في تاريخ 12 يوليو 2008 وجهت رسالة عبر صحيفة النداء إلى اللقاء المشترك، وطلبت منهم حينذاك التحاور مع الحوثيين والحراك الجنوبي واستيعابهم لما من شأنه خلق اصطفاف وطني عام. وقد حدث شيء من ذلك، حتى وإن كان متأخراً، حيث انضم الحوثيين في أعقاب الحرب السادسة إلى اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، واتفاق القاهرة الذي تمخض عن اجتماع لقيادات المشترك مع أبرز القيادات الجنوبية، إلا إن ما تلا ذلك من اتفاق مشؤوم بين الحزب الحاكم المشترك في "عيد الجلوس" برأيي قد وجه ضربة قاصمة لاتفاق القاهرة وحالة الاصطفاف الوطني. وحين تم الاتفاق الأخير، دعوت المشترك إلى التراجع عن اتفاقه مع الحزب الحاكم والاعتبار من تجارب الماضي مع النظام، الذي لم يصدق يوماً ما بالتزاماته، وفعلاً لقد وقع في مرحلة تالية ما حذرنا المشترك منه بشأن اتفاقه مع الحزب الحاكم بتنصل الأخير عن ذاك الاتفاق. اليوم وفي ظل صحوة الأمة العربية التي تشهدها من مشرقها إلى مغربها لإسقاط الطغاة والجلادين وناهبي الثروات وممتهني كرامات الإنسانية، بدأ النظام اليمني يقدم التنازلات التي سبق له أن رفضها في وقت سابق، وبات يتراجع عن خطوات وإجراءات طالما تمادى كثيراً في التمسك بها، والتنازلات هذه بطبيعة الحال ليست إلا محاولة استباقية لصد أي غضب شعبي محتمل على غرار ما شهدته تونس وتشهده مصر. ومن هذا المنطلق، أود أن أجدد ندائي إلى أحزاب المشترك وكل القوى الفاعلة والخيرة بأن لا ينخدعوا بهذه الوعود والتنازلات المفرغة من جديتها، والتي لا تهدف سوى إلى تفادي اندلاع الثورة الشعبية، ومحاولة بائسة لكسب الوقت حتى يخرج هذا النظام من المأزق الذي يواجهه الآن، والهروب من المصير الماثل أمامه في تونس ومصر، فضلاً عن أن جميعنا يدرك أن أي تغيير في التشريعات والهيئات في ظل النظام القائم لن تجدي نفعاً. وجميعنا يدرك أيضاً، أن هذا النظام ومنذ سيطرته على مقاليد السلطة في البلاد صنع له قنواته وأدواته وآلياته الخاصة التي من خلالها يدير الشأن العام خارج أطر تشريعات ومؤسسات الدولة. أقول للمشترك وكل القوى الحية في اليمن وبالذات قطاع الشباب والطلبة الجامعيين الذين يعول عليهم شعبنا الشيء الكثير، أرجو أن لا تفوتوا هذه الفرصة التاريخية السانحة، وأن لا تنشغلوا بما تقول أو تفعل هذه السلطة الفاسدة والمتهالكة.. علينا جميعاً أن نقوم بما تمليه علينا مسؤولياتنا الوطنية والتاريخية لتحقيق آمال وطموحات شعبنا اليمني الكريم. لقد رأينا حالة الإرباك التي أصابت الأحزاب والنخب عند سقوط الطاغية في تونس ومدى تخلفها عن الشارع، وتكررت نفس الحالة في مصر مما زاد معاناة الناس وضاعف التضحيات وأفقد الثائرين بعض المكاسب التي كانت في متناول أياديهم. أثق بأن المعارضة اليمنية أكثر تنظيماً وشعبية من غيرها وأنها أكثر ثراء بالقيادة ذات التجربة الطويلة والخبيرة بأساليب السلطة، إلا أنه وتفاديا لمزيدٍ من المخاطر والتضحيات والاستفادة من مواطن القصور عند من سبقونا ولإنجاز الأهداف المرجوة كاملة غير منقوصة.. فإنني أرى أن من واجبي كغيري من اليمنيين الذين يحلمون بانتشال وطنناً من حالة التشظي والفوضى والدمار الذي يعيشها، اقترح اتخاذ الخطوات التالية: - تشكيل مرجعيه وطنيه تمثل فيها جميع الأطراف الفاعلة يرأسها الرئيس علي ناصر محمد وتولى إليها مهمة التصدي لمهام المرحلة والنهوض بالمسؤوليات الوطنية، وإسقاط حجة من يتساءلون في الداخل والخارج عن البديل، وحتى تكون هناك جهة ممثلة للتخاطب معها مع الداخل والخارج. - الاتفاق على برنامج واضح يحدد فيه الخطوات المتبعة لتحقيق التغيير الشامل والتي من أهمها النزول إلى الشارع بشكل دائم بدلا من الهبات الآنية. - تشكيل لجنه من المختصين مهمتها صياغة دستور جديد وإقرار التشريعات القانونية القائمة إلا ما يتعارض منها مع الدستور المقترح، حتى يتم انتخاب مجلس تشريعي جديد. - تشكيل لجان شعبيه على مستوى المديريات والمحافظات والمدن من كل الفعاليات بما في ذلك الخيرين من الحزب الحاكم، تتولى مهمة تنظيم الناس وتوعيتهم بأهمية الالتزام بالعمل السلمي وإعداد العدة لإدارة شؤون الناس بما في ذلك الجانب الأمني وحماية الممتلكات العامة والخاصة وملء الفراغ في حالة حدوثه.
