صنعاء .. مليونيه مع غزة جهاد وثبات توجه رسالة قوية للمجرم نتنياهو    البنك المركزي الصيني يجري عملية إعادة شراء عكسية مباشرة بقيمة 70 مليار دولار    مدقق مالي: شركات الادوية الكبرى تسعر الدواء في صنعاء بسعر يتجاوز السعر الرسمي للدولار باكثر من 40٪    عيدروس الزبيدي..عهد الرجال للرجال    «زينبيات الحوثي».. تقرير يمني يكشف «نقاب المليشيات»    حاشد .. صوت المقهورين وقلم المنفيين    إشهار مؤسسة "آفاق التآلف للتنمية الاجتماعية" بصنعاء    المحويت.. كتل صخرية ضخمة تهدد عدد من القرى ومخاوف الانهيار تجبر عشرات الأسر على النزوح    الشيخ نعيم قاسم يحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي فتنة داخلية    الأرصاد يحذر من أمطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على المحافظات الجبلية وسهل تهامة    وفاة لاعب يمني في رحلة تهريب إلى السعودية    المقالح يوجه دعوة لسلطة صنعاء لتفادي فضيحة الاعتقالات    بسبب محتوى "مُخل بالآداب" على تيك توك.. حملة توقيفات في مصر    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: ثمانية شهداء من الحركة الرياضية منذ مطلع أغسطس    سلة آسيا.. لبنان تفرط في التأهل ونيوزيلندا تعبر    ب 1.921 مليار.. ريال مدريد العلامة التجارية الأغلى    الضغط العالي لا يكفي.. برشلونة يبحث عن الصلابة الدفاعية    مدير أثار ذمار يفند مزاعم كشف أثري في وصاب    الإمارات تدعم شبوة بالكهرباء ومشاريع صحية وتنموية تخفف معاناة آلاف المواطنين    نتنياهو يصدم العرب بخطة إسرائيل الكبرى ما بعد تفكيك حماس    وزير الرياضة يطلق تطبيق «ثمانية» بحضور وزيري الإعلام والاتصالات    احتكار الأدوية في عدن والجنوب: إمتصاص لدماء وصحة الفقراء    مستقبل اليمنيين الهاربين في عدن والتعلم من تجربة 1967    الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    انتبهوا    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    الأمطار توقف مباراة الصقر وأمل الخيامي .. واتحاد الكرة يعلن إعادتها صباح غدٍ الجمعة    ريال مدريد يهنئ باريس سان جيرمان على الفوز بالسوبر الاوروبي    ضمن بطولة"بيسان"الكروية تعز 2025 ... طليعة تعز يثخن جراح شباب المسراخ ب 9 أهداف لهدف ، ويعزز حظوظة في دور الثمانية..؟!    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    البنك المركزي يسحب تراخيص ويغلق ست منشآت صرافة مخالفة    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    من تصريح نتنياهو إلى جذور المؤامرة... ثلاثة قرون من التخطيط لإقامة "إسرائيل الكبرى"    جرائم القتل في سجون الأمن السياسي بمأرب تظهر الوجه القبيح لإخوان الشيطان    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    هيئة الزكاة تخفض دعمها للمستشفى الجمهوري بصنعاء بأكثر من النصف والمستشفى يقلص خدماته الطبية    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    صنعاء .. مرضى السرطان يشكون من انعدام بعض الأصناف الدوائية    مدير عام مديرية قشن يدشن عدد من الدورات التدريبية    مليشيا الحوثي تمنع التعامل بالبطاقة الشخصية الذكية في مناطق سيطرتها    اللواء بن بريك يُعزّي العميد عادل الحالمي بوفاة والدته    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    قرار استثنائي سيظل كسيحا    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني        نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا سيفعل الأميركي؟!
نشر في المصدر يوم 14 - 10 - 2009

تظن كثرة كاثرة من المسؤولين الكبار لدينا أن جلب موظفين أميركيين أو غربيين على العموم هو ما سيحل مشاكلنا. وهذا الظن يتجسد في الحرص على تقديم الغربي على غيره في المناصب القيادية والتي تحتاج إلى خبرة وحسن إدارة وأسلوب عمل مهني. وهو ما يتم بغض النظر عن حقيقة مؤهلاته وخبرته مقارنة بغيره من الجنسيات الأخرى، ناهيك عن أبناء الوطن.
ولأن "بَعْضَ الظنِّ إثمٌ" فإن من المفيد البحث في مصداقية هذه النظرة ومدى توافقها مع واقع الحال. ذلك أن أولئك المسؤولين يرون في المدافعين عمن يعتبرون أنفسهم ذوي حق في تلك المناصب دوناً عن نظرائهم من الغربيين، إنما ينطلقون من نظرة عصبية في مسألة الانتماء، لا مسألة الكفاءة. وحتى لا نكون ضمن قائمة الاتهام تلك، فإننا نعرض هذا المثال، للوصول إلى ذلك المآل.
***
قبل بضعة أيام، دعيت إلى عشاء عمل مع صديق أميركي يشغل منصباً في وزارة خارجية بلاده إلى مطعم تابع لفندق عالمي مشهور ومرصع بالنجوم الخمس على مدخله.
ورغم أن المواصفات سابقة الذكر توحي بأنها تجربة لتذوّق الجنة، فإن التجربة نفسها لم تكن تماماً كذلك. فرغم أن نادلة الاستقبال في المطعم قادتنا إلى طاولة بعينها، فإننا انتظرنا بضع دقائق حتى جاءنا أحدهم بقائمة الطعام، وانتظرنا بضع دقائق أخرى حتى جاءنا من يأخذ مطلوبنا.
