جريمة مروعة تهز صنعاء.. مسلحون حوثيون ينكلون بقيادي بارز منهم ويقتلونه أمام زوجته!    مدير أمن عدن يُصدر قرارا جديدا    جماعة الحوثي تقدم "عرض" لكل من "روسيا والصين" بعد مزاعم القبض على شبكة تجسس أمريكية    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    "الله أكبر على خير الملك سلمان".. شاهد ردة فعل أحد الحجاج على توفير النت المجاني في مكة    الرئيس العليمي وأعضاء مجلس القيادة يهنئون الرئيس السابق "عبدربه منصور هادي" بالعيد    تعز تستعيد شريانها الحيوي: طريق الحوبان بلا زحمة بعد افتتاحه رسمياً بعد إغلاقه لأكثر من عقد!    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    الإصلاح يهنئ بذكرى عيد الأضحى ويحث أعضاءه على مواصلة دورهم الوطني    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    يورو 2024: إسبانيا تفرض قوتها على كرواتيا    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    كبش العيد والغلاء وجحيم الانقلاب ينغصون حياة اليمنيين في عيد الأضحى    انهيار اسعار المواشي وتراجع في الشراء في اليمن عدا مأرب وحضرموت وصعدة وريف صنعاء    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    سلطة تعز: طريق عصيفرة-الستين مفتوحة من جانبنا وندعو المليشيا لفتحها    السعودية تستضيف ذوي الشهداء والمصابين من القوات المسلحة اليمنية لأداء فريضة الحج    بينها نسخة من القرآن الكريم من عهد عثمان بن عفان كانت في صنعاء.. بيع آثار يمنية في الخارج    ياسين نعمان وحزبه ينظرون للجنوبيين ك "قطيع من الحمير للركوب"    خوفا من تكرار فشل غزة... الحرب على حزب الله.. لماذا على إسرائيل «التفكير مرتين»؟    السعر الجديد للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بعد الوديعة السعودية للبنك المركزي    اشتباكات مسلحة في شبوة وإصابة مواطنين    مأساة ''أم معتز'' في نقطة الحوبان بتعز    انقطاع الكهرباء عن مخيمات الحجاج اليمنيين في المشاعر المقدسة.. وشكوى عاجلة للديوان الملكي السعودي    مظاهر الكساد تهيمن على أسواق صنعاء    وضع كارثي مع حلول العيد    أكثر من مليوني حاج على صعيد عرفات لأداء الركن الأعظم    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    ألمانيا تُعلن عن نواياها مبكراً بفوز ساحق على اسكتلندا 5-1    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    دعاء النبي يوم عرفة..تعرف عليه    الحوثي والإخوان.. يد واحدة في صناعة الإرهاب    حتمية إنهيار أي وحدة لم تقم على العدل عاجلا أم آجلا هارون    شبوة تستقبل شحنة طبية صينية لدعم القطاع الصحي في المحافظة    قوات العمالقة الجنوبية تعلن صلح قبلي في بيحان شبوة لمدة عامين    هل تُساهم الأمم المتحدة في تقسيم اليمن من خلال موقفها المتخاذل تجاه الحوثيين؟    لاعبو المانيا يحققون ارقاما قياسية جديدة    يورو 2024: المانيا تضرب أسكتلندا بخماسية    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختطاف الاعلامي صالح العبيدي وتعرضه للضرب المبرح بالعاصمة عدن    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة أضلاع الثورة وأكثرها إثارة للمخاوف .. لماذا؟!
نشر في المصدر يوم 18 - 07 - 2011

حتى ال18 من مارس الماضي الشهر الثاني لانطلاق الثورة الشبابية في اليمن لم يكن المنضمون للثورة قد اتضحت هوياتهم والجهات التي قدموا منها، وكان الانضمام مقتصراً على الناشطين من الشباب والطلاب بمختلف توجهاتهم الحزبية والفكرية إضافة إلى الكثير من المواطنين الذين ألهبهم الحماس الثوري المتقد في مصر وتونس فاندفعوا إلى الشوارع في اليمن مطالبين بإسقاط النظام ورحيل أركانه، اما الشخصيات ذات التأثير التحولي فلم تكن قد أعلنت مواقفها الواضحة من الثورة وإن كانت في الحقيقة راضية وبالتطور الثوري وتراقبه عن كثب ما خلا بعض الشخصيات.
