رسالتي إلى شركائنا في المجتمع الدولي، هي أن يحاولوا ولو لمرة واحدة، أن يقتنعوا بأن الثورات العربية قد قامت، وأن عودة العرب إلى الماضي محال، مهما حاول المحاولون، أو كاد الكائدون، أو حاول –وليس تآمر فهناك فرق– المتآمرون، أن يجدوا (زنقة) أو زقاق ينفذون منه للقضاء على الثورة العربية الشبابية السلمية أو حتى لإعاقتها. إذن: فثورة اليمن الشبابية الشعبية القبلية العسكرية المدنية، وفي النهاية السلمية، لن تكون استثناء. سأقولها بوضوح وبالعربي الفصيح، أو بلغة البادية الأفصح. أنه مهما صنعت من مبادرات، وحتى لو عدلت ألف مرة، ووقع عليها جميع قيادات المشترك، فلن يوقف ذلك هذه اللحظة التاريخية التي تكلم عنها التونسي البسيط الصادق ولا نزكيه على الله، (أحمد هرمنا) كما أصبح يلقب في تونس الثورة الخضراء المحترمة. فالماضي لن يعود أبدا، وهذه سنة كونية إلهية، يبدو أن المدمنين على الحوار من ثعالب السياسة في الغرف المغلقة،من المدمنين –كذلك على مضغ القات ومن جلس معهم– هم أنفسهم في حاجة إلى أن يفهموا شيئاً واحداً، وهو: أن لا حوار أثناء الثورات، لأن الحوار إما أن يكون قبل الثورة، أو بعدها فقط. فقبل الثورة: إذا ما (انسدت) منافذه، أي الحوار، تقوم إما هبة شعبية تسمى (انتفاضة) يعود على إثرها المتحاورين إلى طاولة الحوار، بعد أن أفضت تلك الهبة إلى نتائج، اقتنع بها الطرف الذي قامت في وجهه الانتفاضة الشعبية، أو أن تتطور تلك الهبة إلى ثورة شعبية عارمة، وهنا يسقط الحوار وأي معنى للحوار، لأن الثورة قد أوجدت خارطة طريق جديدة واضحة، تجاوزت كل محطات الماضي، فلم يعد للحوار معنى وهو الذي يكون الهدف الرئيسي منه -عادة- إصلاح الأوضاع، من خلال استخلاص مشروع عبر الحوار، يفضي إلى الإصلاح في بنية وهياكل النظام. أما الثورة فهي شيء آخر، وهو ما لم تفهه الكثير من قيادات المشترك للأسف. فالثورة: وفقا لتعريف الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) تكون (كمصطلح سياسي: الخروج عن الوضع الراهن سواء إلى وضع أفضل أو أسوأ من الوضع القائم. وللثورة تعريفات معجمية تتلخص بتعريفين ومفهومين: التعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي أسماهم البروليتاريا. أما التعريف أو الفهم المعاصر والأكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته "كالقوات المسلحة" أو من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية. والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم). إذن: فالثورة ليست إصلاحا، بل هي رفض الموجود واستبداله بقيم ومفاهيم وصيغ جديدة للحكم وسبل الحياة. ولذلك فنحن نحذر من السير في الطريق الخطأ، المعاكس لاتجاه الثورة، فقد تترتب عليه نتائج غير محمودة العواقب بين شباب الثورة والسياسيين. رسالتنا للجوار: نقول لأشقائنا: أمامنا وإياكم طريقان لا ثالث لهما: إما سحب المبادرات التي لا تخدم مستقبلنا وإياكم، أو خسارة اليمن إلى الأبد. رسالتنا لشركائنا الأميركان والأوروبيين: إنكم أكثر الدول في العالم اطلاعا على شؤون وشجون اليمن، وتعرفون كم هي الملفات المعقدة التي صنعها النظام في الماضي، وأمامنا وإياكم واحد من طريقين: إما السير في طريق المبادرة أو المبادرات التي تتعارض مع أهداف الثورة الواضحة، وإما تأييد الثورة كما فعلتم في تونس مصر وليبيا وسوريا، وبالتالي، فإننا ندعوكم إلى مائدة مستديرة للحوار حول كافة الملفات: ومنها ملف الإرهاب، وملف الجريمة المنظمة، وملف غسيل الأموال، وملف الفساد والرشوة، وملف الجنوب، وملف صعدة، وملف الفقر والبطالة، وملف التدهور الاقتصادي، وملف تهريب الأطفال إلى دول الجوار، وملف القرصنة، وملف المخدرات، وملف الحكم غير الرشيد، وملف حقوق الإنسان، وملف التعاون على تحقيق أهداف الألفية المعلنة من قبل الأممالمتحدة عام 2000، وملف الهجرة غير المشروعة، وملف الانهيار الاجتماعي، وملف القات، والملف الأمني غير المرتبط بالإرهاب. إلى ما هنالك من ملفات عديدة. وهذا ما نتوقعه منكم، لأنه السبيل الأصلح لنا ولكم. وعليه فإننا نقول لكم: تعالوا إلى الثورة، لأن الثورة لن تذهب إلى أحد، فهي على أرضها، وسوف نفتح معكم منتديات وطاولات مستديرة للحوار، على كافة هذه الملفات، ونحن على استعداد لمناقشة كل ذلك بكل شفافية أو دبلوماسية، ولكن على قاعدة (المصداقية والإنصاف). وإننا نؤكد لكم بأن اليمن الجديد، الذي حددت أهدافه الثورة، هو يمن لم تعرفه اليمن في ماضيها أبدا، والذي سيكون من ملامحه: أولا: أنه ليس يمناً متسولاً. أبداً. أبداً. أبدا. وأنتم تعرفون كم تجرعنا من هذه الكلمة، لأننا عانينا منها كثيرا وجرحتنا وآذتنا على المنافذ الحدودية للجيران وعبر مطارات العالم المختلفة؟ ثانيا: ستكون اليمن بلا قات (إن شاء الله) وأنتم تعلمون -كذلك- كم دمرتنا هذه الشجرة الملعونة؟ ثالثا: ستكون اليمن –إن شاء الله– بلا إرهاب أو عنف من أي نوع. لأننا لن نقبل بذلك أبدا، مهما كلفنا ذلك من ثمن. رابعا: ستكون اليمن –إن شاء- غير مبتزة لأحد، تحت أي ظرف أو مسمى. خامسا: ستكون اليمن يمنا متسامحا ومتعايشا ومسالما. سادسا: لن يكون لغسيل الأموال أي مكان في اليمن. سابعا: سيكون خاليا من الفساد والرشوة. ثامنا: لن يكون للتهريب من أي نوع مكانا فيه بعون الله. تاسعا: سيكون اليمن خاليا من الجريمة المنظمة، المحلية والعابرة للحدود. عاشرا: سيكون اليمن مفتوحا للجميع ومنفتحا على الجميع. حادي عشر: سيكون اليمن مرحبا بكل البشر، للعيش أو الاستثمار فيه بدون حدود أو قيود. ثاني عشر: سترون اليمن المتعاون مع شركائه الإقليميين والدوليين حيال كافة القضايا والمشكلات المتعلقة بالأمن والسلام العالمي. ثالث عشر: سيكون اليمن كريما، حرا، عادلا، متساويا، مدنيا، لا مركزيا، مزدهرا، حكمه رشيداً، حاميا للحريات وحقوق الإنسان. وفي الأخير: سيكون اليمن ديمقراطيا.