أعلنت أحزاب اللقاء المشترك أمس الاثنين رفضها لمشروع قانون العدالة الانتقالية المحال إلى البرلمان في شكله ومضمونه، وقالت ان المشروع مختلف مسمى ومضموناً عن الذي أحيل للرئيس والحكومة، وشطب الكثير من عناصر العدالة المعروفة وبمقدمتها كشف الحقيقة. وكانت رئاسة مجلس النواب أحالت أمس الاثنين صيغة معدلة من مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية إلى لجان متخصصة لدراسته تمهيداً لإقراره وسط رفض أحزاب سياسية ومنظمات مدنية ووزارة الشؤون القانونية التي أعدت المشروع في صيغته الأولى.
يأتي إسناد رئاسة البرلمان إلى ثلاث لجان متخصصة لدراسة مشروع القانون بعد يوم واحد من إحالة الرئيس عبدربه منصور للمشروع إلى البرلمان.
وكان وزير الشؤون القانونية في حكومة الوفاق عبر عن تفاجئه بإحالة مشروع القانون إلى البرلمان بصيغة عدلتها رئاسة الجمهورية قائلاً إنه غير مصدق أن يكون رئيس الجمهورية قد فعل ذلك.
وأورد الدكتور محمد أحمد المخلافي ثلاثة أسباب قال إنها تجعله لا يصدق أن يحيل الرئيس مشروع القانون إلى البرلمان، أولها أن الرئيس كان قد أبلغه قبل شهر بأنه سيدعوه مع رئيس الحكومة للتوافق النهائي على تعديلات في مشروع القانون، مشيراً إلى أن تلك التعديلات اعتمدت وفق معايير موضوعية وناقشها الرئيس.
وأضاف المخلافي ل«المصدر أونلاين» في وقت سابق: من خلال ما اطلعت عليه في وسائل الإعلام بشأن تسمية مشروع القانون فهو خاص بالمؤتمر الشعبي العام كحزب وليس في إطار الحكومة ولا أعتقد أن الرئيس سيفعًل وجهة نظر حزب.
وطبقاً للمخلافي فإن سبباً ثالثاً يمنعه من تصديق إحالة الرئيس لمشروع القانون إلى البرلمان هو أن «تجاهل صراعات الماضي وبالأخص آثار ونتائج حرب 1994 يعني تفجير لغم أمام مؤتمر الحوار الوطني».
واستطرد وزير الشؤون القانونية يقول: لا أعتقد أن الرئيس يقبل بمثل هذا، ولهذا ما زلت غير مصدق.
رئاسة البرلمان أحالت الصيغة المعدلة من مشروع القانون إلى لجان متخصصة لدراسته تمهيداً لإقراره وسط رفض أحزاب سياسية وكان مجلس النواب أقر يوم الأحد الماضي إدراج مشروع قانون المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية في جدول أعماله بعد أن استمع أعضاء المجلس لرسالة من الرئيس عبد ربه منصور هادي حثتهم على مناقشة مشروع القانون وإقراره.
وأفادت وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) أن رسالة الرئيس هادي ذكرت أنه استمع إلى أكثر من وجهة نظر داخل الحكومة ورأى أن يكون مشروع القانون بالشكل والمضمون المقدمين إلى المجلس.
ولم تذكر الوكالة مزيداً من التفاصيل بشأن مضمون مشروع القانون الذي اعتمده الرئيس لكن تقارير صحفية كانت قالت إن المشروع يقتصر على المصالحة بشأن الانتهاكات التي رافقت الثورة السلمية خلال 2011.
كان خلاف محتدم حول مشروع القانون داخل الحكومة قد أخر تقديمه إلى البرلمان وفق ما هو مقرر في اتفاق نقل السلطة المستند إلى المبادرة الخليجية.
ويشمل مشروع القانون الذي أعدته وزارة الشؤون القانونية المدة الزمنية منذ عام 1990 فيما يريد وزراء المؤتمر الشعبي العام في الحكومة حصره في عام 2011.
في سياق متصل رفضت الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني أمس الاثنين مشروع القانون المحال من رئيس الجمهورية إلى البرلمان.
وقال نائب رئيس الكتلة الدكتور محمد صالح علي إن كتلة الحزب البرلمان «رفضت بشدة ما سمي مشروع قانون المصالحة الوطنية» لمخالفته للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي قضت بتحقيق العدالة الانتقالية ضمن التسوية السياسية.
ونقل موقع الاشتراكي على الإنترنت عن علي أن مشروع القانون الذي أحاله البرلمان في جلسة أمس الاثنين إلى لجنته الدستورية لا يخدم في مضمونه سوى طرف سياسي واحد هو الطرف الذي منحت له الحصانة و لا يخدم ضحايا الانتهاكات.
وأكد علي رفض كتلة الاشتراكي البرلمانية لهذا المشروع «جملة وتفصيلاً». وطالب بتقديم مشروع القانون الذي أعدته وزارة الشئون القانونية وقدمته إلى رئيس الجمهورية في وقت سابق.
ورأى النائب الاشتراكي أن مشروع قانون العدالة الانتقالية المصالحة الوطنية الذي أعدته وزارة الشؤون القانونية يتناسب مع مضمون المبادرة الخليجية التي كفلت إنصاف ضحايا الانتهاكات مقابل الحصانة التي منحت لنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح إضافة إلى أن مشروع القانون يسعى إلى محاسبة مرتكبي جرائم الانتهاكات ومنع حدوثها مستقبلا.