وجاء يوم 18 مارس وسقط 56 شهيداً في جمعة الكرامة بساحة التغيير أمام جامعة صنعاء في اعنف عملية قتل للمدنيين السلميين ليفجر ثورة حقيقية ويعلن عن مرحلة جديدة للثورة اتسمت بالصراحة في تأييد الثورة دون خوف من النظام، فبعد يومين على مجزرة جمعة الكرامة أعلنت شخصيات قيادية رفيعة في نظام صالح استقالاتها وتأييدها للثورة السلمية وانضمامها إليها مستهجنة أسلوب العنف الذي يمارسه النظام بحق الشباب المتظاهرين سلمياً وكانت أشهر تلك الاستقالات وأولها استقالة اللواء على محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع يوم الاثنين 21 مارس ومن بعده تلاحقت الاستقالات من مختلف قطاعات الدولة العسكرية والمدنية والدبلوماسية ومن شتى المواقع الوظيفية كالوزراء والنواب وأعضاء مجلس الشورى وشيوخ القبائل ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، وأصبح هذا اليوم مشهوداً في مسيرة الثورة باليمن لما أحدثه من تصدع في نسيج نظام صالح بشكل غير متوقع ولما فجره من حماس وعزيمة في نفوس الثوار وصفوف الثوريين ما أعطى الثورة دفعاً نحو الأمام وزخماً ثورياً غير مسبوق.
هذا الأحداث التي شكلت منعطفاً جديداً للثورة كشفت عن أطراف متعددة العمل الثوري وتشكل أضلاعه الأربعة وأصبح من السهل تمييز القوى المؤيدة للثورة عن المعادية لها بعد عملية الفرز الواضحة التي أبانت عنها مجزرة جمعة الكرامة في صنعاء.
القوة الأولى تتمثل في المؤسسة العسكرية المنشقة عن النظام ويتزعمها اللواء علي محسن الأحمر ومن لحق به من قادة عسكريين وضابط وجنود سواء في الجيش أو الأمن أعلنوا انضمامهم للثورة.
والقوة الثانية هي القبائل بمختلف انتمائها لحاشد أو بكيل أو مذحج وغيرها والتي أعلنت عن تأييدها للثورة واستعدادها لحماية الثورة في الميادين والساحات.
القوة الثالثة هي الأحزاب السياسية ممثلة بأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) والأحزاب السياسية الجديدة التي انضمت للثورة إضافة الى المؤسسات والهيئات والشخصيات السياسية التي تمارس العمل السياسي وأعلنت انضمامها للثورة.
القوة الرابعة هي الشباب في الساحات والجموع العريضة من المواطنين الذين لا ينتمون للقبيلة أو الأحزاب ويندرج في إطارهم منظمات المجتمع المدني ذات الاهتمامات الحقوقية والمهنية والتي انخرطت في العمل الثوري وأدت أدواراً عظيمة في مختلف مراحل الثورة ومن مختلف مواقعها.
ومع تسليمنا بأن العمل الثوري وكافة أطرافه تعد كلاً لا يتجزأ وجسماً واحد غير قابل للتجزئة التي من شأنها أن تخلف الأنقسامات داخل الجسم الواحد وتزيد من أحقاد كل طرف على الأخر، وإدعائه بأحقية قيادة الثورة وتزعمها، الأمر الذي يولد المخاوف من مصير الثورة، ويعكس واقعاً مليئ بالصراعات، ووضعاً ملغماً قابل للتشظي والانفجار بأي لحظة، كما يضاعف التكهنات عن طبيعة المرحلة القادمة لما بعد الثورة، وكيف سيتم تسييرها؟ ومن هو الطرف الذي سيظفر براية الثورة وينتصر في خاتمة المطاف؟
هذا الواقع عبر عنه كثيرون حين أعربوا عن مخاوفهم من بعض القوى الفاعلة في الثورة متهمين إياها بأنها ستنزع الدولة الجديدة بعد سقوط النظام وستستحوذ على مختلف المؤسسات وتلغي بقية الأطراف وتضعهم في خانة ثانوية، وستكون بديلاً أسوأ للنظام القائم.
ومن هنا بدأت الإشاعات في الإنتشار تحذر وتطعن في صدق انتماء وتأييد بعض القوى للثورة وتجاوز الأمر مداه حين وصل إلى مرحلة النبش في النوايا واستحضار المستقبل بيد أن الحاضر لم يزل يرواح مكانه وكانت المصيبة أن من يطلقون مثل هذه الأقوال هم من التشكيلات المؤيدة للثورة والمنخرطة فيها.
وكان الجيش وشخصية علي محسن والقبيلة ومن لف لفها من بيت الأحمر وغيرها والإسلاميين كأحد الأحزاب السياسية أبرز الأطراف الذين ثار حولهم جدل كبير ولغط شديد حول حقيقة دعمهم للثورة، فتعرضوا للتهم كلاً على حدة، فقد اتهم على محسن بأنه يسعى إلى تقديم نفسه بديلاً لصالح، وسينتزع الدولة المدنية من أفواه أنصارها، واتهمت القبيلة وبالذات بيت الأحمر بأنهم يسعون إلى الحكم واسترداد مجد ابائهم، بينما أتهم الإسلاميون بأنهم سينفردوا بالدولة ويصبغونها بالصبغة الأصولية الراديكالية الخارجة عن حداثة العصر والمنتمية إلى العصور الوسطى.
