اليمن ذاك البلد الجميل الذي يحمل من اسمه الخير والتفاؤل بل وأطلقوا عليه قديما اليمن السعيد وبلاد السعيدة عاش بلدا حرا وأهله يتميزون بالنخوة والنجدة والعزة والكرامة والكرم ولم تمر عصور على اليمن عُرف عنها أنه خضعت للمستبدين أيا كانوا باسم النسب والدين كما حكمت الإمامة اليمن لفترات وإن استتب لها الأمر أحيانا لكنه كان الهدوء الذي يسبق العاصفة . ومن أسوأ العصور التي مرت على هذا البلد العظيم هو عصر الرئيس صالح .. وقومه الذي حولوا اليمن إلى إقطاعية محضة لهم .. ويا ليت أنهم كانوا كسابقيهم فيهم بقية خير لكنهم جعلوا الحكم وسيلة لابتزاز الشعب والعيش على حساب كرامته وآدميته . فمن غير حكم صالح وقومه ... جعل اليمن مسرحا للانتهاكات الخارجية التي تسرح وتمرح كيف ما تشاء مقابل بضعة دولارات بيعت فيها السيادة الوطنية . ومن غير حكم صالح وقومه .. بيعت الحدود بأرخص الأثمان كما بيعت كل المنشئات الحيوية والثروات الوطنية كميناء عدن والغاز الذي أهدى لكوريا بثمن بخس مقابل أن تقبض الشلة المتربعة على رأس الحكم ثمن إبرام هذه الصفقة حفنة من الدولارات أيضا . ومن غير حكم صالح وقومه أهدر آدمية الإنسان اليمني في كل بقاع العالم .. فصار ذلك الإنسان المتخلف الإرهابي الجاهل المتسول الذي لا يعرف عنه شيئا إذا ذكر أنه يمني سوى القات والقتل والسلاح . ومن غير صالح وقومه .. حاربوا الشرفاء والوطنيين والكفاءات الوطنية وقرب المنافقون واللصوص والبلاطجة وكل ساقط في المجتمع ليعتلوا أعلى مناصب الدولة ويُسلطوا على رقاب الناس . ومن غير صالح وقومه .. نهب الأموال العامة والخاصة وحولوها إلى فيد وغنيمة يتقاسمها الآباء والأبناء من المقربين منه الذين جلهم لم يقدم لليمن سوى الدمار والخراب والهلاك ونشر الرذيلة . مجلدات لا تكفي .. لأن نعد مساوئ هذا الرجل ونظامه البائد على مدار 33 عاما فقد أفسد الحياة السياسية والاجتماعية والسلوكية العامة والخاصة . لكن الجديد تمثل في المنعطف الخطير الذي راود صالح في السنوات الأخيرة وهو حلم توريث السلطة حيث يورث النظام واليمن والشعب برمته لأبنائه وأبناء أخيه حتى صار هذا الهاجس هو شغله الشاغل وارتكب في سبيل تحقيقه كل عمل مشين ابتداء بتصفية السياسيين المعارضين لهذا التوجه وخاصة من داخل المؤتمر الشعبي العام مرورا بتصفية العسكريين في جميع الوحدات التي لا توافقه على هذا المنحى الخطير حتى ظل أكثر من عشر سنوات يبني الحرس الجمهوري بأحدث الأسلحة والتدريبات وشراء ولاءات الجنود والضباط حتى يدينوا بالولاء الشخصي والمطلق لأبنه أحمد من بعده ، ومن أجل ذلك أنشأ القوات الخاصة والحرس الخاص واستمال الأمن المركزي على هذا الأساس وأقصى أخاه على صالح الأحمر من قيادة الحرس (قبل أن يعيده مجددا مع انطلاق الثورة) .. وسعى صالح أيضا لعرقلة الحياة الديمقراطية بتنصله عن اتفاق فبراير حتى يتسنى له ترتيب مخطط توريث السلطة قبل أن تنتهي ولايته الأخيرة لرئاسة البلاد . ولما اشتد عود الأبناء الطامعون بالرئاسة .. واشتد معه انسداد الأزمة بين صالح والمعارضة كنتيجة لتبرمه من تطبيق اتفاق فبراير وما تلاها من تهرب من إصلاح العملية السياسية والانتخابية ودخلت البلاد في أتون أزمة سياسية افتعلها صالح من أجل أن يقنع الجميع بالأمر الواقع وفي ظل صبر بلغ مداه للمعارضة .. جاء ربيع الثورات العربية الذي أحدث هزت لدى الزعامات بل وأطاح ببعضها ، ليجد صالح نفسه في موقف لا يحسد عليه وقد خرج الشعب اليمني بالملايين مطالبا إياه بالرحيل ليرتكب الحماقات كعادته حينما أقدم على مجزرة جمعة الكرامة وما تلاها من تداعيات جعلته على وشك الرحيل سواء من جراء الضغوط الداخلية وانهيار نظامه أو من الضغوط الدولية والإقليمية وكان آخرها المبادرة الخليجية التي رفضها مرارا . وحقيقة الوضع أن صالحا صار واجهة لعصابة النظام الذين أرادوا لها أن يلعب دورا مرسوم له حيث يصلون من خلاله إلى الأخذ بتلابيب السلطة وخوفا من أن يقوم صالح بتوقيع المبادرة الخليجية أو غيرها لنقل السلطة وتفوت عليهم هذه الفرصة قاموا بتدبر حادثة جامع النهدين الذي تذكر المصادر أنه أثناء الخطبة خرج من المسجد طارق محمد عبد الله صالح ابن اخو الرئيس وعلي صالح الأحمر الأخ غير الشقيق وهما أحد من قاما بالعملية وخططا لها بمباركة الباقين وكان الهدف من ذلك التخلص من شخص الرئيس صالح حتى لا يوقع على أي اتفاق لنقل السلطة وهدف آخر هو الاستفادة من هذه الحادثة لتصفية شباب الثورة تحت مبرر الاعتداء على رئيس الجمهورية. إذا علي صالح أصبح مجرد دمية ولعبة بيد الستة الرهط الذين يفسدون في اليمن ولا يصلحون إنهم ابنه احمد قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وأبناء أخيه طارق قائد الحرس الخاص وعمار وكيل جهاز الأمن القومي ويحيى رئيس أركان الأمن المركزي وأخواه غير الشقيقين محمد صالح الأحمر قائد القوات الجوية وعلي صالح الأحمر أركان حرب الحرس الجمهوري مؤخرا. هؤلاء الستة هم من يعبث بأمن اليمن ويقودونها إلى المجهول .. هم من يقطعون الوقود والكهرباء كعقاب جماعي للشعب اليمني هم اليوم من يقتلون الشعب في تعز وأرحب ونهم وكل مكان في اليمن .. هم من يريدون عقر اليمن كما عقر قوم صالح الناقة (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها ) فحري بشعب اليمن أن يستأصلوا هذا الورم الخبيث الذي بدأه صالح وظل ينتشر ويتكاثر حتى أهلك الحرث والنسل ..وحري بشباب الثورة والثوار أياً كانوا معارضة أو جيشا مؤيدا للثورة أو قبائلا وأحرارا أن يقتلعوا جذور هؤلاء الرهط المفسدون وأن يعجلوا بالحسم الثوري لأنهم قد بلغ بهم الشر مبلغا ولا يمكن أن يعودوا إلى جادة الصواب وفقا للمبادرات أو الوساطات ومراعاة المصالح الوطنية فهم قد أدمنوا الإجرام وسفك الدماء ونهب أموال البلاد .. ولسان حالهم يقول إما نحن أو الدمار والهلاك .