يبدو أن القاعات أكثر أمانا من الشارع بالنسبة لمناوئي التعديلات الدستورية سواءا كانوا معارضين ضمن تكتل المشترك أم مراكز قوى لم يرقها أمر التعديلات. وبالتالي فإن قيايين في المشترك لم يكفوا عن تصعيد خطابهم الرافض للتعديلات والمهاجم للرئيس صالح وسياسته عبر تصريحات صحفية ومداخلات في فعاليات، معوضين بذلك عن خطوة النزول الى الشارع التي لا تزال مؤجلة.
ندوة التعديلات الدستورية التي أقيمت أمس الإثنين في منتدى الأحمر - والتي كان من المتوقع أن تأخذ طابع أكاديمي تناقش فيه التعديلات من ناحية قانونية – غلب عليها طابع التصعيد السياسي ضد مضي حزب المؤتمر الحاكم في تمرير التعديلات الدستورية.
كان زعيم قبيلة حاشد والمشرف على المنتدى المنظم للفعالية الشيخ صادق الأحمر حاضرا بقوة في الندوة وخطاب يفهم منه أن هذه الخطوة التي يسعى من خلالها الرئيس الى تخليد نفسه في الكرسي ستفتح له جبهات جديدة لم يرغب يوما أن يواجهها ناهيك عن أنها كانت رافعة قوية لاستمرار حكمه طيلة العقود الماضية.
كانت الورقة الرئيسية في الندوة للدكتور صالح سميع وزير المغتربين سابقاً وأستاذ القانون بجامعة صنعاء بعنوان "الإصلاح السياسي والدستوري طريقان لا ثالث لهما".
الشيخ الأحمر ورغم انتمائه لحزب الإصلاح المعارض فهو حليف للرئيس ويحرص على انتهاج اسلوب والده القريب من الرئيس بدا موقفه حادا من التعديلات على غرار شقيقه حميد، وصل حد وصف الرئيس بالفرعون مما جعل النقاش أكثر سخونة، خاصة أن معظم الحاضرين في الندوة كانوا من المناوئين للتعديلات وقيادات في المعارضة.
وذهب الشيخ الأحمر في مداخلته إلى أن "التعديلات الدستورية ليست حكراً على الحزب الحاكم ، وإنما هي حق لجميع الشعب". وأشار الأحمر إلى أن الخطأ الذي وقع فيه اللقاء المشترك هو عدم بدء العمل مع الحزب الحاكم فيما يخص التعديلات الدستورية بعد إعلان تأجيل الانتخابات، وهو ما سمح للحزب الحاكم بإجراء تعديلات دستورية جنونية.حسب قوله.
وأضاف الأحمر "الفرعون لم يتفرعن إلا بالزمرة التي حوله، وليس للحزب الحاكم أي حق للتصديق على أي قانون منذ 29 فبراير الماضي، والتعديلات القادمة ستدمر اليمن".
وأوضح أن الدستور الذي وضعه الثوار عام 1948م كان أفضل من التعديلات التي سيقدم عليها المؤتمر الشعبي العام، مضيفاً "أولئك الثوار الذين كانوا يتصفون بالجهل طرحوا دستوراً أفضل من الدساتير الحالية فذلك الدستور استمر أكثر من 60 عام". العتواني: على الرئيس أن يترك الكرسي ويحفظ ماء وجهه
من جانبه قال أمين عام التنظيم الناصري سلطان العتواني إن التمديد للرئيس صالح يعني أن هناك "علي بن أحمد وأحمد بن أحمد"، أي أن الدولة ستتحول إلى ملكية.حسب قوله.
وأضاف :"الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية هي من لها الحق في التعديلات الدستورية وليست كتلة المؤتمر التي توافق على كل شيء وتمرر ما يضر البلد".
وحذر العتواني من انهيار اليمن إذا مرت التعديلات، وقال "لن يجدوا حينها غير كرسي الرئاسة في النهدين"، مطالباً الرئيس بترك الرئاسة، وقال "نقول للرئيس عليه أن يرتاح وأن يترك الكرسي فقد قدم لليمن الكثير وعليه أن يحفظ ماء وجهه بعد 32 عام".