وصاحب هذه الإتهامات المنفردة اتهامات لكل هذه القوى ( القبيلة والجيش والإسلاميون) بأنهم يشكلون تحالفاً ويسعون إلى قيام دولة خليطة من هذا التشكيل يحميها جيش على محسن وتحكمها قبيلة الأحمر ويديرها الأسلامييون.
هذه التصريحات رغم كونها مزاعم لا تمت للحقيقة بصلة لكنها تخدم النظام وتؤخر ساعة الحسم الثوري، و تقلل من دخول أنصار جدد للثورة، بل تعكس وضعاً منشطراً أمام الداخل والخارج، مما يخلق الصعوبات أمام نجاح الثورة، ويتيح للدور الخارجي أن يوغل في تحكمه بمصير الثورة ويرسم نهايتها بالكيفية التي يريدها لا كما يريدها اليمنيين، فتتحول الثورة من صناعة يمنية خالصة إلى ثورة صنعتها القوى الخارجية والتي في أقل الأحوال ستفرض أجندتها ومصالحها على الدولة الجديدة باعتبارها أداة النجاح، وهذا هو أسوأ مصير يمكن أن ينتظر الثورة لأن السيادة اليمنية ستقتل وستدخل مرحلة التبعية المطلقة على غرار ما حصل عقب ثورة 26 سبتمبر عندما تدخلت القوات المصرية ثم ما لبثت أن استحوذت على الدولة وحولتها إلى إقطاعية تابعة للقاهرة ولم يتخلص اليمنيون من هذا الوضع إلا بعد خمس سنوات.

المخاوف من الجيش وقيادة اللواء الأحمر
منذ أعلن اللواء على محسن الأحمر انضمامه ومباركته لثورة الشباب السلمية في 21 مارس الماضي وسيل الإشاعات المشكك بموقف هذا الرجل لا يتوقف.
هذه الإشاعات كان مصدرها طرفين اثنين الأول من أوساط بعض التيارات المنضوية في الثورة و الثاني من داخل نظام صالح.
فالطرف الأول رأى الانضمام محاولة مؤكدة لخطف الدولة المدنية التي تنادي بها الثورة بها وصبغها بالصبغة العسكرية متجاوزاً الحركة الثورية وتطلعات الكثيرين الأمر الذي لن يغير شيء – كما يزعمون- إذ سيحكم أحمد بدلاً عن أحمد ، وسعى أنصار هذا الطرف إلى تشويه شخصية اللواء الأحمر واتهامه بالتورط بمقتل المدنيين بصعدة وأنه لا يقل دموية و جنوحاً نحو العنف عن شخص صالح بل إنه الأداة التي ضرب بها صالح خصومه وأنه ليس إلا وجها ًلذات العملة.
أما الطرف الثاني في نظام صالح فقد ساق التهم للأحمر بالجملة فتارة يصفه بالعميل وتارة بالزعيم الجهادي السابق وتارة بالرجل الخائن الذي لم يراعي ولي نعمته والنظام الذي أوصله إلى هذه المكانة الوظيفية.
هذا الجدل لم يتوقف عند حدود الداخل بل تعداه للخارج فإحدى النشاطات المحسوبة على أحد التيارات الفكرية صرحت لصحيفة نيويورك تايمز أن انضمام علي محسن يعد أحد العوائق التي تقف أمام مسيرة الثورة وتثير المخاوف المستقبلية عن طبيعة الدولة الجديدة.
هذه الاتهامات لقت كثير من التفاعل في الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام المحلية والدولية، وبقدر ما عكست نظرة المصلحة والحقد التي ينظر بها البعض بقدر ما قدمت خدمة عظيمة للنظام الذي استغل هذه النظرة فسعى عبر أبواقه الإعلامية إلى تعزيزها وتكريسها في أوساط المواطنين في محاولة لتشويه شخصية الأحمر والتقليل من حجم التأثير الذي ألحقه في جسد النظام حين أعلن استقالته منه.
هذا الجدل الذي أثاره الأحمر يصفه البعض بأنه تفسير لمكانة الرجل في ترجيح كفة الميزان لصالح أي طرف والتأثير الذي يمكن أن يضطلع به في المستقبل بمثل ما اضطلع به في الماضي.
