون" مبرراً أسباب استهداف منزله "الذي تحول إلى ثكنة عسكرية" حسب قوله.
لم يذكر وزير الداخلية عدد الذين سقطوا قتلى من المواطنين. لكنه أشار إلى أن الجميع هناك (في أبين) مع الوحدة وأن 35 ألف مسيرة خرجت في الفترة الأخيرة في كافة مديريات المحافظة تؤيد الوحدة.
ذلك مجمل كلام وزير الداخلية بشأن زنجبار، أما فيما يتعلق بحادثة حبيل جبر، فقد أخذ المصري يعيد سرد قصة الناجي الوحيد ياسين: كيف تم استدراجهم؟ وكيف تم قتلهم؟ وقال إن الأجهزة الأمنية نزلت إلى مسرح الجريمة "وعملت الإجراءات اللازمة" حيث قامت بنقل الجثث بعد أن أخذت "الأدلة الجنائية" وبأنه تم العثور على السيارة "وتم التحفظ عليها". وأكد أن الوزارة شكلت فريقاً للتحقيق وقد باشر عمله فوراً "حيث تواصل مع الوجهاء والمشائخ وعقال المنطقة". وقال إنهم استنكروا الحادث "وأن الجاني سيتم القبض عليه مهما طالت المدة". ومؤكداً أن مرتكب الجريمة شخص "من العناصر الخارجة عن القانون". أكد للجميع بأنه تم تفتيش "منزل الجاني في حبيل جبر ولم يعثر عليه".
وعن قتيل الأربعاء الفائت الذي لقي حتفه في مظاهرة تنديد بالجريمة وهو أحد أقرباء الدم. قال الوزير إن هذه المسيرة هي عبارة عن تجمع "اقتحموا شرطة العند وحدث فيها قتيل". وزاد أكد أن الخارجين عن القانون "هم وراء هذه الحوادث". مشيراً إلى منشور حصلت عليه الأجهزة الأمنية في لحج يحرض على أبناء المحافظات الشمالية "ويحث على عدم التعامل مع أبناء المحافظات الأخرى". وقال الوزير: "إن هذه الأشياء خطيرة" وأن أصحابها مرضى "ويحتاجون إلى علاج".
ومن أبين ولحج إلى صعدة. قال وزير الداخلية إن لديهم معلومات بشأن مصير الألمان المخطوفين "لكنها تتناقض من يوم لآخر" مؤكداً على أن المتابعة قائمة "وأن فريقاً من الأمن السياسي والقومي والداخلية متواجدون في صعدة ومعهم فريق متكامل من مكافحة الإرهاب" وأنهم يتابعون الحادثة أولاً بأول.
وزير الداخلية اعترف بمقتل العديد من الجنود خلال اليومين الماضيين "في كمائن على الطرقات ينصبها الحوثي". وسمى بعض المديريات التي تتكرر فيها هذه الحوادث: الصفراء، وسحار، وشدرة. وأكد اللواء مطهر المصري التزام الجنود في صعدة بوقف إطلاق النار "ولكن الحوثي لم يلتزم وعليه أن يعلم أن للصبر حدود"، كما قال.
لم يكن وزير الداخلية ينوي التحدث في قضايا الخطف. لكن بعض النواب ذكروَّه بقضية الخامري وبني ضبيان. فحاول أن يقول شيئاً فيها. قال إن قضية الخامري مع بني ضبيان قديمة وبدايتها "تجارية". وشرح كيف بدأت وكيف قتل أحد الأشخاص من بني ضبيان وجرح آخر قبل فترة. وأوضح أن الحل من البداية أخذ طابعاً قبلياً من خلال التحكيم "وطرحت عدد من السيارات" لافتاً إلى الحكم الذي صدر بينهما "رغم أنه جائر وظالم بشكل كبير". لكن الوزير أكد متابعة الأجهزة الأمنية للخاطفين "وأنها ضبطت أكثر من 26 شخصاً ولا تزال الملاحقة جارية". وكشف عن خطة جاهزة للأجهزة الأمنية لتحرير المخطوف وإلقاء القبض على الخاطفين.
وعن قضية الطبيب القدسي الذي سبق للوزير أن جاء إلى المجلس بسببها وقدم وعوداً بتعقب الجاني. قال الوزير بصوت مرفوع: "القدسي رجل من رجال الشرطة برتبة نقيب، وهم يضحون في كل مكان". وأكد أن الوزارة أعلنت مكافأة قيمتها 5 مليون ريال "لأي شخص يكشف عن مكان الجاني". وكرر نفس ما قاله في حبيل جبر وأبين وصعدة: "سنضبط القتلة مهما طال الزمن".
