رئيس مجلس القيادة يصل نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    الدكتور ياسر الحوري- أمين سر المجلس السياسي الأعلى ل" 26 سبتمبر ":خلقت ثورة ال21 من سبتمبر وعياً وقوة لدى الشعب اليمني    ثورة 21 من سبتمبر - سفينة نجاة الأمة    ثورة ال21 من سبتمبر .. حرية واستقلال وبناء وتنمية وقوة ردع استراتيجية    الرئيس الزُبيدي يهنئ القيادة السعودية باليوم الوطني ال95    لمن لايعرف بأن الإنتقالي الجنوبي هو الرقم الصعب    ريال مدريد لن يرسل وفدا إلى حفل الكرة الذهبية    ثورة ال 21 من سبتمبر .. تحول مفصلي في واقع القطاع الزراعي    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    عرض شعبي لقوات التعبئة في حجة بمناسبة ذكرى ثورة 21 سبتمبر    رئيس انتقالي لحج يناقش مع مدير عام مديرية تبن تطوير المشاريع الخدمية    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    حزب الإصلاح يحمي قتلة "إفتهان المشهري" في تعز    التحويلات المالية للمغتربين ودورها في الاقتصاد    نائب وزير الشباب والرياضة يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بثورة 21 سبتمبر    مباحث حجة تكشف غموض احد اخطر جرائم السرقات    أمن الأمانة يرفع الجاهزية تحسبا لاي طارئ    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور كلية المجتمع ونادي النصر الرياضي بالضالع    11 عاما على «نكبة» اليمن.. هل بدأت رحلة انهيار الحوثيين؟    تعز..تكدس النفايات ينذر بكارثة ومكتب الصحة يسجل 86 إصابة بالكوليرا خلال 48 ساعة    من هي مي الرئيس التنفيذي في اللجنة المنظمة لكأس آسيا؟    وزارة الاقتصاد: توطين الصناعات حجر الزاوية لبناء الاقتصاد    مصر تفوز بتنظيم كأس العالم للدارتس 2027 في شرم الشيخ    قبيلة الخراشي بصعدة تقدم قافلة رمان للمنطقة العسكرية الخامسة    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    اثنان من الحكام اليمنيين ضمن الطاقم التحكيمي لبطولة كأس الخليج للناشئين    المحافظ بن ماضي يستقبل نجوم شعب حضرموت أبطال ثلاثية الموسم السلوي ويشيد بإنجازهم التاريخي    انتقالي مديرية الضالع يكرم طلاب الثانوية المتفوقين للعام الدراسي 2024/2025    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    سوريا تستسلم.. ونحن وراءها؟    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    وفاة خمس نساء من أسرة واحدة غرقا في أبين    خبير طقس: اضطراب مداري يتجه تاثيره خلال الساعات القادمة نحو خليج عدن    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    هبوط جماعي للأسهم الأوروبية!    اجتماع للجان الفنية لدمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة برئاسة الحوالي    براءة العلويين من البيع والتنازل عن الجولان لإسرائيل    "إنهم يقومون بكل الأعمال القذرة نيابة عنا"    الراحلون دون وداع۔۔۔    برشلونة يواصل ملاحقة ريال مدريد    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    قاضي: جريمة اغتيال المشهري خطط لها باتقان ونفذها أكثر من شخص    أحتدام شراسة المنافسة في نهائي "بيسان " بين "ابناء المدينة"و"شباب اريافها".. !    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    عبد الملك في رحاب الملك    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماوراء زيارة هادي الى قطر
نشر في المصدر يوم 13 - 08 - 2012

يصعب القول ان زيارة الرئيس عبدربه منصور هادي الى دولة قطر مؤخراً، كانت مجرد زيارة عادية بهدف تنقية الاجواء الدبلوماسية بين البلدين.

