يشكل تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من القرن الإفريقي إلي الأرضي اليمنية عبئا إضافياً على اقتصاد اليمن الفقير، مما يضاعف الجهد على الحكومة اليمنية التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وشحة في الموارد بالإضافة إلي الأعباء الأمنية التي يشهدها اليمن في الفترة الراهنة. وقد تزايدت أعداد اللاجئين خلال العقدين الماضين بشكل كبير حسب إحصائية رسمية إلى ما يقارب مليون و200 ألف لاجئ حتى نهاية العام 2012، أي ما يعادل نحو 5% من تعداد سكان اليمن. ومع امتداد الخط الساحلي لليمن -الذي يبلغ نحو 2500 كيلو متر- فالمجال مازال مفتوحاً أمام تسلل أعداد كبيرة من اللاجئين خلال الأعوام المقبلة.
تدفق غير مسبوق يستمر تدفق اللاجئين الأفارقة بشكل كبير، حيث ذكرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن استقبل نحو17663 لاجئاً أفريقياً خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري 2013م منهم 14977 لاجئاً إثيوبيا، و2673 لاجئاً من جنسيات أخرى.
وقالت المفوضية في تقرير لها الأسبوع الماضي إن اليمن لا يزال يستقبل تدفقاً غير مسبوق من الناس الفارين من القرن الإفريقي عبر خليج عدن والبحر الأحمر بحثاً عن الأمان والحماية وفرص اقتصادية أفضل، مؤكدة أن اليمن بذلك تواجه تحديات كبيرة وفريدة من نوعها من قضايا اللاجئين والنزوح الداخلي والهجرة المختلطة.
وأوضحت أن عدد اللاجئين الصوماليين الذين تم الاعتراف بهم من قبل الحكومة اليمنية يصل إلى 230 ألف لاجئ فيما يبلغ عدد اللاجئين الآخرين حسبما ذكرته المفوضية أكثر من 10 آلاف لاجئ، منهم 5229 لاجئاً إثيوبيا و3917 لاجئاً عراقيا و1124 لاجئاً إريتريا بالإضافة إلى 618 لاجئاً، وبذلك يرتفع عدد اللاجئين إلى 240 ألف لاجئ.
وأكدت المفوضية أنها تقوم بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الأخرى بدعم الحلول الدائمة للنازحين، حيث تشمل هذه الحلول مساعدة النازحين الذين يقررون العودة طوعاً إلى ديارهم، حيث تقدم لهم المساعدات المنقذة للحياة، إلى جانب ذلك تقوم المنظمة بدعم الحكومة اليمنية لتطوير سياسية وطنية لمعالجة قضايا النزوح الداخلي في عموم البلاد.
وأوضح التقرير أن عدد اللاجئين الجدد الذين وصلوا إلى الأراضي اليمنية في 2012 بلغ 107 آلاف و532 لاجئ، مقابل 100 ألف لاجئ في 2011م. ولفت تقرير المفوضية إلى أن من بين اللاجئين الذين دخلوا اليمن العام الماضي 84 ألفا و376 لاجئا أثيوبيا، و22 ألفا و86 لاجئا صوماليا، والبقية من جنسيات أخرى.
جهد حكومي قامت الحكومة اليمنية خلال السنوات السابقة بالعمل على حصر أعداد اللاجئين، ووضعهم في مخيمات خاصة، مثل مخيم خرز بمحافظة لحج، إلا أن زيادة أعدادهم بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، أدى لانتشارهم في مدن يمنية عدة، أبرزها صنعاءوعدن، حيث يمارس أغلبهم مهناً متواضعة، وتقدر الحكومة اليمنية أعداد اللاجئين نحو مليون ومائتين ألف لاجئا حتى نهاية العام 2012م.
وأغلب هؤلاء لم يتم تسجيل أسمائهم في كشوفات مفوضية اللاجئين كي يشملهم الدعم الدولي، وهو ما يعني أن تتحمل اليمن تكاليف مئات الآلاف من الصوماليين والأفارقة الذين لا يخضعون لتسجيل أنفسهم في المخيمات الرسمية التي تشرف عليها منظمات دولية، وأعداد اللاجئين يفوق بكثير التقديرات الحكومية، فالكثير منهم قد انخرطوا في أوساط المجتمع ويمارسون أعمالاً بسيطة.
أحمد جادو، لاجئ صومالي قدم إلى اليمن منذ ثلاث سنوات واستقر به الحال في العاصمة صنعاء، يعمل في احد شوارع صنعاء في غسيل السيارات مع مجموعة من الصوماليين الآخرين. وحسب حديثه، فانه ليس مسجلا في أي منظمة ولا يحصل على أية إعانات سواء من الحكومة اليمنية أو من المفوضية العلياء للاجئين.
