طوى اليمن الشقيق أمس صفحة قاتمة من تاريخه؛ ليبدأ صفحة جديدة مفعمة بالتفاؤل والأمل بمستقبل مشرق، تتحقق فيه آمال شعبه في الحياة الحرة، والعيش الكريم، وذلك بعد أن تمت إجراءات تسليم السلطة بسلام وسلاسة لرئيس الجمهورية الجديد الرئيس عبدربه منصور هادي، في إطار انتخابات نزيهة وعادلة. حصول الرئيس هادي على نسبة تقترب من درجة الإجماع من شعبه تختلف كثيرًا عن نفس النسبة التي كان يحصل عليها رؤساء عرب سابقون، فهذه النسبة لم تأتِ بأساليب التزوير، والشعب اليمني بإجماعه على اختيار رئيسه الجديد لم يدلِ بصوته بالإكراه، إنما أراد القول نعم لإنقاذ الوطن من محنته، ونعم للوحدة الوطنية، ونعم للاستقرار، ونعم للديمقراطية، ونعم للمسار التنموي والحوار والوحدة الوطنية. المطلوب من اليمن الجديد شعبًا وقيادةً، شمالاً وجنوبًا وضع رؤية إستراتيجية شاملة لمنطلقات المرحلة الجديدة، على أن يتم استكمال عناصر تلك الإستراتيجية خلال الفترة الانتقالية المحددة بعامين، يفترض أن يتم خلالها التوجه إلى مؤتمر الحوار الوطني، وإلى إعادة صياغة الدستور والسعي نحو تصحيح معادلات التنمية، وتصويبها نحو مساراتها الصحيحة، ووضع التصوّر الكامل لآفاق المستقبل الواعد، وما يتوجبه ذلك كله من العمل معًا لبناء هذا المستقبل على أسس راسخة تترجم المعنى الحقيقي لمفهوم الشراكة بين القيادة والشعب، وتترجم أيضًا المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة التي تتحقق فيها معايير العدل والمساواة، وقيم التكافل والتصالح، والولاء للوطن، وضرورة ترك الماضي بكل سلبياته ليسطّر الشعب اليمني بكل مكوناته وأطيافه تلك الصفحة الجديدة بكل عزم وإصرار على النجاح. لا يخفى على أحد ما تحمله المرحلة الجديدة من صعوبات وتحديات، لكن الشعب اليمني الذي خرج بالملايين في انتخابات الأسبوع الماضي أعطى رسالة واضحة للعالم كله أنه ينشد الأمن والاستقرار، ويتطلّع إلى التغيير نحو الأفضل، وأنه عندما ودّع أمس مرحلة من تاريخه، ودشّن مرحلة جديدة، فإنه إنما أرسى قواعد جديدة للتبادل السلمي للسلطة في أجواء ديمقراطية، وهو ما يعني في المحصلة أن الشعب اليمني والقيادة اليمنية استطاعا باستجابتها للمبادرة الخليجية الوصول بالثورة اليمنية إلى بر الأمان، والانطلاق نحو المستقبل.