وهذا التفسير لا يفرق بين ظروف الأمس وواقع الحاضر وغموض المستقبل بل إنه يتجاوز الظروف المحلية بما تستدعيه من تلاحم لمختلف القوى الثورية لتنطلق نحو الدولة الجديدة تحت راية واحدة وتوحيد الجهد الثوري لمواجهة تعنت النظام بدلاً من احتدام الصراع الداخلي بين مكونات الثورة.
وفي الرجوع لشخصية اللواء الأحمر يتضح أن الرجل كان يعمل بهدوء وصمت مع النظام السابق ولم يصدر عنه ما يوحي بتذمره من النظام، فقام بأدوار كانت من صميم سياسية نظام صالح واستدعتها الظروف التي نشأت فيها كالمشاركة في حرب 94م أو حروب صعدة المتتالية وهاتين المناسبتين لا يمكن فصلها عن الظروف التي استدعت المشاركة فيها، كما لا يمكن رفعها كتهم الآن ضد الرجل ومعايبته بها فلكل زمن مرحلته وسياسته وظروفه، وإذا جاز لنا أن نعتبره كقائد عسكري شن الهجمات في 94م ضد المدنيين أو معسكرات الطرف الآخر في الحرب، فلنا هنا أن نلوم الحزب الاشتراكي ونصفه بالدموي باعتباره كان طرفاً في تفجير الحرب والوصف نفسه ينطبق على الملكيين الذين وقفوا ضد الثورة في الستينات وسعوا إلى اسقاطها بالتعاون مع القوى الخارجية ثم ما لبثوا أن انخرطوا في صفوف الجمهورية فهل كان من الممكن وقد تجمهروا ان نشكك في وطنيتهم بعد ان تجاوز الزمن تلك المرحلة.
وحتى قبيل إعلانه الانضمام لصف الثورة لم يكن معروفاً عن اللواء الأحمر ظهوره المباشر في وسائل الإعلام وكثرة تصريحاته الصحفية مهما تخللت علاقته بالنظام مؤثرات الاتفاق أو الاختلاف ولنا أن نتذكر هنا أن وثائق ويكليكس التي نشرت ما مفاده محاولة النظام التخلص من الأحمر حين أعطى إحداثيات للجانب السعودي لضربها وتبين لاحقا أنها تقود للمقر الذي كان يتواجد فيه الاحمر وبدا الأمر كمحاولة للتخلص منه ورغم شيوع هذا الخبر وانتشاره لكن لم يصدر عن الأحمر ما يفيد تذمره أو سخطه.
لكن ومنذ انضمامه للثورة صرح الأحمر بعشرات التصريحات الصحفية لوسائل إعلام محلية وخارجية عكست جميعها رؤية الرجل وفلسفته والعقلية التي يفكر بها.
وإذا كانت تصرفات الرجل وأقواله هي الأدلة الواضحة للحكم عليه إن أصاب أو أخطأ فلنرجع أذاً إلى سلوك اللواء الأحمر بعد انضمامه للثورة والتصريحات التي صدرت عنه.
لعل أبرز الفوائد التي قدمها اللواء الأحمر للثورة هي الحماية الأمنية التي وفرها جنوده لساحة التغيير بصنعاء بعد إن كانت عرضة للهجمات المتلاحقة التي شنتها قوات الأمن والحرس الجمهوري أو بلاطجة النظام وأسفرت عن سقوط العديد من الضحايا مما جعل الكثيرون يحجمون عن دخول الساحة أو الاقتراب منها خوفاً من الرصاص الطائش أو الهجمات المباغتة.
إن تولي جنود الفرقة حراسة المداخل المؤدية للساحة واستحداث النقاط العسكرية على مساحة بعيدة منها جعل الساحة في مأمن من الهجمات وانعكس هذا في تزايد أعداد المنضمين إليها وتوسع وتمدد المخيمات في الشوارع الخلفية والمتفرعة من الجامعة، كما أعاق وصول المدرعات والحشود العسكرية التابعة للأمن المركزي والحرس الجمهوري وجعل تمركزها بعيداً عن الساحة وغير قادرة على الوصول إليها كما كان سابقاً، ونتيجة للنقاط الأمنية التي استحدثتها قوات الفرقة أصبحت كثير من الشوارع بأمان ما أتاح التحرك للجماهير والخروج بمظاهرات في تلك الشوارع بعيداً عن مضايقات الأمن وانتقلت شعائر صلاة الجمعة من ساحة الجامعة إلى شارع الستين واختفت الهجمات المباشرة على الشباب في الساحة لتتحول إلى هجمات متفرقة يشنها الأمن والبلاطجة خارج محيط الساحة.
