أن تكون من سكان الحصبة إقرأ على روحك الفاتحة قبل أن تدخل أو تخرج من بيتك، فحياتك معرضة للخطر.. القصف لا تعرف مصدره.. هي حياة قصيرة مرت بك منذ ولدتك أمك والآن قابضي الأرواح مستعدون لانتزاع روحك من بين جوانحك، ليس أمامك إلا أن تغمض عينيك وتتوكل على الله وتمر مر السحاب، فإن عدت أو لم تعد فلا شيء سيتغير بالنسبة لهم. أناس يدافعون عن بيوتهم وقوات تقصفهم بكل الجبروت المعهود للمستكبرين في الأرض، ونحن سكان الحصبة تقع علينا القذائف ولا راد لقضاء الله ولا بواكي لنا.. ومنذ حرب الحصبة الأولى أو حرب داحس والغبراء كما يسميها بعض الظرفاء والى الآن والقلوب مشدودة والأكف مرفوعة إلى بارئها عز وجل ان يلطف بنا وبكل أهل اليمن من شر هذه القذائف القادمة عبر بحار العالم وتجار البارود من كوريا وروسيا والصين لتستقر في أجسادنا الضعيفة وتودي بالكثيرين في مهاوي الردى. بعد اشتباكات صنعاء الأخيرة منذ الثامن عشر من سبتمبر ونحن على أهبة الاستعداد لما لا يحمد عقباه لا ندري إلى أين نهرب فكل صنعاء تحت جبال المعسكرات المتوترة والتي تطلق النار على أعداء الله نحن أهالي صنعاء المقيمين في ذمة الله وتحت رحمة الحرس الجمهوري أو العائلي لم يعد يهمنا اسمه ولا رسمه، ما يهمنا أن يبعدوا فوهات مدافعهم عن رؤوسنا المتصببة عرقا في عز الشتاء من هول ما يجري حولنا . في حرب الحصبة الأولى هربت مع عائلتي إلى الحديدة وجربنا الهروب او ما يسمونه النزوح وعدنا إلى صنعاء لنستأجر بيتا غير بيتنا في أطراف صنعاء وما إن هدأت الأوضاع حتى عدنا إلى بيتنا الحبيب ، ولا أراكم الله شر النزوح ولا ترك بيوتكم، كانت مأساة لم اعش مثلها في حياتي. نحن في سبتمبر وهو شهر يعرفنا اليمانيون ونعرفه، فيه قمنا بثورتنا الأم، وهاهي ثورتنا السبتمبرية تلوح في افق سبتمبر من جديد، وهكذا التاريخ ربما يتكرر ويعيد للشمس القها من جديد. لم أكن أتوقع ان تبلغ الجرأة بأن يطلق الجنود النار على العزل في المسيرة السلمية والتي جابت شارع الزراعة، وماذا يعني خطا اخضرا لمواطنين عزل في عاصمتهم يتظاهرون مطالبين بما يريدون، فهم أحرارا أو هكذا قال سيدنا عمر ابن الخطاب متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا، لكن هناك من يريد ان يوجه الكون بأمره ويقول للناس لا أريكم إلا ما أرى، مع أن هذا يستحيل ان يحدث في الربيع العربي الذي اعقب سنوات الضياع التي عشناها في حكم العسكر. ننتظر فيك يا سبتمبر الثورة والثوار ان نرفع رايات النصر خفاقة على كل جبال، اليمن ولنرفع رؤوسنا نساء ورجالا في هذا البلد ونقول بصوت واحد شعبنا انتصر على الحكم الفردي العائلي الوراثي ،أراد الله لهذا الشعب العظيم الذي قُدت إرادته وعزيمته من صخر ، والذي ظل شهورا في الميادين سلميا دون أن يعتدي على أحد سوى أنه يطلب بحقه في الحصول على حياة كريمة أراد الله له أن يسطر أولى انتصاراته ونجاحاته في هذا الشهر البطولي التاريخي ليرسم عهدا جديدا بعيدا عن الإمامة بصورتها الحديثة ،وهاهي بشائر النصر لائحة في الأفق.