أحال رئيس فريق العدالة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني عضوة الفريق نجيبة مطهر (عن حزب المؤتمر الشعبي العام) إلى لجنة الانضباط والمعايير، للتحقيق معها نتيجة رفضها تنفيذ أوامره بالخروج من القاعة بعد دخولها في مشادة كلامية مع ممثلين عن شباب الثورة بمؤتمر الحوار، عقب شتمها شهداء ساحة الحرية بتعز. ونجيبة مطهر هي أكاديمية في جامعة تعز، ودأبت خلال الانتفاضة الشعبية عام 2011 على الظهور في وسائل الإعلام والدفاع عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ودعوته لسحق الانتفاضة ضده.
ونفذ العشرات من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، يوم أمس الأربعاء، وقفة احتجاجية في الذكرى الثانية لمحرقة ساحة الحرية بتعز. وعلى هامش تلك الوقفة عرض فلم وثائقي تضمن مقاطع مؤلمة ومؤثرة عن تلك بشاعة المحرقة، الأمر الذي لم يتمالك فيه البعض أنفسهم فأجهشوا بالبكاء.
وعقب مشاهدة الفلم، استفزت إحدى العضوات، عن حزب المؤتمر الشعبي العام، زملاءها من شباب الثورة في فريق العدالة الانتقالية، من خلال إقدامها على التلفظ بعبارات ساخرة من الجريمة والشهداء، ما أثار خلافاً داخل قاعة العدالة الانتقالية، أضطر فيه الشباب ومعهم مكونات حزبية، إلى تعليق أعمالهم والمغادرة بعد رفض ممثلة المؤتمر تنفيذ أوامر رئيس الفريق والخروج من القاعة.
وعلم «المصدر أونلاين» أن رئيس فريق العدالة الانتقالية، عبدالباري دغيش، أحال عضوة المؤتمر الشعبي العام، نجيبة مطهر، إلى لجنة الانضباط والمعايير للتحقيق معها واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
وتعتبر جريمة محرقة ساحة الحرية، التي ارتكبتها أجهزة النظام برئاسة علي عبدالله صالح، إحدى الجرائم البشعة التي ارتبكت في حق شباب الثورة السلمية. حيث اقتحمت قوات الجيش والأمن بالمحافظة ساحة الحرية بعد عصر يوم الأحد الموافق 29 مايو من العام 2011، وأحرقت خيام الساحة وطردت المعتصمين بالقوّة، مستخدمة الرصاص الحي والآليات العسكرية الثقيلة؛ ما أدى إلى استشهاد قرابة 13 معتصماً، وجرح ما يربو عن 200 آخرين، فيما تعرض ما لا يقل عن ألف آخرون لمضاعفات نتيجة قنابل الغاز المسيل، وأحرقت حوالي 500 خيمة وست سيارات وتعرض 20 منزلاً ومنشأة للقصف.
وفي وقفتهم الاحتجاجية، أمس، طالب أعضاء مؤتمر الحوار المشاركون في الوقفة بسرعة الكشف عن المجرمين الذين ارتكبوا تلك الجريمة البشعة، ومن يقف وراءهم وتقديمهم للعدالة، واصفين محرقة ساحة الحرية بأنها «هولوكوست القرن الواحد والعشرين»، وسط هتافات أطلقها أعضاء الحوار المشاركون في الوقفة، تطالب بالقصاص ممن قاموا بارتكاب تلك المحرقة.
وقال مشاركون في الوقفة ل«المصدر أونلاين» إنهم يسعون من خلال هذه الوقفة «أحياء ذكرى تلك الجريمة البشعة التي ترقى لأن تكون جريمة ضد الإنسانية، حتى تظل حيةً في الذاكرة الشعبية»، يدخل من ضمن أهدافهم من تلك الوقفة «أن تتساوى النظرة والاهتمام بشهداء ساحة الحرية بتعز مع شهداء ساحة التغيير بصنعاء»، لافتين إلى أن هناك جرحى ومعاقين لم تلفت إليهم المنظمات ولا الحكومة.
وعلى هامش الوقفة، شاهد أعضاء مؤتمر الحوار فيلماً وثائقياً عن محرقة ساحة الحرية بتعز تم عرضه في المركز الصحفي بمقر المؤتمر في فندق «موفمبيك». وأثناء مشاهدة مقاطع مؤثرة ومؤلمة من الفيلم، تضمّنت بعض اللقطات من إحراق الساحة، دخل بعض الحاضرون في نوبة من البكاء. واستعرض الفلم أجزاء من قصة إحراق ساحة الحرية والتهام النيران لمجموعة من المعاقين والأطفال والشباب الذين كان بعضهم ما يزال نائماً بسلام داخل خيامهم، وسط صرخات المعاقين، بينما كانت النار تلتهم أجسادهم دون أن يكونوا قادرين على النّجاة بأنفسهم نتيجة إعاقتهم.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها بعض أعضاء مؤتمر الحوار مثل هذا اللقطات الحزينة والمؤلمة، ولم يتمالكوا أنفسهم من هول ما حدث، فغطوا بالبكاء.
• ممثلة عن حزب المؤتمر تشتم الشهداء وعقب انتهاء الفلم وعودة فريق العدالة الانتقالية إلى قاعتهم لاستكمال جلستهم، قامت عضوة المؤتمر الشعبي العام، نجيبة مطهر، باستفزاز شباب الثورة في فريقها، وقالت إن من أحرقوا «يستاهلوا»، وأن هذا الذي حدث لهم ليس سوى القليل في حقهم.
وأثارت تلك العبارات حفيظة شباب الثورة في فريق العدالة الانتقالية، ودخلت العضوة سماح ردمان في شجار مع عضوة المؤتمر الشعبي العام، بعد دفاعها عن الشهداء، الأمر الذي توقف على إثره استكمال جلسة يوم أمس في فريق العدالة الانتقالية.
وفي محاولة لتهدئة الوضع، قام رئيس فريق العادلة الانتقالية عبد الباري دغيش بتوجيه أمراً لكل من العضوتين (سماح ونجيبة) بالخروج من القاعة لمدة ساعة والعودة، غير أن الأخيرة رفضت أمر رئيس الفريق، مطالبة بطرد شباب الثورة وليس هي، وسط التلفظ على الثورة وشبابها بعبارات مستفزة.
ونتيجة رفض عضوة المؤتمر الشعبي العام تنفيذ أوامر رئيس الفريق والخروج من القاعة، بعد فشل أعضاء في الفريق من أقناعها بذلك، أضطر ممثلو شباب الثورة وبعض المكونات الحزبية المؤيدة إلى تعليق الجلسة ومغادرة القاعة، رفضاً لتصرفات ممثلة حزب المؤتمر، الأمر الذي أضطر بدوره رئيس الفريق إحالتها إلى لجنة الانضباط والمعايير لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
وقالت سماح ردمان في تصريحات ل«المصدر أونلاين» إنها نفذت أوامر رئيس الفريق بالخروج من القاعة «حتى لا تكون سبباً في تعطيل الجلسة» وخاصة أن الفريق كان في معرض مناقشة التقرير الختامي ورفعه. وأكدت أن هذه هي المرة الثالثة التي تُسيء فيه نجيبة مطهر للشهداء والثورة.