ثمة دلائل شتى تشير الى ان الزيارة تحمل طابعاً استثنائياً لاسيما في التوقيت الراهن الذي توشك فيه اليمن على دخول منعطف مثقل بالتحديات الجمة، وهو ما يؤكد ان موضوعات الزيارة كانت مرتبطة على نحو وثيق بمجمل التفاعلات على صعيد المشهد السياسي المحلي.
دون إغراق في مقدمات عبثية، يمكننا القول ان الرئيس هادي بات يعاني كثيراً جراء الاستحداثات الطارئة على اجندة الشقيقة الكبرى الراعية للمبادرة الخليجية (السعودية) لدرجة بات فيها يشعر بضرورة التعاطي مع طرف اقليمي غير دائر في فلك الهيمنة السعودية.
على ان الرغبة في التعاطي مع طرف اقليمي غير الجارة الكبرى، لا تعد تعليلا ً وحيداً للزيارة الاستثنائية، إذ ثمة تعليلات اخرى تتجلى بوضوح لعل ابرزها واعلاها شاناً رغبة هادي في قيام القيادة القطرية بدور إيجابي لإحتواء ومعالجة التوتر القائم في العلاقات الثنائية بين صنعاء وطهران على خلفية خطاب هادي الذي هاجم فيه ايران محذراً اياها من مغبة التمادي في التدخل بالشؤون اليمنية مطالباً اياها بما أسماه رفع يدها عن اليمن.

فتور العلاقات مع السعودية
تركيبة الوفد الرئاسي المرافق لهادي تؤكد ان رغبة التعاطي مع طرف إقليمي غير الجارة الكبرى، لا تعد محض رغبة شخصية لهادي بقدر ما تعبر عن توجه لمعظم اطراف التوافق الوطني الناشئ عن المبادرة.
حسب مؤشرات عدة، يمكن القول ان معظم تلك الاطراف باتت تشعر بقلق جراء عدم إيفاء السعودية بجانب واسع من تعهداتها التي سبق ان إلتزمت بها عقب إبرام اتفاقية الرياض (المبادرة وآليتها).
وفق المؤشرات ايضاً، يمكننا ان نستقرئ بوضوح حقيقة الإرتباط الحاصل بين الزيارة لقطر والفتور الواضح في العلاقات مع السعودية وبعض دول الخليج والذي بلغ مداه الاعلى إثر طلب هذه الدول (السعودية مضافاً إليها الإمارات والكويت) إرجاء زيارات رسمية كان من المقرر ان يقوم بها الرئيس هادي لعواصم تلك الدول في منتصف يوليو الماضي.
طلب الارجاء في الواقع، لا يُجسد سوى تتويج للاستحداثات الطارئة على اجندة تلك الدول وتحديداً السعودية في التعاطي مع الشأن اليمني.
في حالة السعودية مثلاً، ثمة خطوات عديدة من طرف واحد تسببت في إنتاج حالة الفتور الراهنة، وكانت سبباً في وصول هادي ومعه معظم اطراف التوافق الوطني الى ما يشبه القناعة بعدم جدية المملكة السعودية في الإيفاء بجميع تعهداتها والتزاماتها.