واستغرب العتواني من القول أن المشترك وافق على تلك التعديلات، موضحاً "نحن طالبنا بتعديلات دستورية لإصلاح الأوضاع المتدهورة التي تمر بها اليمن، والتعديلات الحالية هي هروب من الواقع ومن الحوار".
دعا الرئيس الى إكمال فترته ومغادرة الكرسي دون مكابرة .. رجل الأعمال المترب: موافقة النواب على التعديلات إذعان لرغبة شخص لم يعد رأس المال جبانا كما هو شائع فرجال الأعمال الذين لم يكونوا يتجرأون على إطلاق تصريحات من شأنها أن تغضب الحكومة أو أحد المسؤولين، بات لديهم من الجرأة ما يجعلهم قادرين على إطلاق تصريحات قوية باتجاه رأس النظام.
رجل الأعمال جمال المترب عضو الغرفة التجارية بأمانة العاصمة طالب رئيس الجمهورية ترك كرسي الرئاسة والحفاظ على ما قدمه من منجزات وقال "لدى الرئيس من المنجزات ما تجعله مرفوع رأسه أمام الجميع، وإذا استمر في عناده ومكابرته للمضي في حكمه فقد يضطر أن يبيع كل ما معه".
وأضاف "أملي أن يعلن الرئيس إنهاء سنوات حكمة بهذه السنتين الأخيرتين وأن تكون لديه الحكمة لإخراج اليمن من النفق المظلم الذي يعيشه البلد". وشن هجوماً لاذعاً على أعضاء مجلس النواب متهماً الأعضاء ببيع ذممهم والإذعان والذل "لرغبة شخص"، مشيراً إلى أن ذلك لا يخدم الديمقراطية التي يتحدثون عنها في اليمن بل يخدمون أنفسهم.حسب ما قال.
وابدى استغرابه من ما أسماها "بالمهزلة" التي يتم التعامل بها مع الدستور الوطني، وقال"إذا أصبح الدستور مهان فلا قيمة حينها لا لدولة ولا لجمهورية ولا لشعب، والتاريخ لن ينسى هذه المهزلة". النائب محمد الحاج الصالحي في مداخلته الوضع الذي يعيشه اليمن، قائلاً "فرعون استخف بعقول الشعب ولولا طاعة هذا الشعب لهذا الحاكم المستبد لما استمر، ولكنه وللأسف يستند إلى سكوت الشعب".
وأضاف "ما يقدمون عليه خرق للدستور، فهم يقومون برشوة الشعب ويشترون الذمم والأصوات في الانتخابات من المال العام يجعل استمرار هذا الحاكم خارج نطاق التغطية القانونية، وقد مسخ القوات المسلحة وجعل قيادتها حكراً على أبنائه وإخوانه وأبناء إخوانه وهذا مخالف للقانون".
وتساءل الصالحي عن مدى استقلالية المؤسسات الحكومية والوزارات في اتخاذ القرارات، مجيباً على تساؤله بالقول "كل قرار يصدر من تلك المؤسسات مصدره القصر الجمهوري وهذا يعني أنه محتكر كل شيء بيده".
الروحاني والعولقي بعيدا عن الأحمر قريبا من الرئيس: التعديلات ضرورية .. ولا داعي للتهويل الدكتور عبدالوهاب الروحاني عضو مجلس الشورى استنكر وبشدة من يقول: إن اليمن قد تقع في "النفق المظلم"، مطالباً "الابتعاد عن التهويل في قضية الوطن وافتراض أمور بعيدة عن الواقع". وقال "السلطة ليست مفسدة وإنما من يأتي إليها هو من يفسدها ويجعلها منفعة خاصة له ولأسرته وأقاربه".
وأشار إلى أن التعديلات الدستورية ليس فيها إلغاء للرئاسة واستبدالها بالملكية، ولكنها بحسب حديثه ضرورية وفيها قضايا هامة للوطن، منها الحكم المحلي وممارسته الديمقراطية ودخول المرأة بشكل أوسع ووضع الكوتا ونظام الغرفتين".
