هل صارت الثورة الشبابية الشعبية من الضعف بحيث تعرض عليها مثل هذه المبادرة – الخليجية الأخيرة – التي يمكن وصفها بأنها هزيلة أن لم تكن مهزلة. وهل آن بهذه المناسبة أن يحتفي الرئيس المخلوع شعبيا بنصره على الثورة, وأن يرقص مع بلاطجته وأزلامه على جثث شهداء مجازره البشعة في عدن وصنعاء وتعز وأبين وغيرها, وأن يحول جماجمهم إلى مطافي لأعقاب سيجاراته. مع حبي للشخصيات القيادية في اللقاء المشترك وتقديري لمنهجيتهم في الحوار, إلا أنه يؤسفني أن أعلن أو ألعن هذه المنهجية التي باتت فاشلة فقد دفعت للشعور باستجداء الثورة الرئيس وليس العكس, وبات الصنم الذي دفعتمونا للدوران من حوله يفرض شروط بقاءه بكل صفاقة , فقد وفرتم للثورة غطائية لم يستفد منها سواه . الثورة اليوم بفضلكم تعيش زخما لكونكم جزء هام من نسيجها, وبفضلكم أيضا تحولت من مستجداه إلى مستجدية, وبفضلكم قد تموت, ومن دواعي أسفي أن أقول ليس لكم بالضرورة تمثيلها, ساندوها بقوة آرائكم بعيدا عن التبني والأبوية . فقط ارفعوا وصايتكم عنها, ابتعدوا عن الواجهة كثيرا, دعوها تتنفس, دعوا الشباب يفاوض ويحاور ويقدم مطالبه الثورية العظيمة, فربما حماسه المدفوع خير من وسائلكم البائرة , في ظل نظام عقيم لا يفسر الحوار إلا بالخوف, ولتكن أحزاب مصر وحركاتها مثلكم في التطبيق , فقد ابتعدت كثيرا عن الأضواء, وساندت النجاح السريع . عودوا أدراجكم ودعوها تعمل, دعوها تمر بنا إلى المستقبل فقد مللنا ماضي البؤس, لا تدعوا فرصة لهذا المتبختر أن يبتزكم, كما ابتز وقتل طموحات أمة طيلة 33عام , فلم نعد نحتمل بقاءه ورؤية وجهه الكريه في التلفاز ووسائل الإعلام التي ينط منها علينا بين لحظة وأخرى. لا تستعجلوا الحوار , فالثمار ستقطف بالكيفية التي تريدونها ويريدها الشعب إما عاجلا وإما آجلا وسنحتفي بالنصر جميعا , فالحوارات لم تقدم لنا شيئا سوى أنها مدت في عمر النظام وأتاحت له فرصا كثيرة لإعادة ترتيب أوراقه المتساقطة والتمترس خلف سيل من المراوغات, والمبادرات العقيمة التي لم تنتج إلى الآن سوى بقاءه , فبعد أن كان المجرم القاتل السفاح الدموي المخلوع المنبوذ مصاص الدماء يحاول جاهدا مع بدايات الثورة الشعبية الشبابية استجداء بقاءه ولو رمزيا من خلال مبادراته , بات اليوم وبكل وقاحة يؤكد بقاءه , ويعلن تشبثه بالكرسي حتى عام 2013م الذي قد يعيد إنتاجه من جديد بقوة المال والجيش والأمن والزور والبهتان . أي ثورة هذه التي لن تحاسب ولن تعاقب ولن تستعيد حقوق وأموال الشعب أو تقتص له من مجرميه وناهبيه وقتلته , إلا إذا كانت ثورة ميتة , ولا أظن هذا الخروج المهيب للشعب الثائر الذي زخر به شارع الستين في جمعة الفرصة الأخيرة وزخرت به بقية ساحات الحرية والتغيير في بقية المدن اليمنية , إلا طامحا للتغيير نحو الأفضل وإلا لما قدم التضحيات تلو التضحيات. الآن والآن فقط بت مدركا أهمية حيادية الثورة الشبابية كضرورة بعيدا عن تداولات الأحزاب السياسية والسلطة الفردية الفاسدة , باعتبارها القوة الثالثة والضمان الوحيد لتحقيق طموحات الشعب في إيجاد دولة العدل والقانون والحرية , وصمام أمان الوحدة الذي التفت حوله كل الشرائح على اختلافها , ولإمكانية نجاحها السريع في إزالة سلطة الفساد. لقد بت أخشى على الثورة أن تموت وسط تجاذب قوتين متنافرتين لا يمكن التقاؤهما بحال , هما اللقاء المشترك ومنظومة سلطة الفساد (الرئيس وأزلامه) ولا مخرج إلا الثورة الشبابية الشعبية كحل وسطي , على الجميع وخاصة اللقاء المشترك دعم حياديتها لا تجييرها , فدعوها تعمل طالما تشق طريقها في اتجاه صحيح ولتكونوا حراسا أمناء.