في ظل الانحدار المتسارع للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في اليمن أصبح لزاما على الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي العمل جنبا إلى جنب من أجل انتشال اليمن من الوضع الحالي وحماية البلاد من انهيار محتمل والوصول إلى نقطة اللاعودة. التقارير الدولية وتلك الصادرة عن المؤسسات المدنية تشير إلى أن اليمن في طريقها نحو الصوملة والانهيار التام لكل مقومات الدولة المدنية المستقرة والمستقلة. فإلى جانب نشاط الجماعات المسلحة كالحوثيين والقاعدة ينتشر الفقر وتنعدم الخدمات الصحية والتعليمية في كثير من المحافظات اليمنية، ليس فقط البعيدة عن العاصمة اليمنية صنعاء بل وحتى في أرجاء العاصمة نفسها. قبل أيام انتشرت تقارير تتحدث عن مجاعة تنتشر وتهدد أطفال اليمن في وضع لايمكن تجاهله، ومن المعلوم أن هذه المجاعة تمثل جزءاً من مشكلة خطيرة تتمثل في غياب كلي للدولة لحساب جماعات مسلحة لايهمها صحة وسلامة الإنسان اليمني بقدر ما يهمها مصالحها المتمثلة في السيطرة والتمدد تحت أي ثمن. في ظل هذه الأوضاع فإن اليمن بحاجة لأن يضع يده بيد المجتمع الدولي للعمل على تأسيس شراكة مستدامة تحقق مصالح اليمن وتحقق الأمن والاستقرار على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. يتوجب على الحكومة اليمنية الحالية والحكام الجدد للبلاد رسم إستراتيجية واضحة المعالم لخلق شراكة مع القوى الدولية الفاعلة التي يهمها استقرار اليمن ولديها مصالح حقيقية في المنطقة، فلا يمكن لليمن أن يحصل على دعم دولي أو أن يجذب انتباه العالم بمجرد خطابات أو تصريحات بل لا بد من إنشاء استراتيجية للعمل المشترك تقوم على خطوات وأهداف واضحة، ومن أجل ذلك يمكن الاستعانة بالخبرات المحلية والدولية لرسم هذه الإستراتيجية وتسويقها في الأروقة الدولية عن طريق جماعات الضغط في العاصمة الأمريكيةواشنطن ومثيلاتها في دول الإتحاد الأوروبي. بالنظر إلى الوضع السياسي الداخلي لليمن يمكن الجزم بأن حزب التجمع اليمني للإصلاح سيكون له التأثير الأكبر على مجريات الأحداث وعلى مستقبل اليمن بما يتمتع به من وجود مكثف وثقل سياسي على مستوى اليمن بأكمله، ولذلك فهو المرشح الأوفر حظا للتربع على سدة الحكم في اليمن خلال المراحل المقبلة. وبناء على هذه المعطيات فإن على المجتمع الدولي على وجه العموم والولاياتالمتحدة تحديدا فتح قنوات الحوار وعقد تحالف مع هذا الحزب الذي سيجد نفسه عما قريب مسؤولاً إلى جانب القوى الأخرى المتحالفة معه عن انتشال اليمن من الأوضاع المتردية وإعادة بناء الدولة التي انهارت ولم يعد لها وجود في كثير من أرجاء اليمن. الواقع السياسي والاقتصادي والأمني في اليمن يتحتم وجود مثل هكذا تحالف بين الإصلاح والولاياتالمتحدةالأمريكية في أسرع وقت ممكن لأن تأجيل هذا التحالف سيعني ترك اليمن لقوى أخرى تسعى إلى خلق واقع جديد يحقق لها مصالحها على حساب اليمن وعلى حساب السلم المحلي والإقليمي. فكما تشير تقارير مختلفة تقوم إيران بتعزيز وجودها عن طريق الجماعات الشيعية والتحالف مع شخصيات سياسية محسوبة على حزب الرئيس صالح وجماعة الحوثي المسلحة. كذلك فإن أطماع القاعدة في اليمن لا تقل خطورة عن الوجود الإيراني فتنظيم القاعدة العالمي يرى في اليمن بديلا استرتيجيا عن أفغانستان وباكستان كما تشير تقارير عديدة بهذا الشأن وكما أوضح تقرير صدر مؤخراً عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث. أضف إلى ذلك فإن الواقع في أبين وبعض المناطق الوسطى يضل شاهدا على خطورة وجود القاعدة الذي أصبح يهدد مستقبل اليمن بشكل حقيقي. بالرغم من هذا الواقع المقلق إلا أنه لا زال بالإمكان تدارك الأوضاع وإيقاف عجلة الانهيار وتمدد القوى المذكورة إذا ما بادر المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى فتح قنوات الحوار والتحالف مع أكبر قوة فاعلة في اليمن المتمثلة في التجمع اليمني للإصلاح والذي لا يزال بعيدا عن تأثير الوجود الإيراني والقوى الاقليمية المعادية للمصالح العربية والغربية. لا يزال حزب الإصلاح هو اللاعب السياسي القوي والمنظم الذي يمثل الخيار الأكثر فاعلية للتحالف مع الولاياتالمتحدة من أجل إعادة استقرار اليمن والقضاء على القاعدة والحد من تأثير إيران على الوضع السياسي في اليمن، وعليه فإن هذا التحالف يمكن أن يحقق مصالح اليمن والولاياتالمتحدةالأمريكية على حد سواء وسيوقف مسلسل الرعب الذي لا يزال يؤرق اليمنيين ويسبب الصداع لدول الجوار والمجتمع الدولي بأكمله.