المسألة الوحيدة التي بدت وزارة الداخلية مسيطرة عليها هي: المرأة اليهودية وعريسها الجديد. قال الوزير بثقة تامة وأكد للنواب: "أنهما موجودين وسيتم إحالتهما إلى المحكمة".
أنهى وزير الداخلية قراءة تقريره الذي استعرضه عن الجنوب مكتوباً وعن صعدة وبني ضبيان والقدسي شفاهة. ثم انتزع رئيس مجلس النواب وزير الدفاع من وسط الصف الأول ليقف "يدَّي ما عنده". وقد قام اللواء الركن محمد ناصر أحمد يجر قدميه على مضض إلى المنصة ولسان حاله يقول: ما عنديش حاجة.
اتهم وزير الدفاع طارق الفضلي بالخارج عن القانون وأنه "حول بيته إلى معسكر". وبعدها أخذ يوعظ النواب بضرورة الحفاظ على المكتسبات الوطنية: "يجب أن ندافع عن الوحدة وأن نعمل يداً واحدة من أجل الحفاظ على أمن البلد والمسؤولية مشتركة". مخاطباً القاعة وجبهته تند عرقاً "عليكم أن تعملوا يداً واحدة. عليكم أن تعملوا يداً واحدة".
كيف توه العليمي النواب بقانون السلاح؟
يحتفظ الدكتور رشاد العليمي عندما يأتي إلى البرلمان بشخصيته الأكاديمية لاسيما وهو واقف على المنصة يتكلم.
وعلى خلاف غيره من وزراء الداخلية، الذين سبقوه أو أتوا بعده، يحاول نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن أن يبلور أفكاره ويرتبها وأن يتجنب الإسهاب. إنه حصيف ومهذب ويعرف كيف يتوَّه النواب. يوم أمس وصل إلى البرلمان متأخراً ويبدو أنه تعمد أن يفعل حتى لا يتجشم مهمة صعود المنصة. جاء وقد أنهى وزير الداخلية تقريره، وقبل أن يأخذ مكانه مر على رئيس المجلس يسلم عليه كعرف دائم تعود العليمي أن يؤديه كل مرة.
لقد جاء في لحظة حساسة جداً. فمعظم النواب، أصيبوا بخيبة أمل من تقرير وزير الداخلية وأخذ بعضهم يغادر. لكن عندما وصل العليمي استبشروا وعادت أسارير البشرى إلى وجوههم من جديد. وحتى إن بعضهم رجع من الباب عندما رآه.
لا يبدو أن نائب رئيس الوزراء كان محضراً للكلام ولا متجهزاً لقول شيء. لكن الراعي، وهو يشاهد القاعة تضطرب طلب من العليمي أن يقوم.و قال: "قم يا دكتور. ضروري تدي ما عندك". فنهض العليمي إلى المنصة محرجاً وهدأت القاعة.
تكلم باسم الحكومة وباسم الوزيرين (الدفاع والداخلية)، ثم استهل كلمته بمفتتح رصين. وشرع يدغدغ عواطف النواب ويشكرهم على اهتمامهم بالقضايا الوطنية ولاسيما الأمنية منها. وقال: "نحن جئنا اليوم بناءً على طلبكم لمناقشة هذه القضايا".
وقبل أن يدخل في صلب الموضوع، ولم يدخل أصلاً، أخذ يحوم في كلام نظري عن التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن في مجال مكافحة الإرهاب. ثم أكد أن قضية اليمن الأساسية هي مكافحة ظاهرة الإرهاب، مؤجلاً الحديث حول الحراك وصعدة، ومشدداً على ضرورة "تنسيق الجهود بين المؤسسات لمواجهة هذا التحدي". وبعدها خاطب النواب بثقة عالية: "هذه التحديات أنتم تعرفونها جميعاً، لكن لا بأس من التذكير بها".
العليمي اختزل التحديات التي تواجه اليمن في 3 أشياء: الأول تنظيم القاعدة والإرهاب. والثاني هو تحدي تمرد الحوثي في صعدة. والثالث لم يسمه "الحراك" كوزير الداخلية ولكن: "أعمال التخريب وقطع الطرقات والاعتداء على المواطنين في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية". وهذا الأخير في نظر العليمي يتطلب من المجلس أن يقف مع الحكومة "في جلسة جادة" لمناقشتها.
