تعيش اليمن على وقع الترقب لما ستئول إليه الأوضاع خلال الأيام القليلة القادمة. وأقرت أحزاب اللقاء المشترك المعارضة يوم 17 أغسطس المقبل موعداً لانعقاد الجمعية الوطنية لتشكيل المجلس الوطني. وكان بيان صادر عن المشترك قال «ان يوم 17 رمضان الجاري الموافق 17 أغسطس سيكون موعدا لانعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية التي ستشكل الحاضن الوطني للثورة الشعبية، وستختار من بينها مجلس وطني يتولى قيادة قوى الثورة واستكمال عملية التغيير الثوري والسياسي». وأوضح البيان أن اللقاء المشترك يعقد حاليا اجتماعات لمناقشة ومراجعة خطوات ومتطلبات الإعداد النهائي لانعقاد الجمعية الوطنية لقوى الثورة الشعبية السلمية والنتائج التي توصلت إليها لجان التواصل مع مختلف قوى ومكونات الثورة وأنصارها، معبرا عن ارتياحه للنتائج التي توصلت إليها لجان التواصل ولجان الإعداد الفني والأدبي. وقال المحلل السياسي محمد جسار إن «كل المؤشرات والمدخلات لعملية تشكيل مجلس وطني تشير إلى أن تشكيل المجلس ليس إلا ورقة ضغط تستخدمها أحزاب اللقاء المشترك لتحسن من قدرتهم الحوارية على طاولة المفاوضات». وأضاف جسار بان «الثورة، أي ثورة في الدنيا لا تقبل أن تتفاوض مع من ثارت عليه.. ولا أن تتشارك ولا أن تتقاسم معه السلطة»، وقال ان مؤشرات تشكيل «المجلس الوطني» الذي تتبناه أحزاب المشترك تشير إلى أن الغاية البعيدة هي مشاركة السلطة الحالية في سلطة مستقبلية، وهو ما لا يحقق الغاية الثورية بأي حال من الأحوال. وقال ان المطلوب حاليا هو نقل كامل وغير مشروط للسلطة عبر أية وسيلة ومن بينها ما اقترحه حزب رابطة أبناء اليمن (حزب معارض)، والذي يعد المقترح الممر الأمن للبلاد والمتمثل في تشكيل مجلس عسكري يتسلم السلطة ثم مجلس انتقالي يتولي التحضير للعملية الديمقراطية المقبلة. ويترقب يوم 17 من أغسطس الجاري وسط تحذيرات من الحكومة اليمنية انفجار الأوضاع والدخول في حرب مع المؤسسات الدستورية وكذلك حرب أهلية.
ويرى حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بان هذا المجلس الوطني يهدف «لخلق الفوضى»، وسيكون إعلانا جديدا من المشترك للتصعيد للازمة. وقال الدكتور على مطهر العثربي عضو اللجنة الدائمة بالمؤتمر، وهو متخصص في السياسة الدولية والداخلية بان «تشكيل ما يسمى بالمجلس الوطني من قبل المشترك بالنسبة لنا في المؤتمر الشعبي العام لا يعني شيء، لأننا في المؤتمر تعودنا خلال السنوات الأخيرة على ان أحزاب اللقاء المشترك تسعى إلى تشكيل كيانات غير شرعية تهدف الى خلق الفوضى وعدم الالتزام بالدستور». وأضاف العثربي بان شرعية أحزاب المشترك هي في الأحزاب القائمة فقط، وان مسألة تشكيل كيانات جديدة «تعني الهروب من إيجاد حلول للبلد والعمل في اتجاه خلق الفوضى لا أكثر». وقال «ان إقدام المشترك على تشكيل ما يسمى بمجلس وطني في 17 اغسطس الجاري يعني العمل باتجاه التصعيد للازمة.. فنحن كلما اقتربنا من اتجاه طاولة الحوار كلما صعد المشترك واستخدم أساليب تعمل على التباعد وهذا يعني التهرب بكل وضوح من الحوار الوطني الجاد». وينظر شباب ساحات وميادين الاعتصامات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح في عدد من المدن اليمنية