قال رئيس الوزراء المصري الجديد لالاف المتظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة يوم الجمعة انه سيلتزم بأهداف ثورتهم ووعد بالعودة الى الشوارع للاحتجاج اذا فشل في تحقيق اهداف الجماهير. وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد حاليا وزير النقل الاسبق عصام شرف بتشكيل حكومة جديدة يوم الخميس مستجيبا لمطالب المحتجين باقالة رئيس الوزراء السابق احمد شفيق في خطوة اعتبرت محاولة لامتصاص الغضب الذي اشعل الاحتجاجات منذ تنحي الرئيس حسني مبارك يوم 11 فبراير شباط تحت ضغط انتفاضة شعبية.
وكان مبارك عين شفيق رئيسا للوزراء قبل ايام من تنحيه عن الرئاسة. ويتولى المجلس العسكري الذي كلفه مبارك بادارة شؤون البلاد رسم المسار حاليا نحو اجراء انتخابات.
وقالت الحكومة يوم الجمعة ان المجلس حدد يوم 19 مارس اذار موعدا للاستفتاء على تعديلات دستورية ستفتح الباب امام المنافسة على منصب الرئاسة الذي شغله مبارك لثلاثة عقود.
وتمثل التعديلات الدستورية خطوة مهمة على ما يأمل المصريون ان يكون طريقا يقودهم الى الديمقراطية. وستمنع التعديلات أي رئيس من البقاء في المنصب أكثر من فترتين متواليتين مدة كل منهما اربع سنوات وهو تغيير كبير سيكون بمثابة نموذج في منطقة تكثر بها انظمة الحكم المطلق.
ويقول محللون ان الجيش الحريص على تجنب مزيد من الاحتجاجات يبدو انه اصبح اكثر تجاوبا مع مطالب الاصلاحيين الذين ما زالوا يضغطون من اجل تغييرات أعمق ويخشون من "ثورة مضادة" من جانب بقايا نظام مبارك.
وقال داعية الاصلاح محمد البرادعي انه كان اوصى باسم عصام شرف كرئيس للوزراء لمرحلة ما بعد مبارك كما أيده النشطاء الشبان المطالبون بالديمقراطية.
وقال شرف لالاف الناس الذين تجمعوا في ميدان التحرير بؤرة حركة الاحتجاج التي اطاحت بمبارك "جئت الى هنا بعد تكليف من المجلس الاعلى للقوات المسلحة... وبالتالي أنا أستمد الارادة والعزم من هنا من ميدان التحرير. "اخذ شرعيتي منكم. أنتم أصحاب الشرعية."
وتابع "المهام اللي بحاول (التي احاول) من كل قلبي اني احققها هي طلباتكم.. وهبذل (سوف أبذل) كل جهدي.. وفي اليوم والوقت اللي مش هقدر ( الذي لن اقدر) احقق فيه طلباتكم هكون (سأكون) هنا..." مشيرا الى ميدان التحرير.
وتناول مطالب المحتجين باصلاح أجهزة الامن التي ساعدت ما عرف عنها من وحشية في اشعال الانتفاضة ضد مبارك. وقال شرف "أتمنى أن أرى مصر حرة وأمن المواطن على القمة وأن تكون أجهزة الامن خادمة للمواطن والوطن وأرجو (من) الجميع المساعدة في ذلك."
وحين طالبه متظاهرون بحلف اليمين قال "استمد أهدافي منكم."
وخلال الاحتجاجات المطالبة بانهاء حكم مبارك قاد شرف مظاهرة تؤيد المحتجين أمام مجلس الشعب ضمت زملاء له في الجامعة وطلابا وهتف المشاركون فيها ببطلان النظام.
وقال نبيل عبد الفتاح المحلل السياسي بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان ظهور شرف في ميدان التحرير يظهر "ذكاء سياسيا".
واضاف "انها بداية جيدة لكن الامر سيتحدد (لاحقا بشأن قبوله) والناس تنتظر لترى التشكيل الوزاري الجديد وعلى أي أساس سوف يختار وزراءه."
ومن المتوقع ان يجري شرف تغييرات على التشكيلة الوزارية التي ما تزال حقائب الخارجية والداخلية والعدل فيها بأيدي وزراء عينهم مبارك.
وقال المعارض ايمن نور الذي خاض انتخابات الرئاسة في مواجهة مبارك عام 2005 ان شرف "مشى في الطريق الصحيح".
واضاف "لكننا كنا نتمنى ان يحدد اجندته (جدول اعماله) ومواقفه من قانون الطواريء وجهاز امن الدولة."
وتريد الحركة الاصلاحية المصرية رفع حالة الطواريء وهي خطوة وعد المجلس العسكري باتخاذها قبل الانتخابات. ويواجه المجلس العسكري ايضا دعوات لتغيير الجدول الزمني الذي حدده لاجراء الانتخابات.
ويريد الجيش تسليم السلطة الى حكومة مدنية منتخبة خلال ستة اشهر واوضح ان الانتخابات البرلمانية ستجرى قبل الانتخابات الرئاسية.
ويقول اصلاحيون ان الانتخابات الرئاسية يجب ان تجرى اولا لاتاحة مزيد من الوقت للانتخابات البرلمانية بما يسمح للحياة السياسية بالتعافي من عقود من القمع تحت حكم مبارك.
وقال دبلوماسي غربي انه حين تولى الجيش المسؤولية بعد تنحي مبارك كان يأمل انجاز المهمة في ثلاث خطوات تتمثل في اجراء التعديلات الدستورية واجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ثم العودة لثكناته.
وتابع "لكن يبدو ان الناس في مصر يحتاجون المزيد.. ولذلك نرى خطوة بخطوة.. المجلس الاعلى للقوات المسلحة مضطرا للتعامل مع ذلك."