الأجهزة التي ما تزال تحيك الحبكات والمخارج لهذا النظام، بعد شهور من سقوطها،هي الأفكار الأولى التي نادت بها بعد جمعة الكرامة. وذلك كان المشهد الملفت، وربما ألأكثر جدية منذ اندلعت الثورة في ثلاثة فبراير.حينما أجتمع صالح بالسفير الأمريكي في منزل النائب هادي. طلب منه لعب دور الوسيط في تجاوز مجزرة الكرامة المغدورة، وعبر فكرة الرحيل الجماعي لصالح، حميد الأحمر، وعلي محسن...سرت الفكرة على عقد شبه اتفاق بالرحيل، وانفض الاجتماع علية. صالح من تقدم بالمقترح وهو أول من تملص منه. كانت جمعة الكرامة الدامية حيث استشهد ما يزيد عن خمسين شاب في ساحة التغيير ظهرا 18 مارس،ما اعنيه هنا هو توقيت المذبحة وحدوثها في منتصف الثورة حتى الآن.لن نخوض بالتفاصيل السابقة واللاحقة للجمعة المشئومة.لكن الذي وقع بعدها لم يكن سوى حيزوم مركب من التعقيدات فاقمها النظام بأجهزته الفاتكة. ظل المطبخ يتبجح بالعنترية الإعلامية يصدر وينفذ خطط التقتيل، يتلذذ بها مرة بفتواته «سنكسر العظام»، وأخرى «سنربي الانقلابيين» وخلف كل تصريح؛ ينتهي بمذبحة جديدة، ودم طازج.
إحراق ساحة الحرية تعز، محاولة اقتحام ساحة التغيير صنعاء أكثر من مرة وسقوط شهداء وضحايا، استهداف مسيرة شارع التلفزيون سقط جرائها شهداء وجرحى،مجزرتا كنتاكي، قنص مسيرة الزهور في محيط مجلس الوزراء،استهداف مسيرة جولة عصر،استهداف مسيرة القاع وقتل واختطاف وتعذيب عشرات الشباب، بالإضافة إلي الحرب المفتوحة التي يشنها النظام ضد أرحب وتعز و الحصبة بالمعدات الثقيلة والخفيفة.كل هذه الجرائم إذا ما أضيف إليها فصل التيار الكهربائي،غياب المشتقات النفطية وقطع الماء منذ اشهر،ضد الساحات،ضد الثورة،وترتكب بحق هذا الشعب،تمثل المفارقة الماثلة الآن في الواجهة لرحيل هذا النظام بالمطبخ،والأثاث والعفش.بينما هو ما يزال منشغل بخلق شركاء الرحيل،وهو الأمر الذي لم يعد مجدي بمعاودة طرح فكرة مشروعه الأحادي في الوقت الذي يظهر عدم جدواه من أساسه. وبعد أن كان صالح اقترب عقب جمعة الكرامة من ان ينجح في تخصيص الثورة ويربطها بأشخاص ساندوا الثورة ولم يكونوا يوما نواتها،التحقوا بها ولم تغازلهم أو تبحث عنهم هي.فظل يعزف على فكرة الرحيل الجماعي، ولماذا لم تكن مثلا وجدت صداها وتحققت منذ طرحها ليكن صاحبها مستعد لمراجعة أدائه بحق هذا الشعب قبل غيرة؟ ليتجه بالاعتراف بالحق والرحيل، الرحيل عن السلطة وليس كما روج إليها المطبخ بداية الأمر الرحيل خارج البلاد.ومنذ متى أصلا كان الدستور ينادي برحيل المعارض او الثائر أسوة بالحاكم ونظامه، أن فكرة الرحيل الجماعي ببساطة صيحة في القفار بعد كل الذي جرى ويجري لهذا البلد.