يقود بقايا النظام السابق ثورة مضادة على طريقتهم الخاصة خلافاً لما يدور في الدول العربية الأخرى فقد وصلوا إلى تعطيل الحياة العامة والتحكم بها. يدرك البقايا أن ضرب الكهرباء وحجز قاطرات النفط والغاز والديزل سيوجه مشاعر السخط لدى الشعب ضد التغيير وأنصاره في الحكومة التي خُلقت وخصومها “الشركاء” على أهبة لإفشالها, إضافة إلى كونهم لا يأبهون لعذابات الناس وآلامهم طالما حقق ذلك مآربهم. وتختلف حالتهم في اليمن عمن يسمون “الفلول” و”الأتباع” في الدول العربية الثائرة فطريقتهم تضيف إلى الدفع بالوضع السياسي إلى التأزيم وإرهاق الناس. ومثل هذه الأفعال التي تهدف إلى “كهربة اليمن” بزيادة الأعباء على الناس البسطاء سواء بالفعل أو بالقول أو بالمهادنة وطريقة الدنيئة لا يمكن أن نطلق على من يقومون بها إلا مجموعة من قطاع الطرق وإن كانوا يلبسون أجمل الثياب ويعتلون أهم المناصب. فنحن أمام خصوم عديمي الإنسانية ولا يملكون وازعا من ضمير أو شيئا من الوطنية. قطع الكهرباء والنفط بمشتقاته يمس حياة الناس بشكل مباشر قوتهم اليومي، ولا يجب أن يستخدم للضغط من أجل الحصول على مكاسب سياسية أو مالية من أي طرف. بقايا النظام الذي رفضناه هم أولئك الذين يصمتون ويدعمون أي طرف يهدد الناس في أرزاقهم وكرامتهم وحريتهم وسعادتهم، وأولئك الذين يتخذون من رفع السلاح في وجه اليمني دون حق أداة للوصول إلى أهدافهم. بقايا النظام هي الأفكار التي تستسهل قتل اليمنيين وإراقة دمائهم بمبررات لا تدل إلا على دمويتهم ووحشيتهم. تمر اليمن بأقسى اللحظات في تاريخها ورغم قسوتها إلا انها أيام عظيمة يجب أن تنقله إلى مرحلة جديدة من نظام شوه حياته بكل تفاصيلها ولم ينتقل أي منا إلى نظام يعيد للقانون كرامته وللقيم اعتبارها. سيكتب التاريخ عن هذه الأيام أن شعبا عظيما قرر ذات يوم أن يثور على نظام جثم على صدره ما يزيد على ثلاثة عقود مشيعاً الفتن والحروب والفساد ليحافظ على بقائه على كرسي الحكم، قرر أن يثور على تجار الحروب والقتلة، على القيم الفاسدة والمشوهة. سيكتب أن الشعب اختار بناء الدولة القائمة على الحرية والمساوة والعدل. بالتأكيد، سيطول الطريق بنا لكنّا خطونا فيه, وتراجعنا يعني أن نفقد فرصتنا الأخيرة في التغيير, وإنجاز الحلم يتطلب العمل بنفس الشهداء من المثابرة والإخلاص لقيم الثورة وأعمقها السلمية, والشراكة لينبذ الجميع السلاح ويجلس على طاولة الحوار. يحدث أننا بعد كل خطوة نخطوها نظل نراوح مكاننا لتداعيات تفرضها الخطوة، وعلينا ألا نسمح لأنفسنا بالتوقف، لنمضي ولو حبواً لنمنع البقايا من كهربة اليمن وبث اليأس.