قبل سنة، أكملت قراءة كتاب مهم للرئيس الأمريكي باراك أوباما "جرأة الأمل" وهو الكتاب الثاني بعد كتابه "أحلام من أبي"يأتي كتاب "جرأة الأمل" في عدة فصول : جمهوريون وديمقراطيون،القيم، دستورنا، السياسية، الفرصة ، الدين، العرف ، العالم فيما وراء حدودنا ، العائلة من خلال متابعتك للقراءة تستطيع أن تستشف حسا إنسانيا عاليا بين كلماته مع تمسك عال أيضا بمصلحة "أمريكا". كتاب أوباما الذي صدر في 2006 قبل سنوات من فوزه بمنصب الرئيس، وهو خلاصة لقراءات وخبرات رجل درس الحقوق والشئون الدولية ، ثم عمل في مجال التنظيم الاجتماعي وعمل لعقود في السياسة، يضعك الكتاب في تصور للسياسة الأمريكية الداخلية والخارجية من وجهة نظر أمريكية بحتة، لكنها ليست الوحيدة بالتأكيد وهذا ما يعد ميزة لها إطار مرن يتقبل كل شيء ولا يفرط في المبادئ. جعلتني ظروف اليمن هذه الأيام مجبرا على العودة مجددا لقراءة الكتاب لكن حجمه الذي قارب 400 صفحة وضعني أمام خيار أسهل وهو انتقاء ما يمكن أن يفيد هذه اللحظة لفهم السياسة الأمريكية، فجاء اختياري قراءة فصل "العالم فيما وراء حدودنا"، يستند أوباما في تصوره للعالم إلى تجارب وقناعات شخصية مر بها ومرت بها الولاياتالمتحدة وإلى ما قاله أهم منظري السياسة الأمريكية. لقد كان دائما في أمريكا توجّهان يديران السياسة وما يجعل توجها فاعلا أكثر من الآخر هو التربع على سدة الإدارة الأمريكية. ففي 2001 حين قرر بوش الابن غزو العراق، كان أوباما من الفريق الذي يعارض الغزو وفي إحدى خطبه أمام تجمع كبير مناهض للحرب في 2002 ورغم تحذيرات الكثيرين له، "لا أعارض جميع الحروب". واعتبر أوباما الحرب "دون أساس منطقي" واصفا إياها"بالخرقاء والمتهورة المعتمدة على السياسة لا على المبدأ" وفور فوزه بالانتخابات الرئاسية دعا أوباما إلى الانسحاب من العراق وبدأ بتحديد مدة لذلك. لقد اعتمد من برروا غزو العراق على التعاطف بعد أحداث 11 سبتمبر فقرروا عدم انتظار إجماع دولي جديد حول التهديدات، وساند الواقع مبررات من اعترضوا على الحرب فبعد ثلاث سنوات من الحرب تزايد عدد الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في العراق، وزادت الحرب المديونية على الولاياتالمتحدة كما نقص بشكل كبير التأييد العام للحرب. لم تكن السياسة الأمريكية الخارجية ذكية وناجحة دائما إنما كما يتحدث أوباما "سجل مختلط" من "بعد النظر" أحيانا، و"مضللة ومخطئة" في أحايين أخرى ارتكزت كما يقول على افتراضات تتجاهل التطلعات والطموحات المشروعة للشعوب الأخرى وأضعفت مصداقيتنا ، وجعلت العالم أكثر خطرا" يستشهد أوباما بمقولة لفرانكلين روزفلت مؤكدا تبنيه لما قال "ربما نفخر كأمة بحقيقة أننا نتصف بالرحمة ورقة القلب، لكننا لا نستطيع أن نكون بلهاء" ويضيف أوباما في حديث عن قارة أفريقيا"يجب ألا نتوقع مساعدة أحد إذا ثبت أنه في نهاية المطاف غير راغب في مساعدة نفسه. وفي إضافة أخرى "نحن بحاجة