قالت مصادر حكومية أن الأجهزة الأمنية اليمنية حصلت على معلومات تحدد موقع الغربيين الثلاثة الذين اختطفوا في صنعاء يوم الجمعة الماضية، والجهة التي اختطفتهم. وفيما أكدت مصادر قبلية قريبة المعلومات ذاتها، نفتها مصادر أخرى في المنطقة واعتبرتها «تسريبات غير صحيحة». وقالت مصادر أمنية وقبلية متطابقة ل«المصدر أونلاين» إن الغربيين الثلاثة اقتيدوا إلى منطقة «بني ضبيان» بمديرية خولان، محافظة صنعاء، والتي تبعد نحو 60 كيلو متراً، جنوب شرق العاصمة اليمنية.
وأختطف مسلحون، مساء الجمعة الماضية، ثلاثة أجانب، هم فنلندي وزوجته إلى جانب ثالث نمساوي، من حي التحرير وسط العاصمة صنعاء.
ووفقا لروايات شهود عيان، فقد اُختطف الغربيون الثلاثة من جوار مدرسة «جمال عبد الناصر»، من أحد محلات بيع الإلكترونيات في شارع القصر، حيث ترجل مسلحون مجهولون من على سيارة (سوزوكي) وطوقوا المحل الذي كان يتسوق فيه المختطفون.
وعقب تطويق المحل، دخل عدد من المسلحين إلى المحل، وأشهروا مسدساتهم، ووضعوها في رؤوس المختطفين الثلاثة، وفي تلك الأثناء انهارت المختطفة الفلندية «ليلى كاليفا» وأغمي عليها، فقاموا بسحبها إلى سيارة أخرى كانت تقف بجوار المحل، فيما انبطح المختطفان الآخران (الفلندي والنمساوي) على الأرض، وتم سحبهما إلى السيارة ذاتها.
وأفاد مصدر في مركز اللغة العربية والدراسات الشرقية الذي يقع مقره في صنعاء القديمة ل«المصدر أونلاين» ان المختطفين الثلاثة التحقوا بالدراسة في المركز منذ شهرين، مشيرا إلى أنهم كانوا طلاباً ملتزمين بدراستهم. وقال إن المختطف النمساوي «دومينيك نيوفاير» (23 عاماً) كان ينوي مغادرة اليمن خلال الفترة القادمة، وكان قد استلم تأشيرة الخروج.
وأكد المصدر أن المختطفين الثلاثة دخلوا اليمن بطريقة قانونية، والمختطفة الفلندية «ليلى كاليفا» كانت قد وصلت إلى اليمن قبل اختطافها بيوم واحد، بهدف زيارة زوجها المختطف «آتي كاليفا»، الذي يدرس في المركز منذ شهرين، مشيرا إلى أن المختطفين كانوا قد حصلوا على تصريح لزيارة تعز، وخرجوا في يوم اختطافهم بهدف التعرف على صنعاء.
الحكومة الفنلندية أرسلت مبعوثاً إلى اليمن لمتابعة قضية المختطفين والأحد الماضي، التقى وزير الداخلية اليمني عبد القادر قحطان كلا من مبعوث الحكومة الفنلندية إلى اليمن والسفير الألماني بصنعاء هولغر غرين، وبحث معهما قضية المختطفين الفنلنديين والنمساوي.
وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ)، أبلغ الوزير المسؤول الفنلندي والدبلوماسي الألماني أن الأجهزة الأمنية تقوم حالياً بعمليات بحث وتحرٍ واسعة لمعرفة مكان المختطفين. وأكد أن أجهزة الأمن ستبذل كل ما بوسعها للحفاظ على سلامتهم، وضمان إطلاق سراحهم في أقرب وقت ممكن.
وتضاربت المعلومات بشأن الجهة التي قامت بعملية الاختطاف. ولم تعلن أي جهة حتى الآن تبنيها العملية رغم مرور ثلاثة أيام.
وقال مسؤول أمني كبير في تصريح يوم الاثنين الماضي ل«المصدر أونلاين» إن الأمن تأكد من وجود المختطفين الأجانب في منطقة «بني ضبيان». وأوضح أنهم تمكنوا من التواصل مع الخاطفين في المنطقة لمعرفة مطالبهم. لكنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل إضافية بهذا الشأن. واكتفى بالإشارة إلى أن الاتصالات مع الخاطفين ما تزال جارية وأنهم حتى الآن لم يعرفوا بالضبط ما هي مطالبهم.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر قبلية قريبة من المنطقة، ل«المصدر أونلاين»، معلومات المسؤول الأمني بوجود المختطفين الأجانب الثلاثة في منطقة «بني ضبيان».