وإن كانت هناك أخطاء لجنود الفرقة أو تصرفات لم يتقبلها الأخرين فهذا أمر طبيعي فأي عمل لا يخلوا من الأخطاء وجوانب القصور وهذا ليس مبرراً لارتكاب الأخطاء من قبل جنود الفرقة بحق المتظاهرين لكن من المفترض هنا أن يلتزم الثوار بتعليمات الجنود كونهم الحرس المباشرين على الساحة وسيتحملون النتيجة إذا ما أتضح وجود خلل في أدائهم لمهامهم الأمنية وعلينا أن نقارن هنا حجم الكارثة هل هي تعنت جنود الفرقة واستفزازهم لشباب الثورة أم هجمات عناصر الأمن والحرس وما يخلفونه من فزع وخوف وقتلى وجرحى.
في الجانب الأخر عبر اللواء الأحمر في كل لقاءاته الصحافية عن عدم تطلعه لحكم اليمن أو خلافة صالح ورئاسة الدولة الجديدة مشيرا إلى أنه لو كان يطلب الحكم لكان وصل إليه في مراحل سابقة.
الأحمر أكد أيضاً أن مهمته حماية الثورة حتى نجاحها ثم يقرر اليمنيين ما يشاءون كما أبدى رغبته في الرحيل مع صالح إذا كان ذلك سيحل مشاكل اليمن وهو ما رفضه صالح رغم أنه من اقترح هذا الأمر.
وفي اكثر من مناسبة أعرب الأحمر عن رفضه لبقاء صالح حتى اختيار خليفة له معلناً تمسكه بالمبادرة الخليجية كحل ومخرج لما تعيشه اليمن وهو لا يخفى أو ينكر كونه كان السند الأول للرئيس لكنه يؤمن بأن وضع البلاد وما آلت إليه يقتضي تغييراً عاجلاً خاصة مع تعنت صالح ورفضه لتقبل المشورة والنصح والاستجابة لضرورة إصلاح البلاد كما أشار في حوار له مع صحيفة الحياة، وفي نظره فلم بعد الشعب يحتمل مزيداً من الفساد والفوضى وانهيار الدولة اليمنية الحديثة.
كما افصح عن عدم رغبته في مزاولة عمل سياسي خاصة مع بلوغه سن السبعين مؤكداً بأنه يؤمن بحق اليمنيين بإقامة حكم مدني يؤمن لدولة النظام والقانون والعدل والمساواة بعد أن اثبت المؤسسة العسكرية فشلها في تحقيق الأهداف النبيلة حد تعبيره
فزاعة القاعدة والخلفية الإسلامية التي يتهم بها الأحمر وانتماءه للإخوان المسلمين فندها الأحمر في أكثر من تصريح نافياً انتماءه لأي جماعة معتبراً القاعدة من صنع النظام وإن رحيل النظام يعني نهاية القاعدة وأن محاربتها والقضاء عليها هي من الأولويات التي يؤمن بها ويتمسك بها معتبراً أن محاربة القاعدة بعد رحيل صالح مسألة حياة أو موت وأن المعارضة إذا حكمت ستكون حليفاً قوياً في مكافحة الإرهاب مع الشركاء الدوليين.
إذاً من المستفيد من إثارة الشكوك في شخص الأحمر وحقيقة إنضمامه للثورة؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ أليس من حق الثورة والثوار أن يستفيدوا من أي شخص يمكن أن يدفع بثورتهم إلى الأمام؟ وهل يمكن اعتبار ما قام به الأحمر خيانة وتمرد؟ أليس عبدالله الوزير إمام ثورة 48م كان مستشاراً للامام يحيى وقائده العسكري الذي أخمد به العديد من الانتفاضات ثم ما لبث الوزير أن انقلب على الإمام؟ ألم يكن المشير عبدالله السلال قائداً للحرس الملكي للإمام أحمد لكنه انضم للثورة والثوار؟! ثم ألم يكن بإمكان الاحمر ان يبقى في نظام صالح ويحافظ على مكانته مستغنيا عن هذا الجدل والسيل المتدفق من التهم المنهمرة عليه؟.
لو لم يكن من ثمار إيجابية أحدثها الأحمر سواء إرباك نظام صالح وتصدعه من الداخل عندما أعلن استقالته منه لكفى.

القبيلة: صراع محموم مع المدنية
القبيلة وموقفها من الثورة كانت هي الطرف الآخر الذي لم يسلم من الاتهامات والتخوين من قبل النظام وأطراف في الثورة على حد سواء ومن المهم هنا التأكيد إلى أن القبيلة تعني مختلف القبائل التي باركت قيام الثورة وأعلنت مساندتها لها سواء كانت من حاشد أو بكيل أو غيرها
فمنذ انطلاق الثورة في فبراير مطلع هذا العام سارعت كثير من القبائل عبر شيوخها إلى الانضمام للثورة والانخراط فيها، بل إن قبيلة همدان المعروفة كان أول شهيد في ساحة التغيير بصنعاء من أفرادها.
