العيش على الأعصاب في متابعة الأوضاع اليمنية سنة أو فطرة لامناص منها ،والخضوع لعنصر المفاجئات هو مسلم به في منهج السياسة اليمنية وخلط الأوراق في القضايا هي فريضة لمن استطاع إليها سبيلا . وتلك هي يوميات الثورة الشبابية اليمنية المشروعة والسلمية ذات الثلاثية السهلة المعقدة والمتناقضة في آن واحد وبروز المتناقضات فيها هو مؤشر موحي للعديد من التساؤلات . ولكن لكي نقف على قراءة واقع الثورة اليمنية الشبابية أو الشعبية يجب أن نمحص ونتغلغل في عمقها بحياد، فبحجم إيماننا بثورتنا كواجب وطني ومقدس ، فان الواجب يتطلب المحافظة على عفتها ومشروعيتها والتركيز بنفس الوقت على قراءة الكثير من علامات الاستفهام التي لم تكتمل بعد. بدأت هذه العلامات تصنع لدى الكثير ولدي بريق الأمل المرسوم بأبهى صورة ،وأنا أشاهد نواة الثورة الشبابية تنبع بفكر مدني وحضاري ولد من رحم فكر طالما حكم عليه ظلما وجورا بأحكام تعسفية، وبين الحلم والأمل بدئت مشاهد هذه الثورة بلوحة صاغتها ألوان متعددة الايديلوجيات لتتماها في أيدلوجية واحدة هي الوطن الحر الذي نحلم به كحضن للجميع ، وازداد بريقها كل يوم نصوعا وأهدافها رسوخا وأنا أرى الشباب تتجلى فيهم الحكمة اليمانية فيتجردون من سلاحهم ومن كل شي ليحتشدون سلميا بصدور عارية استقبلوا فيها أسوأ السموم والغازات وقاوموا الرصاص وكل وسائل البلطجة بروح وعزيمة تلين معها الجبال ، فلم تحرق مقرات الحاكم كما تونس ومصر فشكلوا إحراجا للنظام المصاب بالانهيار، واثبتوا سمو رسالتهم المنشودة بكل فخرا واعتزاز، فولد هذا الصمود مشروعية أبجدياته المعيشية والسياسية لذا يجب أن تظل المدنية والحضارية هي حلة الثورة لتنعكس نتائجها بحلة تقدس المؤسسات وتحتكم إلى دستور بحجم أمال وطموحات الجميع لا بمقاسات فردية او أسرية . وكل يوم يمر يزداد رصيد الصورة مشروعية رغم القلق الذي انتاب البعض اثر تداخل الكثير من الأوراق التي فسرت من قبل الكثير كاختطاف لعفة الثورة . وبما أن الواقع سيفرض حسن النية فان الاحتراس يفرض نظريات لا تستبعد أسبابها وبنفس الوقت فان الإقصاء عن شرف المساهمة في الواجب الوطني في النضال السلمي في الثورة ليس وارد في إستراتيجية الشباب الثوار . وعليه فان الواجب يفرض علينا توجيه العديد من الرسائل : - الأولى إلى زعامات القبائل : فإننا نبارك الخطوة التي قمتم بها بحجم مباركتكم لثورتنا، نرحب بكم سندا ومددا ،فانتم رصيد هام ورقم حي في الساحة اليمنية ، إلا أن ما نريد إن تدركوه بان المعادلة السياسية المبنية على القبيلة في مشروع حلمنا محرمة قطعا وان الألفية الثالثة تتطلب دولة مدنية تقوم على الكفاءة والمؤهل ، تتخلص من كل الحسابات الضيقة والنعرات المقززة ، تستند إلى القبيلة كموروث وليس كدستور في وطن يقدس فيه الوطن ولا يعبد فيه يغوث ويعوق ونسرا . - الثانية إلى القيادات العسكرية المؤيدة للثورة : لقد زاد بكم الأمل وأصبتم النظام بالشلل، كما رسمتموه مسبقا بأبهى الحلل ،فصحوتكم اليوم هو دافع معنوي وواجب يميله عليكم الوطن ويعززه الضمير ، والحقيقة التي تفرض الرحيل ،توجب لكم التبجيل ،بعد التخلص من النظام وأثاره كثيرا أو قليل ،فهل ستقدم الضمائر التي قدست الثورة ،لتحافظ على شرفها وعفتها وتعلن ولو التزاما أدبيا بعودة الحقوق المنهوبة إلى أصحابها لكي يسطر لكم الدهر حسن النية . - الثالثة إلى اللقاء المشترك : أتمنى أن تعوا جيدا بان الشارع هو القائد ، وان أي مساومة ستجعلكم محط إحراج وان عليكم جميعا أن يكون الحديث الإعلامي كشريك في الثورة لا كصانع لها ،وان لا تستأثروا بالخطاب الإعلامي على حساب شباب الثورة ، وان تؤمنوا أن من خرجوا إلى ساحات التغيير في عموم المحافظات لم يكن للدافع الحزبي نصيب ،فمن خرج وهو يحمل روحة على يده ليصنع حلم وأمل انتظرناه كثير وساومتم عليه أكثر لن يقبل مرة أخرى المساومات . - الرابعة إلى الرئيس : أتمنى أن تعي المرحلة الراهنة جيدا ،وان لا تجازف بنفسك وتاريخك بأوهام ومغالطات لا تزيدنا الا عزما وإصرارا، وان تقرءا الواقع وتؤمن بسنة الحياة ، فان الاستقالة من اجل الوطن شرف ،ورحم الله امراءا بذنبه اعترف ،وان لا تجرد الوقائع والأحداث ، وان لا تقارن بين ساحة التحرير وساحة التغيير ، وان لا تؤمن بالأرقام المغلوطة التي يصورها لك البعض كما صوروا لك الوضع مسبقا على بساط من نرجس ، فلكي تنصف المقارنة يجب إن تفرق بين من حضر بقناعة وبين من حضر باجر ساعة ،وان خطابك الفض المثار، يخسرك الكثير من الأنصار ، ويزيد من رصيد الثوار ، وان تعلم إننا سئمنا الكذب والمغالطات وان الثقة فيك معدومة ،والواقع لا يتطلب منك اجتهاد في التفسير سوى انك تطلق فزاعات كثيرة مألوفة ، واعلم أيها الرئيس أن الوحدة لم تقم محاباة لشخصك الكريم ،وإنما قناعة من أبناء الوطن نبعت من الصميم ، وان الوطن فيه الكثير من الأيدي الأمينة على الوطن ،فلن تساوم على الجو ولا التراب ولا ميناء عدن ،ولن تبيع الغاز با بخس ثمن . - الأخيرة إلى الشباب الثوار ...اعلموا أن الله حباكم بشرف الدفاع عن الثورة وتصحيح مسار الوحدة ،فانتم اليوم تسطرون مستقبل الوطن على كف المعجزات فدعوني اقبل أيديكم التي حملت أرواحكم لتعلن للعالم اجمع بزوغ فجر جديد ،ودعوني اقبل جباهكم الشامخة الصامدة كصمود الجبال ، انتم جيل الوحدة الذي حلم بالوحدة روحا وهوية ،انتم جيل الوحدة الذي حلم بالمواطنة المتساوية والدولة المدنية فها هو الحلم قد بدئت بشائره تلوح في الأفق فاثبتوا ولا تساوموا ،ولا تجعلوا لأحد يد في اختطاف عفة الثورة وقدسيتها ، وان غدا لناظره لقريب .