لو أن قريبا لك معتقل –ولن أقول مختطف- في أحد السجون, ترى كيف سيكون ردك؟ ذاك سؤال لابد لكل واحد منا, خاصة أولئك المحسوبين على الثورة, أن يجيب علية حيال مئات الشباب المختطفين من قبل أجهزة بقايا النظام, الذين يقبعون في زنازين وأقبية مختلفة. ثمة فرق يعرفه فقهاء القانون بين كلمة «معتقل» و«مختطف», فالأولى قد تعني أن شخصا اعتقل بتهمة جرم معين, وهو مشروع في الغالب, بينما تدل الثانية على أن جهة رسمية أو غير رسمية تمارس الاختطاف بدون وجه حق, وان كانت لها مطالب مشروعه, لكنها في كل الأحوال غير مبرر ما تقوم به. مؤخرا أطلقت عدة منظمات حقوقية, بينها «هود»,و«مساواة»,و«سواسية», نداء استغاثة لتبني حملة شعبية بمساندة إعلامية وحقوقية, للضغط على بقايا النظام لإطلاق سراح مئات المواطنين من سجونه. تتحدث هذه المنظمات عن تقديرات خطيرة, تكشف كيف تحولت أجهزة الأمن المناط بها حماية المواطنين وحرياتهم, إلى أشبه بعصابات للمافيا وتجار المخدرات تختطف من تشاء من أي مكان بدون تهمة وبدون مسوغ قانوني أيضا. يقول المحامي عبدالرحمن برمان, من منظمة «هود», المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان, إن لديهم إحصائيات عن اختطاف أكثر من 1500 شخص, اغلبهم من شباب الثورة جرى اختطافهم أثناء خروجهم في المسيرات أو عقب خروجهم من ساحة التغيير بصنعاء. هذه الأرقام تشمل العاصمة اليمنية صنعاء فقط, ومع ذلك يعتقد حقوقيون إن الأرقام اكبر بكثير, لاسيما وان عددا من ذوي المعتقلين لا يقدمون بلاغات, وبعضهم يتأخرون في إبلاغ هذه المنظمات, كما أن أقسام الشرطة تنفي احتجازها أي مختطف. الأخطر من هذا هو أن كل هؤلاء المختطفين جرى مصادرة حرياتهم لأنهم مارسوا عملا دستوريا بالتعبير عن أرائهم في التغيير وحقهم في الحصول على حياة كريمة. الخميس الماضي, كشف احد المختطفين المفرج عنهم, يدعى «رويشان محمد», في عقده الثالث خلال مؤتمر صحفي عقد بساحة التغيير بصنعاء, عن ما يمكن وصفه ب«فظائع», أو بمصطلح قانوني مقابل «جرائم», قال انه تعرض لها خلال فترة بقائه في السجن لمدة 14يوما. من تلك الأساليب, ربط العيون وتكتيف الأيدي للخلف والضرب بشكل يومي, ناهيك عن وضعه في غرف مظلمة بدون فراش وتعذيبه بالثعابين وحرمانه من النوم بأصوات مزعجه. وهناك الحرمان من الطعام, وممارسة أساليب العصابات في الابتزاز لأسر المختطفين, بحيث يتم مقايضة ذويهم بمبالغ مالية كبيره, مقابل الإفراج عن أبناءهم المختطفين. لابد أن نشيد بدور عدد من المنظمات, وفي طليعتها منظمة «هود», ومحامين في اللجنة القانونية بساحة التغيير لدورهم الكبير في متابعة قضايا هؤلاء المختطفين من خلال التواصل مع جهات الاختطاف والضغط عليها من اجل الإفراج عنهم, كما نجحت في عدد لا باس به.
غير أن ذلك يظل جهدا بحاجة إلى مناصرة ومساندة شعبية لتفعيل قضية المختطفين على المستويين المحلي والخارجي, والضغط على هذه الأجهزة من اجل الإفراج العاجل والكامل عن جميع المختطفين, بحيث نعيد لهؤلاء حرياتهم المسلوبة, ونمنع تمادي هذه الأجهزة في الاستمرار في عمل العصابات باختطاف الناس بدون مبررات مشروعة.