على ان تشكيل المجلس الوطني بانها نتاج للعمل الثوري القائم وسيوضح الطريق للمرحلة القادمة لليمن. وقال وليد البكس الصحفي والناشط في ساحة التغيير بصنعاء بان تشكيل المجلس الوطني «يعد آخر مراحل الفعل الثوري وسيضم كافة التكتلات الثورية الصغيرة في الساحات والميادين الثورية وبذلك فان الفعل الثوري سيبدأ مع تشكيل المجلس الوطني بطريقة اكثر فاعلية واكثر تنظيمية لقيادة المرحلة القادمة». وأوضح البكس بان ما بعد تشكيل المجلس سيكون العمل اكثر وضوحا، وستكون هناك جهة تنظيمية معنية بالعمل يستطيع التعامل معها الأشخاص والكيانات والمنظمات والمؤسسات، وسنشاهد رؤية واضحة وكاملة للمرحلة القادمة. وتوقع البكس أن يلاقى المجلس الوطني قبولا كبيرا من المحيط الإقليمي والدولي، مستدركا بأنه قد تحصل مستجدات من الجانب الدولي في التعاطي مع المجلس وهذه توقعات شبه مفتوحة على احتمالات عديدة سيترتب عليها السؤال إلى أين وصلت المبادرة الخليجية خاصة مع تواجد الرئيس صالح حاليا في الرياض وقد يسبق تاريخ تشكيل المجلس ويبادر صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية. من جانبها، حذرت الحكومة اليمنية من تشكيل مجلس وطني من قبل المشترك. وقال عبده الجندي نائب وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة اليمنية في مؤتمر صحفي عقد الأسبوع المنصرم ان «الحكومة تحذر أحزاب اللقاء المشترك من السير فى إعلان تشكيل ما يطلق عليه المجلس الوطني في 17 أغسطس»، مضيفاً ان الإعلان عن مثل هذا المجلس سيؤدى إلى الدخول في حرب مع المؤسسات الدستورية القائمة في الدولة لأنه يعنى إقامة دولة داخل دولة، الأمر الذي سيغرق البلد بكاملها في حرب أهلية. بحسب تعبيره. وكانت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وهي إحدى الكيانات التي ينضوي بها المشترك قد أعلنت في 20 يوليو الماضي تشكيل «مجلس وطني لقوى الثورة الشعبية السلمية» في البلاد من أجل توحيد وتنسيق جهودها وتصعيد الفعل الثوري للإسراع في تحقيق أهداف الثورة، وإن المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية يعد مؤسسة شعبية وطنية ومرجعية تشريعية ورقابية يمثل مختلف ساحات التغيير والحرية بعموم محافظات اليمن. وتتمثل مهامه في توحيد وتنسيق الجهد الوطني وتصعيد الفعل الثوري بهدف تسريع انجاز أهداف الثورة الشعبية الشبابية السلمية، وقالت بأنه سيجري الإعلان عن التشكيلة النهائية للمجلس خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين.. الا ان المدة تم تجازوها ولم ينجح تشكيل المجلس ولم تعرف الأسباب التي تقف خلف ذلك. كما كان تم الإعلان خلال الأسابيع الماضية من قبل عدد من الكيانات الشبابية في ساحة التغيير بصنعاء عن تشكيل أسموه «المجلس الانتقالي» لإدارة البلاد إلا انه باء بالفشل ولم ينجح كذالك ولم يعد الحديث يدور عنه في الساحة اليمنية خاصة مع إعلان المشترك عزمه تشكيل مجلس وطني. وتشهد اليمن موجة احتجاجات مطالبة بإسقاط النظام منذ بداية فبراير الماضي وقد تخللها اعمال عنف سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى.
عن وكالة أنباء شينخوا (بتصرف). الصورة لطفل من أنصار الرئيس صالح في ميدان السبعين يوم الجمعة 12 أغسطس (رويترز).