بقلم جيب بون – مجلة السياسة الخارجية (فورين بوليسي) - ترجمة: مهدي الحسني خاصة بالمصدر أونلاين. صرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه يوم الاثنين إن سيتم مناقشة إمكانية تجميد أرصدة الرئيس علي عبدالله صالح في اقرب وقت ممكن. وكان المتظاهرون في أنحاء البلاد قد صعدوا من مطالبهم بتجميد أرصدة صالح خلال الأشهر الماضية واعتبروا ذلك يشكل الخطوة الأولى لإنهاء المأزق السياسي الذي أكمل شهره العاشر. وبعد الوقوع في حيلة صالح وتصديق انه سيوقع على المبادرة التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي، أدرك المجتمع الدولي أخيرا أن صالح لا ينوي ترك السلطة حتى نهاية 2013 على الأقل، وهي نهاية الفترة الرئاسية الرسمية له. وبدلا من استخدام عبارات الشجب والتنديد بقتل المتظاهرين السلميين وقرار مهذب وغير فعال من مجلس الأمن، ستكون المطالبة بتجميد الأرصدة والممتلكات هي المحاولة الحقيقية الأولى للضغط على الرئيس صالح للتنحي عن الحكم. وفي صنعاء عند مداخل ساحة التغيير تظهر لوحات عملاقة يبلغ ارتفاع بعضها 60 قدما تطالب بإنهاء حكم صالح الذي يمسك بمقاليد الحكم لأكثر من 33 عاماً. وبالرغم أن بعض تلك اللوحات مكتوبة باللغة العربية إلا إن جميعها تحمل العبارة الانجليزية والتي تعني «ارحل» GET OUT . ويقوم المحتجون برفع لافتات باللغة الانجليزية أثناء التظاهرات ويلوحون إلى الصحفيين بلافتاتهم التي أعدوها بأنفسهم باللغة الانجليزية. وقد بعثت اللجان المنظمة للثورة برسائل للرئيس أوباما وباقي القادة الأوروبيين يطالبون فيها المجتمع الدولي بزيادة الضغط على صالح للوفاء بالوعود التي قطعها بالتنحي عن السلطة. وبالرغم من أنها وعود بمناقشة تجميد أرصدة وممتلكات صالح مع باقي القادة الأوروبيين، إلا إن وعدا كهذا يعتبر الأول من نوعه من حيث الجدية تجاه صالح إلى ما هو ابعد من البيانات والخطب. وبعيدا عن المطالبة بالتدخل العسكري الخارجي والذي يعارضه معظم المتظاهرين، فقد قام اليمنيون بعمل كل ما في وسعهم لإسماع أصواتهم للعالم الخارجي. واليمنيون يعلمون جيدا بأن ثورتهم لم تحظى بتغطية إعلامية كبيرة من المجتمع الدولي، لهذا قرروا أن يكثفوا من نشاطهم الإعلامي من خلال تزويد الصحفيين الغربيين بالمادة الانجليزية، مشكلين بذلك لجان مكونة من المتحدثين باللغة الانجليزية لإصدار البيانات وعقد المؤتمرات الصحفية والحرص على أن تكون اللافتات واللوحات مكتوبة باللغتين الانجليزية والعربية. وما زالت الولاياتالمتحدة والدول الغربية تنظر إلى صالح كحليف في الحرب على الإرهاب والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولكن الحقيقة إن الرئيس اليمني يثير المزيد من عدم الاستقرار. وبينما يستمر القتال بين المنافسين السياسيين والقوات المنشقة في مراكز المدن اليمنية, يبقى الصراع مستمرا أيضا في المناطق القبلية الريفية. ومن الصعب على الصحفيين الغربيين تغطية الحرب التي تدور رحاها في مناطق أرحب ونهم في محافظة صنعاء بين رجال القبائل والقوات الموالية لصالح والمستمرة منذ شهور حيث هدد أبناء أرحب بالسيطرة على مطار صنعاء عدة مرات. أضف إلى ذلك إن المتمردين الحوثيين من الشيعة في شمال اليمن غرقوا في