العليمي أشار إلى أن التحدي الثاني (الحوثي) أمني خطير "وهو يتمدد إلى مديريات كثيرة". وقال: "لقد عملنا على محاصرة هذه الظاهرة بكافة الوسائل".
وعاد ليتحدث مجدداً عن التحدي الأول المتمثل في القاعدة والإرهاب. ولفت العليمي إلى أن الدولة نجحت في إعادة "عدد كبير منهم إلى جادة الصواب". ثم استدرك: "لكنكم تعرفون أن المشكلة لا تزال تواجهنا". ولكي يتوه النواب في النقاش حول زوايا بعيدة عن القضايا الضاغطة، استخدم براعته المعهودة وطلب منهم الإسراع في مناقشة مشروع قانون يفرَّون منه: مشروع قانون مكافحة الإرهاب. ثم زاد وتوغل أكثر لتفريق الهجوم على الحكومة، وتقدم إليهم بطلب آخر: سرعة إنزال ومناقشة مشروع تنظيم حمل السلاح. (وفعلاً تركزت أغلب مداخلات الأعضاء وتوزعوا يدافعون عن أنفسهم ويحومون حول مشروع السلاح). لقد نجح العليمي فعلاً. وهو إذ يطلب من البرلمان هذه الحاجتين، قدم لهم الدواعي والمبررات بشأنها. قال لهم: "أنتم شاهدتم بأنفسكم أعمال التخريب وكيف احترقت سيارات الشرطة ب"الآر. بي. جي". لكنه استدرك حتى لا يتنبه أحد في القاعة ويرد عليه، قائلاً: "اعترف أن القانون الحالي حرَّم حيازة هذا النوع من السلاح لكن نحن نريد أن ننتقل إلى مرحلة معالجة التسلح". ولفت إلى أن الدولة "لديها خطة ومستعدين تقديمها". ثم أضاف مخاطباً البرلمان: نحن مستعدين لتشكيل لجان لسحبها دون استثناء أي أحد من المواطنين خلال 6 أشهر". ومحملاً النواب مسؤولية تاريخية في حال عدم تجاوبهم.
انتهى نائب رئيس الوزراء من كلامه وأخذ مكانه على رأس الصف الأول يستمع إلى مداخلات الأعضاء ويوقع لبعضهم، وقد نجح في تخفيف هجوم المعارضة على الحكومة بشأن أحداث أبين ولحج والقبيطة وصعدة. على الأقل أشعرهم بأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية الأمنية طالما وهم يرفضون مشروع قانون السلاح. لقد تاهوا وأخذوا يبحثون عن مخرج، لأن أحد منهم لم يزك كلامه ولم يرفضه.
البركاني يتساءل بحسرة: هل لا تزال صعدة بين أيدينا أم أخذها الحوثي إلى الأبد؟
والهجري : لماذا تدلل وتدافع السلطة عن محافظات وتضرب بيد من حديد في أخرى

اتسمت جلسة البرلمان أمس بالصدق والصراحة من طرف واحد: النواب.. وفي هذه الجلسة التي حضرها نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن ووزيراً الداخلية، والدفاع، خرجت أصوات من مخبئها وعبّر نواب ينتمون إلى المؤتمر عن آرائهم بوضوح.
المسألة الأمنية لم تعد مقتصرة على محافظة دون أخرى. ومطالب النواب تخرج من إطارها الحزبي إلى إطارها الوطني وأحياناً المناطقي. وإذا كان وزير الداخلية أمس قد فشل في سد حاجة نواب الشعب من المعلومات حول الأحداث الأمنية الراهنة، فإن أعضاء البرلمان لم يتحملوها أبداً.
النائب نبيل باشا، كان أول المعقبين على تقرير وزير الداخلية. وكان أول ما بدأها هو قضية مقتل المواطن محمد قاسم العديني في أبين. اتهم باشا الأجهزة الأمنية بالتقصير واللامبالاة. وقال رداً على كلام الوزير إن الأمن قاموا بواجبهم في معاينة الجريمة وتعقب الجناة، قال باشا إن المعلومات التي لديه هو من مكان الحادث حال وقوعها، أن الأجهزة الأمنية "رفضت أن تخرج في الليل لحظة إبلاغها عن الحادثة".
