مع انسحاب مسلحي تنظيم القاعدة تحت ضربات الجيش اليمني من بلدات في محافظة أبين يبدو أن التنظيم المتطرف سيعود إلى استراتيجيته السابقة بعد نحو عام من التواجد العلني والسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي. وسيطر التنظيم العام الماضي على بلدات في محافظتي أبينوشبوة وأعلنوها «إمارات إسلامية» في استراتيجية جديدة يتخذها التنظيم تحت اسم جماعة «أنصار الشريعة» وانسحب المسلحون بشكل سريع في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين ومبكر من صباح الثلاثاء من مدينتي زنجبار وجعار ليتمكن الجيش الذي يشن حملة واسعة من دخول المدينتين بعد فرض حصار عليهما وشن هجمات على أطرافهما. وانتقل المتشددون إلى مدينة شقرة الساحلية التي يفرض الجيش عليها طوقاً محكماً ويوشك على السيطرة عليها بحسبما قاله وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد. وتقول بعض المصادر إن بعض مقاتلي القاعدة عادوا إلى مناطقهم التي ينتموا إليها بشكل طبيعي في محاولة للانخراط في المجتمع لتكوين «خلايا نائمة» وفق الاستراتيجية السابقة للتنظيم. وقال العميد محمد الصوملي قائد اللواء 25 ميكا وهو أحد أهم الألوية التي قاتلت في أبين انه يعتقد أن قدرة تنظيم القاعدة على السيطرة على المدن قد انتهت وأنه لن يعود إلى هذا الاسلوب، لكنه سيلجأ إلى أسلوب العمليات الانتحارية والهجمات المباغتة على النقاط العسكرية والمرافق الحكومية. وفي رده على سؤال لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية حول هل تم بالفعل كسر شوكة «القاعدة» ودحرها في أبين، قال «ليس بهذه السهولة، (القاعدة) فكر ولها امتداد خارجي وتنظيم ما زال الكثير من قياداته حيا، ومن السابق لأوانه القول بهزيمة تنظيم القاعدة في اليمن» وتابع العميد الصوملي للصحيفة ذاتها «لكي يهزم تنظيم القاعدة في اليمن، لا بد من تكامل كل أجهزة الدولة للقيام بتوعية الناس ضد (القاعدة) إعلاميا وفكريا، والقيام بمواجهة (القاعدة) تنمويا واجتماعيا». وأشار إلى أن فلول «القاعدة» التي انسحبت من جعار وزنجبار تفرقت في الصحارى وعلى السواحل الطويلة التي يصعب السيطرة عليها بشكل تام. وجناح القاعدة في اليمن هو اندماج لفرعي التنظيم في اليمن والسعودية تحت اسم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» لكنها انخرطت خلال العام الماضي تحت اسم جديد هو «أنصار الشريعة» في محاولة لاستمالة الناس بعد أن صارت سمعة الاسم السابق «سيئة» لدى المواطنين. من جهته، يرى الباحث عبدالسلام محمد رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية ان معظم الحديث عن إستراتيجية «أنصار الشريعة» بعد سقوط إمارتهم في زنجبار وهزيمتهم أمام الجيش «يتجه نحو تفكيرهم بمهاجمة المدن الرئيسية وتنفيذ عمليات انتحارية بسيارات مفخخة». ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن محمد قوله ان القاعدة يمكن أن تنفذ ذلك في حال «كانت الجهات المستهدفة مصالح أجنبية أو وحدات عسكرية يمنية مقاتلة لها فقط»، مشيرا إلى أن ذلك مشروطاً بحصول القاعدة على دعم لوجستي من أطراف داخل النظام لكنه استبعد ذلك بعد «الجدية التي أظهرتها القيادة الجديدة في مكافحة الإرهاب» على حد قوله، ورجح فشل القاعدة في تنفيذ مثل هذه العمليات. وأضاف محمد وهو باحث متخصص في شؤون الإرهاب أن الهزائم المتتالية للقاعدة قد تدفع أعضاءها إلى القيام بعمليات عشوائية لا تفرق بين المدنيين والعسكريين «وقد تتمكن من ذلك في ظل الوضع الأمني الهش» لكن ذلك وبحسب الباحث «سيجعلها تجد نفسها في مواجهة مع كل اليمنيين وستكون الخاسر الأكبر». وحذر من أن تستغل أطراف محلية وإقليمية رغبة تنظيم القاعدة المهزوم في الانتقام وتقدم لها دعم لوجستي «لتتمكن من إحداث إرباك مؤقت للرئيس الجديد عبدربه هادي وحكومة الوفاق الوطني للحيلولة دون بسط نفوذ الدولة على مختلف المناطق اليمنية». وما يزال تنظيم القاعدة يسيطر على مدينة عزان في محافظة شبوة، إضافة إلى تواجده في بلدة أخرى بالمحافظة ذاتها تدعى «الحوطة». بحسب مصادر محلية.
وتعتبر الولاياتالمتحدةالامريكية أن فرع القاعدة باليمن من أخطر أجنحة التنظيم، حيث حاول أكثر من مرة تنفيذ هجمات على مصالح في الأراضي الامريكية إضافة إلى هجمات فاشلة حاول خلالها تفجير طائرات امريكية خلال الأعوام الماضية.
الصورة لقوات من الجيش أمام المبنى الحكومي لمحافظة أبين يوم الخميس (AP- هاني محمد).