- تشكيل لجنه عليا تتولى إعداد خطه بالتنسيق مع اللجان الشعبية لتوفير الإعاشة والتطبيب وغيرها من المستلزمات. - التواصل مع قيادات الجيش والأمن من غير "الأبناء" وطمأنتهم على مستقبلهم والتأكيد على أنهم لن يحاسبوا على أي أخطاء ارتكبوها في الماضي باعتبارهم مأمورين. إلى قطاع الشباب: أناشد قطاع الشباب وبالذات طلاب الجامعات الاستفادة من وسائل التكنولوجيا العصرية وتنظيم أنفسهم وتكوين أطرهم التي تمكنهم من التحرك الفاعل لقيادة الثورة، والدفع بها حتى تحقق جميع مكاسبها المشروعة وحمايتها من أي التفاف قد يحدث. والمطلوب أيضاً من شباب اليمن إيصال رسالة إلى القيادات السياسية المعارضة مفادها، أنه في حالة استمرارهم بالعمل في الكواليس والمساومات فإن الشباب اليمني الحر لن ينتظر المزيد، بل سينزل إلى الشارع لإطلاق شرارة الثورة. إلى الحراك الجنوبي: على بعض إخواننا في الحراك الذين لا يزالون يتخوفون من طغيان المشترك على الشارع، أن يضعوا نصب أعينهم إسقاط النظام القائم الذي كان ولا يزال سبباً رئيسياً في معاناة اليمنيين جنوباً وشمالاً، وأن يثقوا في عدالة قضيتهم وصوابية مطالبهم التي أصبحت حقيقة واقعة ضمن الأجندة السياسية على المستوى الداخلي والخارجي، وأن التاريخ سيسجل أسبقيتهم في إشعال فتيل الثورة والعتق من الطغيان. إلى الناقدين للحراك: إلى من لا يزال ينتقد الشعارات التي يرفعها الحراك الجنوبي باعتبارها شعارات مضرة بالوحدة، عليهم أن يدركوا إن ما يُلحق الضرر بالوحدة هو شكون الشارع في الشمال مقارنة بفورانه في الجنوب، وإن أفضل سبيل لحماية الوحدة هو أن يستمر ويتصاعد الحراك الشعبي المنادي بالتغيير في كافة أرجاء اليمن. للمتخوفين من التالي: إن من يتخوف من أن التحرك الشعبي الشامل قد يعرض الوطن لمنزلقات خطره، عليه أن يدرك أن أكبر خطر على الوطن هو استمرار هذا النظام، وأن التحرك الشعبي سيعيد اللحمة لليمنيين ويعالج التصدع الذي أصاب الوحدة الوطنية نتيجة ممارسات هذا النظام ولهم في مصر عبره، وأجزم أن الشعب اليمني يملك من الوعي والحكمة ما يجعله قادر على الوصول بطموحاته وأحلامه إلى بر الأمان وذلك على عكس ما قد يتوقعه البعض.
إلى المؤيدين للنظام: أما المؤيدون للنظام ومن يخرجون علينا لينادون ببقائه تحت أي مبرر وبأي دافع أو ثمن، على جميع هؤلاء الاعتبار من حقائق ماثلة أمام أعينهم في تونس ومصر، وأن يدركوا أن النظام زائل وأن أي عمل من هذا القبيل سيسجل وصمة عار على جباههم وأمام جماهير شعبهم، والتاريخ لا يرحم أحد. وهنا أقول لقيادات المعارضة ما قال المفكر العربي عزمي بشارة للمعارضة المصرية : "ليس هناك أي نظام مستعد للتفاوض على سقوطه، ولكن عليهم أن يدركوا أن الشعب قد أسقط النظام، وما عليهم إلا أن يتفاوضون على طريقة إخراج السلطة". وفي الأخير، لا أجد ما أقول للرئيس صالح سوى: أرحل بالطريقة التي تحفظ لك ماء وجهك قبل أن يجبرك الشعب على الرحيل.