صوت نبيل باشا أمس صارخاً، وكان يتحدث باندفاع غير معهود. لقد استغرب كلام الوزير عن الفضلي إنه مخرَّب وتساءل: "من الذي أوصل الفضلي إلى هذا المستوى وأضفى عليه هذه الهالة؟ من الذي منحه وقلده وسام الوحدة سنة 94 لأنه جرح على أبواب عدن؟". وقال: "يجب أن نتكلم بصراحة "وأن نضع النقاط على الحروف".
ثم انتقل إلى موضوع اختطاف الأجانب، وهو الذي تناول هذه الحادث في المجلس كأكثر نائب منذ وقوعها، تساءل: "أين اختفى هؤلاء الناس منذ شهرين"؟ ولافتاً إلى أن هذه الحادثة هي الأغرب في مسلسل حوادث الاختطافات في اليمن وهي غريبة على المجتمع اليمني وعلى صعدة "كيف اختفت؟ وماذا عملت الأجهزة الأمنية"؟
وبشأن الحوادث الأمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية وغيرها، يقطع نبيل باشا أن الحل ليس أمنياً البتة، ثم قدم مقترحات قال إنها ضرورية؛ أولها "تفعيل دعوة الرئيس وبدء حوار جاد ووطني محكوم بفترة زمنية "وأن تكون مفتوحة للرأي العام وإجراء مصالحة وطنية واسعة لا تستثني أحداً، وتفعيل الخطاب الإعلامي للسلطة والمعارضة الذي يشوه المعلومات ويغش الرأي العام، وأخيراً إعادة من أوقفوا عن أعمالهم من عسكريين ومدنيين، ومنع قادة المناطق والمحاور العسكرية من التدخل في أعمال المحافظات".
وتبعه عبده بشر، لكنه كلما حاول تناول قضية الفضلي، أربكته طلبات نائب رئيس الوزراء بشأن قانون السلاح. قال إنه ليس لدى الحكومة "أي مسوغ قانوني لمصادرة أسلحة المواطنين". واستغرب تعامل وزارة الداخلية مع الظواهر الاجتماعية بمعيارين، واستنكر ما حصل لبيت قاتل القدسي. وتساءل: "لماذا يخربوا بيوت الناس"؟ وأضاف: "ولماذا لم يخربوا بيوت الخاطفين مثلما خربوا بيت المفلحي"؟ وشدد على ضرورة إلقاء القبض على المتهم بقتل القدسي وليس تخريب بيته. وكان عبده بشر حاداً في كلامه على وزير الداخلية وبالذات إزاء حوادث الخطف. ووجه سؤالاً لوزير الداخلية، الذي كان يحدق فيه وهو يتحدث: "هل تقرون في الداخلية لأي شخص أن يصفي حساباته مع أي شخص بوسيلة الخطف". وطالب بشر وزير الداخلية والدفاع تقديم استقالتهم "أو نستقيل نحن من هذا المجلس". وكان يتساءل: "هل حاكمتم خاطف واحد، وهل ألقيتم القبض على متهم واحد في القضايا الجنائية الأخيرة على الأقل".
ليس عبده بشر من المؤتمر وحده أو نبيل باشا، سلطان البركاني هو الآخر أمس كان غاضباً. لقد أسف للوضع الأمني المختل في البلاد. وقال إن شعوراً بالأسى والحزن يتملكه "لأننا سننتهي من النقاش وسنخرج بلا نتيجة". وصاح متحسراً: "ليتنا ما عقدنا جلسة خاصة". وأفصح رئيس كتلة المؤتمر عن عتبه على نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن وقال: "إنني أعتب عليه وقد شعرت وهو يتحدث أن جزءاً من اليمن ما عاد هوش من الجمهورية اليمنية". لكن البركاني لم يعرَّف هذا الجزء، ولعله يقصد بها تعز.
وأيضاً هذه المرة حاول البركاني أن لا يتناول قضية الخامري مع بني ضبيان بالاسم كالمرة السابقة. وأضاف مستغرباً من كلام العليمي وحديث وزير الداخلية عن الخارجين على النظام والقانون: "تتحدثون عن هذه الأشياء. لماذا لم تمارس الدولة صلاحياتها بدلاً من القول بأن مجلس النواب هو الذي أعاقها بعدم إصداره قانون السلاح"؟ وإذ سخر البركاني من هذا الطلب بشأن قانون السلاح قائلاً: "أحد التجار قبل فترة أدخل 23 مليون طلقة وتقولون إن من أخل بالقانون يجب أن يتحمل المسؤولية". وأخذ يتدفق: "الخارجين عن القانون مسلحين ومن منع الأجهزة الأمنية أن تتحمل مسؤوليتها تجاههم". ومضيفاً: "كل يوم تراق دماء وكلها دماء ثمينة ولا نريد إراقة الدماء لا اليوم ولا غداً". وأضاف البركاني يقول "إذا سلمنا للقول بأن الأزمة الاقتصادية هي السبب وراء قضايا الجنوب فإن أسباب الخطف ليست اقتصادية أبداً". مؤكداً إن هؤلاء الخاطفين "أغنياء ولديهم مال وسلاح". وطالب رئيس الكتلة الضخمة مجلس النواب أن يقف لمدى 5 أيام لمناقشة هذه المواضيع "للخروج بقرارات تخدم الأمن الوطني".
