علقنا الكثير من الآمال على ما سيصدر من المجتمع الدولي, وكأننا ننتظر دعامة ما! ترتكز عليها سماء طموحاتنا, دون أن ننظر إلى أن الخارج عادة .. ما يحمل الطقس السيئ ويسير وفق تقلبات المناخ, فهو بالتالي طقس غير صحي على الإطلاق, وقد يصيب الثورة – كما يحصل - بالكثير من الأزمات, أقلها تأخير الحسم ..هذا الأمر شاركت فيه قوى سياسية لها رؤى تختلف عن رؤى شباب الثورة ،حيث ساعدت على لجم الثورة بطريقة مبتذلة, وبمبررات واهية لم تقنع أحد حتى قادة هذه القوى أنفسهم!! فهم حين يَعلقون في أنفسهم يرمون بالكرة في ملعب الشباب, ليقولوا: على الشباب أن يفعلوا..وعلى الشباب أن يتركوا, فيما لم نفهم ماذا على هذه القوى أن تفعل إذاً ! وكأن الشباب مجرد ستر لعورة هذه القوى السياسية التي كشفتها رياح التغيير .. كما أن بعض هذه القوى حين شاركت في الثورة شاركت بعقلية استئثارية, وشهوة مطلقة للاستحواذ على كل إنجازات الثورة, دون حتى أن يكون لها فضل انطلاقة شرارة هذه الثورة, عدا عن الممارسات التي كانت تحدث بحق الثورة والثوار على حد سواء، من قبل بعض الفئات المحسوبة على هذه القوى في الساحة، حتى كان الكثير من الشباب يشعر أن النظام يعيد إنتاج نفسه داخل الساحة بصورة أبشع, وبثوب الثورة نفسها!! وبطريقة تشبه تماماً ما كان يفعله نظام سعينا كيمنيين جميعاً بكل قوتنا, إخلاصنا وحبنا للبلد وللإنسان اليمني إلى إزاحته عن كاهل الأمة اليمنية, والذي كان يرزح بكل ثقله التاريخي البشع على ظهر شعب لازال يُغدر به حتى اللحظة - وبالنظر إلى أن الشباب أكثر صدقاً وجدية في إنجاز الحسم الثوري - فإن هذه القوى لم تكن تبحث سوى عن انتصارات سياسية ولو حتى على سبيل الوهم,كما يتضح من أدائها على الأرض,وتعاملها مع متغيرات ومتطلبات المرحلة ,مما يجعل البعض يؤكد على كلام الرئيس السابق بأن هذه القوى غير مستعدة على الإطلاق لإدارة حكم البلد!!!! ومع ذلك كله فإن الشباب لديهم الكثير من القبول بالآخر, وصدورهم العارية التي واجهوا بها الرصاص عارية أيضاً من أي موقف مسبق تجاه أي تيار سياسي أو جهة حزبية,لكنهم ليسوا على درجة من السذاجة بحيث يمرر عليهم أي طرف ما يريد وبالطريقة التي يريد أيضاً . كما أن ما يحدث من إرهاصات, وأزمات مفتعلة, وإشعال لفتيل الحرب الأهلية يجب أن لا يؤثر في سلمية الثورة, ولا يجب أيضاً أن ينعكس على أداء الثوار وعزيمتهم, فالثوار حين خرجوا إلى الشارع وصمموا على إسقاط هذا النظام -الذي جعل من شعبٍ بأكمله مجرد أيتام تصرف عليهم جمعيات خيرية - قد وضعوا كافة الاحتمالات نصب أعينهم, وهم يعرفون جيداً تكلفة وضريبة التغيير, وأن الثورة ليست نزهة بالتأكيد خاصة وهي تسعى لإسقاط نظام أثخن البلد بالكثير من المشاكل التي ورثها كتركة ثقيلة ,كما يدركون جيداً ويدرك كافة اليمنيين أن الأزمات التي يشهدها البلد لم تظهر فجأة بظهور الثورة, فأزمة الكهرباء, واختفاء الغاز, والتقطعات, والمعارك اليومية في وسط العاصمة, واستلاب الأراضي والكرامة أيضاً.. وكل هذه الفجاجة الوقحة ,والعقاب الجماعي لشعب يدفع ثمن خياراته تسير بوتيرة شبه يوميه على الأرض فما هو الجديد إذاً؟! لقد شكلت الثورة في انطلاقتها كل القيم النبيلة للدولة, وأسست ساحاتها صورة مستقبلية لما يجب أن تكون عليه الدولة المدنية, بكل ما تحمله كلمة مدنية من معنى, فلنستمر في سلميتنا, ولنكن أوفياء لدم الشهداء, ونبتعد عن حسابات الساسة, وتخرصاتهم.