تنصل سعودي عن الايفاء بالتعهدات
بوسعنا حصر أبرز الدواعي المسببه لحالة الفتور الراهنة في العلاقات الثنائية بين صنعاء والرياض في محاور اساسية، اولها: عدم ايفاء السعوديين بجانب كبير من إلتزاماتهم المالية التي سبق ان تعهدوا بتقديمها إلى اليمن عقب التوقيع على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، بالاضافة الى وعود السعودية في مؤتمر اصدقاء اليمن بالرياض حيث تعهدت بتقديم ثلاثة مليار و250 مليون دولار لمساعدة الحكومة اليمنية على مواجهة التحديات التنموية الطارئة وهو ما لم يتم حتى الآن.
ثانيها: إقدام السعودية على تأجيل مؤتمر المانحين الذي كان من المقرر عقده في الرياض خلال يوليو الماضي، وهو تأجيل اثار انزعاج الحكومة اليمنية لدرجة ان الولايات المتحدة الاميركية عرضت استضافة المؤتمر في العاصمة الاميركية واشنطن، غير ان الجارة الكبرى ابدت تحفظها على الامر، وهو ما جعل الجانب اليمني يقدم مقترح بضرورة ان توفي السعودية بالتزاماتها السابقة (ثلاثة مليار و250 مليون دولار) مقابل الموافقة اليمنية على التاجيل، غير ان الحكومة السعودية لم تعر هذا الطلب اليمني أي أهمية !!
ثالثها: المحاولات السعودية الرامية الى فرض اجندة معينة على هادي وممارسة ضغوطات بهدف تعديل اسلوبه الراهن في إدارة البلاد وذلك كمقابل لمساندته مالياً.
رابعها: إيقاف المعونات النفطية السعودية التي كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد تبرع بتقديمها إلى اليمن خلال مرحلة ما بعد التوقيع على المبادرة الخليجية، حيث كان الجانب اليمني يتطلع إلى استمرارها لمرحلة زمنية معينة بهدف معالجة آثار الأزمة النفطية والغازية التي عصفت بالبلاد خلال مرحلة ما قبل التوقيع على المبادرة.
خامسها: سلوك السفارة السعودية بصنعاء وإصرارها على تجميد انشطتها وأعمالها وبالأخص ما يتصل بشؤون الحج والعمرة خلال الفترة الماضية وذلك قبل ان تعاود مؤخراً فتح أبوابها وتحديداً بعد الإعلان اليمني عن اكتشاف خلية تجسسية في اليمن تابعة للحرس الثوري الإيراني! حيث قيل ان تعليمات عليا صدرت من السعودية للسفير بفتح ابواب السفارة وإنهاء حالة التجميد.

التخاطب مع إيران عبر قطر
حتى وإن جسدت الاستحداثات الطارئة على الاجندة السعودية تعليلاً رئيسياً لقيام هادي بهذه الزيارة الاستثنائية التي تعد الثانية له خارج ارض الوطن منذ توليه منصب الرئاسة، إلا ان هنالك تعليلات لا تقل اهمية وبالأخص تلك المتصلة بالتوتر الحاصل بين طهران وصنعاء على خلفية خطاب هادي الذي وجه فيه انتقادات شديدة اللهجة لإيران.
سبق لهادي هنا ان اتهم في خطاب رسمي إيران بالعبث بأمن اليمن والتدخل في شؤونها الداخلية، لم يكتف هادي يومها بالاتهامات بل وجه تحذيراً إلى إيران بضرورة ان ترفع يدها عن اليمن.
ورغم ان ايران –عقب الخطاب الرئاسي- اوفدت مبعوثاً خاصاً الى صنعاء للقاء الرئيس هادي، إلا ان هذا الاخير رفض استقباله، وهو رفض عبر عن تمسك هادي بموقفه المُعلن من إيران بموازاة رغبته في التخاطب مع الايرانيين بطريقة غير مباشرة (عبر وسيط يحظى بمباركة الولايات المتحدة الاميركية).
وفق مؤشرات يتضح ان هادي كان يتغيا من زيارته حث القيادة القطرية على القيام بدور إيجابي لإقناع إيران بتجميد انشطتها في اليمن وبالأخص تلك المتعلقة بالقضية الجنوبية، لاسيما في ظل التأكيدات عن محاولات تبذلها إيران بهدف دفع بعض حلفائها الجنوبيين إلى عدم المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني والعمل على إعاقته.

إرضاء قطر وطي صفحة الماضي
إرضاء قطر، غاية يستعصي استثناؤها من قائمة التعليلات المفترضة لهذه الزيارة الاستثنائية.
إذ سبق لقطر ان تعرضت لانتقادات شديدة اللهجة من قيادات يمنية عديدة وبالأخص تلك المؤيدة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
كما سبق لها ان اعلنت انسحابها من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كنتاج للإصرار الصالحي على تعديل الصيغة المُعدة من قبل قطر والتي كانت تنص بشكل صريح على تنحي الرئيس صالح ونقل السلطة الى نائبه.
لا ننسى هنا الاشارة الى الامتعاض القطري من الحكومة اليمنية والذي تجلى إثر الانباء التي تحدثت عن رفض امير قطر وولي عهده الالتقاء برئيس الحكومة محمد سالم باسندوة اثناء زيارته لدولة قطر.
بالتالي فزيارة هادي كانت تتغيا –في احدى تعليلات القيام بها- إرضاء القطريين وتنقية الاجواء الدبلوماسية وطي صفحة الماضي.