البركاني استغرب لعدم مناقشة قضايا الناس في صعدة. وقال: "هل صعدة لم تعد محافظة يمنية". وأضاف إننا نتحدث وكأنا نسيناها "وكأن الحوثي أخذها إلى الأبد". وإذ شدد سلطان البركاني على عدم إعطاء شرعية للخارجين على القانون، قال: "يجب أن نعترف بأن هناك مشكلة". وكان البركاني يتحدث أمس والكلمات تخرج من القلب. ويبدو أنه لم يكن ينوي الحديث في هذه المواضيع الحساسة، فقد جلس بعيداً عن مكانه الدائم. بدا أمس متصالحاً مع عبد الرحمن بافضل ويمارس الضحك والتنكيت معه طوال الوقت. وكان البركاني أمس متغيراً وصوته مشحوناً بالحزن والأسى وبالذات إزاء قضايا الخطف. وقال: "نريد أن نأمن ونخرج إلى الشوارع بالبدلات لا بالبنادق". وتعجب كيف أن الدولة لم تصل إلى خاطفي الألمان في صعدة مطالباً الحكومة "أن تتحمل مسؤوليها". وقال: "إن البلد لا تتحمل المناكفات وعلى الحكومة إذا كانت لا تريد أن تسمعها من بافضل والعتواني وعيدروس النقيب أن تسمعها مننا نحن أعضاء المؤتمر".
هذه المرة سلطان البركاني غاضب. وهو لأول مرة يهاجم الحكومة ويتجاهل هجوم رؤساء كتل المعارضة عليها. بل هي المرة الأولى في حياة بافضل يظهر فيها الود لسلطان البركاني بل يهرع لتقبيله على صلعه، رأسه.
***
من جانبهم زعماء اللقاء المشترك في البرلمان أمس كانت مداخلتهم شديدة كعادتهم. فقد طالب رئيس كتلة الإصلاح الحكومة تقديم استقالتها "لأنها فشلت". وقال إن أمن اليمن "يعنينا جميعاً" وكذلك الوحدة. ولكن، يضيف عبدالرحمن بافضل: "الحكومة فاشلة وعاجزة أن تحل وتستوعب القضايا والمستجدات الوطنية". مطالباً البرلمان اتخاذ قراراً بوقف العنف "وإطلاق النار حتى لو كان من كان". "يجب أن تفعلوا ذلك" قال لهم.
وطالب بإطلاق سراح المعتقلين ومحذراً أشد التحذير من إراقة المزيد من الدم "لأن كل قطرة دم تزيد الأمور اشتعالاً".وأضاف محذراً: "لا تعطوهم مبرراً لإشعال البلاد. كلما زاد الدم كلما قويت حجتهم". داعياً الجميع لأن يسمع كلام الرئيس "الذي يفاخر بأن الوحدة تحققت ولم تراق قطرة دم واحدة". لكن الراعي ابتدره بهذه الجملة: "نبارك وقف العنف لكن من خرج بالبازوكة هل نواجهه بسندويتش".
أما عيدروس النقيب فقد بدأ بمواساة أهالي الضحايا "الذين سقطوا يوم 23/7 وقبله وبعده". وبدأ يطلق تحذيراته من أن الوضع الأمني "يتدهور باتجاه مخيف، والأمن يتباهون بعجزهم عن إلقاء القبض على قاتل العديني وقاتل بائع الحلويات". ومستغرباً هذا العجز "في الوقت الذي اعتقلوا فيه يوم 7/7 قرابة 6000 مواطن". وخاطب العليمي ووزير الداخلية بصوت عال: "لستم مؤهلين لإدارة البلد يا سيدي". ثم أضاف: "عليكم أن تخرجوا من مواقعكم وتتركوها لمن هم أجدر بها".