واستغرب الدكتور الروحاني من عدم دعوة الجانب الحكومي وممثلي الحزب الحاكم وأعضاء مجلس النواب لحضور الندوة وللمشاركة بفاعلية "وجعل الندوة مغلقة ومحصورة للقاء المشترك"، ليأتي الرد من إدارة منتدى الأحمر التي قالت إن أكثر من 25 شخصية حكومية ومن الحزب الحاكم تم دعوتهم لحضور الندوة إلا أنهم لم يحضروا.
بدوره أوضح الدكتور ناصر العولقي أن حزب المؤتمر الشعبي العام ليس حزب الموظفين وإنما حزب كل الشعب.حسب قوله. وهاجم بشدة الحديث عن تزوير الانتخابات وقال "لا يوجد تزوير في الانتخابات إلا نادراً، وما يحدث أن المشائخ يقومون بإحضار أصحابهم ومن يواليهم ويقومون بترشيح المؤتمر، مشيراً إلى أن التعديلات مهمة أكثر مما يتوقع منها".
القيادي المؤتمري عبدالله غانم: الرئيس عمل ما بوسعه والمشترك يكابر رئيس الدائرة القانونية لحزب المؤتمر عبدالله أحمد غانم دعا أحزاب المشترك إلى العودة إلى طاولة الحوار، والمشاركة في حكومة الائتلاف التي دعا إليها الرئيس صالح، مؤكداً بأن الرئيس عمل جاهداً من أجل إرضاء أحزاب المشترك "لكنها تكابر". وحذر من جر البلد نحو الهاوية "حتى لا تنهار اليمن وتصبح كالصومال أو العراق كون اليمن فيها مناطقية وعصبية أكثر مما في تلك الدول"، محذراً في نفس الوقت من اللجوء لدول أجنبية.
"المشترك لا يشرف نفسه أن يدخل في حكومة وحدة وطنية وأن يكون اسفنجة لتنظيف قاذوراتهم"، هكذا كان رد الدكتور عيدروس النقيب على دعوة غانم.
وقال "أحزاب المشترك لا تستعين بالأجنبي، الذي يستعين بالخارج هم الذين يفتحون الأجواء ويسمحون بقتل الرجال والنساء والأطفال في المعجلة، ولولا وثائق ويكليكس لما انفضحت هذه الحكومة العميلة".
د.القباطي ناطق المشترك: التعديلات ستجزئ اليمن وتنهي الجمهورية واعتبر الناطق باسم المشترك محمد صالح القباطي ما حصل في مجلس النواب "مهزلة"، قائلاً "ما يقارب نصف الدستور تم تعديله، أي أنه دستور جديد وخاص يتم إعداده لحزب المؤتمر الشعبي العام وليس للوطن، والسلطة مهمومة بحل مشكلتها فقط، رامية بمشكلة الوطن خلف ظهرها".
وقال "ينبغي استنهاض الشعب لمقاومة المستبد ومحاربته، ولا يحق لصالح أن يمدد لنفسه مهما حصل"، محذراً من مغبة المواصلة في التعديلات التي قال بأنها "ستجزئ اليمن وستنهي الجمهورية"
وأشار إلى أن ما قام به الحزب الحاكم انقلاب حقيقي على الشريك في الوحدة، وانقلاب على النظام السياسي القائم.كما قال. مشيراً إلى أن المشكلة لا تكمن في شخص الرئيس نفسه وإنما في النظام "الذي أنتج هذا المستبد".
وسخر عبدالقوي الشميري أمين عام نقابة الأطباء اليمنيين من قيام الحزب الحاكم بتعيين أكثر من 20 وكيلاً في بعض المحافظات، مؤكداً في سياق مداخلته بأن أعضاء مجلس النواب لا يمثلون الشعب ولكن يمثلون أنفسهم. وأشار إلى أن الحزب الحاكم قد أفرغ الدستور، وأضاف "الثورة أفرغت من معناها والجيش الوطني تحول إلى جيش أسري"، مطالباً بإفشال ما أسماه "الانقلاب على الدستور.
واتهم الحزب الحاكم بجر اليمن إلى الاقتتال بين أفراد الوطن الواحد، "وبداية الدخول إلى النفق المظلم"حسب قوله.