وهذا ليس غريباً عن موقف القبائل اليمنية فقد عُرف عنها تأريخها الثوري الوطني منذ عقود، فقد اصطفت خلف الإمام يحيى لمقاتلة الأتراك ثم التحقت بالحركة الوطنية لمناهضة حكمه يحيى ومن بعده خليفته أحمد وسجلت مواقف بطولية في أكثر من مناسبة.
ورغم أن صالح كان يحذر من مستقبل اليمن في حال رحيله بهجوم القبائل على المدنية ملمحاً إلى القبائل كأدوات فوضى وعنف إلا أن الثورة اليمنية أثبتت أن القبيلة أكثر التزاماً بالنظام والمدينة والسلام وأنها هي الأخرى تتوق نحو دولية مدنية يسودها النظام والقانون.
مشكلة القبيلة أن البعض يربطها بالتخلف والهمجية متجاهلاً دورها وطبيعة تكوينها فالقبيلة أقدر على التماسك والبقاء نتيجة الولاء التام لزعيمها والترابط الاجتماعي الذي يسود بنيتها من الداخل فالتماسك بين أعضائها جعلها قوية مترابطة أكثر من بعض الأحزاب أو التيارات التي تدعي أنها مدنية.
صحيح أن القبيلة تجمعها مصلحتها الشخصية لكنها أشبه بالعجينة التي يشكلها المرء كيفما يشاء فطبيعة الأداء القبلي مربوط بالنظام الذي يحكمها فإن كان حازماً عدلاً فرض حزمه وعدله على كل الأطراف بما فيها القبيلة وإن كان فوضوياً عابثاً فيكون محكوميه بما فيهم القبيلة نتيجة طبيعة لسياسته.
ثم إن القبيلة الآن ليست القبيلة في الستينات أو السبعينات، فقد تأثرت القبيلة بمؤثرات عدة جعلت منها كياناً آخراً أثبت استجابته لمتغيرات العصر ومتقضيات المرحلة فرفدت القبيلة المجتمع بعناصر أثبتت قدرتها الوظيفية ونجاحها المهني وولائها الوطني. ودخلت القبيلة في الأطر السياسية والتزمت بقواعدها وتطور فكر وعقل القبلي فانخرط في المجتمع المدني سالماً يعاني مما يعاني منه بقية أفراد المجتمع.
ولما كانت معاناة كل أفراد المجتمع واحدة فقد أعلنت غالبية القبائل مباركتها للثورة وكان هذا الانضمام موضع جدلاً عن أسباب تأييد القبيلة للثورة ففيما فسره البعض بدافع المصلحة التي شعر بها رجال القبائل بعد تهاوي نظام صالح حتى يضمنوا مكاناً في المستقبل، فسره البعض الآخر بأنه محاولة لسيطرة القبيلة على مقاليد الحكم وتسيير البلاد وفقاً لرؤيتها من خلال مناصرتها للثورة أولاً ومن ثم فرض رؤيتها على الجميع.
وكلا التعبيرين ينالان من دور القبيلة ويشوهان صورتها، فالقبيلة الآن جزء من نسيج المجتمع الذي لا يمكن تجاوزة بحكم أن اليمن تنتمي أصلاً إلى عدة قبائل مع بعض الاستثناء، وبحكم أن القبيلة هي الأخرى متضررة من التدهور الذي وصلت إليه البلاد حالياً كبقية اليمنيين، وأنها أي القبيلة لها دوراً كبيراً في سرعة إسقاط النظام من خلال الثقل الاجتماعي والسياسي الذي تتمتع به والتاريخ مليئ بالأحداث التي كانت فيه القبيلة الكفة الراجحة عند احتدام الصراع.
وبالعودة إلى أحداث الثورة الشبابية يتضح أن القبيلة وحدها هي التي أثبتت نجاحها في التصدي لنظام صالح وكسر شوكته وكانت أقدر على المواجهة والثبات من أي تيار مدني، ولذلك توجهت إليها الألة العسكرية لنظام صالح لتدك معاقلها قبل أي طرف أخر شعورا منه بالدور الكبير الذي يمكن أن تحدثه القبيلة حين تُعلن تخليها عن نظامه وتأييدها للثورة.
