تلقى برنامج "الطائرات بدون طيار" للولايات المتحدة في باكستان صفعة قوية، يوم الخميس 9 مايو، عندما أقرت المحكمة العليا الباكستانية بأن الضربات غير قانونية انتهاك لحقوق الإنسان. وقالت المحكمة أيضا إن الضربات خرق لسيادة باكستان، وحثت الحكومة وقوات الأمن وقف الهجمات في المستقبل. السؤال الذي يجب على كل اليمنيين أن يسألوه هو: لماذا هذا ليس هو الحال في اليمن؟". بالتأكيد، وفاة اليمني ليس أقلّ مأسوية من وفاة مواطن باكستاني، وحياة المواطن ليس أقلّ قيمة من حياة أي مواطن آخر. البرنامج الأمريكي للطائرات بدون طيار (الدرونز) في اليمن، الذي لا يزال يقتل اليمنيين بشكل أسبوعي تقريباً، يأتي بمباركة الرئيس هادي. في الوقت الذي يقر القضاة في باكستان بأن ضربات الطائرات بدون طيار غير قانونية بل واعتبروها 'جرائم حرب'، نجد أن الرئيس اليمني يشيد بها بل ويحث على استخدامها.
اليمن الآن على مفترق طرق. الحوار الوطني يوفّر فرصة حقيقية لتثبيت سيادة القانون وتعزيز الوحدة الوطنية. وهذا يشمل تنفيذ سياسة مكافحة الإرهاب، ولكن بالتأكيد الطائرات بدون طيار ليست هي الحل. إن دعم الرئيس هادي لاستخدام الطائرات بدون طيار ضد شعبه غير قانوني، بل هجوم على المبادئ ذاتها التي يسعى الحوار الوطني لتأسيسها. الرئيس هادي والحكومة اليمنية بحاجة إلى استيعاب حقيقة أن هجمات الطائرات بدون طيار تتعارض مع القانون الدولي. وأن كل دقيقة تأخير هي دقيقة أخرى في التواطؤ في قتل شعبهم.
وحتى إذا كان الرئيس هادي لا يهمه هذا الشعب، فإن الطائرات بدون طيار لا تساعد في المعركة ضد القاعدة في جزيرة العرب. في الواقع، بعيداً عن كونها أداة منتجة لمكافحة الإرهاب، الكارثة الحقيقية أن هذه الضربات تقدم للضحايا عدواً مشتركاً. في كل مرّة يتزايد فيها قائمة القتلى من المدنيين والجرحى يزداد العداء الأمريكي. إن الكثير من الأشخاص المتضررين لم يكن يهمهم أمر الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى بدأت هذه الطائرات تحوم فوق رؤوسهم, وترهب مجتمعاتهم، وكأنها شبح الموت يهدد بأن يقصف في أي لحظة.
لقد عانى الشعب اليمني كثيراً، اليمنيون لا يريدون مزيداً من الموت والبؤس، بل يستحقون السلام والازدهار. اليمن لا تزال واحدة من أفقر دول العالم؛ أي أنهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية التي تقدمها حكومة الولاياتالمتحدة أكثر من إطلاق صواريخ "هيلفاير" في القرى اليمنية. يكلف كل صاروخ "هيلفاير" مئات الآلاف من الدولارات، والتي يمكن استخدامها على نحو أفضل في تقديم الخدمات الأساسية للقرى المستهدفة. تنظيم القاعدة يدرك جيداً الحالة الاقتصادية لليمن، فمن السهل عليه التنافس مع الحكومة الأمريكية في تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين اليمنيين, بل لاحظنا عندما احتلت بعض المدن اليمنية سعت إلى توفير الطاقة الكهربائية والماء ونظام قضائي، وهو ما عجزت الحكومة اليمنية عن توفيره لسنوات طويلة. إن برنامج الطائرات بدون طيار لن يقضي على القاعدة بل سيدعم انتشارها.
بدلاً من نشر الظروف التي تؤدي إلى الإرهاب, ينبغي بذل الجهود لمعالجة هذه الظروف ومعالجة التحديات الأساسية التي تواجه التنمية في اليمن؛ مثل: البطالة بين الشباب, الفئات المهمّشة، المشاركة الاجتماعية والسياسية، ستكون أكثر فعالية في مكافحة الإرهاب من صواريخ الطائرات بدون طيار.
إن القرار التاريخي للمحكمة العليا الباكستانية يجب أن يكون نصب عين الرئيس هادي والحكومة اليمنية. إن غارات الطائرات بدون طيار غير قانونية وترقى إلى مستوى جرائم حرب. حتى يتم إدراك ذلك، ويتم تنفيذ سياسات بديلة وفعالة لمكافحة الإرهاب، فإن الحوار الوطني في خطر، وسيظل اليمنيون يعيشون تحت ظل هذه الطائرات إلى أجل غير مسمى.
نشرت في موقع منظمة "ريبريف" لحقوق الإنسان ترجمة خاصة بالمصدر أونلاين (كاتب المقال عضو في مؤتمر الحوار الوطني)