تخطي سفير واشنطن بصنعاء
هنالك مزاعم تشير الى ان هادي اضحى يعاني منذ مدة صعوبة في التواصل السريع والحاسم مع الاميركان في عدد من القضايا العاجلة والملفات التي لا تحتمل التأجيل.
وتشير هذه المزاعم الى ان هادي بزيارته لقطر كان يتطلع الى الحصول على قنوات تواصل سريعة مع الاميركان بعيداً عن الروتين الديبلوماسي القائم في السفارة الاميركية بصنعاء.
وحسب هذه المزاعم فإن هادي يرغب في تخطي السفير الاميركي جيرالد فايرستاين في بعض القضايا والملفات العاجلة والتخاطب بشأنها مع الاميركان عبر قنوات اقليمية (قطر) أكثر اقتراباً من البيت الابيض والدوائر الراسمة لصنع القرار في واشنطن.

تيار قطر يعزز حضوره
حتى وإن جسد (تعزيز حضور التيار الموالي لقطر) احدى النتائج المترتبة على الزيارة، فإنه في الوقت ذاته يعد احد تعليلات القيام بها إبتداءً.
بوسعنا الادعاء هنا ان التيار الموالي لقطر نجح في إقناع هادي وبعض اطراف التوافق الوطني بضرورة الاتجاه نحو قطر وتخطي نفوذ الجارة الكبرى (السعودية) بهدف معالجة الكثير من الأزمات القائمة وبالأخص تلك المتعلقة منها بأمرين الاول: الدعم المالي والثاني: التدخلات الايرانية في الشأن اليمني التي هي في الاصل موجهه ضد السعودية!
لقد نجح التيار الموالي لقطر في الجيش والمخابرات (الجنرالين) علي محسن وغالب القمش مضافاً إليهما الدكتور عبدالكريم الارياني في تحقيق مكسبين اساسيين، اولهما: إقناع هادي وبعض أطراف التوافق الوطني بالاتجاه نحو قطر والاستعانة بها في مواجهة التحديات الماثلة، وثانيهما: تعزيز حضور التيار الموالي لقطر على الصعيد المحلي، حيث ما إنفكت سلطات الجنرالين في الجيش والمخابرات تتعزز بالتقادم وهو ذات الأمر تقريباً بالنسبة للدكتور الارياني الذي بات متصرفاً شبة كلي في معظم سلطات أمين عام حزب المؤتمر الشعبي العام إثر تفويض صدر له من الرئيس هادي باعتباره –اي هادي- لازال يشغل موقع الامين العام للمؤتمر.

العودة لمرحلة ما قبل فتور العلاقات
بما انها تعد زيارة ذات طابع استثنائي، فإن نتائجها قطعاً تتصف بطابع التعدد وهو ما يجعلنا نحاول إيرادها في تفريعين رئيسيين، اولهما: نتائج آنية ولحظية وثانيهما: نتائج على المدى المنظور.
في النتائج الآنية المتوقعة يمكننا القول ان السعودية –كنتيجة أولى- ستجنح لخيار المراجعة وإعادة النظر في بعض سياساتها الراهنة، ووفق بعض المعطيات فان السعوديين يمكن ان يبذلوا مساعي بهدف اعادة الأمور الى مرحلة ما قبل فتور العلاقات مع اليمن.
لقد ضمن الرئيس هادي وأطراف التوافق الوطني –كنتيجة ثانية- إنهاء حالة المماطلة السعودية في عقد مؤتمر المانحين الذي كان من المقرر ان تستضيفه الرياض في يوليو الماضي، فعقب عودة هادي الى صنعاء قادماً من قطر أعلنت السعودية مباشرة عن عقد مؤتمر المانحين في الرياض مطلع سبتمبر (ايلول) القادم.
يتضح –كنتيجة ثالثة- ان زيارة هادي اسهمت بشكل كبير في تنقية الشوائب التي طرأت على علاقة البلدين إثر إنسحاب قطر من المبادرة الخليجية.
في رابع النتائج يمكن القول ان زيارة هادي تسببت في إعادة إحياء عدد من المشاريع الاستراتيجية الممولة قطرياً ومنها على سبيل المثال مشروع مدينة الصالح الطبية التي جرى استبدال تسميتها بمشروع مدينة حمد الطبية بالاضافة الى عدد من مشاريع الطرق وتحديداً مشروع الحديدة ابين والخط الدائري بمدينة عدن، ولا ننسى القرارات الأميرية التي اصدرها الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني حول مساواة اليمنيين بالمواطنين القطريين في بعض الحقوق داخل الاراضي القطرية.