رئيس كتلة الاشتراكي قال إنه يدين العنف. وتساءل: من الذي قتل 62 مواطناً في المحافظات الجنوبية؟ وأضاف: "هل هذا معقول"؟ وإذ حذر من إراقة الدماء قال إن ما ذكره وزير الداخلية "غير دقيق" ولا علاقة له بالواقع. ومصححاً للوزير بأن الذين حضروا في مهرجان زنجبار "هم 7000 واحداً وليس 200". وأكد أنهم لم يطلقوا طلقة رصاص واحدة". ثم طالب الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وتسرع في إلقاء القبض على القتلة الذين ارتكبوا جريمة حبيل جبر وجريمة مقتل العديني "اقبضوا عليهم لماذا لم تفعلوا وأنتم دولة".
وقبله سلطان العتواني الذي هاجم من أول لحظة الأجهزة الأمنية التي تحمي بيوت المسؤولين والنافذين "وعجزت في إلقاء القبض على مرتكبي جريمة حبيل جبر". وقال العتواني إن سبب المشكلة الأمنية الراهنة "غياب الاستراتيجية". وأيضاً يضيف سبب آخر: "غياب التثقيف القانوني والتربية. الوطنية داخل المؤسسة الأمنية". وقال العتواني قارن ما يجري في الجنوب وكيف يتم التعامل معه "بما يجري إزاء قضايا الخطف وكيف يتم التعامل معها". ووصف هذا بالمعيار غير المتوازن والمختل. مطالباً بضرورة "إعادة رسم السياسات وتغيير الأساليب والسياسات". وأيضاً ضرورة "المساواة بين أبناء الشعب".
رأي العتواني هذا يتطابق تماماً مع رأي عبدالرزاق الهجري الذي قال إن الدولة "تدلل محافظات وأشخاص ومناطق بعينها في حين تمارس العنف وتستخدم القوة ضد محافظات أخرى". واستغرب كيف إن من اختطف كوفئ "وتذهب إليه الوساطات وهي تحمل ملايين الريالات". وتساءل الهجري عن غياب إرادة الدولة: "لماذا يتم الدفاع عن مناطق وأشخاص ويضرب بيد من حديد في مناطق أخرى"؟
وفي موضوع الجنوب قال الهجري بصراحة: "نحن ضد الانفصال"، لكن يضيف عبدالرزاق: "يجب أن يحاسب كل من تسبب وعبث بأراضي الناس".
وفي موضوع قانون السلاح، أكد الهجري إنه مطلب أساسي، لكن من الذي سمح لمجاميع مسلحة تدخل بالبنادق إلى داخل العاصمة وتقوم باختطاف المواطنين؟ أضاف: "أنا أختلف مع العليمي في أسباب الانفلات الأمني". مستفسراً عن صحة الكلام "بأن هناك مجاميع في بعض المحافظات يتم تسليحها تحت اسم حماية الوحدة". ومتسائلاً بصوت أقوى: "ما هذا يا ناس اتقوا الله".
الوجيه يطالب بإقالة كل أقرباء الرئيس
طالب النائب المستقل والمعروف صخر أحمد الوجيه بإقالة كل أقرباء الرئيس من مناصبهم الأمنية والعسكرية لكونهم فشلوا في إدارتها. وقال: "يجب على مجلس النواب أن يتجاسر وأن يتخذ القرار". وأضاف: "يجب أن تدار هذه المناصب التي يتقلدها أقرباء الرئيس من قبل كوادر مؤهلة وكفؤة. ويجب على المجلس أن يتخذ قراراً بهذا المستوى إذا أردنا أن نبني دولة مؤسسات".
وسخر صخر الوجيه أمس من كلام وزير الداخلية عندما قال: "إن المرأة اليهودية وعريسها تحت السيطرة". أضاف الوجيه: "لقد شعرت بالأمان عندما سمعتها من الوزير".
صخر الوجيه، عزا قضايا الأمن والحوادث إلى سوء الإدارة الأمنية "وسوء تطبيق القوانين التي تحكم حياة الناس". واتهم الحكومة بالتمييز في تطبيق القانون ضارباً المثال "بملاحقة أصحاب العربيات في الشوارع بدعوى القانون والكف عن ملاحقة الخاطفين". ومستغرباً كيف إن القانون "لا يطبق إلا على تلك الفئة فقط".
