دعا زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الأميركيين الى الضغط على البيت الأبيض لإنهاء الحرب في العراق وأفغانستان وذلك في "رسالة الى الشعب الأميركي" بثته مؤسسة السحاب الذراع الإعلامية للتنظيم على موقع إلكتروني. ووجه بن لادن رسائله إلى ثلاث جهات أساسية أولاها الشعوب الغربية ليحذرها من دعم إسرائيل ويهددها بمناسبة الرسوم المسيئة، وثانيتها الأميركيون الذين يحذرهم من الخطر الذي يهددهم بسبب تصرف إداراتهم وبسبب دعمهم لإسرائيل، أما الجهة الثالثة فهي الشعوب الإسلامية التي يدعوها مرة إلى مواصلة الكفاح ضد الأميركيين، وأخرى إلى الثورة على حكامها الذين يتهمهم بالتآمر مع الغرب ضد المسلمين، وثالثة إلى فك الحصار عن غزة.
وأكد بن لادن في رسالته إنه مستعد لحرب استنزاف طويلة إن رفض الأميركيون وقف حروبهم، وإن المسجد الأقصى سيبقى في دائرة الاهتمام مهما طال الزمن. مضيفاً إنه على استعداد للتجاوب مع التغيير إن قرر الشعب الأميركي ذلك، موضحا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبقى على الفريق العسكري نفسه لسلفه بوش الذي يُسوِّق للحروب.
وقال بن لادن مخاطباً الشعب الأمريكي "إن سبب خلافنا معكم دعمكم لحلفائكم الإسرائيليين المحتلين لأرضنا فلسطين ومظالم أخرى" مشيرا الى أن ذلك هو "ما دفعنا للقيام بأحداث سبتمبر 2001".
وأوضح بن لادن إن الرئيس الأمريكي باراك اوباما "عاجز" عن وقف حربي العراق و أفغانستان. كما وجه بن لادن اللوم في تلك الحربين على ما وصفه بأنه "اللوبي الإسرائيلي" والمصالح التجارية.
وخاطب الأمريكيين قائلا "آن الأوان أن تتحرروا من الخوف والإرهاب الفكري المفروض عليكم من قبل المحافظين الجدد واللوبي اليهودي وان تسالوا أنفسكم هل أمنكم ودماؤكم أحب إليكم أم امن الإسرائيليين فان اخترتم أمنكم وإيقاف الحروب نحن مستعدون للتجاوب مع هذا الخيار".
وأكد إن الحربين في العراق وأفغانستان شنهما اللوبي المؤيد لإسرائيل في البيت الأبيض والمدافعون عن مصالح الشركات الكبرى ولم يتسبب بهما الإسلاميون، على حد قوله. وتابع إن "البيت الأبيض محتل من مجاميع الضغط" هذه.
وبحسب بن لادن فان الرئيس الأميركي باراك اوباما لا يملك سلطة تغيير مساري الحربين ومما يؤكد ضعفه إبقاءه على وزير الدفاع روبرت غيتس ومسؤولين آخرين في إدارة الرئيس السابق جورج بوش في مناصبهم.
وكان آخر خطاب لبن لادن في 3 يونيو، أعلن فيه رفضه انفتاح اوباما على العالم الإسلامي.
ويأتي بث هذا الشريط بعد يومين من مرور الذكرى الثامنة لاعتداءات 11 سبتمبر التي أعلنت القاعدة مسؤوليتها عنها وقتل فيها نحو ثلاثة آلاف شخص.
تحليل الخطاب من جانب آخر (أ ف ب) قال محللون إن زعيم القاعدة أسامة بن لادن بدا في رسالته الجديدة التي وجهها للشعب الأميركي رجلاً ضعيفاً منهكاً مطارداً ويبحث عن مخرج وطوق نجاة.
وقال ضياء رشوان المختص في قضايا الإرهاب "في هذه الرسالة نهج مختلف نسبيا هناك تحول واتجاه تبريري لأحداث 11 سبتمبر. مضيفاً أن هناك تركيز على التبرير ولا يوجد تهديد" تبدوا واضحة من خلال تأكيد أن اعتداءات سبتمبر نفذت ردا على الدعم الأميركي لإسرائيل و "مظالم أخرى".
وأشار رشوان نائب مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية الى أن بن لادن وبخلاف عادته "لم يحي الشهداء ال 19 وغزوة سبتمبر ولم يقل انه يفخر بهم".
وخلص رشوان الى انه "من الواضح ان الضربات في شمال باكستان منعكسة على وضع القاعدة هناك" في إشارة الى الضربات التي تتلقاها القاعدة في المناطق القبلية شمال باكستان.
ولاحظ رشوان انه "للمرة الأولى يتحدث (بن لادن) بشكل ايجابي عن ثلاثة رؤساء أميركيين وكان قبل ذلك يفرق بين الشعب الأمريكي والإدارة الأميركية أما الآن فيفرق بين إدارة وأخرى". والرؤساء الثلاثة الذين أشار بشكل ايجابي إليهم بن لادن هم اوباما الذي قال "شيئا ايجابيا عن خطبته في القاهرة" في 3 يونيو 2009 والثاني هو جيمي كارتر الذي أشار الى موقفه تجاه الفلسطينيين والثالث جون كيندي (اغتيل في 1963) مؤكدا أن "اوباما سيلقى المصير ذاته إذا اتبع سياسة مختلفة عن سياسة المحافظين الجدد".
أما المحلل السعودي أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في جدة، فقد كان قاطعا أكثر في تأكيده ضعف بن لادن. وقال "لأول مرة أرى بن لادن بهذا الضعف" مشيرا الى انه يعرفه "شخصيا قبل أن يخرج (من السعودية) الى السودان".
وأضاف عشقي "هذا يدل على انه في موقف حرج خصوصا أننا سمعنا انه بدأ بشعر بالضغط عليه من قبل طالبان وذهب الى باكستان و(أنصاره) العرب في باكستان خرجوا الى اليمن والصومال (..) بن لادن بدأ يتعرض لعملية تفكيك لجماعته نتيجة الضربات القوية التي تلقتها".
وأكد المحلل السعودي أن زعيم القاعدة "يبحث عن مخرج لوقف هذه العمليات". وأشار عشقي من جانبه الى سعي زعيم القاعدة الى تبرير الإرهاب بانحياز السياسة الأميركية لإسرائيل غير انه اعتبر أن تبريره لا يخلو من تناقض. وأوضح "بن لادن يقول إن من أهم أسباب ضربات سبتمبر الظلم في فلسطين، وهو بذلك يحاول تلميع صورته، لكن ما دخل فلسطين بالضربات في السعودية والخارج؟ (الغرب)".