والقبيلة وحدها هي التي أثبتت وطنيتها وولائها للوطن وتضحيتها بحياة أفرادها تجسيداً لإنتمائها الوطني فقبائل بني مطر منعت الحرس الجمهوري من التوجه إلى الحديدة لضرب المعتصمين هناك، وقبيلة نهم هي التي تصدت لكتائب الحرس الجمهوري وأعاقت تحركها نحو محافظة حضرموت، وقبيلة أرحب هي التي منعت دخول معسكرات الحرس من التحرك نحو العاصمة صنعاء، ومشائخ القبائل في تعز كان لهم دوراً كبيراً في حماية مدينة تعز وطرد العابثين والقتلة من أحيائها، وقبيلة الأحمر هي التي رفضت الانصياع لصالح وأعلنت موقفها المؤيد للثورة منذ وقت مبكر، ومثلها قبائل الجوف التي شكل أبنائها فرقاً لحماية ممتلكات الدولة بعد سقوط الدولة هناك، وهناك قبائل الحدأ وخولان وعمران والبيضاء ومأرب ويافع التي أعلنت تأييدها للثورة وهتفت بإسقاط النظام وتوافدت إلى الساحات داعمة ومؤيدة.
أليست القبيلة وحدها هي التي تدفع الأن ضريبة وطنيتها وتأييدها للثورة، فالمناطق التي تتعرض منذ شهور للضرب العسكري الوحشي من النظام هي المناطق التي يتواجد فيها القبيلة وأراد النظام ضربها تأديباً لها عن مواقفها فقصف بلا هوادة أحياء الحصبة مستهدفاً بيت الأحمر وأعلن الحرب المفتوحة على أرحب ونهم ومدينة تعز والحيمتين والبيضاء ويافع.
فهل كانت هذه القبائل ضد المدنية كي ينتقم منها النظام؟ وألم يكن بمقدور تلك القبائل مهادنة النظام ومناصرته لتجنب نفسها ويلات الحرب وفجائع الرصاص وروائح الدم؟!
إن موقف القبيلة واضح وافصح عنه ابنائها من حين لأخر، فالشيخ صادق الأحمر كزعيم لقبيلة حاشد أكد أكثر من مرة عن تطلعه لدولة مدنية حديثة ومثله قال أمين العكيمي كزعيم لقبيلة بكيل، وسيكون من الأجحاف التغافل عن الدور الذي تقدمه القبيلة للثورة واتهامها بالتخلف والركود والاستحواذ وهي تقدم هذا الجهد الوطني وتدفع ثمن معارضتها للنظام بينما من يدعون المدنية لم يبارحوا مواقعهم ولم يخدموا سوا انفسهم وأثبتوا فشل مشروعهم وغياب رؤيتهم.
إن القبيلة لا يمكن أن تتعارض مع المشروع المدني ولا يمكن أن تكون بديل له والأثنين مرتبطتين بنظام يلتزم المدنية ويحترم القبيلة.

الإسلاميون البعبع المخيف
منذ انطلقت الثورة الشبابية في اليمن وكلما اقترب موعد الرحيل للنظام أو أوشك تعالت بعض الأحداث هنا أو هناك معربة عن تخوفها من حكم الإسلاميين ووصلوهم إلى السلطة.
فالكثيرين يرون أن الإسلاميين ونعني بهم هنا التجمع اليمني للإصلاح هم الحزب الأكثر تنظيماً وحضوراً وانتشاراً وأن سقوط حزب المؤتمر الشعبي العام سيتيح المجال لصعود الإصلاح فيستحوذ على الحكم بحكم أكثرية اعضاءه وتجربته السياسية ووراثته لشخصيات كانت في المؤتمر بعد سقوطه.
من هنا بدأت المخاوف تسري لدى البعض من الإصلاحيين ومشروعهم فتوجهت السهام إليهم بالتشويه المتعمد لفكرهم فوصفوا بالأصوليين والمتحجرين وشوهت شخصياتهم ونيل منها، وقُدم الاصلاح كحزب منغلق مشدود نحو الماضي تنعدم فيه الرؤية المدنية الحديثة، ولا يجيد سوا سياسة الإقصاء والتهميش والإلغاء.
مصدر هذه التخرصات جاء من أطراف في نظام صالح بهدف إرباك الأصطفاف الثوري وتفجير الخلافات بين مكوناته سعياً لافشال الثورة، وهناك أطراف أخرى داخل الثورة، نفسها لم تستطيع كبت مواقفها واخفاء حقيقتها فأعلنت من وقت لأخر ضيقها وتذمرها من وجود استحواذ لعناصر الإصلاح يهدف إلى الاستئثار بالثورة والامساك بدفة القيادة بعيداً عن بقية الشركاء وللأسف فالطرف الأخير يبدوا أكثر حمقاً لأنه يهد الجسد الثوري من الداخل وهؤلاء في حقيقتهم إما شخصيات لها مواقف مسبقة مع الإسلاميين وتنظر إليهم بكراهية دون تبصر أو ناشطون في تيارات أخرى يدفعهم الانتماء المذهبي إلى التوجس من الآخر والحذر منه.