وسرد صخر الوجيه عدداً من حوادث الخطف لسواح ومقاولين ومواطنين عاديين من وسط العاصمة وخارجها، وقال اسألوا الداخلية: "كيف تم تحرير المخطوفين وما هي العقوبات التي نزلت بحق خاطفيهم". مضيفاً: "بل إن الخطف يتكرر مرتين وثلاث".
سالم حيدرة يرد على وزير الداخلية بالأرقام ويطالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق
يحضر النائب سالم منصور حيدرة إلى البرلمان هذه الأيام مختلف الصورة. إنه مستاء جداً والحزن يكابده منذ أحداث زنجبار الأخيرة.
وفي جلسة أمس حرص النائب المؤتمري المُجِد أن ينتزع حقه في الكلام بالقوة وأن ينفس عن كربته بالحديث الصريح أمام نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية. ووقف سالم منصور حيدرة والألم يخنقه. ثم استفتح مداخلته بتعزية أسر الضحايا ومواساة المصابين. وأسف من زملائه الذين سبقوه في الكلام لعدم مراعاتهم مشاعر الأسر المنكوبة. وقال: "كنت أتمنى من المتحدثين أن يواسوا أسر الضحايا لأنهم من أبناء اليمن، وكنت أتمنى أن يقف المجلس وقفة حداد لأن قوة اليمن من قوة مواطنيه".
سالم منصور، وهو النائب الذي يمثل مدينة زنجبار في مجلس النواب، اعترض تقرير وزير الداخلية بشأن حادثة الخميس، وقال: "مع تقديري للوزير إلا أن معلوماته لم تكن صحيحة". وكشف عن عدد الضحايا الحقيقي قائلاً: "عدد الضحايا 20 شخصاً، و2 فقدوا ومن الأمن 2". وعن عدد الجرحى والمصابين أكد حيدرة أنهم "37 مواطناً و10 من المؤسسة الأمنية والعسكرية". وأضاف: "... ولو كنا في بلد آخر لقدمت الحكومة استقالتها لا أن تأتي إلى المجلس لتعطيه معلومات غير سليمة". وواصل سالم منصور حيدرة كلامه وقلبه يتمزق من الألم: "الوضع خطير وما أصعب أن تتحمل في هذه اللحظات".
التزم سالم منصور حيدرة على طوال المرحلة البرلمانية الممتدة من 2003 بالانضباط الشديد في الحضور والمشاركات النافعة في الجلسات الاستثنائية، ويوم أمس كان الرجل البالغ من العمر 55 عاماً يتحدث بصوت مؤثر عن الوحدة التي تقول المصادر القريبة من الرجل إنها غالية جداً لديه وتعني له أشياء كثيرة. وقد قالها أمس بصراحة: "الوحدة لا يمكن أن يحميها شعار أجوف". وأضاف: "دعونا نفكر صح ونكبر في التعامل بحجم وطننا وبمستوى قضاياه". ثم أخذ يفند بعضاً من ما ورد في تقرير وزير الداخلية. قال إن موقع المهرجان كان "يبعد عن الأمن المركزي حوالي 2 كيلو متر وليس قريباً من السجن كما قال الوزير". وصور للقاعة لحظة وقوع الكارثة وكيف "أنهم تركوا مصابين ينزفون دماً في الموقع ولم يسعفهم أحد".
وعن بيت طارق الفضلي، الذي قال الوزير إنه تحول إلى معسكر، استغرب سالم منصور ذلك. وقال: "أين المعسكر ليس بداخله سوى النساء والأطفال فكيف يقال تحول إلى معسكر؟". وطالب الدولة بالكف عن التعامل بالفعل ورد الفعل مع المواطنين. وقال إن الخطورة لا تكمن وراء ما يحدث "وإنما بما يُفعل".
ولكي يؤكد لهم أصالة وتجذر الوحدة عنده ولدى مواطني أبين، قال: "ليست لنا كرامة إلاَّ بالوحدة". ثم قدم مقترحات أوجزها في عدد من النقاط وحط موضوع التهدئة على رأسها. وإذ طعن في كلام الوزير، اعتبره غير دقيق وغير سليم، طالب سالم منصور حيدرة بتشكيل لجنة برلمانية عاجلة لتقصي الحقائق "لأن هذا غير معقول". كما طالب بسرعة تعويض أسر الضحايا وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الحراك ومنع إطلاق النار. وزاد فوق ذلك طالب بإشاعة روح المحبة وروح الإخاء بدلاً من تأجيج الأوضاع وتحوير الحقائق. كما شدد على ضرورة البدء العملي في المعالجات "والحوار الجاد والشامل فالوطن ليس ملكاً لأحد إنما هو ملك الجميع ويجب أن نحافظ عليه بحدقات أعيننا".