دور قطر في القضية الجنوبية
على المدى المنظور، يُرجح ان تتسبب زيارة هادي في نتائج عديدة يمكن ايرادها في ثلاثة محاور رئيسية.
أولها: البدء بمفاوضات غير مباشرة مع جمهورية ايران الاسلامية –عبر دولة قطر- بهدف اقناع الايرانيين بتجميد انشطتهم والحد من حضورهم المتنامي في الجنوب.
ثانيها: ضمان وجود قنوات تواصل (غير تقليدية) مع صناع القرار الاميركي وتخطي سفير واشنطن بصنعاء، وبالاخص فيما يتعلق ببعض القضايا والاحداث التي لا تحتمل الخضوع لطائلة الروتين الديبلوماسي المعتمد في السفارة الاميركية بصنعاء.
ثالثها: ضمان وجود دور قطري فاعل في دعم مؤتمر الحوار الوطني وتحديداً ما يتصل بالقضية الجنوبية، حيث تشير بعض الترجيحات الى إمكانية قيام الديبلوماسية القطرية بدور كبير قد يُفضي الى جمع الجنوبيين تحت راية واحدة.

حضور مثير للجنرال محسن
خلال الزيارة كان لافتاً حضور الجنرال علي محسن الاحمر ومرافقته للرئيس هادي لاسميا إذا ما علمنا ان الوفد المرافق للرئيس خلا من اي حضور عسكري بإستثناء الجنرال.
ثمة تبريرات عديدة سيقت في محاولة لتعليل وجود الجنرال محسن ضمن وفد رئاسي سياسي رفيع المستوى، وهي –اي التبريرات- تصب في الغالب باتجاه التأكيد على وجود أبعاد سياسية متعددة لذلك التواجد المثير للجدل.
من المعروف عن الجنرال محسن انه منذ إنشقاقه عن نظام صالح كان شديد الاقتراب من دولة قطر، حيث حصل منها على إسناد مالي كبير خلال مراحل عدة من عمر ثورة الشباب تحت مبرر دعم الثورة والجيش المؤيد لها (يُرجح البعض حصوله في احدى المراحل على اكثر من خمسمائة مليون دولار كإسناد مالي قطري).
ورغم ان الجنرال محسن يعد من ابرز رجال السعودية في اليمن وتحديداً خلال العقدين الماضيين، حيث يتقاضى منها ما يربو على عشرة ملايين ريال سعودي شهرياً كإسناد مالي، إلا ان مصادر سياسية تزعم وجود برود في علاقاته مع السعوديين، ووفق هذه المصادر فإن حالة البرود طفت الى السطح عقب إقتراب محسن من القطريين لتبلغ ذروتها إثر ما أشيع عن قيام السعودية بممارسة ضغوط على الرجل بهدف دفعه لتقديم استقالته والتنحي عن منصبه كقائد للمنطقة العسكرية الشمالية الغربية والفرقة المدرعة الاولى.

