يبدو قرار الأممالمتحدة الذي يدعو الرئيس علي عبدالله صالح للتنحي ضعيفا وغير قادر على تغيير التوازن القائم في ظل غياب ضغوط خارجية حقيقية على النظام، إلا ان احتمالات التفجير قد تتصاعد في البلاد. ويرى محللون ان الحرب يمكن ان تشكل وسيلة لصالح ليحسن شروط تنحيه، وللمعارضين المسلحين وسيلة لإمكانية حسم النزاع المستمر منذ تسعة أشهر. وقال المحلل اليمني فارس السقاف مدير مركز دراسات المستقبل «أنا غير متفائل بان يوقع الرئيس صالح» على المبادرة الخليجية لانتقال السلطة تلبية لقرار مجلس الأمن رقم 2014، مرجحا ان يأخذ صالح «القرار النيروني، (احرق كل شيء)». واعتبر ان القرار الاممي يشكل «نجاحا للمسار السياسي والدبلوماسي للثورة» لكنه «لو أتى تحت البند السابع وتضمن عقوبات، لكنا شهدنا سرعة في النتيجة». وكانت الحكومة اليمنية أعربت في بيان رسمي أمس السبت عن استعدادها «للتعامل الايجابي مع قرار مجلس الأمن الدولي 2014»، لكن المراقبين لا يعولون كثيرا على إعلان النوايا هذا، فالرئيس قال مرارا انه يوافق على المبادرة الخليجية لكنه تهرب ثلاث مرات على الأقل من التوقيع في ظروف اقرب إلى الدراما. وغياب العقوبات والتهديدات في القرار لا يشعر صالح بقلق بالغ على ما يبدو. وقال المحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان «قرار مجلس الأمن والمستوى الحالي من الضغوط الإقليمية والدولية ليست كافية لتغيير الوضع القائم». والقرار الذي استخدم باب المبادرة الخليجية ليدعو صالح بشكل غير مباشر للتنحي «ليس فيه أي تهديد بعقوبات، وهو ما سيفهمه صالح على انه "لا شيء جديدا"» بحسب بدرخان. وبالنسبة للمحلل فانه على خلاف التصريحات العلنية، لا يوجد ضغط أميركي وسعودي قوي بما يكفي. وقال «لا أزال اعتقد ان الأميركيين والسعوديين لم يدخلوا في ضغط شخصي مباشر على صالح، والضمانات التي أعطيت له سابقا ما زالت مطروحة على الطاولة على الأرجح»، لا سيما في ما يتعلق بحصانته القانونية التي تنص عليها المبادرة الخليجية، لكن صالح يريد تأكيدا قويا لهذه الضمانات. ويؤكد صالح علنا وسرا ان تنحيه قد يدخل البلاد في نفق مظلم وان مشاكل اليمن الشائكة، وليس اقلها تنظيم القاعدة، قد تتفاقم في ظل نظام جديد يديره معارضوه الذي غالبا ما يتهمهم بالارتباط بالقاعدة. ويتساءل بدرخان عما إذا كانت الرياضوواشنطن «تصدقان في مكان ما بعض المخاوف التي يطرحها صالح» ولذا «لا يصل الضغط إلى النهاية». وعن موقف الرياضوواشنطن، قال المحلل في مركز بروكينغز في الدوحة إبراهيم شرقية ان «القرار ضعيف ومخيب للآمال لكنه غير مفاجئ لأنه يشكل بكل بساطة دعما دوليا للاعبين الأساسيين في الأزمة اليمنية، واشنطنوالرياض». وبحسب المحلل، فان القرار في جوهره لا يشكل تدويلا بل دعما للمبادرة الخليجية، وهو «نتيجة للاستراتيجية الأميركية والسعودية التي تتمثل بترميم النظام وليس تغييره، أي رحيل صالح وليس نظامه». فمن جانب، تتشكك واشنطن تجاه المعارضة اليمنية التي يسيطر عليها الإسلاميون ولا تريد تغييرا جذريا للنظام الأمني في ظل الحرب المستمرة مع القاعدة، أما الرياض فلا تريد نجاحا لثورة شبابية على حدوها الجنوبية، بحسب شرقية. وفي كل الأحوال، فان مزيدا من الضغط لا يعني بالضرورة حسم الأمور سلميا. ويقول السقاف ان صالح «سيعلن على الأرجح انه موافق على القرار الدولي وفي نفس الوقت يحاول جر البلاد وخصومه إلى حرب.. وسنشهد في الأيام المقبلة تصعيدا عسكريا دون إعلان الحرب بشكل رسمي». وبحسب السقاف، فان صالح يريد «تسوية ما بعد الحرب، وليس الخضوع لثورة سلمية». ويواجه صالح حركة احتجاجية سلمية تطالبه بالتنحي، إضافة إلى المواجهات مع مكونات قبلية مسلحة بزعامة ال الاحمر، وأخرى عسكرية منشقة مؤيدة ل«ثورة الشباب» بقيادة اللواء علي محسن الاحمر الذي كان ذراعه اليمنى في ما مضى. وقتل 20 شخصا أمس السبت في معارك بين المعارضين والموالين لصالح بعيد صدور القرار الدولي. وتنص المبادرة الخليجية على تسليم الرئيس السلطة لنائبه لتبدأ بعد ذلك مرحلة انتقالية مع انتخابات رئاسية وثم تشريعية، لكن صالح يسعى على ما يبدو إلى البقاء في منصبه حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة مع تأجيل إعادة هيكلة الجيش الذي يسيطر على المراكز الحساسة فيه عبر أبنائه وأقاربه، إلى ما بعد الانتخابات، الأمر الذي ترفضه المعارضة. وفي حال الحرب الأهلية المعلنة، قد يكون صالح غير قادر على الحسم بسبب الانشقاقات الكبيرة التي حصلت وقد تحصل في المستقبل. وقال السقاف «هو (صالح) غير قادر على الحسم في الحرب» المتهم بالسعي إليها، وعلى العكس، يمكن ان يكون الحسم لصالح معارضيه. وأضاف «لكن للأسف نظرتي الشخصية للازمة هي ان اليمن سيدخل في الحرب».
أما بدرخان فقال ان صالح «يمكن ان يذهب إلى التفجير إذا شعر ان هناك ضغط جدي عليه». وبحسب المحلل، فان صالح يعرف ان أحدا لا يستطيع ان يعطيه ضمانات داخلية و«بالتالي قد يسعى إلى ان ينتزع الضمانات» من خلال معركة يرمي بها بوجه المجتمع الدولي إذا حصل أي تطورات تضع حدا لما يراه «تعادلا» بينه وبين مناوئيه في الوقت الحالي. لكن شرقية الذي لا يرجح حصول تصعيد كبير من قبل النظام في ظل توازن القوى بين المعسكرين، يتساءل ما مصلحة صالح في حرب قد يخسرها، فبالنسبة له، «لو كان صالح قادرا على الحسم عسكريا، لفعل ذلك منذ اليوم الأول».