22 منظمة مدنية عبرت عن قلقها من إقرار قانون العدالة الانتقالية بصيغته التي أحالها الرئيس إلى البرلمان وأضاف: ينبغي أن يشمل مشروع قانون المصالحة الوطنية الفترة الزمنية نفسها التي شملها قانون الحصانة لا أن يقتصر على العام 2011، مشيراً إلى أن حصره في عام واحد خلافا لقانون الحصانة يتجاوز كل الانتهاكات لحقوق الانسان في الجنوب وصعدة ويعطي رسالة سلبية للأطراف المطلوب مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني.
وعبرت 22 منظمة مدنية عن قلقها من إقرار قانون العدالة الانتقالية بصيغته التي أحالها رئيس الجمهورية إلى البرلمان.
وقال بيان وقعته 22 منظمة «تؤكد منظمات المجتمع المدني على حرصها الشديد على تطبيق العدالة الانتقالية كمنظومة متكاملة وبالصيغة التي ترضي كافة أبناء اليمن وبما يستوعب التضحيات الجسيمة التي قادها الأحرار اليمنيون في كل سنوات النضال».
وجاء في البيان « نطالب كل قوى المجتمع المدني وقوى التغيير في البلد بالوقوف يداً واحدة من أجل إقرار وإرساء مفهوم العدالة الانتقالية والتي تحقق حصول ضحايا الصراعات السياسية على الانصاف وجبر الضرر وتحقيق العدالة وضمان عدم تكرار الانتهاكات وتخليد الذاكرة الوطنية والتعويض العادل للضحايا وبما يضمن تحقيق مصالحة وطنية تداوي جراح الماضي وتنقل اليمن إلى مستقبل آمن».
وطالبت المنظمات بنشر رسالة الرئيس إلى البرلمان بشأن طلبه إقرار مشروع القانون وكذا نشر مشروع القانون الذي عدلته رئاسة الجمهورية وأحالته إلى البرلمان.
تعديلات جوهرية مست مشروع قانون العدالة الانتقالية لاقى مشروع القانون الذي كانت قد أعدته وزارة الشؤون القانونية انتقادات قوية من نشطاء حقوقيين يرون أن اقتصاره على مدة زمنية محددة يبقي آلافاً من حالات الإخفاء القسري والانتهاكات الإنسانية المختلفة خارج إطار العدالة الانتقالية والمصالحة كما يكرس عذابات أهالي المخفيين والضحايا بالقفز على مصائر ذويهم.
الرئيس عدّل اسم القانون و15 مادة من أصل 19 وتعاريف العدالة الانتقالية والضحايا وجبر الضرر ومن شأن التعديلات التي أجرتها رئاسة الجمهورية على المشروع أن تشكل صدمة لهؤلاء بفعل التغييرات الجوهرية التي مست طبيعته وأغراضه والضحايا الذين يستهدف إنصافهم فضلاً عن المدة التي يشملها.
فقد شملت التعديلات اسم القانون و15 مادة من أصل 19 فغيرت اسمه من «قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية» إلى «قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية» ثم اضافت مادة إليه لتصير مواد مشروع القانون المعدل 20 مادة.
ويتجسد الفارق بين مشروعي القانون في الفقرة الأولى من المادة الرابعة إذ كانت تقضي بأن «تسرى أحكام هذا القانون على الضحايا الذين انتهكت حقوقهم بسبب تصرفات الأطراف السياسية سواء أكانت في الحكم أو في المعارضة نتيجة الصراعات السياسية التي حدثت منذ العام 1990م وحتى صدور هذا القانون».
لكنها نصت بعد التعديل على أن «تسري أحكام هذا القانون على الضحايا الذين انتهكت حقوقهم بسبب تصرفات الأطراف السياسية سواء أكانت الحكومة أو من عارضها نتيجة الصراعات السياسية التي حدثت منذ 1 يناير 2011 وحتى 21 فبراير 2012».
وعرف مشروع القانون الذي أعدته وزارة الشؤون القانونية العدالة الانتقالية بأنها «كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية تحقيق العدالة التصالحية للكشف عن الحقيقة وجبر ضرر الضحايا وحفظ الذاكرة الوطنية ومنع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان في المستقبل».
ويعرف المشروع المعدل العدالة الانتقالية بأنها «مجموعة الاجراءات والتدابير التي تتخذ لمواجهة الانتهاكات الماسة بحقوق الانسان خلال الفترة الزمنية المحددة بهذا القانون بغية جبر ضرر الضحايا ومنع تكرار الأفعال الماسة بحقوق الانسان في المستقبل».
إضافة إلى ذلك شملت التعديلات تعريف الضحايا المستهدفين بالقانون فبعد أن عرفهم المشروع الأصلي بأنهم «أشخاص تعرضوا بشكل فردي أو جماعي لضرر أو انتهاك أو أذى وقد يكون ذلك ضرراً مادياً أو خسارة اقتصادية أو حرماناً من الحقوق الأساسية عبر عملٍ أو امتناعٍ عن عمل بما هو مخالف للقوانين النافذة والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».
تحول تعريف الضحايا في مشروع القانون المعدل إلى أنهم «الأشخاص الطبيعيون الذين تعرضوا بشكل فردي أو جماعي الى انتهاكات لحقوقهم الانسانية مثل القتل خارج نطاق القانون الاختفاء القسري، التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، حجز الحرية خارج نطاق القانون، الاغتصاب».