... وعبدالسلام زابية يطلب تعريفاً دقيقاً للحوثية
لا أبلغ من الكلام الذي طرحه نائب صعدة المخضرم عبدالسلام هشول.. هذا النائب الشاب يتريث في كل شيء لاسيما في الكلام.
لقد تحدث أمس عن الجانب الإنساني في قضية اليمن الأكثر مأساوية: صعدة.. وكشف بصدق عن المأساة الحقيقية في هذه المحافظة التي ترزح تحت النار منذ 2004. قال عبدالسلام زابية، وهو يتحدث متوسطاً الشيخين عثمان مجلي وفايز العوجري: "إن قصة صعدة بدأت بشعار وانتهت بمأساة طمرت كل قرى وبيوت المحافظة". وشكر كل النواب الذين لا يزالون يتذكرون هذه المحافظة الجريحة وعلى رأسهم سلطان البركاني وصخر الوجيه. وقال إن أبناء صعدة يطالبون الحكومة بتعريف الحوثية وما هو الحوثي؟ إنهم منكوبون ويعيشون في حالة من الحيرة. ويتساءل زابية هو نفسه عن مجريات هذه الحرب الطويلة وخفاياها: "كلما قلنا انتهت تعاود الاندفاع، وكلما كادت المعركة أن تحسم نفاجأ بوقف مباغت لإطلاق النار دون أخذ رأي أحد من أبناء المحافظة". وتعجب كيف أن هذه الحرب لا تستعر إلاَّ في موسم الغلة "وفي فصل الخريف"!؟ وقال إن حروب اندلعت وطحنت البشر والحجر "ولا تبدأ إلا في الخريف، لكأن العملية مقصودة".
وأضاف عبدالسلام: "لقد حصدت هذه الحرب أرواح الناس بالآلاف، وقتل فيها مشائخ وعقال وأعضاء مجلس نواب دون أن تحرك الدولة ساكناً". وتساءل زابية عن وجود الدولة في صعدة: "أين هي؟ وكم هي المديريات التي تسيطر عليها الآن". وتحداهم أن يجيبوا.
وأضاف: "لقد قدمت صعدة أغلى ما لديها من الرجال والمشائخ لكن الأيام أكدت أن أبناءها هم من يدفعون الثمن".
ولفت عبدالسلام زابية بصورة غير مباشرة إلى بعض خفايا وأسرار هذه الحرب اللعينة: "لقد جلسنا مع ضباط وكان بعضهم يدعو الله بأن تعود الحرب، وأبناء صعدة هم من يدفعون الثمن".
زابية، وهو أكثر نواب صعدة انضباطاً وأوسعهم حضوراً في البرلمان، استغرب أمس من الحديث حول مقتل شخص أو شخصين أو 20، وقال: "بعض الزملاء يقيم الدنيا ولا يقعدها لمقتل 20 مواطناً فيما مواطني صعدة يسحقون بالآلاف ولا أحد يتحرك". وأكد للقاعة التي كانت مشدودة تنظر إليه "مقتل 20 شخصاً هذا معدل يومي في صعدة".
وشكا زابية كيف أن الحوثية أصبحت تهمة موجهة وتلصق بأي شخص من أبناء المحافظة "يريد أن يقول رأياً أو يقدم كلمة لمسؤول". وأضاف "إذا أراد أي واحد يقول كلمة حق لهذا المسؤول أو ذاك يواجه: أنت حوثي".
وتساءل: "متى ستنتهي قضية صعدة؟ ومتى سيعاد إعمارها وستعوض الضحايا وأسر الشهداء". وقال "نريد جواباً عاجلاً على هذه الأسئلة".
يذكر أن الشيخ عبدالسلام هشول زابية كان ضمن أعضاء اللجنة الأولى التي انتقى رئيس المجلس أعضاءها انتقاءً من وسط القاعة للتحقيق في ملابسات اعتقال البرطي عضو المجلس. وهذا الأسبوع وجه الرجل سؤالاً إلى وزير الداخلية عن الانفلات الأمني الذي تشهده اليمن لاسيما حوادث الخطف والتقطع. وقال في سؤاله الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام: "ما الجدوى من بقاء وزارة الداخلية إذا كانت عاجزة عن توفير الأمن للمواطنين"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.