مستنقع القتال مع السلفيين في محافظتي الجوف وصعدة في الشمال منذ شهور. والسلفية عبارة عن ايديولوجية مرتبطة بالتطرف الإسلامي وهي معادية للشيعة بشكل كبير وتذهب بعيدا إلى حد تكفير المسلمين الشيعة. وقد أعلنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسئوليتها عن هجمات ضد المتمردين الحوثيين في صعدة و الجوف. ومما يثير الانتباه إن كثير من اليمنيين بينهم مسئولين في الحكومة يعتقدون إن المملكة العربية السعودية هي في حقيقة الأمر تقوم بتمويل ودعم رجال القبائل السلفيين لقتال الحوثيين، وهم مجموعة من الاشخاص الذين تخشاهم السعودية. ولقد ذهل العالم وأحرج السعودية ذلك الهجوم الذي شنه المتمردون الحوثيون على السعودية عندما حاولت التوغل في صعدة في العام 2009، بعد أن قامت بعض العناصر المتمردة بعبور الحدود باتجاه المملكة. وستستخدم الرياض كل ما لديها من قوات عسكرية قليلة الخبرة لاحتواء التمرد على الحدود اليمنية. تقديم الدعم للشيوخ السلفيين في كل من الجوف وأجزاء من صعدة من خلال إمدادهم بالأسلحة والمال يعد الطريقة الأكثر فاعلية لعمل ذلك. إن الاستمرار في التلكؤ في ممارسة الضغط على صالح للتخلي عن السلطة يساهم بشكل مباشر في إطالة الخلافات في المناطق الريفية في اليمن. لقد قام أبناء صالح وأبناء أخوته بقتال رجال القبائل المناهضين للحكومة في المناطق الريفية وداخل المدن بدءاً بالقتال الذي دار وسط صنعاء في شهر مايو بين اتحاد قبائل حاشد والقوات الموالية. وهذه القبائل لم تهدد النظام علنا باستخدام قوات السلاح ولكنها ببساطة تعهدت بتأييد ثورة الشباب السلمية. وبقراره قتال القبائل بشكل علني يكون صالح قد فتح على نفسه جبهة عريضة أمام شجاعة وإقدام قبائل اليمن. هذه المناطق القبلية تكون غالبا خارجة عن القانون وتخضع للقوانين القبلية وهي مستقرة نوعا ما. وبالرغم أن المناطق الريفية التي تخضع للحكم القبلي لا تسمح بالضرورة لعناصر القاعدة في شبه الجزيرة العربية أن تمارس نشاطها على أراضيها، إلا أن العنف والاضطرابات في هذه المناطق الريفية تمنح القاعدة في شبه الجزيرة العربية فرصة لبسط نفوذها في تلك المناطق والعمل فيها بحرية. حقيقة ان هذا الوضع قائما حاليا في محافظة أبين في جنوب اليمن حيث تدور معارك بين الجيش والمقاتلين المتشددين منذ عدة شهور. وقد بدأت تأثيرات ذلك القتال تظهر جلية في مدينة عدنالجنوبية، حيث أصبحت الهجمات الانتحارية ومحاولات الاغتيالات جزء من الحياة اليومية. ويخشى سكان عدن والنازحون إليها من أبين من هجوم شامل على المدينة. إن القلاقل التي تشهدها محافظة مأرب أدت إلى حرمان البلد بشكل كامل من الكهرباء والوقود وما زالت تسهم في حالة الفوضى التي تعم مدن البلاد. لإيقاف المزيد من التدهور الاقتصادي والسياسي وإعادة الاستقرار للبلاد، يجب أن يمارس المزيد من الضغط الدولي على صالح. تجميد ارصده تعتبر بداية جيدة وقد عزف المحتجون على هذه القيثارة منذ فبراير، و لكن قد يستغرق ذلك المزيد من الوقت. وما يزال هناك أفراد من أسرة صالح يشغلون مناصب عسكرية وحكومية في السلطة. ولكي يكون هناك حلا، على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطا على أقرباء صالح للتخلي عن مناصبهم أيضاً.