"في تصوري أن الرئيس جاد في البحث عن حل سياسي يضمن له خروجاً مشرفاً من الحكم، وقد بلغني أنه يردد دوماً أنه لا يريد أن يحدث لليمن أي تصدع أو انهيار في عهده، وأرجو أن يجسد هذا الحرص من خلال خطوات جادة لنقل السلطة". هذا الكلام "الجميل" لم يتفوه به عبده الجندي، أو سلطان البركاني، لكنه ورد حرفياً في إجابة رئيس مجلس إدارة وكالة سبأ للأنباء المستقيل نصر طه مصطفى، حين سئل في مقابلة صحفية حديثة عن رأيه حول تمسك علي عبدالله صالح... بالسلطة!!.
إذاً، فالأخ نصر "يتصوّر" أن صالح جاد في البحث عن حل سياسي، ويعتقد أيضاً أنه ما زال هناك متسع أمام الرجل ل"خروج مشرف"، بعد كل المصائب التي حلت على اليمن بسببه، بل يذهب نصر أبعد من هذا، لينقل عن صالح رغبته الأكيدة بأن لا تتعرض البلاد لأي تصدع أو انهيار في... عهده!!.
لا أدري تحت أي صنف من أصناف الكلام يمكن أن تندرج مثل هذه المغالطات، فلا أراها حرية رأي، ولا هي بالرؤية السياسية، ولا هي بالتحليل الموضوعي المستند إلى أية حقائق أو... براهين!.
ربما يمازحنا الأخ نصر، الذي قرأنا له "بإعجاب" مقالات كثيرة تتحدث عن فكر ورؤى وحكمة القائد الفذ، أو ربما هو يقصد أن صالح حريص على أن لا تتصدع سلطته هو، وأنه خائف من انهيار امبراطوريته، التي أسسها على حساب اليمن، ومصالح... شعبها!.
للمثقف دور مفترض، لعل من أهم أسسه ومبادئه قيادة وعي الجماهير إلى بر الأمان، والارتقاء بهذا الوعي بعيداً عن الحسابات الأنانية... الضيقة.
كما أن مسؤولية المثقف مضاعفة، على الأقل إذا ما قورن برجال السياسة، الذين قد يتقلبون بحسب اتجاه رياح المصالح الشخصية، ومن المؤسف فعلاً أن ينحرف بعض مثقفينا بهذا الدور، وفي ظل ظرف خطير بالغ الدقة، كالذي تمر به... بلادنا!!.
ترى هؤلاء البعض يسطرون المقالات، وينتشرون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت، يبثون أفكاراً انهزامية، ويغررون بالناس، ويزعزعون ثقتهم بأنفسهم وببلدهم، وفي حين يتذاكون في إظهار حيادية كاذبة، نجدهم يكرسون حالة من الإحباط، ويضعون العراقيل أمام أي بادرة باتجاه خروج اليمن من محنتها... الخانقة!.
نقطة أخيرة: الكلمة مسؤولية، والمثقف الذي يخل بمسؤوليته، يسيء لنفسه، ولمجتمعه، و... لوطنه!!.