إلى الارتكاز على ومضات الأمر هذه ومساعدة أولئك الزعماء المواطنين المخلصين في شتى القارة على بناء مستقبل أفضل يرغبون به، مثلنا، بإلحاح وإصرار. يمكن الاكتفاء بنقل ما قرأته في "جرأة الأمل" لفهم توجه ما ليس بريئا تماما لكنه ليس عصيا على التعايش في ظل توجه آخر أكثر تصلبا وهما توجهان يستطيعان التعايش في السياسة الأمريكية على أساس قواعد الأكثر قوة والأكثر حجة وإقناعا. في كل جزء من " العالم وراء حدودنا" كانت مخيلتي تستحضر ما يدور في دهاليز السياسة في اليمن هذه الأيام، ففي بداية الثورة في اليمن أبدى الأمريكيون تعاطفا واضحا لكن موقفهم ما لبث أن خفت حماسته ، ويبدو بأن أداء السياسيين من أحزاب اللقاء المشترك أحد الأسباب الرئيسية في ذلك في محطات متتالية من الثورة. ويدخل الثوَّار "عديمي الخبرة" في خط توفير مبررات ينقلها السفير الأمريكي لإدارته الأمريكية ففي لقاء السفير مع مجموعة من الثوَّار، قال السفير الأمريكي بوضوح " نحن لا ندعم الثورة، نحن ندعم نقلا سلميا للسلطة، ربما كان على الثوار من لا تعنيهم السياسة شيئا الانسحاب لا البقاء كما حدث فعلا. يقوم السفير الأمريكي صاحب الاسم ألأكثر صعوبة في تاريخ سفراء أمريكا في اليمن " جيرالد فيرستاين" في اليمن مهمة "غير منصفة" ليضر بالثورة وباليمن بشكل عام، والسفير إذا ما صنَّفناه في تجاهات السياسة الأمريكية فهو ك-افتراض لا يود التدقيق أكثر في مواقفه المسبقة "ممن يؤيدون الحرب على العراق" بإمكاننا أن نصفه بطائر الخراب، الذي توفر له أداءات المشترك الهشة مواصلة إجهاض الثورة ومن ورائه أنظمة داخلية وخارجية. الحرية من الخوف هي ما يحتاجه السياسيون، بعد أن امتلكها الشعب وطالما منحت الشعوب النخب فرصة للتخلص من عجزها كما حدث اليوم. يحتاج السياسيون " للإصرار والإلحاح" كقاعدة عامة تعني أننا نؤمن بعدالة قضيتنا فلن يهزمنا أحد. ربما كان لدى القوى الكثير من المعارك التي تريد أن تكسبها خارج حدود الثورة، وإرث تريد المحافظة عليه لكن ثمة معارك عليك أن تخسرها حتى لا تستنزف، ولأن نصرا محققا ينتظرك فيما بعد. وفي هذه الحالة، حتى لا تبدو كمن لا يريد مساعدة نفسه. من الجيد أن أختم عبارة لأوباما "فضلا عن ذلك كله، نحن نخدع أنفسنا حين نفكر أن "علينا تعلم مراقبة الآخرين يموتون بهدوء، دون أن نتوقع التبعات والعواقب ، الفوضى تولد الفوضى ، والقسوة تجاه الآخرين تنزع إلى نشر الغلظة والقسوة فيما بيننا . رسالة ليعرف السفير الأمريكي رأينا بما يفعله علينا إرسال رسائل كتعبير عن رفضنا لتعامله مع ثورة اليمنيين وكأنها أزمة.. فإذا كنت عزيزي القارئ شديد الدبلوماسية أرسل له:"أرجوك دعنا وشأننا" وإذا كانت صريحا "أنت غير مرغوب فيك لأنك لا تحترم رغبتنا" وإذا كنت صريحا حادا أكتب له " اذهب إلى الجحيم سيد جيرالد فيرستاين " وبضغطة زر واحدة بإمكانك أن تجد الموقع الالكتروني للسفارة الأمريكية بصنعاء. وعاشت اليمن حرة.