وجوه - أصدقائي الذين بادرتني وجوههم في أول أيام الثورة يقفون كالمعالم البارزة يغرقون الساحات بنظراتهم الحانية. إنهم كالأمهات يرمقن وليدهن الذي يكبر بغرام وحذر، إنهم يسعدون كلما خطا خطوة للأمام. ساحتنا تكبر - كان هذا المكان خيمةً من الورق. اليوم صار حائطاً من الحجارة. اليوم أفقك الوضاء يا ساحتنا يتسع. من أين لك هذا الجبين العريض. كيف كانت ساحتنا يا صاحبي صغيرة, وكنت تركض هائماً بحثاً عن الأمان. اليوم يا ساحتنا صرتِ حياتنا الجديدة، وصار صوتك الخفيض هادراً كأنه أغنية الرعاة في الجبال. مرحى لصوتك الهادر و.. وصمتك الجليل. عشاق الساحات - أمرّ بالساحات العظيمة كأنني ولهان. أقبّل ذا الجدار وذا الجدار. يا قيس هذه ليلى اليمانية. يا قيس هذه الماضي وهذه المستقبل. يا قيس هذه أرواحنا التي لا تذبل. يا قيس هذه الطفولة الأولى وهذه درب الصبا وهذه رشدنا. عدنا إليه بعد غينا الطويل. يا قيس كيف للعقال أن يعودوا دون أن نشفي الغليل! الشوق الطويل - من لهذا الشوق غير ثورة بمد البصر؟ من لهذه الأمنيات سواك يا قامتنا المديدة؟ من لهذا الجرح الغائر في قلوبنا سوى يديك؟ أيتها الثورة المورقة كالأزهار إننا عباد شمسك المضيئة وحملة عرشك العظيم. ليطمئن قلبي - إنني أعود كل مرة لأرقب الطيور والحمائم.. أعود كل مرة أفتش المساء نجمة نجمة.. وأسأل الأسحار والأزهار والتمائم.. أعود باحثة عن حبات العنقود .. لم ينفرط بعد .. إنهم الأصدقاء العاشقون للتراب والوطن يرقصون حيث كانوا يزرعون بالدماء والدموع بذور ثورة عظيمة نباتها الوطن..
إلى كل الناشطين والناشطات الذين غادروا الساحات : -- الذين يظنون أنهم قادرون على الخروج من قلب الثورة الدافئ مخطئون , إنهم يخرجون من أرواحهم .. أيها الأصدقاء الرائعون .. الصامتون الغاضبون .. العاشقون الحائرون .. الصادقون الساهرون .. الخاشعون كالأسحار في ليالينا الطويلة .. المضيئون كالصباح، الحارقون كالآهات عند كل موت، القادمون كالرفاق القدامى، عودوا الى غرامكم العميق كالجراح في قلوبكم، إنه هو السلوى، عودوا إلى أرضكم وسمائكم، عودوا إلى أعشاشكم يا طيورنا المحلّقة، فالثورة البيضاء ثوبكم، والثورة البيضاء لون قلوبكم، والثورة البيضاء صوتنا وضوؤنا وصبح عينينا وكل ما تبقى لنا، فارجعوا إلي رياضها فالثورة الغرّاء يا أعزائي هي بيتكم هي بيتكم.