في ظل التدهور الأمني المستمر لم يترك لنا الإرهاب مجالاً حتى لإدعاء الفرحة ، فقد كنا على موعد مع الموت في هذا العيد وبأشكال ووجوه عدة ... فتارة بإرهاب وإجرام وتارة بإهمال وتسيب .... تعددت الأسباب والموت واحد. في ليلة العيد كان لنا من الإخوة عشرين على موعد مع الموت بهجوم إجرامي استهدفهم في مقر الإذاعة والتلفزيون ومبنى الأمن السياسي في عدن، لم نكد نتجرع كأس الحزن في إخواننا الذين قضوا في ذاك الهجوم حتى باغتنا الإرهاب بهجوم انتحاري آخر في أبين راح ضحيته آخرون.
في العاصمة لفت توابيتهم بأعلام الوطن وعُزفت الموسيقى العسكرية في وداعهم وذهبنا بهم إلى مثواهم الأخير كالعادة نودعهم ونحن على يقين بأن المتسبب بموتهم لن تطالهُ يد العدالة والقانون.
رسمياً وكالعادة لم يصدر عن وزير الداخلية أية تصريحات،يبدو أننا غيرنا فقط وجه النظام السابق ولا زال بقاياه يحركون أوراق الفتنة والقتل والتخريب في كل مكان ولا زالوا بأقدامهم يدوسون على كل المحاولات في إنجاح التسوية السياسية . فهل آن الأوان لنكفر بهذه التسوية ونستعيد زخم الثورة ليصل صوتنا ومطلبنا للعالم الذي ارتضى لنا هذه التسوية دون أن يوفر الضغط الكافي على النظام السابق لإنجاح هذه التسوية وإيصالنا إلى بر الأمان الذي رأوه لنا حين صمموا تلك المبادرة كمخرج آمن ووحيد لثورتنا التي حلا لهم أن يسموها أزمة فكانت الأزمة ما نشهده اليوم من انهيار وانفلات أمني.
بعيداً عن السياسة لم يعد من الأمان حتى أن تذهب للتنزه في العيد ،فالموت في وطننا له أشكال ووجوه عديدة وهذه المرة كان بلعبة مفخخة بالإهمال والتسيب واللامبالاة بأرواح الناس في العاصمة وبملاهي العاب كانت طفلة لم تتجاوز عامها الحادي عشر في موعد مع الموت لتنهي فرحتها الأبدية بالعيد بينما يكسر أخوها جمجمته ويرقد في المستشفى ،لم يكن يعرف هذان الوالدان أن محاولتهما الترفيه عن ولديهما بمناسبة العيد ستنتهي بكارثة وحزن سيذكرانه طويلاً حتى بعد انتهاء أكذوبة العيد.
وفى أجواء ليست بعيدة عن العيد ما أن يعلن رسمياً حلول مناسبة دينية كبدء شهر الصيام أو الأعياد فتنتشر بسطات وأكشاك بيع المفرقعات النارية وبشكل مخيف وتبدأ أوبرا( طاخ و طيخ وقاح وبوم) ومعها نودع النوم والسكينة والهدوء ... وأحياناً نودع ثياباً لنا حين تستهدفنا مفرقعاتهم الشقية يتبعها فرار أولئك الأشقياء.
الجهات الأمنية لا تبدي أي رد فعل في محاولة إيقاف هذه الظاهرة المزعجة وكأن إطلاقها وبهذا الشكل دون حسيب أو رقيب هو شيء من ضمن فقرات مسلسل العقاب الجماعي الذي مازال يشنه علينا جسد النظام فلا يكفينا خوف الأحزمة الناسفة والانتحاريون.
إن إيقاف مثل هذا الإ زعاج والإيذاء للآخرين هو مسؤوليتنا جميعاً اليوم بعد تنصل الجهات الأمنية الرسمية عن أداء مهامها ، فلماذا لا نحث أبناءنا على مقاطعتها وعدم شرائها ، استغرب كثيراً كيف يترك الآباء والأمهات أبناءهم يصرفون جل مصروفهم أو ما يحصلون عليه فيما يعرف ب (عيدية ) في مناسبة العيد بشراء تلك المفرقعات وهدر تلك الأموال في شراء ما لايعود عليهم بفائدة؟ كما يهدرون جل وقتهم في إزعاج وأذية جيرانهم , لماذا لا نغرس فيهم قيمة الاستفادة من الوقت والمال بالإدخار؟! لماذا لا نحاول التخفيف من معاناتنا ولو ببعض الأشياء الممكنة كأن نحسن تربية أبنائنا... فهذا أمر لا يستدعي تدخلاً حكومياً وأممياً أو مبادرات خارجية فلنعمل جميعاً على مساعدة أنفسنا وكل وفق قدرته وإمكانياته حتى يحكم الله في أمرنا.