الانتظار لم يكن وحده السمة المميزة للتجربة، فعندما جاءتنا الأطباق الرئيسية، لم يكلف أحد من الندلة نفسه بتنظيف الطاولة من فتات الخبز المتناثر جراء تناول المقبلات. فضلاً عن أن أحداً منهم لم يعرض علينا تغيير طاقم الفضيات باعتباره جزءاً من تقاليد المطاعم العريقة.
ورغم تناوب نحو خمسة من ندلة المطعم، برتب وأجناس وجنسيات مختلفة، على خدمتنا، فإننا اضطررنا للتصويت عليهم مرات عدة بما بدا أقرب إلى الصراخ رغم قربهم منا، حتى يأخذوا حسابهم!
ومع كل ذلك، وطبقاً للعرف الأميركي، فإن مضيّفي ترك مبلغاً معتبراً من المال لفاتورة باهظة الثمن أصلاً، خاصة إذا قورنت بكمية الطعام المقدم!
***
الآن، كيف تعنينا هذه القصة في التحقق من مصداقية ظن مسؤولينا الكرام بخصوص القدرات التي يحسبونها استثنائية لدى الأميركي عن نظيره العربي؟
نحتاج للإشارة إلى أن نظام الخدمة في مطاعم الولايات المتحدة يختلف عما لدينا هنا.
فالعرف السائد يقضي بأن النادل هو الوجه الذي يعتني بضيوف المطعم وراحتهم، فيما يعتني الطباخون بطعامهم. مما يعني أن نظام العمل يفرق بداية بين جودة المُنتج (المأكل والمشرب) وجودة الخدمة (أسلوب تقديم الطعام والشراب).
ولذلك فإن إدارات المطاعم هناك تدفع مبالغ معتبرة للطباخين (كبير الطباخين على وجه الخصوص) لضمان جودة الطعام المقدم للزبائن. وهو ما يعطيك الحق في إرجاع طبقك إذا لم تجده موافقاً لتوقعاتك، إذ إن إدارة المطعم مسؤولة عن جودة أداء طباخيها.
أما الندلة، فإنهم في الغالب يحصلون على دولارات لا تزيد أحياناً عن ستة أو سبعة دولارات للساعة الواحدة. ورغم هذا فإن كثيرين منهم يجنون مبالغ معتبرة في كل يوم عمل، لدرجة أن بعضهم يمكن أن يحصل على بضع مئات من الدولارات في الوردية الواحدة.
نظام العمل والرواتب هذا تصاحبه سياسة "نادل لكل طاولة"، ومن خلاله يتم تخصيص طاولات بعينها لكل نادل ليلبي احتياجات جُلاسِها. وهذا التخصيص يشمل حصول النادل على كامل الإكرامية المتروكة مع فاتورة الحساب. وفي حين يضمن الطباخ لقمة عيشه بإتقان فنه في الطبخ، فإن النادل يسعى جهده لنيل رضا الزبون، بحيث يدفع له هذا الأخير استحقاق رعايته له أثناء وجبته.
ولهذا فإنك في مطاعم أميركا، تجد أن النادل بعدما يقودك إلى طاولتك يعرفك باسمه أولاً حتى لا "تعتاز" للطلب من غيره. إذ إنك على الأرجح ستراه حاضراً كلما احتجته، وأحيانا حتى عندما لا تحتاجه. فهو يدرك جيداً أن راحتك على الطاولة تعني مزيداً من الكرم من لدنك لأجله.
هذه الثقافة معدومة تماماً لدينا، حتى في مطاعم النجوم الخمس. فالعاملون في المطعم يجمعون إكراميات الزبائن ويتقاسمونها بينهم مع نهاية وردياتهم.
والفرق بين هذا النظام والنظام الأميركي أن نظامهم يكافئ العامل تبعاً لجهده وإتقانه، أما عندنا فإنه يعني مساواة المحسن بالمسيء. وما يترتب على هذه السياسة أن يعاقب المحسن بإعطائه أقل من حقه، ويكافأ المسيء بنيله ما لا يستحق. ويتم تكريس قيم اللامبالاة وانعدام الدافعية، بما أن الجميع يقفون على قدم المساواة عند كرم الزبون، سواء فيهم باذلُ الجُهد والمُخلِدُ إلى الأرض.
إذن، الأمر قائم على نظام مبني على رؤية واضحة ومتكاملة للأمور في بلادهم، وليس متعلقاً بزرقة عيون أو شقار شعر أو بياض بشرة.
وليس أدلّ على ذلك من أنك ترى الغربيين يعجزون عن إنجاز مثل ما يمكنهم فعله في بلادهم عندما يعملون بين ظهرانينا. فأنظمة العمل المتعارف عليها هنا تلتزم بالروتين أكثر من التزامها بالإنجاز. وعليه، فإنك الأشخاص، أياً كانت جنسياتهم، سيبقون حبيسي تلك الأنظمة واللوائح مهما بذلوا من جهد.
ومن غير أن تتضح رؤى مؤسساتنا وغاياتها، ويتم تغيير أنظمة عملها، وتتطور أساليب تفكيرها الإداري، فإن العجز سيكون مصيراً محتوماً لمن يعمل على الوصول، مهما كان جنسه أو جنسيته.
***
لعل الشاعر الراحل محمود غنيم عبّرَ عن شيءٍ من ذلك المعنى حين قال:
مَا حِيلة العُصفورِ، قصّوا ريشهُ ورَمَوهُ في قفصٍ، وقالوا: غرِّدِ!
وإذا كان هذا حالُ العصفور، فما عساه يفعل الأميركي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.