وفي كل الأحوال فإن إساءة الظن بالآخر وتفصيل الإحكام الجاهزة مسبقاً لا يخدم أي طرف بل إنه يصب الزيت على النار لتنفجر الأوضاع في أية لحظة، فالأجواء المشحونة إذا لم يتم نزع فتيل تيار النار المغذي لها فإنها لن تؤدي إلى إلا مزيداً من الصراع والضغائن وهدم لبنات هذا الوطن بيد أبناءه أنفسهم.
إن الخوف من الإسلاميين وصعودهم ليس له ما يبرره فالإصلاحيين تجاوزوا كثيراً عقد الماضي ورواسبه واثبتوا ارتباطهم بالمدنية ومؤسستها واحترامهم للأخر مهما كانت درجة الخلاف معه.
ولعل تجربة اللقاء المشترك السياسية أكبر برهان على مدى النضج السياسي والرشد الحضاري الذي وصل إليه الإصلاحيون، فهذه التجربة التي قاربت إنهاء عقدها الأول عكست أن الإصلاحيين أكثر قدرة على التعامل بمرونة مع الأحزاب الأخرى بما يحافظ على بقاء هذه الأحزاب كقوة فاعلة أولاً وبما يخدم الوطن انطلاقاً من مسؤولياتها تجاه اليمن ثانياً ولهذا استمر بقائها في هذا التحالف لتصبح أول تجربة شراكة سياسية عربية ناجحة في الوطن العربي رغم محاولات النظام المتكررة لفض هذا التحالف وزرع الفرقة والفتنة بين أحزابه.
إن تجربة اللقاء المشترك تعكس حجم الثقة بين مكونات اللقاء مما أعطاها عمراً طويلاً ووحد رؤيتها وأهدافها تجاه القضايا الوطنية وإذا دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الإيمان بالآخر وتقبله مهما كانت خلفيته الفكرية أو السياسية هي الضمان الوحيد لتجاوز الخلافات وردم الهوة بينها وإلغاء الذات لتحل محلها الوطنية واستيعاب الآخر والشراكة الجماعية والأهداف السامية.
وهذا الإيمان لا يمكن أن يأتي إلا من أحزاب لها فلسفة حزبية ناضجة ومشروع وطني حيوي يغلب مصلحة البلاد على مصلحة الحزب ويتيح للآخر التعبير عن نفسه وتقديم ذاته.
ولهذا أثبتت التجارب السياسية أن الإصلاح يمتلك رصيده الوطني من تعامله مع الأحداث بحكمة وبصيرة بعيداً عن شطحات الوطنية ونداءات التهور.
وفي ظل التدافع التحرري وسياق البرامج السياسية القائم الآن فليس من العيب أو الخطأ تفكير هذا الحزب أو ذاك التيار في الوصول إلى الحكم كحق مشروع دستورياً لأي طرف ما دام يمتلك المقومات المؤهلة لذلك، وإدارة الدولة ليست حكراً على حزباً بعينه، والشعب الذي خرج إلى الساحات اليوم لرفض الظلم وإيقاف توريث الجمهورية قادر أن يخرج غداً لرفض أي مشروع يستهدف تدجينه وقتل إرادته ونسف مطالبه المشروعة.
إن الإسلاميين الذين يتخوف منهم البعض في الداخل ويخوفوا به الخارج ينتمون لهذا الوطن ويدركون جيداً مصلحته مثلهم مثل بقية الأحزاب في الساحة، والواقع العربي والإقليمي ملئ بالتجارب السياسية الناجحة في هذا المضمار فتركيا العلمانية استطاعت أن تقدم دولة إسلامية في مجتمع علماني والشعوب الحية التواقة إلى التغيير لا يهمها من يحكم بقدر ما يهمها النتائج التي ستعود عليها من هذا الحاكم؛ هل ستكون وبالاً عليه أم متبنية لقضاياها، ومحققة لرغباتها وتطلعاتها نحو النتيجة والعدالة والحرية والمساواة.
إن أكبر مشكلة تواجه النخب في اليمن هي الإحكام المسبقة والتوجس من الآخر والقفز على الحاضر نحو المستقبل دون مراعاة لحدود الممكن والمستحيل، وغذى هذه المشكلة طغيان المشاريع الفردية والمصالح الشخصية على المصلحة العامة مما أوجد بيئة مفككة ترفض ما يأتي من الداخل وتشككك في نوازعه بينما ترتهن للخارج وتعقد عليه آمال التغيير وتنتظر منه خارطة الطريق للمستقبل

* عن صحيفة الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.