ما وراء اصطحاب هادي لمحسن
بالاستناد إلى معطيات ومؤشرات شتى، يمكن القول ان الرئيس هادي أراد من اصطحابه للجنرال محسن إبراق رسائل عديدة على صعيدي الداخل والخارج لاسيما في ظل التوتر القائم بينه وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح على خلفية الصراع الدائر بينهما حول موقع رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام.
فعلى مستوى الخارج اراد الرئيس هادي ان يؤكد تمسكه بالجنرال محسن الذي يوفر له الحماية باعتباره –اي الرئيس- يقطن في منطقة الستين الخاضعة لسيطرة الفرقة الاولى مدرع، بموازاة التاكيد على رفضه الانصياع للدعوات الكثيرة المطالبة برحيل محسن وإقصاءه عن منصبه العسكري في اطار عملية التغيير التي ينشدها كثير من ابناء الوطن.
وبما ان محسن يُعد ابرز حلفاء قطر في اليمن، فإن اصطحاب هادي له يعبر عن رغبته في إرضاء القطريين وتحقيق اعلى نسبة نجاح ممكنه من زيارته الى قطر.
رسائل هادي لا تبدو مقتصرة على ذلك فحسب، إذ ثمة رسائل على مستوى الداخل اراد الرجل ان يوصلها باصطحابه للجنرال محسن في هذه الزيارة.
هنا يمكن القول ان هادي أبرق رسالة الى بعض الاطراف وبالأخص الجناح الموالي للرئيس السابق مضافاً اليه الحوثيين وبعض القوى في الجنوب، مفادها انه –اي هادي- متمسك ببقاء محسن في موقعه العسكري وذلك على الرغم من التواتر المُضطرد للترجيحات التي تُشير الى إمكانية ان يُسند اليه الرئيس هادي ادواراً سياسية لاسيما إذا ما علمنا انه كان العسكري الوحيد ضمن الوفد الرئاسي الذي ضم سياسيين فقط.

وماذا بعد
يصعب القول ان زيارة هادي الى قطر حققت جميع غاياتها المرجوه، غير ان المؤكد ان هذه الزيارة مكنت الرجل من ابراق رسائل في كل الاتجاهات بموازاة الحد من الهيمنة الاحادية التي سعت الجارة الكبرى لتكريسها خلال الفترة اللاحقة لإبرام المبادرة الخليجية.
في شأن العلاقة مع السعودية مثلاً، بوسعنا الادعاء ان هادي استطاع بزيارته لقطر ان يبعث برقية احتجاجية للجارة الكبرى يُتوقع ان تؤتي ثمارها قريباً لاسيما عقب موافقة السعودية على عقد مؤتمر المانحين الخاص باليمن في مطلع سبتمبر القادم.
عقب هذه الزيارة يصعب القول ان السياسات السعودية الراهنة سوف تجد طريقها للاستمرار بذات الوتيرة الاستعلائية، إذ ثمة ترجيحات عديدة تؤكد خضوعها لطائلة التعديل والمراجعة بما يفضي لنقل العلاقات من مربع الفتور الى تموضع التعزيز والتمتين.
في شأن التوتر مع ايران، بوسع هادي الاطمئنان الى وجود طرف اقليمي قادر على تحقيق جزء من تطلعاته المتمثلة في تجميد النشاط الايراني المتنامي على امتداد الجغرافيا الجنوبية.
بين تموضع (ضربة المعلم) ومربع (ادنى التطلعات) تتأرجح إذن زيارة هادي الاستثنائية لقطر.
على انها في كلا الحالتين تؤكد صوابية قرار القيام بها وبالأخص في التوقيت الراهن الذي يواجه فيه الرئيس هادي تحديات كثيرة.
غير ان الرئيس هادي لا يبدو في الواقع هو اكثر المستفيدين من نتائج هذه الزيارة، إذ هاهو التيار الموالي لقطر يثبت قدرته على التاثير في مجرى القرار الرئاسي اليمني.
إستحواذ هذا التيار وتغلغله يبدو مرتبطاً في واقع الامر بمدى التغييرات المُرجح حدوثها في سياسات الجارة الكبرى إزاء اليمن، فإن هي –اي السعودية- أوفت بتعهداتها وإلتزاماتها وتخلت عن نهج التبعية والهيمنة سيبقى تأثير التيار الموالي لقطر منحصراً ومحكوماً بمصالح اليمن الاستراتيجية التي ستكون في هذه الحالة مرتبطة بالسعودية، وإن هي قامت بالعكس فسيكون النقيض هو النتيجة الحتمية، حينها سيتحول التيار الموالي لقطر الى راسم فعلي لمعظم القرارات والتوجهات الرئاسية اليمنية وكفى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.