مما لاشك فيه أن قيام أي ثورة في أي بلد أو عصر هو نتاج عملية تراكمية من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكل فئة أو مكون من مكونات الثورة ترى أن الأولى هو معالجة المشكلات التي ثارت بسببها وأحيانا المشكل الأكثر أهمية هو أن البعض يبحث عن العلاج دون تشخيص للمرض أولا.. وهذا هو الذي يحصل اليوم في اليمن أضف إلى ذلك عوامل أخرى تعمل كمحددات مثل العلاقات الدولية ومصالحها في اليمن والتي تحاول ترجيح كفة الميزان لصالح الفئة التي يمكن ان تخدم مصالحها او على الأقل ستكون ضامنة لعدم تدهور الوضع الى أكثر مما هو عليه ألان لذلك غير مستغرب أبدا أن هناك فوضى أحدثتها الثورة لكنها فوضى تقول المؤشرات أنها بناءة وليست خلاقة. فالأحزاب السياسية لها برنامج للنضال السلمي توج بالثورة السلمية, وهذا ما تحدث عنة الاستاذ محمد اليدومي, أما الشباب فلديهم عنفوان ثورة لذاتها مع قراءة اقل للضر وف الواقعية التي فرضت على اليمن من قبل النظام السابق الذي حاول على مدى ثلاثة عقود أن لا يبني دوله حقيقية بقدر ما بنى مراكز ولاء تضمن له الاستمرارية في السلطة بالإضافة إلى تعميق مبدأ العصبية واحتواء فئاتها واستيعابه للبعض الأخر كالعصبية الجهادية كالقاعدة والعصبية المذهبية الأسرية كالحوثية والعصبية القبلية كالشائف وغيره أنموذجا والعصبية المناطقية كالدعوة لفك الارتباط وغيرها كتعزي وصنعاني وذماري ووو وأيضا مما أنجزه النظام السابق وبقاياه حاليا هو وضع اليمن في المزاد العلني لمن يدفع أكثر من اجل بقاءه في السلطة او الحفاظ حاليا على نصيب ما تبقى من السلطة لبقايا العائلة بالسماح للإيرانيين وغيرهم باللعب بسيادة البلد من اجل بقاء سيادة السيد او سيادة من يدعم السيد.. كل هذا الواقع وصم الثورة بملامح فوضى كثيرة ولن تبدأ هذه الفوضى بالانتهاء إلا بابتداء الجلوس على طاولة الحوار الوطني بين جميع الأطراف المشاركة بالثورة والعمل عل تنفيذ كل نقطة يتم الاتفاق عليها فورا من اجل الحفاظ على ما تبقى من أشلاء الدولة على الأقل.. وهذا بالنسبة لفوضى الثورة. وإن أي حضارة عندما تقوم فلها ميلاد ولها ذروة للعطاء والانجاز ولها نهاية فهذا منحنى قيام حضارة او قيام دولة تحترم نفسها او نظام يعرف معنى اسمه.. لكن الذي حصل في البلاد العربية هو أن منحنى الميلاد والصعود والسقوط لم يكن للدولة وإنما للفساد ولأن من سنن الله في الكون انه يأخذ الظالمين بقوة فإننا سنجد منحنى سقوط الاستبداد منحنى يتسم بالميلان الشديد لأنة يتهاوى بسرعة ومع سقوطة يصدر ضجيجا مزعجاً.. وهذه هي القضية التي تشكل إحدى العقبات أمام هذا الحوار الوطني وهو أن النظام الساقط عندما سقط تناثرت أشلاؤه في كل مكان ونتيجة لأنة لم يكن يدير اليمن إلا من خلال الإيهام للناس بالانجاز في أدواته الإعلامية فكان لا بد ان نسمع ضجيج اشلائه الفارغة بشكل مزعج الى درجة انه يحاول وضع كل ابنا الشعب تحت إحدى وسائل التعذيب المستخدمة في سجون الأنظمة المستبدة وهي الصخب المنتظم لكي يفقد الناس أعصابهم فيتجهون الى الخيارات الغير سلمية التي يبدع في العمل تحت ظلها.. وعندما وجد نفسه مرميا على الأرض دون أن يلتفت إليه احد إلا عندما يسمع ضجيجه وضوضاءه من أماكن كثيرة ابتداء من قطع الكهرباء والضجيج الأمني ابتداء من استخدام بعض أدواته القديمة أو من خلال أدوات جديدة هيأتها فوضى الثورة للأسف عرف أن هذه نقطة لا يركز عليها الكثير من المكونات الثورية فاستخدم خبراته القديمة في تطبيق نظرية فرق تسد المشئومة بأريحية تامة.. وكل هذا الضوضاء بالتأكيد هي مزعجة لمجموعة من الناس تشكل اتجاهات مختلفة تتسم بأعصاب متوترة في ظل ثورة وهي تريد قدرا من الهدوء على الأقل لكي يستطيع أفرادها في حوارهم التفكير والمحاورة والمناقشة والاستنتاج بشكل سليم واتخاذ القرارات الايجابية وهذه هي القضية الأهم تقريبا والتي يركز عليها بقايا النظام في ردود أفعالهم لذلك كان لزاما على كل المكونات الثورية الحقيقية الانتباه إلى مثل هذه القضية وعدم الالتفات إلى قضايا جزئية مفتعلة على حساب أهداف الثورة الأساسية والانتباه لأن لا تكون بعض المكونات الثورة هي السبب في بعض هذه الفوضى والضوضاء على حد سواء دون أن تدرى...