بعد أن أوعز المؤتمر الشعبي العام ( للخبرة ) من ذوي الدرجة الأولى بسرعة الحشد والتجميع لاحتلال ميدان تحرير صنعاء رمز الثورة التي قامت لتؤسس لحياة تسودها التنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين كل اليمنيين في الحقوق والواجبات ، ومحاربة الظلم والاستبداد والفقر والتخلف وغير ذلك من الأهداف الثورية التي أراد الأحرار الوصول إلى تحقيقها ، وميدان التحرير اليوم لا يلاحظ عليه أياً من تلك الآمال والطموحات المنشودة رغم مرور 48 عاماً على قيام ثورة ال26والعشرين من سبتمبر ، وما يلاحظ اليوم عليه غير البؤس ومرارة الحياة ولعنات مكبوتة تطارد واقع ملعون جاثم على صدر هذا الشعب الطيب الذي يتعرض لكل أنواع التجريع السياسي أو الاقتصادي ...الخ . من يشاهد اليوم ميدان التحرير يستطيع قراءة واقع هذا الوطن المنكوب والمثخن بأزماته التي هندستها عبقرية النظام. وطن يسير نحو مزيدٍ من التأزم، فالقوم نصبوا خيامهم وسط الميدان ولا يعلمون لماذا نصبت تلك الخيام وما الجدوى من نصبها ، فالأفراد المأجورين البسطاء العاطلون عن العمل المرابطين في الميدان كل همهم هو الحصول على مصروفهم اليومي والغداء و( التخزينة ) مقابل الطواف حول الميدان ورفع الصوت العالي ( ما لنا إلا علي ) وغيرها من الهتافات المدفوعة الثمن من الخزينة العامة التي تشترط بقاء اليمن ببقاء علي ولن تصلح حياة اليمنيين إلا بوجوده على العرش لسنوات قادمة رغم أننا لم نعد بحاجةٍ ماسة لتك الهتافات العقيمة فزمن بالروح بالدم قد ولى ولم تعد منتجاً صالحاً أو رقية يتقي بها النظام نقمة هذا الشعب المسحوق ، تقابلها مظاهرات احتجاجية تخرج بشكل عفوي وعن قناعةٍ تامة في أماكن متعددة من البلاد تطالب بإسقاط النظام ، لم ترتهن إلى الخارج أو تستقوي به - كما يقول الحاكم- وإنما ترتهن لإرادة وعزيمة تؤمن بعدالة التغيير لإصلاح ما أفسدته سياسة حكم الفرد على مدى تجاوز اثنين وثلاثين عاماً والشباب هنا هم وحدهم من يدفع الثمن فالضرب والاعتقال والتعسف ينتظرهم هناك في كل شارع تشتم فيه السلطة رائحة تحركات الشباب الاحتجاجية السلمية. أما البطانة المنظمة والمسؤولة عن التخطيط والإعداد لاحتلال ميدان التحرير وتشويه صورته البسيطة بساطة اليمنيين همهم أن يثبتوا للحاكم أن لديهم قدارات خارقة لتجميع الناس والتأييد والحب للحاكم حتى تدوم لهم صولة وجولة في ميدان السيطرة على مقدرات البلاد وامتصاص ثرواته تحت رعايةٍ النظام، ولم يعلم أولئك الحمقى أن اليمنيين هم أولئك البؤساء الذين يطحنهم الفقر والعوز الذين لم يصلوا بعد إلى طريق الفيسبوك وتوتيتر ، ويمتلكوا جهاز الكمبيوتر وتوفر لهم خدمة الإنترنت ، ونسيت تلك البطانة أن الإنسان اليمني يكافح من أجل الحصول على قوت يومه ومكان يأوي إليه حتى ولو كان ذلك المأوى رصيف الشارع لا يهمه البرد القارس فالحصول على كرتون وحده كافٍ للحصول على نومٍ تتجلى فيه كل معاني الصبر والتحمل ولا يدري كيف ستكون ليلته القادمة . نسي أولئك الحمقى أنهم أوصلونا إلى وضعٍ لا نجد فيه أي فرصة لطرح سؤالٍ واحد فقط ويكفي ! رغم أنه يحق لنا كشعب أن نسأل عن مصيرنا ومستقبل الأجيال في وطننا في ظل نظام حكم طال مداه وطالت معاناتنا ببقائه ، وصارت أسئلتنا لا تتركز إلا على الهم اليومي المنصب حول هذه السلعة الأساسية أو تلك ، خائفون من قرارات (جرعين ) لا يرعون في هذا الشعب والمواطن إلاً ولا ذمة . ولما لا ونحن في كل يوم نلمس تزايداً ملحوظاً لأسعار السلع الأساسية ، وكأن السلطة على يقين من أن هذا المواطن اليمني يستلم مرتباته من واشنطن والرياض . ولم تتجاوز نسبة اليمنيين من من هم تحت خط الفقر حاجز 42 % والبطالة بلغت أرقاماً قياسية وأن اليمن من أفقر الدول العربية وأمية مستشرية وجهل ومرض ووو.... الخ ، لا شك أنهم على دراية كاملة بوضعنا هذا؛ لكن رعبهم وخوفهم الشديد من كابوس الثورات وشعورهم المؤكد بمسؤوليتهم الكاملة عن المستوى والوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد هو الذي يجعلهم يستنفرون إلى هذه الدرجة . ورغم كل ذلك فلتعلم بطانة النظام أن كل اليمنيين يشعرون بمدى فداحة الظلم والغبن الذي هم فيه ، لكنهم لا يزالون تحت تخدير الإذلال والكبت والتجويع والتجهيل الذي يقف حائلاً أمام أي انفجار ٍ نحو التغيير والإصلاح ومفعول ذلك التخدير لن يطول ، وسينتهي يوماً من الأيام وسيفيق الشعب من غيبوبته وينتفض ضد الظلم والفساد وحيتان النظام الذين ضاق بهم الوطن ذرعاً .
مشاركة الجمعيات ومراكز الأسر المنتجة والمحزن في ميدان التحرير أن أصحاب الفكرة من مقربي الحزب الحاكم حشروا الجمعيات وبعض مراكز الأسر المنتجة وكذا المكتبات ودور النشر في الميدان كمعرض تباع منتجاتهم فيه سواء الملابس أو المشغولات اليدوية والكتب أو اللوحات الفنية، وتم تطويق تلك المعارض بخيام بلطجية ومأجورين، ولا حركة مبيعات بسبب ذلك الحصار المفروض على الميدان ، والجمعيات ومراكز الأسر المنتجة هناك على وجه الخصوص هي المتضرر الأكبر وتنتظر أن تبادر الجهة التي دعتهم للمشاركة والمنظمة لهذا المعرض بشراء ولو جزء من منتجاتها ، لتتمكن من تعويض خسارتها . بدلاً من المبالغة الباهضة التي يتم إنفاقها على البلطجية التي لا ولن تفيد بشيء. وليتنا ندري من هو العبقري وصاحب هذه الفكرة الذي نظم لذلك المعرض وطوقه بخيام البلاطجه إلى جانب الانتشار الأمني الكبير الواقف على جميع مداخل ميدان التحرير بخيله ورجله وهراواته وأسلاكه الشائكة يرقب أي فريسة يطيح بها هنا أو هناك ، ويشعر كل من يرى تلك المشاهد أن ميدان التحرير سيتعرض لغزو أجنبي . ويبدو لي أن حكمة اليمنيين قد بدأت بالتلاشي نتيجة لخرف السلطة وهوس المنتفعين من النظام. وما مصر أو تونس عنا ببعيد ..