يقول احمد أنه ليس لدية نوايا لمغادرة اليمن في الوقت الراهن.
2500 دولار أمريكي سنويا لكل لاجئ ووفقاً لخبراء اقتصاديين فان اللاجئين الأفارقة أصبحوا يشكلون عبئا على الخدمات التي تقدمها الحكومة اليمنية للمواطنين، فاللاجئ الواحد يكلف نحو 500 ألف ريال (2500 دولار أميركي) سنوياً، مقابل إقامته ومعيشته على الأراضي اليمنية، وحصوله على خدمات السكن والتنقل والعمل والطاقة والاتصالات والمياه والصحة والتعليم، أي أن مليوناً ومائتي ألف لاجئ يكلفون الاقتصاد اليمني نحو 3 مليارات دولار سنوياً. بالإضافة إلى مشاركتهم في سوق العمل مما يزيد من حدة البطالة في أوساط الشباب اليمني بالرغم من غالبيتهم يمتهنون أعمال بسيطة، إلا ان البعض الآخر يعملون في الشركات الأجنبية العاملة في اليمن.
وبحسب دراسة للباحث الاقتصادي، رفيق القدسي، فإن اللاجئين يحصلون على خدمات تعليمية وصحية مجانية في المراكز الحكومية، كما أن هناك مدارس خاصة بهم تتكفل بها الدولة وتتحمل كافة نفقاتها. وتقوم الحكومة بتخصيص مراكز صحية للاجئين، ما يكبد الاقتصاد اليمني كلفة عالية.
قصور رسمي وتشكل المخاطر الأمنية التي يتسببها تدفق اللاجئين إلى اليمن إضافة إلى المخاطر الاقتصادية والصحية والاجتماعية تحديات حقيقة يجب الوقوف امامها ووضع الحلول المناسبة لذلك وبالرغم من التزايد لتدفق اللاجئين والتحذيرات الحكومية وغير الحكومية من المنظمات المعنية إلا ان الجهات المعنية ما تزال تقصر في الحد من هذا التدفق الكبير.
وتعبر بعض المصادر الحكومة عن قلقها من استمرار وصول اللاجئين، وتقول إن بعض اللاجئين يحملون مخاطر على الأمن اليمني، خاصة بعد تردد مشاركة مقاتلين صوماليين إلى جانب مسلحي تنظيم القاعدة في محافظة أبين خلال العامين الماضيين.
وترجع الجهات الحكومية الرسمية ممثلة بخفر السواحل والمعنية بحماية السواحل اليمنية أسباب القصور إلى قلة الإمكانات والتجهيزات لدى القوات البحرية وقوات خفر السواحل، بالإضافة إلى طول الشريط الساحلي لليمن والذي يصعب عليها مراقبته هو أيضا من أهم الأسباب وراء ضعف أداء تلك الجهات في منع تسلل الأفارقة إلى اليمن.
نقص التمويل الدولي وحذرت منظمة الهجرة العالمية، من تراجع التمويل اللازم المتاح لمساعدة آلاف المهاجرين القادمين من دول القرن الأفريقي، والذين يعانون من الفقر في شمال اليمن.
وأشارت المنظمة في بيان لها إلى أنها اضطرت في يناير الماضي إلى خفض عدد الوجبات المجانية التي تقدمها لهؤلاء المهاجرين من 3 آلاف إلى 300 وجبة يوميا في مركزها المقام، لمساعدة المهاجرين في مدينة حرض شمال اليمن.
وبات المهاجرون الأكثر عوزا من النساء وكبار السن والقصر الذين ليس لهم مرافق، هم الذين يتلقون هذه المساعدات الغذائية.
وأضافت المنظمة، في بيانها أنها اضطرت أيضا نتيجة نقص الأموال، إلى تعليق برنامجها لإعادة التوطين، حيث كانت آخر رحلة جوية نظمتها لإعادة وتوطين مهاجرين من اليمن، ترجع إلى شهر سبتمبر 2012، حيث تم إعادة توطين 210 مهاجرا إلى أثيوبيا، بفضل منحة قدرها 2.1 مليون دولار قدمتها حكومة هولندا.
وأشار البيان إلى أن هذا النقص في التمويل يأتي في الوقت الذي يتضاعف فيه عدد المهاجرين القادمين إلى اليمن من بلدان منطقة القرن الأفريقي، والذي ارتفع من 53 ألفا عام 2010، إلى أكثر من 107 آلاف العام الماضي، ومعظمهم من الإثيوبيين، بالإضافة إلى الصوماليين والاريتريين.