وفيما شددت المصادر على عدم الإشارة إليها، قالت إن لديها معلومات أولية، لكن شبه مؤكدة، تشير إلى أن أفرادا من «آل مفتاح» في بني ضبيان هم من يحتجزون الأجانب الثلاثة على خلفية قتيل من أبناءهم كان قتل قبل عام في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأوضحت المصادر أن تحكيما قبليا تم في السابق بين «آل مفتاح» عن مقتولهم وبين محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم إمارة دبي، بعد وساطة قام بها الشيخ عبد القوي شريف أحد مشايخ بني ضبيان المعروفين.
معلومات ذكرت ان الاختطاف حدث على خلفية شخص قتل قبل عام في الإمارات وتم التحكيم فيها مع محمد بن راشد لكن خلافات شابتها مؤخرا وأضافت المصادر القبلية «لكنا سمعنا أن خلافا حدث مؤخرا بين الطرفين بشأن القضية، وأن المفاوضات ما زالت متواصلة من أجل التوصل إلى اتفاق آخر».
لكن زعيماً قبلياً آخر في بني ضبيان، مع أنه أكد المعلومات الأخيرة بشأن القتيل من «آل مفتاح» والتحكيم مع دولة الإمارات، إلا أنه نفى نفيا قاطعا صحة المعلومات الأخرى التي تقول إن أفرادا من «بني ضبيان» هم من اختطفوا الأجانب واقتادوهم إلى منطقتهم، على خلفية تلك القضية.
وشدد في اتصال هاتفي مع «المصدر أونلاين» بالقول: «أؤكد لك أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة إطلاقا».
وأضاف المصدر القبلي من بني ضبيان، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، ان هذه التسريبات قد تكون ايضا «قائمة على خلفيات سابقة جعلت من منطقة بني ضبيان شماعة لأية عمليات اختطاف تحدث في البلاد..».
وشهدت اليمن منذ تسعينيات القرن الماضي العشرات من عمليات اختطاف السياح والموظفين الأجانب في اليمن، وغالبا ما كان يقف وراء تلك العمليات رجال بعض القبائل التي تتخذ من عملية اختطاف الأجانب وسيلة للضغط على الدولة لتحقيق بعض مطالبها، أو للحصول على فدية مالية.
اشتهرت «بني ضبيان» خلال السنوات الماضية بعمليات اختطاف أجانب لممارسة ضغوط على الحكومة كما وقف تنظيم القاعدة وراء بعض عمليات الاختطاف، كان آخرها اختطاف المعلمة السويسرية سلفاني إبراهاردن التي لا زالت مختطفة منذ مارس الماضي لديه.
واشتهرت منطقة بني ضبيان، على مدى السنوات الماضية، باختطاف العديد من السياح الأجانب والدبلوماسيين والخبراء النفطيين وغيرهم، لممارسة ضغوطات على الدولة بهدف تنفيذ مطالب خدمية اجتماعية للمنطقة أو مطالب خاصة لبعض أفرادها؛ تتمثل معظمها بإطلاق سراح سجناء.
وفي 19 مارس الماضي، التقى وزير الداخلية عبد القادر قحطان أعيان ومشايخ بني ضبيان، وناقش معهم قضايا الاختطاف والتقطع والآثار الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنها وسبل معالجتها، مبديا تفهمّه لبعض الصعوبات التي تعانيها المنطقة، مؤكدا استعداده السعي لدى الجهات المختصة في سبيل توفيرها.
من جهتهم، قدم وجهاء ومشايخ المنطقة وثيقة عهد نصت على مقاطعة وإهدار دم أي شخص يثبت تورطه بالقيام بأعمال وتصرفات تخل بأمن واستقرار اليمن، مؤكدين أن هذه الظاهرة تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ولا تمت بأية صلة لأعراف وتقاليد اليمنيين.. كما أكدوا اصطفافهم إلى جانب إخوانهم من رجال الأمن لضبط وملاحقة العناصر المتورطة في مثل هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.